426 من حديث: (جاهدوا المشرِكين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)

 
65/1349- وعنْ أنس، ، أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ: جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم. رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
66/1350- وعَنْ أَبي عَمْرو. ويقالُ: أَبُو حكِيمٍ النُعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: شَهِدْتُ رسولَ اللَّه ﷺ إِذَا لَمْ يقَاتِلْ مِنْ أوَّلِ النَّهارِ أَخَّر القِتالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وتَهبَّ الرِّياحُ، ويَنزِلَ النَّصْرُ.
رواهُ أَبو داود، والترمذي، وَقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
67/1351- وعنْ أَبي هريْرَةَ ، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّه ﷺم: لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العافية, فإذا لَقيتُمُوهم، فَاصُبِروا متفق عليه.
68/1352- وعَنْهُ وعَنْ جابرٍ، رضي اللَّه عَنْهُما، أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: الحرْبُ خُدْعَةٌ متفقٌ عليهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالجهاد، وتقدمت آيات كثيرات وأحاديث كثيرة كلها تتعلق بالجهاد، والجهاد معناه مجاهدة الأعداء بالسيف مع دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى ما خلقوا له، فإذا أبوا وجب جهادهم بالسيف مع القدرة إلا أن يكون من أهل الجزية فلا مانع من قبول الجزية كاليهود والنصارى والمجوس؛ لأن الله جل وعلا قال: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5]، وقال تعالى: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، والنبي ﷺ جاهد في مواضع كثيرة في بدر وفي أحد وفي يوم الأحزاب وفي خيبر وفي الطائف وتوجه إلى تبوك في سنة تسع من الهجرة لقتال الروم فلم يتيسر ذلك، وأرسل السرية بسنة ثمان إلى الروم فحصل ما حصل من غزوة مؤتة المعروفة التي قتل فيها جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وزيد بن حارثة، فالرسول ﷺ جاهد بنفسه وبسراياه وحث على الجهاد والقتال عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك قوله في حديث أنس: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم تساعد الغزاة تعطيه سلاح تعطيه مالا، ويكون بالنفس تباشر مع الغزو، ويكون باللسان بالهجاء والتحريض والتشجيع كله جهاد باللسان.
وفي حديث النعمان بن مقرن يقول: كان النبي ﷺ إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، هذا السنة، إذا ما تيسر القتال في أول النهار فإنه يكون بعد الزوال حتى تهب الرياح وينزل النصر، هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام.
وفي الحديث الثالث: يقول عليه الصلاة والسلام كذلك: لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية تقدم أيضًا معناه لا تتمنوا لقاء العدو فخرا وخيلاء أو عجبا بأنفسكم، أما تمني الجهاد وطلب الجهاد فمطلوب تمني الجهاد في سبيل الله، وطلب الجهاد وتمني الشهادة هذا مطلوب جاءت به الأحاديث الصحيحة، لكن لا يتمناها الإنسان فخرا وخيلاء، ولكن لقصد طلب الشهادة ولطلب إعزاز الدين لا بأس، ثم قال: وسلوا الله العافية فيسأل الله العافية من شر أعداء الله فإذا لقيتموهم فاصبروا إذا تيسر اللقاء فالواجب الصبر كما قال الله جل وعلا: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]، وقال: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، وقال: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46] فالواجب هكذا يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:45، 46] فالواجب الاجتماع وصدق الكلمة وعدم التنازع مع الصبر في لقاء العدو، وتمام الحديث: واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال ﷺ: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم فالمؤمن يصبر ويحتسب ويدعو الله أن يمده بالنصر والإعانة وأن يهزم عدوه، وكان يقول ﷺ إذا لقي العدو: اللهم نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم والصدق من أهم أسباب النجاح، الصدق في اللقاء والصبر وعدم الانهزام والجهود في الشفاء من العدو أن تعلم أنك مشري من الله مبيع قد اشترى الله نفسك بالجنة إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] فأنت لله ومالك فاصدق، اصدق في لقاء العدو سل ربك العافية، هكذا يكون المؤمن صادقا في لقاء العدو، والحرب خدعة كما قال ﷺ، لا بأس أن ينظر في أسباب هزيمة العدو، أي حيلة ليس فيها غدر يفعلها المؤمن، ممنوع الغدر، أما كونه يتحيل حتى يخدع عدوه حتى يتمكن من هزيمته لا بأس من دون غدر؛ كأن يتظاهر بأنه منحرف أو منهزم حتى يبرز العدو، حتى يظهر إن كان العدو متحصنا في حصون، يظهر المسلمون الهزيمة حتى يبرز لهم العدو ثم يكرون عليه، هذا من الخدعة إظهار الهزيمة ثم الكر على العدو إذا رأى ولي الأمر المصلحة في ذلك أو عدم القيام للقائهم حتى يبرزوا كأنه عجز فإذا برزوا كر عليهم المسلمون لأنهم قد يتحصنون بحصون تضر المسلمين، فإذا رأى ولي الأمر أن يخدعهم بإظهار الهزيمة أو بإظهار العجز حتى يبرزوا من الحصون ثم يكون اللقاء فالحرب خدعة.
وفق الله الجميع.