61 من حديث: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)

 
باب المُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنَ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ
5219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.

الشيخ: وهذا فيه إضجار الضرة، وفيه افتخار من المتشبعة حصل به الإضجار والافتخار، فالمتشبعة مفتخرة والأخرى مضجرة؛ لأن هذا إيذاء وكذب فلا يجوز لها أن تفتخر بشيء لم يقع لزوجها؛ لأن هذا كذب منها وإضجار للأخرى ومن أسباب تسليطها على الزوج وإيذاء الزوج أيضًا.
س:..........
الشيخ: كذب، يعني ثوبي كذب.
 
بَاب الغَيْرَةِ
وَقَالَ وَرَّادٌ: عَنِ المُغِيرَةِ، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي.

الشيخ: ولهذا يقول ﷺ: ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته وفي اللفظ الآخر: ما أحد أغير من الله، من أجل هذا حرم الفواحش ما ظهر منها ما بطن.
 
5220 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللَّهِ.

الشيخ: ولهذا أثنى على نفسه : إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فهو يحب أن يُثنى عليه بأسمائه وصفاته وذكره جل وعلا.
س: من تزوّج زوجة ثم بعد الزواج تابت وهو لا يعلم أن ماضيها كان سيئًا؟
الشيخ: إذا كانت مسلمة لا بأس، إذا كانت مسلمة ولكن عندها معاص ثم تابت فالحمد لله، أما إن كانت كافرة ما يجوز نكاح المسلم الكافرة إذا كانت غير كتابية كوثنية، أما إذا كانت كتابية محصنة وتزوجها.
س: هي مسلمة ولكن علم أنها كانت تزني؟
الشيخ: النكاح صحيح، ما دام ظاهرها التوبة والخير.
 
5221 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.

الشيخ: يعني لو يعلمون ما يعلم ما عند الله من العقوبة لمن عصاه وخالف أمره، ولكن قلة العلم وكثرة الجهل هو الذي جرَّأ على المعاصي والشرور، وأما أهل العلم بالله وأهل البصيرة هم الذين يخافونه ويخشونه، كما قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [المؤمنون:57] وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ [المؤمنون:58] وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ [المؤمنون:59] وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60] أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون:61] وقال : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك:12]  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ  [فاطر:28] يعني العلماء بالله وهم الرسل وأتباعهم.
 
5222 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لاَ شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ.

الشيخ: مثل ما تقدم، لا أحد أغير من الله، من أجل هذا حرم الفواحش فهو يكرهها ويبغضها، ومن أجل هذا حرَّمها وإنْ قدّرها لحكمة بالغة؛ لكنه يكرهها وينهى عنها .
س:..........
الشيخ: كذلك كلها، لا شخص ولا أحد ولا شيء، كلها معناها صحيح، هو شيء عظيم، وهو أحَدٌ عظيم، وهو شخص عظيم، لا يشبه الأشخاص ولا الأشياء: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] .
 
5223 - وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، (ح) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.
5224 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي».

الشيخ: وهذا فيه الدلالة على أن الزوجة تخدم زوجها وتقوم بحاجاته حسب العرف في أي بلد وفي أي جهة، ولهذا كانت أسماء أخت عائشة تخدم زوجها الزبير وتخدم فرسه وتحمل الحاجات التي تحتاجها، إلا أنها كانت لا تحسن الخبز؛ فاستفادت من نساء الأنصار وكن نسوة صدق، فهذا يدل على أن المرأة حسب العرف تقوم بحال زوجها حسب العرف المعتاد، ولم تزل هكذا حتى أخدمها أبوها خادمًا .
س: إذا كانت المرأة تقول لزوجها: أنا لست خادمة عندك وتقول: لا بدّ أن تأتيني بخادمة؟
الشيخ: حسب العرف، إن كان مثلها يُخدَم يخدمها، وإن كان مثلها لا يخدم لا يخدمها، لا يلزمه، وإذا تطوع وسمح لا بأس، الناس أقسام والبلاد تختلف.
س: لكن إذا كان مثلها لا يخدم؟
الشيخ: ما يلزمه أن يأتيها بخادم.
س: وعليها تخدمه؟
الشيخ: عليها تخدمه إذا كان مثلها يخدِم.
س: لكن لو أصرت؟
الشيخ: يصلحون، إن شاء الله إذا جاؤوك أصلح بينهم.
س:..........
الشيخ: ما هو من خصائصه، لا بأس إذا دعت الحاجة لركوب المرأة خلف الرجل ما في بأس، ما في خلوة، مع الناس.
س: خدمة الزوجة لأم زوجها فرض عليها؟
الشيخ: لا، تخدم زوجها بس، لكن من مكارم الأخلاق تخدم بناته وتخدم أمه، من مكارم الأخلاق إذا كان عندها في البيت.
 
5225 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ ﷺ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كسرت فيه.

الشيخ: وهذا من غيرة النساء، إحدى أمهات المؤمنين أهدت صحفة فيها طعام في بيت عائشة، فلشدة غيرة عائشة ضربت الصحفة حتى انكسرت، فقال النبي: غارت أمكم، ولم يضربْها ولم يسبَّها، هذا لحلمه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للزوج أن يكون عنده حلم وصبر وتحمُّل، ثم خلى الطعام وجمعه وأخذ صحفة من بيت عائشة وأعطاها المكسورة صحفتها بدلًا منها، وقال: صحفة بصحفة. وهذا فيه الحلم وعدم الشدة فيما يقع بين الزوجتين والضرتين، لا بدّ من حلم وتحمُّل مع النصيحة والتوجيه، هذا لا بدّ منه، لكن بعض الرجال ما يتحمل؛ عند أقل شيء يسب ويلعن ويفعل ما لا ينبغي.
س: هل للرجل أن يمنع زوجته من مقابلة من يحل لها إذا كان يرى أن في مقابلته يخشى عليها أو يخاف؟
الشيخ: له يمنعها إذا كان يخشى شيئًا ولو هو مَحْرم.
 
5226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: دَخَلْتُ الجَنَّةَ أَوْ أَتَيْتُ الجَنَّةَ، فَأَبْصَرْتُ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي إِلَّا عِلْمِي بِغَيْرَتِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَوَ عَلَيْكَ أَغَارُ؟

الشيخ: وهذا فيه فضل عمر رضي الله عنه، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، رضي الله عنهم وأرضاهم.
 
5227 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جُلُوسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ: أَوَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟

الشيخ: وهذا منقبة كما تقدم، منقبة لعمر ، وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة، رضي الله عنهم وأرضاهم.
س:..........
الشيخ: قد يكون، ظاهر هذا أن هذا يقع من باب التلذّذ، من باب التنعّم، الوضوء فيها من باب التنعّم، مثل ما يُلهمون التسبيح والتكبير كما يُلهمون النفس، يعني يتنعّمون بهذا الشيء من باب التنعّم، ثم هذا الوضوء ما بعد صار الناس إلى الجنة صار في الدنيا وضوء في الدنيا؛ لأن الحور العين التي في الجنة ما بعد جاءت الآخرة التي يصير إليهن أصحابهن وأزواجهن.
 
بَاب غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ
5228 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.
5229 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ؛ لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهَا وَثَنَائِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ لَهَا فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ».

الشيخ: وهذه غيرة النساء، أمر جُبِلن عليه، غيرتهن حتى من الزوجات السابقات إذا ذكرهن الزوج غِرن من ذلك، كما فعلت عائشة، هذه طبيعتهن، ومثل هذا مما يعفى عنه؛ لأنه يقع من غير اختيار، وكذلك قولها: ورب محمد ورب إبراهيم، عندما تكون غير راضية تقول: ورب إبراهيم، كل هذه من الأمور التي تقع للنساء من شدة الغيرة، والله جل وعلا لا يؤاخذهن بذلك ما لم يعتدين.
وهذا أيضًا فيه شهادة لخديجة أنها من أهل الجنة رضي الله عنها، وأن الله بنى لها قصرًا في الجنة، هذه شهادة لها بأنها من أهل الجنة، شهادة على التعيين بأنها من أهل الجنة رضي الله عنها، وهي أم أولاده، وأول زوجة تزوجها، وأوحى الله إليه وهو في لحافها، اللهم ارض عنها.
 
بَاب ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ
5230 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا.

الشيخ: وهذا خاص بها رضي الله عنها، وإلا قد أباح الله نكاح الاثنتين والثلاث والأربع، لكن هذا شيء خاص، أيش قال الشارح؟
الطالب: (قَوْلُهُ: بَابُ ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الْغَيْرَةِ وَالْإِنْصَافِ) أَيْ: فِي دَفْعِ الْغَيْرَةِ عَنْهَا، وَطلب الْإِنْصَاف لَهَا، قَوْله: عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ كَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ وَتَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَخَالَفَهُمْ أَيُّوب فَقَالَ: عَن ابن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ، وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ ثمَّ قَالَ: يحْتَمل أَن يكون ابن أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا.
الشيخ: المعنى بس.
الطالب: قَوْلُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ الْمَاضِيَةِ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا وَأَنَا يَوْمئِذٍ محتلم، قَالَ ابن سَيِّدِ النَّاسِ: هَذَا غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: كَالْمُحْتَلِمِ، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ.
الشيخ: ما تكلم على الأحكام؟
الطالب: قَوْلُهُ: فَلَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ كَرَّرَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَأْبِيدِ مُدَّةِ مَنْعِ الْإِذْنِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ رَفْعَ الْمَجَازِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُحْمَلَ النَّفْيُ عَلَى مُدَّةٍ بِعَيْنِهَا فَقَالَ: ثُمَّ لَا آذَنُ، أَيْ: وَلَوْ مَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَفْرُوضَةُ تَقْدِيرًا لَا آذَنُ بَعْدَهَا ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ أَنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا وَبَنُو هِشَامٍ هُمْ أَعْمَامُ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ؛ لِأَنَّهُ أَبُو الْحَكَمِ عَمْرُو بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَقَدْ أَسْلَمَ أَخَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ عَامَ الْفَتْحِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ جَوَابُهُمَا الْمُتَقَدِّمُ لِعَلِيٍّ، وَمِمَّنْ يَدْخُلُ فِي إِطْلَاقِ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَقَدْ أَسْلَمَ أَيْضًا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَاسْمُ الْمَخْطُوبَةِ، تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَاب ذِكْرِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَتَّابُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ لَمَّا تَرَكَهَا عَلِيٌّ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ زِيَادَةٌ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي ذِكْرِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ ﷺ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي وَوَفَّى لِي وَتَوْجِيُهُ مَا وَقَعَ مِنْ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، قَوْلُهُ: إلا أَن يُرِيد بن أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ.
الشيخ: وفي بعض الروايات أنه قال: والذي نفسي بيده لا تجتمع بنت نبي الله مع بنت عدو الله يعني أبي جهل؛ لأنه مات على الشر والخبث، قتل يوم بدر على ذلك، نسأل الله العافية.
هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ مَنْ يُبْغِضُ عَلِيًّا وَشَى بِهِ أَنَّهُ مُصَمِّمٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْخِطْبَةِ بَعْدَ أَنِ اسْتَشَارَ النَّبِيَّ ﷺ فَمَنَعَهُ، وَسِيَاقُ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ بِهِ فَاطِمَةُ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهَا ذَلِكَ وَشَكَتْ إِلَى النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ عَلَى أَنَّهُ تَرَكَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ: وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحَلِّلُ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تُجْمَعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَبَدًا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْب: عِنْد رجل وَاحِد أبدًا، قَالَ ابن التِّينِ: أَصَحُّ مَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَرَّمَ عَلَى عَلِيٍّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَبَيْنَ ابْنَةِ أَبِي جَهْلٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ، وَأَذِيَّتُهُ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَا أُحَرِّمُ حَلَالًا أَيْ: هِيَ لَهُ حَلَالٌ لَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ فَاطِمَةُ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا الَّذِي يَسْتَلْزِمُ تَأَذِّيَ النَّبِيِّ ﷺ لِتَأَذِّي فَاطِمَةَ بِهِ فَلَا، وَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّ السِّيَاقَ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِك مُبَاح لعَلي لكنه مَنعه النَّبِيُّ ﷺ رِعَايَةً لِخَاطِرِ فَاطِمَةَ.
الشيخ: ظاهر السياق يدل على أن المنع في بنت عدو الله فقط، وإلا لو جمع بين فاطمة وبين غير بنت عدو الله: ظاهر السياق لا يمنع؛ لأنه قال: والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله فيظهر من هذا أنه لو كانت الخطبة لشخص آخر من المؤمنين ممن لم يؤذ الرسول ﷺ لكان الأمر أسهل كغيره من الناس.
وَقَبِلَ هُوَ ذَلِكَ امْتِثَالًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي: أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ فِي خَصَائِصِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ لَا يُتَزَوَّجَ عَلَى بَنَاتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ رضي الله عنها.
الشيخ: الأقرب أنه خاص ببنت أبي جهل، وأيش قال العيني؟ زاد شيئًا؟
الطالب: .......
الشيخ: بس، ما تكلم على الخصائص؟
الطالب: قال: وفيه: تحريم أدنى أذى مَن يتأذى النبي ﷺ بتأذيه. وفيه: بقاء العار الحاصل للآباء في أعقابهم؛ لقوله: بنت عدو الله. وفيه: إكرام من ينتسب إلى الخير أو الشرف أو الديانة.
الشيخ: بس. نعم.
 
بَاب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وَتَرَى الرَّجُلَ الوَاحِدَ، يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ.
5231 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ.

الشيخ: الثلاث الأول قد وجدت من أزمان كثيرة: رفع العلم وكثرة الجهل وكثرة الزنا. وشرب الخمر هذا وقع من دهر طويل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسوف تقع الرابعة، والله المستعان.
 
بَاب لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى المُغِيبَةِ
5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ.
5233 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ.

الشيخ: وهذا فيه التحذير من أسباب الشر؛ ولهذا قال: إياكم والدخول على النساء يعني غير المحارم؛ لأن هذا قد يفضي إلى شر، وأقل شيء التهمة، وقد يفضي إلى الفواحش، فينبغي للمؤمن التحرُّز من ذلك، قيل: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت والحمو أخو الرجل وعم الرجل، قد تتساهل معه وتخلو به؛ لأنه عم زوجها أو أخو زوجها فيقع الشر، فينبغي التحرُّز؛ ولهذا في رواية مسلم: لا يدخلن رجل على امرأة مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان؛ لأن هذا أبعد من الرِّيبة فالخلوة باب شر.
 
بَاب مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ
5234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَخَلاَ بِهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكُم لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ.

الشيخ: يعني الأنصار.
 
بَاب مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ المُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى المَرْأَةِ

الشيخ: وهم المخنثون.
 
5235 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ المُخَنَّثُ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عليكم الطَّائِفَ غَدًا أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُنَّ.


الشيخ: لأنه صار يعرف ويميز بين الجميلة وغير الجميلة، ويحصل به فتنة، فلهذا مُنع، نعم. 

تقبل بأربع يعني عُكَن بطنها وتدبر بثمان أربع من هنا وأربع من هنا: مِن سِمَنها، سمينة.
وفي الحديث الصحيح: لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم أخرجه المؤلف رحمه الله، فاللعن يدل على خبث العمل، وأن الواجب على المؤمن أن يحذر التشبه بالنساء لا في كلامه ولا في لباسه ولا في مشيه ولا في غير ذلك، يجب الحذر من التخنث، ولهذا لعن رسول الله المخنثين، وهكذا المرأة يجب الحذر من الترجُّل والتشبُّه بالرجال، يجب أن تلزم زيَّها وصفة النساء، وأن تحذر التشبُّه بالرجال، هذا يحرم عليه التشبُّه بالنساء، وهذه يحرم عليها التشبُّه بالرجال.
س: حلق اللحية من التخنث؟
الشيخ: قد يلحق بذلك، لكن أمره خاص، حلق اللحية محرم مطلقًا ولو ما قصد التخنث، يحرم عليه حلقها مطلقًا، وإذا أراد التخنث صار شرًّا إلى شر.

بَاب نَظَرِ المَرْأَةِ إِلَى الحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ
5236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، عَنْ عِيسَى، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ»، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.

الشيخ: وهذا يدل على جواز النظر إلى العموم، وأنه لا بأس أن تنظر المرأة للعموم، عموم اللاعبين، عموم المتسابقين، عموم الناس في الطرق؛ من غير شهوة ولا تقصُّد فتنة، هذا لا بأس به؛ لأن الله قال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31] والغض من البصر هو الغض الذي يُخشى منه الفتنة، أما النظر العام لناس يلعبون يتسابقون، أو نظر الناس في الجماعة في المسجد أو الطرقات، هذا كله لا بأس به، النظر للفتنة هو الممنوع، النظر المقصود الذي يحصل به التلذُّذ ويُخشى منه الفتنة.
س: قول المصنف: من غير ريبة؟
الشيخ: يعني إذا كان لرِيبة؛ أن تنظر إليه بقصد التلذُّذ ويحصل به فتنة.
س: إذا كانوا جماعة كثيرين يحصل ريبة؟
الشيخ: مثل هذا ما فيه ريبة، نظر المتلاعبين ما فيه ريبة، هذا مقصوده.
س: هل يفهم من ذلك أنه يجوز إقامة الأفراح والأعراس في المساجد؟
الشيخ: لا، الشيء الذي يتعلق بالجهاد؛ لأن لعب الحبشة من الجهاد بالنبل بالدرق، أما ما يتعلق بالأفراح قد يكون فيه شر في المسجد، قد يكون فيه فساد.
س:..........
الشيخ: التلفاز نفسه فيه خطر، ويجب الحذر، يجب البعد من شره وفساده، اللهم إلا النظر فيما ينفع المسلمين من محاضرات وأعمال تنفع المسلمين، وأما هي فإذا نظرت بغير شهوة ولا ريبة وإنما نظر عام لا يضر.
س: التلفزيون إذا كان تحت مراقبة محكمة فينظر إلى البرامج العلمية؟
الشيخ: على كل حال إذا كان الرجل يُحكِم ذلك فلا بأس، لكن هو خطير ويجب الحذر.
س: ضرب الطلقات النارية في الهواء في الأعراس؟
الشيخ: إذا كان للتعلم لا بأس، ما هو لعب، إذا كان للتعلُّم والتدرُّب.
س: يقول: طلق النار في الزواج؟ ليلة الزواج تعمل هذه الطلقات النارية؟
الشيخ: إذا كان للتعلُّم تعلم الرمي لا بأس، أما إن كان لإضاعة مال بدون فائدة لا.
س: يجعلونه إعلانًا للفرح يطلقون شيئًا من الرصاص؟
الشيخ: بعض الناس في بعض البلاد الجنوبية يفعلون هذا، لكن بلغني الآن أخبرني جماعة من الناس أنه قد يقع فيه شر وقتل، قد يخطئ الرامي، وقد يحصل به قتل، فإذا كان يحصل به شر يجب منعه على ولاة الأمور، إذا كان في بلد يُخشى منه شر يُمنع، أما إذا كان لتعلم الرماية مثل ما فعل الحبشة يتعلمون بالسيوف وبالرماح وبالدرق وبإطلاق الرمي في الهواء من دون مضرة على أحد فلا بأس، أما إذا كان يُخشى منه مضرة فعلى ولي الأمر أن يمنعه أينما كان إذا كان فيه مضرة على أحد.
س: في بعض الزواجات يلقون الطيور...؟
الشيخ: وأيش السبب؟
س: يلقون الطيور أمام النساء، حمام وعصافير؟
الشيخ: تركه أوْلى، شيء جديد هذا، قد يكون تشبُّه بناس من الكفرة.
س: هذا هو الظاهر يا شيخ؟
الشيخ: ينبغي ترك هذا، إذا كان فيه تشبُّه وجب تركه، ثم أيضًا الحفل فيه إعلان، وجود الحفل ووجود الوليمة يكفي في الإعلان، والحمد لله.
س: حديث أم سلمة أوعمياوان أنتما؟
الشيخ: ضعيف، هذا ضعيف، ولهذا يجوز أن ترى المرأة الكفيف ولا تحتجب عنه، قال النبي ﷺ لفاطمة بنت قيس: احتجبي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك، وقال ﷺ في الاستئذان: إنما جعل الاستئذان من أجل النظر.
س: حكم نظر الرجال للنساء بدون ريبة؟
الشيخ: يجب غض البصر، لكن إذا دعت الضرورة إلى هذا مثل: يدوِّر بنتًا له ضالة في أناس مكشوفين، جارية له ضالة إذا دعت الحاجة إلى هذا؛ لا بأس.
الطالب: الشارح يقول أن المصنف ظاهر الترجمة أنه يذهب إلى جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف عكسه.
الشيخ: بغير ريبة يكفي، من غير ريبة، النظر العام أو النظر للتعرُّف هو أخوها أو أبوها أو زوجها، أما إذا كان لريبة فهذا الذي يُمنع.
 
بَاب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ
5237 - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا، فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ.

الشيخ: وكانوا في عهد النبي ﷺ يخرجن في الليل إلى حوائجهن، قضاء الحاجة في بعض الأودية البعيدة للتبرُّز، ثم اتخذوا الكنف بعد ذلك في البيوت، واستغنوا عن الخروج، فالخروج لقضاء حاجتها في محل قضاء الحاجة إذا كان ما عندها كنف، أو خرجت لشراء حاجة من السوق، أو لزيارة أقاربها، أو ما أشبه ذلك؛ لا بأس. وهذا من رحمة الله وإحسانه، ولكن عليها التستُّر وعدم التبرُّج، كما قال جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] يعني عند الخروج.
س: الآن خروج النساء للأسواق صار شيئًا راتبًا لها؟
الشيخ: إذا كان لحاجتها لا بأس أو للبيع والشراء لا بأس، لكن مع التستر.
س: الخرّاجة الولّاجة التي تخرج دائمًا؟
الشيخ: إذا كان لحاجتها لا بأس، أما إذا كانت ما هي بحاجة فزوجها يعالج الموضوع.
س: تخرج للكماليات؟
الشيخ: ما كُلٌّ يصلح أن يشتري الحاجة.
س:..........
الشيخ: عل كل حال المحرم في السفر، ما يحتاج محرم، إذا كانت آمنة ما يحتاج محرم.
س:..........
الشيخ: في السيارة لا بدّ أن يكون معها ثالث، أما إن كانت تمشي على رجليها فلا تحتاج محرم، أما السائق لا، لا بدّ يكون معها ثالث، إما امرأة أو رجل أو أكثر من غير رِيبة.
 
بَاب اسْتِئْذَانِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الخُرُوجِ إِلَى المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ
5238 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا.

الشيخ: وفي اللفظ الآخر: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن فإذا استأذنت فلا يمنعها؛ لأنها قد تستفيد من حضورها المسجد، تستفيد من محاضرة تُلقى، تستفيد من طمأنينة الإمام في الصلاة، تستفيد من خطبة الجمعة والمواعظ، لا تُمنع، لكن بيوتهن خير لهن؛ لخطر الفتن، ولكن إذا استأذنت فلا تُمنع ولاسيما إذا عُرف قصدُها وحُسْن قصدها.
س: يعني لا يجوز للزوج أن يمنعها من ذلك؟
الشيخ: ليس له أن يمنعها نعم، الرسول قال: لا تمنعوهن ليس له أن يعصي الرسول ﷺ.
 
بَاب مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ
5239 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي المَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الحِجَابُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلاَدَةِ.

الشيخ: وهذا يدل على أن المَحْرَم يُؤذن له؛ سواء كان مَحْرمًا من نسب أو من الرضاع، ولهذا قال لعائشة: ائذني له فإنه عمك، ما لم يكن ريبة ويعرف الرجل بشر؛ فهذا شيء آخر يُستثنى من أدلة أخرى، أما إذا كان لا شبهة فإن الرضاع كالنسب يأذن الزوج لأخيها من الرضاع وعمها من الرضاع وخالها من الرضاع، إلا أن تكون هناك ريبة تمنع فهذا شيء آخر.
س:..........
الشيخ: زوج ابنتها مَحْرم لها، لكن بعض النساء عندها شدة حياء كثير، والأوْلى ألا تحتجب منه، وأن تأخذ بالرخصة، إن الله يحب أن تؤتى رخصه، فهذا يكون عيبًا في المرأة كونها تمتنع من محارمها، أما إذا كان هناك سبب آخر بأنه رجل لا يُؤمَن وأنه يفعل كذا وترى منه شيئًا ما يناسب، فهذا حقها أن تمتنع إذا كان له أسباب.
س: الأخ من الرضاعة إذا ما عُلم عنه إلا بعد كِبَر البنات ثم استحيين؟
الشيخ: ولو، إذا ثبت لا بأس.
س: لكن لو امتنعن حياء يأثمن؟
الشيخ: الظاهر مثل ما قال النبي ﷺ: ائذني له فإنه عمك، عدم مخالفة الشرع فإذا كان عندها امتناع تجلس معها أخرى.
س: إذا ذهبت مع السائق ومعها أطفال صغار هل تنتفي الخلوة؟
الشيخ: الأطفال ما ينفعون، لا بدّ من محرم أو امرأة أخرى معها ممن يُوثق بها أو رجل آخر، أما الأطفال ما ينفعون.
 
بَاب لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا
5240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.
5241 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:  لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.


الشيخ: إنما نهى النبي عن هذا عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قد يكون وسيلة للفتنة بها، قد تنعتها له: صفتها كذا وصفتها كذا، كأنه ينظر إليها فيُفتن بها، وربما جره ذلك إلى ما حرَّم الله عليه، فالحاصل أنه لا يجوز للمرأة أن تذكر لزوجها فلانة صفتها كذا وصفتها كذا، يعني تدقق في صفاتها كأنه ينظر إليها، وصفتها كذا ووزنها كذا وشعرها كذا وبشرها كذا توضح له الأشياء التي ترغّب في نكاحها، المقصود أن هذا وسيلة إلى الشر والفتنة بها فتقع ما لا تحمد عقباه، وأقل شيء يُفتن بها ويتعلق قلبه بها وإن لم يفعل شيئًا.
س:..........
الشيخ: يعني تصف بشرتها وتصف صفتها كأنه ينظر إليها، ما هو معناه أنها تلتحم بها أو تجمع معها في ثوب واحد، لا، المراد يعني تباشرها بالوصف، يعني صفتها كذا وصفتها كذا.
س: المرأة من المعلوم أنها ذات غيرة فلا تصف النساء ولو هو ذكر النساء غضبت؟
الشيخ: هذا فيه فساد على الجميع قد يضرها ويضر زوجه، أيش قال الشارح على لا تباشر؟
الطالب: قَوْلُهُ: لَا تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، قَوْلُهُ: فَتَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، قَالَ الْقَابِسِيُّ: هَذَا أَصْلٌ لِمَالِكٍ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا النَّهْيِ خَشْيَةُ أَنْ يُعْجِبَ الزَّوْجَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى تَطْلِيقِ الْوَاصِفَةِ أَوْ الِافْتِتَانِ بِالْمَوْصُوفَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوق عَن ابن مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَبَتَتْ فِي حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَلَفْظُهُ لَا يَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرِ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفِضِ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ تَحْرِيمُ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَنَبَّهَ ﷺ بِنَظَرِ الرجل إِلَى عَورَة الرجل، وَالْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَيُسْتَثْنَى الزَّوْجَانِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنَّ فِي السَّوْأَةِ اخْتِلَافًا، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ؛ لَكِنْ يُكْرَهُ حَيْثُ لَا سَبَبَ، وَأَمَّا الْمَحَارِمُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُبَاحُ نَظَرُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ لِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، قَالَ: وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّحْرِيمِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ، وَمِنَ الْجَوَازِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ، وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ مُلَاقَاةِ بَشَرَتَيِ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ حَائِلٍ إِلَّا عِنْدَ ضَرُورَةٍ، وَيُسْتَثْنَى الْمُصَافَحَةُ، وَيَحْرُمُ لَمْسُ عَوْرَةِ غَيْرِهِ بِأَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ كَانَ بِالِاتِّفَاقِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَتَسَاهَلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الِاجْتِمَاعُ فِي الْحَمَّامِ، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ أَنْ يَصُونَ نَظَرَهُ وَيَدَهُ وَغَيْرَهُمَا عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ، وَأَنْ يَصُونَ عَوْرَتَهُ عَنْ بَصَرِ غَيْرِهِ، وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْقُطُ الْإِنْكَارُ بِظَنِّ عَدَمِ الْقَبُولِ إِلَّا إِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فِتْنَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلَ هَذَا الْبَاب فِي كتاب الطَّهَارَة.

...