58 من حديث: (لو دعيت إلى كراع لأَجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلت..)

بَاب مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ
5178 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.

الشيخ: وهذا يدل على تواضعه ﷺ وعلى عظم شأن إجابة الدعوة؛ لأن إجابة الدعوة فيها التقارب بين المسلمين، وتثبيت أواصر المودة والإخوة والتعاون على الخير؛ ولهذا يقول ﷺ: لو دُعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إليّ كراع لقبلت وفي اللفظ الآخر: لو دُعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أُهدي إلى كراع أو ذراع لقبلت، كل هذا من باب التواضع وبيان عِظَم شأن الدعوة وإجابتها.
 
بَاب إِجَابَةِ الدَّاعِي فِي العُرْسِ وَغَيْرِهِ
5179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي العُرْسِ وَغَيْرِ العُرْسِ وَهُوَ صَائِمٌ.

الشيخ: وفي لفظ مسلم إذا دُعي أحدكم إلى وليمة فليُجب عُرسًا كان أو نحوه، يعني ما هو لازم أن تكون الدعوة للعرس، حتى ولو كان لغير العرس؛ ما لم يكن هناك منكر لا يستطيع إزالته أو هناك مشقة كالمريض ونحوه.
س:.......
الشيخ: محل نظر، والمشهور عند العلماء الاستحباب، وعلى المُهدَى له أن يقابل الهدية، كان النبي ﷺ يقبل الهدية ويثيب عليها، يعني يعطيهم مقابلًا؛ لأن بعض الناس قد يهدي للمقابل، فإذا قبلها أعطاه مقابل ذلك، يعني أثابهم عليها، وفي الحديث الآخر: تهادوا تحابوا.
س:.......
الشيخ: يحضر من كان يستطيع إنكار المنكر، ومن كان لا يستطيع إنكار المنكر لا يحضر.
س:.......
الشيخ: مثل ما قال ﷺ: إذا دُعي أحدكم فليُجب، فإن كان صائمًا فليصلّ، وإن كان مفطرًا فليطعم هكذا رواه مسلم في الصحيح، يجيب ولو كان صائمًا، ثم يقول لهم: سامحوني أنا صائم وينصرف، أو يفطر إذا كان تطوعًا ويأكل معهم.
س:.......
الشيخ: إذا اجتمع داعيان أجيب الأسبق منهما.
س: ولو كان قريبًا؟
الشيخ: ولو كان قريبًا، يجيب الأسبق، قريب وإلا ما هو قريب، الأسبق أحق.
س: التفريق بين دعوة العُرس وغير العرس في الوجوب؟
الشيخ: ظاهر الأدلة الوجوب، وفي الحديث أن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إذا اجتمع داعيان فإلى أيهما أجب؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا، إلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربك منك بابًا، وفي الحديث: إذا اجتمع داعيان فأقربهما بابًا، فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق، وإن كان في سنده ضعف، ولكن المعنى صحيح، فإذا سبق أحدهما أجيب السابق، فإن استويا فأقربهما بابًا.
 
بَاب ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى العُرْسِ
5180 - حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ.

الشيخ: أيش قال الشارح عليه.
الطالب: قَوْلُهُ: فَقَامَ مُمْتَنًّا، بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ وَمُثَنَّاةٌ مَفْتُوحَةٌ وَنُونٌ ثَقِيلَةٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ، أَيْ: قَامَ قِيَامًا قَوِيًّا مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُنَّةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهِيَ الْقُوَّةُ، أَيْ: قَامَ إِلَيْهِمْ مُسْرِعًا مُشْتَدًّا فِي ذَلِكَ فَرِحًا بِهِمْ، وَقَالَ أَبُو مَرْوَانُ بْنُ سِرَاجٍ وَرَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ مِنَ الِامْتِنَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَامَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَأَكْرَمَهُ بِذَلِكَ فَقَدِ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا أَعْظَمَ مِنْهُ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِك: أَنْتُم أحب النَّاس إِلَيَّ، وَنقل ابن بَطَّالٍ عَنِ الْقَابِسِيِّ قَالَ: قَوْلُهُ: مُمْتَنًّا، يَعْنِي مُتَفَضِّلًا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِمَحَبَّتِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مَتِينًا بِوَزْنِ عَظِيمٍ، أَيْ قَامَ قِيَامًا مُسْتَوِيًا مُنْتَصِبًا طَوِيلًا، وَوَقع فِي رِوَايَة ابن السَّكَنِ: فَقَامَ يَمْشِي، قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ، قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ مَا تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِالْوَارِثِ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ: فَقَامَ مُمْثِلًا، بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مَكْسُورَة وَقد تفتج، وَضُبِطَ أَيْضًا بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْمعْنَى: منتصبًا قَائِمًا، قَالَ ابن التِّينِ: كَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ وَالَّذِي فِي اللُّغَةِ مَثُلَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهَا، قَائِما بِمثل بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مُثُولًا فَهُوَ مَاثِلٌ إِذَا انْتَصَبَ قَائِمًا، قَالَ عِيَاضٌ: وَجَاءَ هُنَا مُمَثِّلًا يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: مُكَلِّفًا نَفْسَهُ ذَلِكَ. اهـ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِالْوَارِثِ فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ لَهُمْ مَثِيلًا، بِوَزْنِ عَظِيمٍ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِنْ مَاثَلَ، وَعَن إِبْرَاهِيم بن هَاشم عَن إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج، مثله وَزَاد يَعْنِي: مائلا، قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْمَرٍ: قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتَقْدِيمُ لَفْظِ "اللَّهُمَّ" يَقَعُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلِاسْتِشْهَادِ بِاللَّهِ فِي صِدْقِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسلم من طَرِيق بن عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَدِ اتَّفَقَا كَمَا تقدم فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَكَلَّمَهَا وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، مَرَّتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ تَأتي فِي كتاب النذور ثَلَاث مَرَّات، وَمن فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُقَدَّرَةٌ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ حَدِيثِ الْبَاب.
الشيخ: العيني قال شيئًا؟
الطالب: ما في زيادة، أحسن الله إليك.
الشيخ: ما ذكر الأنصار؟
الطالب: قال: ووقع في رواية: فضائل الأنصار.
الشيخ: بس، زيادة مهمة، المقصود أنه ﷺ يبيّن فضل الأنصار، ولهذا لما رأى النسوة والصبية قال هذا الكلام، فهم من أحب الناس إليه عليه الصلاة والسلام، وهنا قال: أحب الناس إليّ؛ لما حصل لهم من النصرة والتأييد والإيواء رضي الله عنهم وأرضاهم، ولهذا قال ﷺ: حب الأنصار غاية الإيمان، وبغض الأنصار غاية النفاق، فلا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق.
 
بَاب هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي الدَّعْوَةِ
وَرَأَى أَبُو مَسْعُودٍ صُورَةً فِي البَيْتِ فَرَجَعَ وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ، فَرَأَى فِي البَيْتِ سِتْرًا عَلَى الجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ.
5181 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ: إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ.

الشيخ: وهذا يدل على تعظيم شر الصور وخطرها، وفي اللفظ الآخر: أنه هتكها -كما في مسلم- هتكها يعني شقها، فدل ذلك على أنه لا يجوز تعليق الصور لا على الباب ولا الجدار ولا غير ذلك؛ لهذا الحديث وما جاء في معناه.
وفي ذلك أيضاً شدة الوعيد في الصور، وأن ما يكون بالرَّقْم مثل ما يكون بالتجسيم، فإن النمرقة الصورة فيها رقم فذلك محرم، وهكذا ما يكون بالتجسيم، كما يكون بالأخشاب أو بالأحجار أو بالحديد أو بغير ذلك؛ كله ممنوع؛ لقوله ﷺ: إن أصحاب هذه الصور يُعذّبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم لكن ما كان في الشيء الممتهن يمتهن، ما كان في بساط أو وسادة فهذا يمتهن، أما التصوير فهو محرم مطلقًا على أي حالة كانت؛ لكن إذا كانت الصورة في بساط أو نحوه مما يمتهن؛ جاز ذلك لحديث عائشة المعروف في قصة الوسادة، وكذلك في حديث أبي هريرة في البساط.
س: ستر الجدر؟
الشيخ: هو الرَّقْم، هو المرقوم على الخرق وعلى الأوراق، يقال له: الرَّقْم، ويقال له الفوتوغرافي.
س:.......
الشيخ: ابن عمر يقول: غلبني عليه النساء؟ أيش قال على كلام ابن عمر وكلام أبي أيوب؟
الطالب: قَوْله: ودعا ابن عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ سِتْرًا على الْجِدَار فَقَالَ ابن عُمَرَ: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا فَرَجَعَ، وَصَلَهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الْوَرَعِ وَمُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَآذَنَ أَبِي النَّاسَ، فَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ فِيمَنْ آذَنَّا، وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي بِبِجَادٍ أَخْضَرَ، فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فَقَالَ: يَا عَبْدَاللَّهِ أَتَسْتُرُونَ الْجُدُرَ! فَقَالَ أَبِي وَاسْتَحْيَا: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ، فَقَالَ: مَنْ خَشِيتُ أَنْ تَغْلِبَهُ النِّسَاءُ، فَذَكَرَهُ، وَوَقَعَ لَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سَالِمٍ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يَدْخُلُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ حَتَّى أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ وَفِيهِ فَقَالَ: عَبْدُاللَّهِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ، فَقَالَ: وَأَنَا أَعْزِمُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَدْخُلَ يَوْمِي هَذَا، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ وَقَعَ نَحْوُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ فِيمَا بَعْدَ فَأَنْكَرَهُ وَأَزَالَ مَا أَنْكَرَ وَلَمْ يَرْجِعْ كَمَا صَنَعَ أَبُو أَيُّوبَ، فَرُوِّينَا فِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِالله بن عتبَة قَالَ: دخل ابن عمر بَيْتَ رَجُلٍ دَعَاهُ إِلَى عُرْسٍ فَإِذَا بَيْتُهُ قد ستر بالكرور فَقَالَ ابن عُمَرَ: يَا فُلَانُ مَتَى تَحَوَّلَتِ الْكَعْبَةُ فِي بَيْتِكَ، ثُمَّ قَالَ لِنَفَرٍ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَهْتِكْ كُلُّ رجل مَا يَلِيهِ. وَأخرج بن وَهْبٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ دُعِيَ لِعُرْسٍ فَرَأَى الْبَيْتَ قَدْ سُتِرَ فَرَجَعَ فَسُئِلَ، فَذَكَرَ قِصَّةَ أَبِي أَيُّوبَ.
الشيخ: وفي رواية مسلم: إنا لم نُؤمر أن نستر الجُدُر، فستر الجُدُر أقل أحواله الكراهة كما بيّن أبو أيوب ، نعم أقل أحواله الكراهة؛ لأنه نوع إسراف لا حاجة إليه.
س: يعني -أحسن الله إليك- الستر الذي لا حاجة إليه .. الستائر التي على النوافذ؟
الشيخ: النوافذ لا بأس بها؛ لكن على الجدران لا، مثل ما قال: متى صارت الكعبة عندكم؟ أما إذا كان على النوافذ لا بأس، مثل ما ينحط على الأبواب.
س:........
الشيخ: هذا على الباب موضوع، الستر على الباب وعلى الطاقات، ما يخالف.
س:........
الشيخ: إذا صار الحق إلى المخلوق يُتاب إليه، يعني يعتذر، أعتذر إلى الله من المعصية ومن الرسول ﷺ ومن حقه، وفي اللفظ الآخر: أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد، قال: عرفت الحق لأهله.
س: الواو هنا ما تكون للإشراك؟
الشيخ: لا، هذا معناه التنصُّل، أتوب إلى الله من حقه وأتوب إليك من حقك يا رسول الله.
س:........
الشيخ: الأقرب -والله أعلم- أنه يكره إذا كان للزينة، أما إذا كان للسقف أو لأسباب أخرى فلا بأس؛ مثل ما تسقف بالحجارة أو بالخشب أو بغيره، أما الجدران إذا كان للزينة فهذا هو المكروه.
 
بَاب قِيَامِ المَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِي العُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ
5182 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ دَعَا النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلاَ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ «فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ».

الشيخ: مثل ما تقدم، إن كانت........ قبل الحجاب وإن كان.... وإنما قدّمته لأبي أسيد وقدّمه؛ فليس فيه إشكال، أما إن كانت قدّمته بنفسها فهذا كان قبل الحجاب كما تقدم.
الطالب: في الترجمة يقول: وخدمتهم بالنفس، يعني بنفسها هي؟
الشيخ: نعم، هذا قبل الحجاب، أو خدمة ما فيها بُروز، تُقَدِّم لهم وولدها أو أخوها يقدِّم، وأما برزوها بنفسها فهذا كان قبل الحجاب.
 
بَاب النَّقِيعِ وَالشَّرَابِ الَّذِي لاَ يُسْكِرُ فِي العُرْسِ
5183 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، دَعَا النَّبِيَّ ﷺ لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ العَرُوسُ فَقَالَتْ، أَوْ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا أَنْقَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ».

الشيخ: وهذا يدل على أن الشراب لا بأس به، الشراب من التمر أو من غيره إذا لم يُسكر فلا بأس أن يصنع لهم شرابًا من التمر أو من العسل أو من غيره ويُسقاه الناس كسائر الأشربة التي لا بأس بها، إنما الممنوع ما كان مُسكرًا، أما إذا كان ليس بمسكر فلا بأس أن يصنع الشراب من التمر أو غيره.
 
بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّمَا المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ
5184 - حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ.

الشيخ: وفي اللفظ الآخر: استوصوا بالنساء خيرًا  كما في الصحيح فإنهن خلقن من ضلع وفي اللفظ الآخر: من ضلع أعوج، فإن استمعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها، هذا فيه الرفق بالنساء والصبر والتحمل وعدم مطالبتهن بالكمال، لا بدّ من نقص، فالمشروع للزوج الصبر والاحتساب وعدم الشدة في الأمور، وأن يستمتع بها بالرفق وعدم التكليف والمشقة، لا بدّ من نقص؛ وهكذا يكون أخلاق الرجال الكرام، وكان ﷺ ذا صبر كثير وعشرة حسنة لأهله عليه الصلاة والسلام ولهذا قال: استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع أعوج يقال: ضلْع، ويقال: ضلَع، بالتسكين وفتح اللام، تسكن اللام وتفتح، والمقصود من هذا أن السُّنة للزوج والأب والأخ ونحو ذلك الرفق بالنساء والتحمل بعض الشيء وعدم الشدة في الأمور.
 
بَاب الوَصَاةِ بِالنِّسَاءِ
5185 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ.
5186 - وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.
5187 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا نَتَّقِي الكَلاَمَ وَالِانْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، هَيْبَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا شَيْءٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا.

الشيخ: وهذا السُّنة للمؤمن مثل ما كانوا في عهد النبي ﷺ وصي بهن خيرًا والرفق.
 
بَاب قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6]
5188 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْؤولَةٌ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ.

الشيخ: وهذا حديث عظيم يدل على وجوب العناية بالأهل والأولاد وغيرهم، والآية الكريمة تدل على هذا المعنى، ولهذا قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] بماذا يقونهم؟ يقونهم بالاستقامة على دين الله من تأديب الشرعي والمعاملة الشرعية هذه هي الوقاية، كما قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] فالواجب على الجميع أن يقوا أنفسهم وأهليهم عذاب الله بطاعته والاستقامة على دينه والتواصي بحقه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ هذه الوقاية، لا يهمل أولاده ولا أهل بيته ولا خُدّامه:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خاطبهم بالإيمان قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] قوهم يعني: قوهم بوصيتهم بتقوى الله، بأمرهم بالمعروف بنهيهم عن المنكر، بتوجيههم إلى الخير، بالأخذ على يد السفيه؛ ولهذا يقول ﷺ: كلكم راع، وكلكم مسوؤل عن رعيته، فالإمام راع السلطان راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته مسؤول عن زوجته وأولاده وأخواته ومن في بيته هل قام فيهم بأمر الله هل نصح لهم، هل أمرهم بطاعة الله هل نهاهم عن المنكر إلى غير هذا، وهكذا المرأة راعية في بيت زوجها عليها أن تتقي الله وأن تنصح لزوجها وأولادها وأن تقوم بالواجب في بيتها فهي مسؤولة، وهكذا العبد والخادم الذي هو غير مملوك مسؤول هل يقوم بالواجب الذي أسند إليه أم لا؟ ثم قال ﷺ: ألا فكلكم راع يعني عام ألا فكلكم راع ومسؤول عن رعيته فالوكيل الذي على الناس راعٍ، مدير الشركة راعٍ أمير البلد راعٍ، شيخ القبيلة راعٍ، رئيس العمال وكيل العمال راعٍ وهكذا، كل واحد مسؤول عما وكل إليه: هل نصح؟ هل أدى الواجب؟ هل خاف الله في ذلك؟ هل منع الغش والخيانة؟ هو مسؤول عن هذه الأشياء؛ فالواجب الحذر والواجب أداء النصيحة والحذر من التساهل، نسأل الله السلامة.
س:.......
الشيخ: نعم، هكذا قال النبي ﷺ، والمؤمن القوي هو الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يقوم بأمر الله وينصح لله ولعباده، هذا القوي.
 
بَاب حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ
5189 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا، قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ: لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ، قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِيَ العَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ، قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ، قَالَتِ الخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ. قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ - أَوْ عَيَايَاءُ - طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ، قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ، قَالَتِ العَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ.

الشيخ: هذا الشاهد من ذكر هذه القصة قوله ﷺ: كنت لك كأبي زرع لأم زرع هذا المقصود من حكاية هذه الجماعة.
 
قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ، بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ.
5190 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ الحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ»، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ.


الشيخ: وهذا يدل على جواز النظر على العموم، عموم الرجال إذا كانوا يلعبون أو في المسجد أن هذا لا بأس به، إنما الممنوع النظر لشهوة، أما النظر للعموم وفي الطريق فلا يضر ذلك، ولهذا نظرت إلى الحبشة وأقرها النبي ﷺ والله جل وعلا يقول: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31] ما قال: يغضضن أبصارهن، يغضضن من أبصارهن الشيء الذي يخشى منه الشر.
س: قصة أم زرع.. يُدعى هذا مجلس غِيبة؟
الشيخ: لا، هذا مدح، هذه أم زرع تمدحه.
س: بعضهن اللي تكلمن في أزواجهن؟
الشيخ: هذا... تحكي، حكاية النساء.
س: هل يجوز للرجل النظر إلى المرأة في البيع والشراء؟
الشيخ: لا، يغض بصره، لا ينظر إلا إذا كانت جارية يبغي يشتريها، إن كانت أمة يبغي يشتريها، لا بأس ينظر ما يحتاج إليه، أما البيع والشراء لا، عليها التَّستُّر وعليه غض البصر، أما النظرة في المجتمعين مثل قصة الحبشة أو المرور في الأسواق تنظر لحاجاتها في الأسواق أو في المسجد لا بأس؛ لأن هذا ما هو بنظر شهوة، نظر للطريق أو نظر لعموم الواقفين أو المصلين أو اللاعبين؛ ولهذا أقرها النبي أن تنظر من عند كتفه عليه الصلاة والسلام للعبهم.

ويدل على جواز اللعب بالحراب والسيوف والبنادق إذا كان ما فيها خطر على أحد؛ لأن هذا من باب التمرُّن على الجهاد والاستعداد للجهاد، ولهذا أقرهم ﷺ في ذلك حتى في المسجد.

س:.......
الشيخ: مطلقًا، إذا كان مثل هذا النظر لا بأس به من غير اختلاط بهم.