99 من حديث: (والله ما وضعت لبنة على لبنة، ولا غرست نخلة..)

80 - كِتَابُ الدَّعَوَاتِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
 
بَاب لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ
6304 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الآخِرَةِ.
6305 - وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: قَالَ مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ سُؤْلًا أَوْ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ.
الشيخ: وهذا الكتاب المقصود منه الحث على الإكثار من الدعاء والعناية بالدعاء، لأن الله يحب أن يسأل سبحانه وتعالى، ويحب أن يَذِلّ له العباد، ويظهروا فاقتهم وحاجتهم إليه ، ولا فرق بين الأنبياء وغير الأنبياء، كلهم مشروع لهم العناية بالدعاء والاجتهاد في الدعاء، ولهذا قال سبحانه وتعالى متحبِّبًا إلى عباده وآمرًا لهم بالخضوع له والذل والاستكانة والانكسار والدعاء: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62] فالعباد مأمورون ومرغبون بأن يسألوا الله من فضله وأن يجتهدوا في الدعاء، كما قال جل علا: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32] ثم هو له الحكمة البالغة في إجابة الدعوة وتعجيلها وتأخيرها أو تعويض الداعي شيئًا آخر غير ما دعاه؛ فهو الحكيم العليم ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول ﷺ: ما من عبد يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك يعني بدلاً من إعطائه دعوته قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر! قال: الله أكثر! فهو أحكم وأعلم بمصالح عباده ، فعلى المؤمن أن يجتهد في الدعاء الصالح، وأن يرغب في الدعاء الصالح، وأن يجتهد في تحري الأوقات المناسبة: كآخر الليل، وجوف الليل، وآخر الصلاة، وبين الآذان والإقامة، وفي ساعة الجمعة، وفي آخر نهار الجمعة، كل ذلك من أسباب مصادفة ساعة الإجابة، ثم هو مأجور على دعائه حتى ولو لم يُجَب؛ فالدعاء عبادة عظيمة، والعبد مأجور في ذلك في توجهه إلى ربه ودعائه إياه، وهو مأجور على ذلك، فهي عبادة عظيمة، وربما تأخرت الحاجة فكان في ذلك صلاح العبد، وصلاح قلبه، ومزيد انكساره إلى ربه، وذله بين يديه، والاجتهاد في معرفة أسمائه وصفاته، وإظهار الفاقة إليه، فيكون للعبد في ذلك من المصالح والخير الكثير ما هو أفضل من حاجته، وما هو خير له من حاجته التي هي السبب.
وفي هذا أيضاً منقبة النبي ﷺ، ودلالته على حرصه على أمته، وحرصه على ما ينفعها، ورحمته لها، وشفقته عليها، فجزاه الله عنها أفضل الجزاء عليه الصلاة والسلام، في هذا يقول: إن لكل نبي دعوة مستجابة كل نبي أعطاه الله دعوة مستجابة، يعني دعوة عامة في أمته، فإن الدعوات كثيرة - المستجابة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام - لكنها والله أعلم يعني: دعوة عامة في مصالح الأمة، فاختبأ النبي دعوته العامة التي وعد بإجابتها إلى يوم القيامة شفاعة لأمته في خلاصهم من النار وفي إدخالهم الجنة.
 
بَاب أَفْضَلِ الِاسْتِغْفَارِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:11] وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].
6306 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ العَدَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ : عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.

الشيخ: وهذا يدل على فضل هذا الاستغفار، وأنه عظيم، وأنه سيد الاستغفار، يعني: مقدم الاستغفار وأفضله، سيد القوم رئيسهم وهو مقدم، الاستغفار أفضله وأعظمه: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فيه التوسل بتوحيد الله والإخلاص، له وأنه الإله الحق والتوسل بذلّك، وأنك عبده الضعيف، وأنك مخلوق مربوب، وأنك على عهده ووعده تجاهد بنفسك حتى تؤدي حقه، ثم تعوّذ به من شر ما صنعت وما فعلت من أعمال السوء، ثم تعترف وتقر بإنعامه سبحانه عليك وإحسانه إليك، وتقر وتعترف بإساءتك وتقصيرك، أبوء لك بنعمتك علي، معناه: أقر لك وأعترف بإنعامك وإحسانك إلي يا رب، وأبوء: أعترف أنا بتقصيري وظلمي لنفسي وعدم قيامي بحقك، فتوسل إلى الله بأمرين: الاعتراف بالنعم والاعتراف بالتقصير، وهاتان وسيلتان عظيمتان بعد الوسائل الأولى، وهي التوسل بتوحيد الله والإخلاص له، وأنك عبده، أنك مخلوق مربوب، وأنك على عهده ووعده، وتعترف بهذين الأمرين: بإنعامه وإحسانه إليك، وبتقصيرك أنت في مقابل هذه النعم، ثم تقول في الأخير: فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فإذا قالها العبد موقنًا صباحًا ومات قبل أن يمسي دخل الجنة، وإن قالها ليلاً موقنًا بها ومات قبل أن يصبح دخل الجنة، وهذا وعد عظيم، وفضل كبير؛ فينبغي للمؤمن أن يكثر من هذا الذكر، ولاسيما في الصباح والمساء؛ لما فيه من الخير العظيم.
س:.........
الشيخ: كان النبي إذا دعا دعا ثلاثًا، إذا كرر ثلاثًا يكون أفضل، قال أنس : كان النبي إذا دعا دعا ثلاثًا.
 
بَاب اسْتِغْفَارِ النَّبِيِّ ﷺ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
6307 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً.

الشيخ: هذا وهو مغفور له عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك يستغفر كثيرًا يقول: (والله) يحلف، وهو الصادق وإن لم يحلف، والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة وفي اللفظ الآخر: إني لأتوب في اليوم مائة مرة.. ويقول ابن عمر : كنا نعد للنبي في المجلس الواحد، مجلس واحد يقول: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة، كانوا يعدون له في المجلس الواحد: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة.
 
بَاب التَّوْبَةِ
قَالَ قَتَادَةُ: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] "الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ".
6308 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ.

الشيخ: تكلم على أبي شهاب؟
الطالب: وَأَمَّا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ الْكَبِيرُ فَهُوَ فِي طَبَقَةِ شُيُوخِ هَذَا، وَاسْمُهُ مُوسَى بْنُ نَافِعٍ.
الشيخ: اللي قبله ؟
الطالب: قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، هُوَ ابنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يُونُسَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَاشْتُهِرَ بِذَلِكَ، وَأَبُو شِهَابٍ شَيْخُهُ اسْمُهُ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الْحَنَّاطُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، وَهُوَ أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ الصَّغِيرُ، وَأَمَّا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ الْكَبِيرُ فَهُوَ فِي طَبَقَةِ شُيُوخِ هَذَا، وَاسْمُهُ مُوسَى بْنُ نَافِعٍ، وَلَيْسَا أَخَوَيْنِ، وَهُمَا كُوفِيَّانِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ هَذَا السَّنَدِ.
الشيخ: تكلم عليه العيني؟
الطالب:...........
الشيخ: سواء سواء؟
الطالب: نعم.
الشيخ: شف عبد ربه بن نافع وموسى بن نافع في التقريب.
 حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الحَرُّ وَالعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَجَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، سَمِعْتُ الحَارِثَ، وَقَالَ شُعْبَةُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ كُوفِيٌّ، قَائِدُ الأَعْمَشِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ.
الشيخ: وهذا الخبر خبر عظيم، خبر ابن مسعود هذا خبر عظيم، هما حديثان: موقوف ومرفوع، فالموقوف قوله إن المؤمن يرى ذنوبه. .. يخشى سقوطها عليه من شدة خوفه من ذنوبه وحذره منها وحرصه على التوبة، أما الفاجر فلا يراها شيئًا، يراها كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا ليس عنده مبالاة بهذه الذنوب ولا حذر منها، ولا خوف من مغبتها وعاقبتها، والعياذ بالله؛ وذلك لعدم الإيمان، أو لضعف الإيمان، الضعف الكلي، نسأل الله السلامة، فلهذا لا يهتم بالذنوب، ولا يستغفر منها، ولا يخاف عاقبتها، نعوذ بالله، ولهذا يدمن عليها، ويكثر منها، ويصر عليها؛ لفقد الإيمان أو ضعف الإيمان، الضعف الكبير، نسأل الله السلامة.
أما المرفوع قوله ﷺ: لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته.. الحديث وأنه سبحانه يحب من عباده أن يتوبوا إليه ويرجعوا من ذنوبهم وسيئاتهم، وهذا فرح عظيم يليق به سبحانه لا يشابه به خلقه، كسائر صفته، أهل السنة والجماعة يقولون: إن صفاته سبحانه يجب أن تمر كما جاءت، وأن تثبت له سبحانه على الوجه الذي يليق به وعلى الوجه الذي أراده سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن ذلك الفرح فرحه سبحانه بتوبة عبده إليه فرحه سبحانه باستقامة عبده على طاعته ومحبته لذلك، وذلك شيء يليق به سبحانه لا يشابه عباده في محبتهم وفرحهم، كسائر الصفات التي هي تليق به من الرحمة والضحك والرضا والعلم والوجه، وغير هذا من صفاته سبحانه وتعالى، كلها بابها واحد يجب أن تمر كما جاءت مع الإيمان والتصديق والعلم بأنها تليق به سبحانه وأنه لا يشابه فيها خلقه بوجه من الوجوه، فهي كالذات، القول في الصفات كالقول في الذات سواء بسواء، فكما أن أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان يثبتون ذاتًا لا تشبه الذوات، له الكمال المطلق، فهكذا صفاته يثبتونها إثباتًا لا يتضمن ولا يلزم منه التشبيه والتمثيل والتكييف، بل يثبتونها إثباتًا بريئًا من التمثيل وينزّهون الرب عن مشابهة خلقه تشبيهًا بريئًا من التعطيل.
الطالب: عبد ربه يا شيخ؟
الشيخ: نعم.
الطالب: عبد ربه بن نافع الكناني الحناط بمهملة ونون، نزيل المدائن، أبو شهاب الأصغر، صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وسبعين "خ م د س ق".
الشيخ: وموسى بن نافع؟
الطالب: موسى بن نافع الأسدي، ويقال: الهذلي، أبو شهاب الحناط بمهملة ونون، مشهور بكنيته، البصري، وهو الأكبر، صدوق، من السادسة "خ م س".
موسى بن نافع، مدني، مجهول، من السابعة، تمييز.
الشيخ: نعم.
6309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، ح وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاَةٍ.
الطالب:........
الشيخ: من جهة أيش؟ الموقوف والمرفوع؟
الطالب: قَوْله: حديثين أَحدهمَا عَن النَّبِي ﷺ، وَالْآخر عَن نَفسه، أَي نفس ابْن مَسْعُود، وَلم يُصَرح بالمرفوع إِلَى النَّبِي ﷺ، وَقَالَ النَّوَوِيّ وَابْن بطال أَيْضا: أَن الْمَرْفُوع هُوَ قَوْله: لله أفرح إِلَى آخِره، وَالْأول قَول ابْن مَسْعُود، وَوَقع الْبَيَان فِي رِوَايَة مُسلم، مَعَ أَنه لم يسق مَوْقُوف ابْن مَسْعُود، وَرَوَاهُ عَن جرير عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة عَن الْحَارِث قَالَ: دخلت على ابْن مَسْعُود أعوده وَهُوَ مَرِيض فحدثنا بحديثين حَدِيثا عَن نَفسه وحديثا عَن رَسُول الله ﷺ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: لله أَشد فَرحًا الحَدِيث.
الشيخ: واضح، نعم نعم.
 
بَابُ الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ
6310 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَإِذَا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَجِيءَ المُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ».
س: الاضطجاع على الشق الأيمن يكون خاصًّا بالإمام أو يكون عامًّا؟
الشيخ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ... [الأحزاب:21].
 
بَاب إِذَا بَاتَ طَاهِرًا وَفَضْلِهِ
6311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورًا، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: لَا، بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.
الشيخ: تكلم على المضجع؟
الطالب: الضَّجْعُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مَصْدَرٌ يُقَالُ: ضَجَعَ الرَّجُلُ يَضْجَعُ ضَجْعًا وَضُجُوعًا فَهُوَ ضَاجِعٌ، وَالْمَعْنَى وَضَعَ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ، وَفِي رِوَايَةِ بَابِ الضِّجْعَةِ وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ، وَيَجُوزُ الْفَتْح أَي الْمرة.
الشيخ: المضجع ضبطه؟ العيني؟
الطالب: قريب من هذا.
الشيخ: ما زاد شيء؟
الطالب: وَذكر فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي اضْطِجَاعِهِ ﷺ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَتَرْجَمَ لَهُ بَابُ الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، قَالَ ابن التِّينِ: أَصْلُ اضْطَجَعَ: اضْتَجَعَ بِمُثَنَّاةٍ فَأَبْدَلُوهَا طَاءً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْقَاهَا وَلَمْ يُدْغِمُوا الضَّادَ فِيهَا.
الشيخ: المقصود: الأصل هو المضجع، مثل المقعد وأشباهه ومدخل، قد يأتي بالكسر كمجلس، لكن هذا من الخماسي اضطجع يكون "مضجع" بالفتح، نعم.
 
بَاب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ
6312 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [ننشرها] [البقرة:259] نخرجها.
6313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ رَجُلًا، ح وَحَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْصَى رَجُلًا، فَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ، فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَا وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ.

الشيخ: تكلم على المضجع هنا؟ القاعدة ما كان من باب نصر بالفتح، وما كان من باب ضرب بالكسر، إذا أريد المكان وإذا أريد المصدر فهو بالفتح، جلس مجلسًا أي جلوسًا. . المكان جلس مجلسًا، وإذا كان من باب نصر فهو بالفتح مقعدًا ومدخلًا؛ لأنه من باب قعد يقعد، نصر ينصر، دخل يدخل.
وهذه من الآداب الشرعية في حديث البراء الذي أوصاه به النبي ﷺ أن أول ما يضطجع يضطجع على يده اليمنى على طهارة، هذا هو السنة، ثم بعد ذلك إذا أراد أن ينقلب ينقلب، لكن المقصود يبدأ نومه على يده اليمنى على جنبه الأيمن، ويقول ما ذكر، ومشروع له عند النوم أشياء، منها: اللهم باسمك أحيا وأموت، ومنها قراءة آية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، ومنها قوله: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت. والأفضل أن تكون في آخر كلامه، تكون آخر شيء ينام عليها، فإن أتى بشيء بعدها أعادها، هذا هو الأفضل، حتى تكون من آخر قوله: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت. في هذا تفويض إلى الله ، وتسليم له جل وعلا، وتفويض إليه سبحانه وتعالى، وإيمانه به وبرسوله عليه الصلاة والسلام، وإيمانه بكتاب الله العظيم. وإذا مات على هذا مات على الفطرة، مات على فطرة الإسلام، على الدين.
س:.........
الشيخ: هذا عند الموت، هذا جاء في حديث عند الموت، هذا خاص وذاك عام، هذاك يستحب يكثر من ذكر الله في المرض، ولاسيما عند أمارات الموت؛ حتى يكون آخر كلامه لا إله إلا الله، وهذا عند النوم يكون آخر ما يقول: اللهم أسلمت. نعم
الطالب:.........
الشيخ: المضطجع رباعي وخماسي، مفعل مثل: مدخل، وأما الثلاثي فمثل ما تقدم، إن كان من باب نصر أو من باب فتح قطعًا فهو بالفتح، وإن كان من باب ضرب فهو بالكسر إذا كان المراد المكان، وإذا كان المراد المصدر فهو بالفتح فيهما جميعًا.
 
بَاب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ
6312 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [ننشرها] [البقرة:259] نخرجها.
6313 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ رَجُلًا، ح وَحَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَوْصَى رَجُلًا، فَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ، فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَا وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ.

الشيخ: وهذا يدل على استحباب هذه الكلمات الطيبات، أن الرسول كان إذا أوى إلى فراشه يقول: اللهم باسمك أموت وأحيا، وفي اللفظ الآخر: باسمك نموت ونحيا، وكان يقول: اللهم باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، كان يقول: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، ثلاث مرات، ويستحب أن يقول أيضًا في آخر كلامه: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، وتكون من آخر ما يقول، فإن مات على ذلك مات على الفطرة، يعني على الملة، على الإسلام، المقصود أن هذه الأشياء ينبغي أن تقال عند النوم، وهكذا قراءة آية الكرسي عند النوم، وقل هو الله أحد، والمعوذتين.
 
بَابُ وَضْعِ اليَدِ اليُمْنَى تَحْتَ الخَدِّ الأَيْمَنِ
6314 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ.
 
بَاب النَّوْمِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ
6315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بْنُ المُسَيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ.

الشيخ: وهذا أيضاً مما يستحب: أن ينام على شقه الأيمن، ويضع يده تحت خده الأيمن أول ما ينام، كل هذا مما يستحب من فعله عليه الصلاة والسلام، كذلك كونه ينام على طهارة، كما تقدم، وكما يأتي.
س: اللهم أسلمت نفسي إليك، وقبله وفوضت، قبل: ووجهت وجهي إليك؟
الشيخ: كأنه ما يضر، يقدم بعضها على بعض، ما فيه شيء.
س: بعضها في زيادة: ووجهت وجهي إليك، وبعضها ما في؟
الشيخ: كلها متفقة؛ اللهم أسلمت، أول يبدأ: أسلمت نفسي إليك، وما بعدها الأمر واسع.
س: ووجهت وجهي إليك، في بعضها ليست موجودة؟
الشيخ: كذلك الزيادة مقبولة.
 
بَاب الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ
6316 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلاَتُهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا قَالَ كُرَيْبٌ: وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ، فَذَكَرَ عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ.
الشيخ: وفي هذا أنه ..... الصلاة ثلاث عشرة ركعة، هذا أكثر ما ورد من فعله ﷺ، أكثر ما ورد ثلاث عشرة ركعة، وكان ﷺ ربما ترك العمل وهو يحب أن يعمله مخافة أن يشق على أمته؛ كما قالت عائشة رضي الله عنها، فليس في هذا العدد ما يمنع الزيادة، فمن زاد فلا حرج، صلى خمسة عشر أو عشرين أو ثلاثين على حسب ما يسر الله له، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى ولم يحد حدًّا في ذلك، وبهذا يُعلم أن من كره الزيادة أو حرم الزيادة أن هذا غلط واضح، وإنما هذا هو الأفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو أقل من ذلك لا بأس، أما الزيادة فلا حرج فيها ولا كراهة فيها، فمن زاد فلا بأس، ولهذا قال ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى وفي اللفظ الآخر: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى فالله شرع قيام الليل ورغب فيه: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:2-4] بعض الناس قد ينشط للقراءة الطويلة والركوع الطويل والسجود الطويل، وبعض الناس قد ينشط إذا كان أقصر من ذلك، ويكون أقوى على العبادة في ذلك، فالناس متفاوتون في هذا، ولهذا كان ﷺ صلاته متفاوتة، ربما صلى إحدى عشرة، وربما صلى تسعًا، وربما صلى سبعًا، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بثلاث عليه الصلاة والسلام، وكان أكثر ما ورد ثلاث عشرة عنه عليه الصلاة والسلام، يصلي مثنى مثنى يسلم من كل ثنتين، وربما سرد خمسًا جميعًا، وسبعًا جميعًا، وتسعًا جميعًا، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، كما قال عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
س:........
الشيخ: يسردها لكن ما تكون كالمغرب، يسردها سرداً دون جلوس، إلا في آخرها، أما المغرب فلا تُشَبَّه بالمغرب.
س: الجمع بين حديث صلاة الليل مثنى مثنى وحديث: ما زاد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره؟
الشيخ: هذا كلام عائشة يعني حسب اجتهادها..... صلوات أنه صلاها ثلاث عشرة، هي نفسها نسيت قد تكون نسيت.
س: قول ابن عباس: فأتى حاجته؟
الشيخ: يعني كأنه راح يقضي حاجته، يعني تبول أو نحوه
س:........
الشيخ: كأنه يعني أراد أن يتظاهر بأنه استيقظ الآن، وأنه ما كان يرقبه.
6317 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ.

الشيخ: وهذا أحد الأنواع التي كان يستفتح بها صلى الله عليه وسلم الصلاة، وهذا من أطولها: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ وفي الرواية الأخرى: قيوم وفي رواية ثالثة: قيام كلها حق قيم وقيام وقيوم معناها واحد يعني المقيم لها الذي أقامها، وأمسكها سبحانه وتعالى.
وأنت ملك السماوات سقطت من هذه الرواية وهي ثابتة. وهذا من جملة الاستفتاحات الثابتة، هذا رواه البخاري رحمه الله هنا، وهناك استفتاحات أخرى نحو ستة أو سبعة كلها ثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، وإن استفتح الإنسان بشيء منها كفى، وأخصرها: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، كما روى ذلك عمر وعائشة وأبي سعيد.
 
بَاب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ المَنَامِ
6318 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها شَكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ أَقُومُ، فَقَالَ: مَكَانَكِ.
الشيخ: مكانكَ، خاطب علي.
س:.........
الشيخ: لا، علي، هذا كلام علي.
فَقَالَ: مَكَانَكَ فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ؟ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ.

الشيخ: وهذا فيه الدلالة على أن فاطمة كانت تخدم بيتها رضي الله عنها، تطحن حاجتها بالرحى من الحبوب والشعير والحنطة ونحو ذلك، وتخدم بيتها رضي الله عنها مع كونها ابنة النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت اشتكت من تعب الرحى وأثره في يدها، يعني أثر العود الذي تطحن به، اشتكت وجاءت إلى النبي ﷺ تطلب منه خادمًا، وفي الرواية الأخرى: أنها سمعت أنه جاءه سبي يعني أرقاء فجاءت تطلب خادمًا فلم تجده، فأخبرت عائشة بمطلوبها، فلما جاء أخبرته عائشة رضي الله عنها بذلك؛ فزارهما عليه الصلاة والسلام، جاء إليهما في بيتهما، وهما مضطجعان، فأرادا أن يقوما فقال: مكانكما، فجلس بينهما عليه الصلاة والسلام وهما مضطجعان، وأسندا قدميه إلى صدر علي رضي الله عنه وأرضاه، قال: ووجدت بردهما في صدري، ثم قال: ألا أدلكما على خير لكما من خادم؟ إذا أخذتما مضاجعكما تسبحان ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين، وتكبران أربعًا وثلاثين، هذا أكثر الروايات هكذا، التسبيح ثلاث وثلاثون، والتحميد ثلاث وثلاثون، والتكبير أربع وثلاثون، قال: هذا خير لكما من خادم، وفي بعض الروايات أنها قالت: وما اشتكيت بعد ذلك! يعني بعد أن استعملت هذا الذكر، جاء في الراوية الأخرى: أنها جاءه بعد ذلك خدم عليه الصلاة السلام فأعطاها بعد ذلك، وفي بعض الروايات أنه قال: لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم، يعني أنه كان يبيع الأرقاء ويقسم أثمان الرقيق على المحتاجين من الفقراء من المهاجرين من أهل الصفة، وفي هذا الحث على الصبر على خدمة البيت وعدم الحرص على الرفاهية حتى يوسع الله، فإذا وسع الله فلا بأس، وفي هذا شرعية هذا الذكر وهو التسبيح ثلاث وثلاثون والحمد ثلاث وثلاثون والتكبير أربع وثلاثون عند النوم، إذا اضطجع يقول هذا عند اضطجاعه، هذا من الأذكار المشروعة عند النوم، وهذا مثل ما يقال بعد الصلاة، هذا النوع يفعل بعد الصلاة ويفعل عند النوم، هذا من أنواع الذكر.
 
بَاب التَّعَوُّذِ وَالقِرَاءَةِ عِنْدَ المَنَامِ
 6319 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ.
6320 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَالَ يَحْيَى، وَبِشْرٌ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: شف كلامه على الباب اللي قبل هذا؟
الطالب: قَوْله: (بَاب التَّعَوُّذ وَالْقِرَاءَة عِنْد النَّوْم) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث عَائِشَة فِي قِرَاءَة الْمُعَوِّذَات. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحه فِي كِتَاب الطِّبّ، وَبَيَّنْت اِخْتِلَاف الرُّوَاة فِي أَنَّهُ كَانَ يَقُول ذَلِكَ دَائِمًا أَوْ بِقَيْدِ الشَّكْوَى، وَأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ يُفِيد الْأَمْرَيْنِ مَعًا لِمَا فِي رِوَايَة عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشه كُلّ لَيْلَة وَبَيَّنْت فِيهِ أَنَّ الْمُرَاد بِالْمُعَوِّذَاتِ الْإِخْلَاص وَالْفَلَق وَالنَّاس، وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ صَرِيحًا فِي رِوَايَة عُقَيْل الْمَذْكُورَة وَأَنَّهَا تُعَيِّن أَحَد الِاحْتِمَالَات الْمَاضِي ذِكْرهَا ثَمَّةَ، وَفِيهَا كَيْفِيَّة مَسْح جَسَده بِيَدَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقِرَاءَة عِنْد النَّوْم عِدَّة أَحَادِيث صَحِيحَة: مِنْهَا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَة وَغَيْرهَا، وَحَدِيث اِبْن مَسْعُود الْآيَتَانِ مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضَائِل الْقُرْآن، وَحَدِيث فَرْوَة بْن نَوْفَل عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ النَّبِيّ ﷺ قَالَ لِنَوْفَل: اِقْرَأْ قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ فِي كُلّ لَيْلَة وَنَمْ عَلَى خَاتِمَتهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَة مِنْ الشِّرْك أَخْرَجَهُ أَصْحَاب السُّنَن الثَّلَاثَة وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم، وَحَدِيث الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة: "كَانَ النَّبِيّ ﷺ يَقْرَأ الْمُسَبِّحَات قَبْل أَنْ يَرْقُد وَيَقُول فِيهِنَّ آيَة خَيْر مِنْ أَلْف آيَة" أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَة، وَحَدِيث جَابِر رَفَعَهُ: (كَانَ لَا يَنَام حَتَّى يَقْرَأ الم تَنْزِيل وَتَبَارَكَ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرَد، وَحَدِيث شَدَّاد بْن أَوْس رَفَعَهُ: مَا مِنْ اِمْرِئِ مُسْلِم يَأْخُذ مَضْجَعه فَيَقْرَأ سُورَة مِنْ كِتَاب اللَّه إِلَّا بَعَثَ اللَّه مَلَكًا يَحْفَظهُ مِنْ كُلّ شَيْء يُؤْذِيه حَتَّى يَهُبّ أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ، وَوَرَدَ فِي التَّعَوُّذ أَيْضًا عِدَّة أَحَادِيث: مِنْهَا حَدِيث أَبِي صَالِح عَنْ رَجُل مِنْ أَسْلَمَ رَفَعَهُ: لَوْ قُلْت حِين أَمْسَيْت: أَعُوذ بِكَلِمَاتِ اللَّه التَّامَّة مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرّك شَيْء وَفِيهِ قِصَّة. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم. وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة: (كَانَ النَّبِيّ ﷺ يَأْمُرنَا إِذَا أَخَذَ أَحَدنَا مَضْجَعه أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ رَبّ السَّمَاوَات وَرَبّ الْأَرْض) الْحَدِيث، وَفِي لَفْظ: اللَّهُمَّ فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة رَبّ كُلّ شَيْء وَمَلِيكه أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَعُوذ بِك مِنْ شَرّ نَفْسِي وَمِنْ شَرّ الشَّيْطَان الرَّجِيم وَشِرْكه أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ، وَحَدِيث عَلِيٍّ رَفَعَهُ: (كَانَ يَقُول عِنْد مَضْجَعه: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِوَجْهِك الْكَرِيم وَكَلِمَاتك التَّامَّات مِنْ شَرّ كُلّ شَيْء أَنْتَ آخِذ بِنَاصِيَتِهِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، قَالَ اِبْن بَطَّال: فِي حَدِيث عَائِشَة رَدّ عَلَى مَنْ مَنَعَ اِسْتِعْمَال الْعَوْذ وَالرُّقَى إِلَّا بَعْد وُقُوع الْمَرَض. اِنْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِير ذَلِكَ وَالْبَحْث فِيهِ فِي كِتَاب الطِّبّ.
الشيخ: وهذا كله واضح في هذا، وأن الرسول ﷺ استعمل الأسباب، استعمل القراءة، هذا يدل على أن المؤمن يستعمل الأسباب، ولو كان صحيحًا، ولو كان سليمًا، يستعمل ما شرع الله من التعوذات والقراءات المشروعة، والتعوذات التي شرعها الله لعباده عند النوم وفي غير النوم، وفي هذا أنه كان يستعمل قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم عليه الصلاة والسلام، سواء كان شاكيًا أو ليس بشاك، كان ينفث في يديه هكذا ثم يمسح بهما هكذا ما أقبل من جسده على صدغيه ووجهه وصدره عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات، وقوله: "المعوذات" تغليبًا، وإلا فيها: قل هو الله أحد، سماها معوذات؛ لأن فيها: قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، فهما معوذتان، لكن لما كانت معهما قل هو الله أحد جمعها فقال: المعوذات.
س:.........
الشيخ: كل واحدة لحالها يقرأ الثلاث ويمسح، ثم يقرأ الثلاث ويمسح، كل واحدة لحالها ثلاث مرات، يكررها ثلاث مرات.
س: وإن قرأ كل سورة ثلاث مرات؟
الشيخ: لكن كونه يفعل مثل ما فعل النبي يكون أفضل، كونه يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين، ويمسح، ثم يعيد قراءتها؛ هذا هو الأكمل ثلاث مرات.
س:.........
الشيخ: هذا عند النوم يختم بقوله: اللهم أسلمت نفسي إليك، هذه الخاتمة، اللهم أسلمت نفسي إليك.. إلى آخره، والأمر في هذا واسع، والحمد لله.
س:.........
الشيخ: روايات عائشة كثيرة متعددة، لكن صريحة بأنه يفعلها ثلاث مرات، يجمع السور ثم يعيدها ثلاث مرات، يمسح بعدما يقرأ الثلاث.
س: والمسبحات؟
الشيخ: المسبحات: سورة الحديد، وسورة الجمعة، وسورة الصف، وسورة التغابن، هذه المسبحات.
لكن الروايات التي ذكرها تحتاج إلى عناية بأسانيدها.
س:.........
الشيخ: هذا أفضل، من باب التحرز، الله جعل هذا من باب الوقاية، ينفض بداخلة إزاره من باب الوقاية.
س: يعني مستحب؟
الشيخ: مستحب، ولا شك.
س: وإذا نفضه بغير داخلة إزاره؟
الشيخ: كفى ذلك، المقصود حاصل، مثل فوطة، مثل غيرها.
 
بَاب الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ
6321 - حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الأَغَرِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ.

الشيخ: وهذا فضل من الله عز وجل ورحمة منه ، وترغيب للعباد في دعائه سبحانه، والضراعة إليه، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، وفي اللفظ الآخر: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ وفي اللفظ الآخر: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، وهذا من رحمته وكرمه وجوده ؛ فينبغي للعباد أن يتحرر هذا الوقت آخر الليل بالصلاة والدعاء والاستغفار ورفع الحاجات إليه ، وهو السميع القريب، وهو الذي يجيب دعوة الداع إذا دعاه سبحانه وتعالى، وهذا لا يختص بهذا الوقت فهو سبحانه يستجيب لعباده في جميع الأوقات؛ ولكن هذا الوقت له خصوصية وله فضل وله مزيد فضل فيما يتعلق بالإجابة، والله سبحانه يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ويقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] يعني في جميع الأوقات، ولكن آخر الليل وجوف الليل له خصوصية بالإجابة، وهذا النزول صفة تليق بالله جل وعلا كسائر الصفات لا يشابه فيها خلقه ولا يعلم كيفية نزوله إلا هو ، وهو نزول يليق بجلال الله في كل بلاد وفي كل إقليم بحسبه لا يشابه خلقه في شيء ، فهو ينزل كما يشاء وعلى ما يشاء لا يعلم كيفية هذا النزول إلا هو ، ولا فرق بين البلاد الغربية والشرقية والجنوبية والشمالية كل ذلك يصدق عليه ما أخبر به النبي ﷺ فيما يتعلق بالنزول على وجه يليق بالله لا يشابه فيه خلقه، كما نقول في الاستواء والرحمة والغضب والرضا وغير ذلك، الباب واحد، وهو أن أهل السنة والجماعة يمرونها كما جاءت مع الإيمان بها واعتقاد أنها حق وأنها صفات لائقة بالله ثابتة، ليست مجازًا، على الوجه الذي يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، ومن زعم أن المراد بالنزول نزول الرحمة أو بعض الملائكة؛ فهذا قول باطل، بل هو نزول مضاف إلى الله موصوف به يليق به، ولهذا قال: ينزل ربنا فيقول: من يدعوني، هل يستطيع أحد يقول هذا الكلام سواه سبحانه وتعالى؟ هل يستطيع يقوله ملك أو غيره؟ هذا كلامه ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة فيقول: من يدعوني.. إلى آخره، وهو كلامه جل وعلا وهو يتكلم إذا شاء سبحانه وتعالى لا يعلم كيفية كلامه ونزوله وسائر صفاته إلا هو ، هذا قول أهل الحق، وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان؛ فالواجب على طالب العلم وعلى كل مؤمن أن يعض على ذلك بالنواجذ وأن يتمسك بما سار عليه سلف الأمة في كل شيء، وأن يحذر ما أحدثه المحدثون من أصحاب الكلام، وغيرهم من أهل الإلحاد والباطل فإن ذلك هو طريق الهلاك، أما طريق أهل السنة والجماعة فهو طريق السعادة وطريق السلامة وطريق العلم والحكمة وطريق النجاة في الدنيا والآخرة، والله المستعان.
س:.........
الشيخ: إشارة إلى بعض الروايات في بعضها في نصف الليل، وأكثر الروايات كلها في ثلث الليل، والمراد النصف الأخير يعني، فالثلث الأخير يدخل في النصف الأخير.
س:.........
الشيخ: البطال وأيش قال؟
الطالب: وَقَالَ أَيْضًا: النُّزُولُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْحَرَكَةُ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ إِلَى السُّفْلِ، وَقَدْ دَلَّتِ الْبَرَاهِينُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَلَى ذَلِكَ.
الشيخ: وقد دلت البراهين القاطعة؟ البراهين الفاسدة، هذه براهين فاسدة باطلة، ليست قاطعة، بل الباطلة الفاسدة، نسأل الله السلامة، نعم.
الطالب: فَلْيُتَأَوَّلْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ.
الشيخ: دعه دعه.
 
بَاب الدُّعَاءِ عِنْدَ الخَلاَءِ
6322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ.
الشيخ: وهذه سنة عند دخول الخلاء: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث، محل قضاء الحاجة، ويقدم رجله اليسرى.
 
بَاب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ
6323 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ. إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الجَنَّةَ - أَوْ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ - وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ.

الشيخ: وهذا دعاء عظيم، واستغفار عظيم، وهو أفضل الاستغفار، سيد الاستغفار معناه: أفضل الاستغفار أن يقول: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ من قال ذلك موقنًا به نهارًا فمات من يومه دخل الجنة ومن قال ذلك مساء موقنًا به فمات من ليله دخل الجنة وهذا فضل عظيم، وقد جمع هذا الذكر وهذا الدعاء وهذا الاستغفار، جمع التوحيد، نوعي التوحيد: توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات أيضًا داخل في ذلك وهو النوع الثالث، وجمع أيضًا اعتراف العبد بذنوبه وتقصيره واعترافه بنعم الله عليه وإحسانه إليه سبحانه وتعالى، وقد توسل إلى الله بإيمانه بتوحيده وأسمائه وصفاته، وتوسل إليه أيضًا باعترافه بأنه المنعم سبحانه ذو النعمة العظيمة، واعترافه أيضًا بأنه مقصر في حقه ظالم لنفسه، وأنه في حاجة إلى مغفرته وإحسانه فلهذا صار هذا الدعاء سيد الاستغفار؛ لما اشتمل عليه من العلم والعمل والافتقار إلى الله والضراعة إليه، والاعتراف بالتقصير، والاعتراف بإنعام الله وإحسانه، والاعتراف بأنه الإله الحق لا معبود بحق سواه ، وأنه رب العبد وإلهه والمتصرف فيه ، وهذا يستلزم ويتضمن إثبات صفات الكمال، وتنزيه الرب عن جميع صفات النقص والعيب .
س:.........
الشيخ: لا مانع، المعروف في الرواية تقديمها، تقديم: أعوذ بك من شر ما صنعت على أبوء لك، هذا هو المشهور في الرواية، والأمر في هذا واسع.
6324 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ.
6325 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ.
 
بَاب الدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ
6326 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: وهذا يدل على فضل هذا الدعاء، كان النبي ﷺ علّمه الصدّيق  أفضل الأمة وخير العباد بعد الأنبياء، علمه هذا الدعاء أن يدعو به في صلاته، وفي رواية مسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ في هذا الاعتراف بظلم العبد لنفسه كثيرًا واعترافه بأن الله سبحانه هو الذي يغفر الذنوب لا يغفرها سواه سبحانه وتعالى، ثم الضراعة إليه بطلب المغفرة الخاصة من عنده جل وعلا، والتوسل إليه بأنه الغفور الرحيم سبحانه وتعالى، وأنه الغفار للذنوب لا يغفرها سواه جل وعلا، وقد جمع هذا الدعاء مع اختصاره الاعتراف بالتقصير والظلم للنفس، والاعتراف بأنه سبحانه هو الغفار للذنوب لا يغفرها سواه، وأنه الغفور الرحيم، هذا جدير صاحبه بأن تجاب دعوته ويغفر ذنبه.

وفي هذا أيضًا: التواضع والاعتراف بالتقصير حتى من الرجل العظيم الكثير الخير وكثير الأعمال الصالحة، يقال للصدّيق أن يقول هذا الكلام: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وهو الصديق، ومشهود له بالجنة، وهو أفضل الأمة وخيرها بعد نبيها، ومع هذا يقال له: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، هذا يبين لك أن من كان غير الصدّيق من باب أوْلى أن يقول هذا الكلام؛ لأن الصديق معروف بقوة الإيمان، وكمال الإيمان، وأنه أفضل الأمة، وأنه مشهود له بالجنة، ومع هذا يُعَلَّم هذا الدعاء؛ فدل ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من العلم ومهما بلغ من الفضل فهو في حاجة إلى الاعتراف بتقصيره وذنوبه وظلمه لنفسه، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34] فينبغي له أن يتواضع لربه، وألا يعجب بعمله مهما بلغ، وأن يكون كثير الاعتراف بالذنب والتقصير والظلم للنفس؛ رجاء أن يغفر الله، ورجاء أن يرفع درجته، ورجاء أن يرفع عنه ما قد يقترفه من الزلات، والله المستعان.

6327 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا [الإسراء:110] "أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ".
6328 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلاَةِ: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ - إِلَى قَوْلِهِ: الصَّالِحِينَ-، فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ صَالِحٍ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ.
الشيخ: وفي اللفظ الآخر من الدعاء.
 
بَاب الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ
6329 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ. قَالَ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ، قَالَ: أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سُمَيٍّ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ سُمَيٍّ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: وهذا ونوع من أنواع الذكر عقب الصلاة، سماه المؤلف دعاء؛ لأن الذاكر إنما يذكر يطلب الثواب فهو داعٍ بالمعنى، فهذا يسمى دعاء العبادة، فالمسبّح والمهلّل داعٍ في المعنى؛ لأنه إنما ذكر الله وسبحه وحمده يرجو ثوابه وفضله فهو داع في المعنى، فقول: "لا إله إلا الله" ثناء ودعاء، سبحان الله والحمد لله ثناء ودعاء، فهو ثناء في لفظه على الله ، وهو دعاء في المعنى؛ لأنك إنما قلت ذلك تسأل من ربك الثواب والأجر، هكذا الصلاة والصدقات والصيام والحج دعاء وعبادة، خاصة فالمصلي إنما صلى يطلب الثواب، وهكذا المتصدق والحاج والصائم وغيرهم، فهي عبادات فيها الخير العظيم، وهي دعاء في المعنى؛ لأنه إنما صلى وإنما صام وإنما جاهد وإنما حج وإنما فعل ما فعل من العبادات يرجو ثواب الله ويسأله من فضله سبحانه وتعالى، فلهذا أطلق المؤلف عليه باب الدعاء، وهذا النوع، وهو أن يسبح عشرًا ويحمد عشرًا ويكبر عشرًا، هذا نوع، وهناك أنواع أخرى كلها ثابتة عن النبي ﷺ وهي أن يسبح ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين ويكبر ثلاثًا وثلاثين، ونوع ثالث: أن يسبح ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين ويكبر أربعًا وثلاثين، ونوع رابع: وهو أن يقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. يعني يسبح ثلاثًا وثلاثين ويكبر ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، تمام المائة، هذه كلها أنواع جاءت في الذكر عقب الصلاة، وإذا أتى المؤمن بنوع منها؛ تارة هذا وتارة هذا وتارة؛ هذا كله خير، وجاء نوع آخر خامس أو سادس: وهو أن يسبح ويحمد ويكبر ويقول لا إله إلا الله خمسًا وعشرين، سبحان الله خمسًا وعشرين، والحمد لله خمسا وعشرين، والله أكبر خمسًا وعشرين، ولا إله إلا الله خمسًا وعشرين، الجميع مائة، هذا نوع آخر عقب الصلاة.
س: هذا أخصرها الذي ورد هنا؟
الشيخ: نعم هذا أخصرها.
6330 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ المُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كَتَبَ المُغِيرَةُ، إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا سَلَّمَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ المُسَيِّبَ.

الشيخ: روى مسلم من الزيادة عن ابن الزبير مع هذا يقول: لا إله الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، ويقول بعد لا إله إلا الله: لا حول ولا قوة إلا بالله، المجموع بعد كل صلاة أن يقول بعد السلام بعدما يقول: أستغفر الله، اللهم أنت السلام إلى آخره، بعدها يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذ الجد منك الجد، هذا مجموع ما في روايات المغيرة وابن الزبير.
س:.........
الشيخ: هذا حديث آخر: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك والأفضل أن يكون قبل السلام؛ لأنه دعاء، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك هذا جاء في حديث معاذ في مسند أحمد والسنن، والأفضل أن يكون في آخر الصلاة قبل أن يسلم، وإن فعله بعد السلام فكله خير، كله حسن.
 
بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التوبة:103] وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ.
6331 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَيَا عَامِرُ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ:
تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ***  

وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا، وَلَكِنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلاَ مَتَّعْتَنَا بِهِ، فَلَمَّا صَافَّ القَوْمَ قَاتَلُوهُمْ، فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِقَائِمَةِ سَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا هَذِهِ النَّارُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ قَالُوا: عَلَى حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ، فَقَالَ: أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَكَسِّرُوهَا قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: أَوْ ذَاكَ.
6332 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ فَأَتَاهُ أَبِي فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى.

الشيخ: وفي هذا الحديث وأشباهه الدلالة على جواز تخصيص الإنسان بالدعاء، كونه يخص إنسانًا بدعائه ولا يذكر نفسه، فيقول: اللهم اغفر لفلان، مثل ما قال النبي هنا: اللهم اغفر لعامر، اللهم اغفر لعبدالله بن قيس، اللهم صل على آل أبي أوفى، هذا يدل على أنه لا بأس أن يدعو الإنسان لغيره دعوات خاصة لا يذكر فيها نفسه، وإن ذكر نفسه قال: اللهم اغفر لي ولفلان، اللهم ارحمني وفلان، فلا بأس كله طيب، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، ومن هذا قوله لما توفي أبو سلمة قال: اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونوره له فيه، وأشباه ذلك.
وفي هذا جواز الحدو بالأشعار الطيبة والأشعار السليمة، وأن الصحابة كانوا يفعلون ذلك بحضرته عليه الصلاة والسلام، مثل قولهم في يوم خيبر: لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا، وقولهم يوم الأحزاب يوم الخندق، ويوم بناء المسجد إلى غير ذلك، ولهذا قال ﷺ: إن من الشعر لحكمة، فالشعر السليم الذي فيه الدعوة إلى الخير والتحذير من الشر والاعتراف بنعم الله، والدعوة إلى شكرها، ونحو ذلك من الأشعار، والرد على أعداء الله خصوم الإسلام، وبيان بطلان مقالاتهم، إلى غير هذا من الأشعار النافعة.
وفي هذا أن الإنسان إذا أصابه سيفه من غير قصد فإنه لا يضره ولا يكون قاتل نفسه، ولهذا دعا النبي ﷺ لأبي عامر وقال: كذب من قال إنه قتل نفسه، بل هو جاهد مجاهد، يُعطى أجره مرتين. كما يأتي، وكما تقدم، نعم.
س:.........
الشيخ: يقال: إن اسمه عامر بن الأكوع، ويقال: أبو عامر بن الأكوع.
س:.........
الشيخ: في هذا دلالة أيضاً على تحريم لحوم الحمر الأهلية، وتقدم ذلك الحمر الأهلية المعروفة الموجودة، وأنها حرام، ولهذا أنكر النبي عليهم الطبخ وأمر بكسر القدر وإراقتها، ثم قال لما سألوه أن يغسلوها فقط قال: (أو ذاك) وهذا إنما أمر بذلك غضبًا لله لما ذبحوها وأوقدوا عليها النار، بيّن لهم ﷺ تحريمها.
س:.........
الشيخ: يعني اليهود في خيبر.
س:.........
الشيخ: يقال: صاففنا وتصافف القوم، يقال: تصاففنا ويقال تصاف القوم وصافوا.
س: فلما صاف القوم؟
الشيخ: يعني أبو عامر نعم، يعني: صار في الصفوف، نعم.
س:.........
الشيخ: كأنه استشعر من هذا أن يرحمه الله، جاء في بعض الروايات ما يدل على أنه إشارة على أنه سيقتل، أيش قال عليه الشارح؟
الطالب: قَوْلُهُ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَامِرٌ هُوَ ابن الْأَكْوَعِ عَمُّ سَلَمَةَ، رَاوِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَسَبَبُ قَوْلِ عُمَرَ: لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيح مُسلم، وأما ابن عَبْدِالْبَرِّ فَأَوْرَدَهُ مَوْرِدَ الِاسْتِقْرَاءِ.
الشيخ: يعني باستقراء الواقع.
فَقَالَ: كَانُوا عَرَفُوا أَنَّهُ مَا اسْتَرْحَمَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ فِي غَزَاةٍ تَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ؛ فَلِذَا قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَمْتَعَتْنَا بِعَامِرٍ.
 قَوْلُهُ: وَذَكَرَ شِعْرًا غَيْرَ هَذَا وَلَكِنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ، تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّ الْقَائِلَ: وَذَكَرَ شِعْرًا، هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رَاوِيهِ، وَأَنَّ الذَّاكِرَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْ هَنَاتِكَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالنُّونِ جَمْعُ هَنَةٍ وَيُرْوَى هُنَيْهَاتِكَ وَهُنَيَّاتِكَ، وَالْمُرَادُ الْأَرَاجِيزُ الْقِصَارُ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.
الشيخ: يكفي نعم.
س: قول عمر: لولا أمتعتنا به قبل أن يموت؟
الشيخ: نعم يعني: دعوت الله له يعيش.
6333 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟ وَهُوَ نُصُبٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمَانِيَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَصَكَّ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ أَحْمَسَ مِنْ قَوْمِي، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: فَانْطَلَقْتُ فِي عُصْبَةٍ مِنْ قَوْمِي فَأَتَيْتُهَا فَأَحْرَقْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا مِثْلَ الجَمَلِ الأَجْرَبِ، فَدَعَا لِأَحْمَسَ وَخَيْلِهَا.
6334 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَنَسٌ خَادِمُكَ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ.
الشيخ: هذه دعوة عظيمة، هذه دعوة لأنس: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته، والله المستعان، دعوة عظيمة بارك الله له، وأجاب الله الدعوة، ولد له ولد كثير، ويسر الله له مالا كثيرًا، وبارك له في ذلك، ويرجى له ما وراء ذلك من دخول الجنة والنجاة من النار.
6335 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهَا فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا.
الشيخ: أيش قال على دعوته لأنس؟ تكلم على دعوته لأنس؟
الطالب: الحَدِيث الْخَامِس فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ لِأَنَسٍ أَنْ يُكْثِرَ مَالُهُ وَوَلَدُهُ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ قَرِيبًا بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا، وَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ دُعَائِهِ لِأَنَسٍ وَلَفْظُهُ: "فَقَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُوَيْدِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ؛ فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ، وَكَانَ فِي دُعَائِهِ أَنْ قَالَ، فَذَكَرَهُ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحَدِيثِ الَّذِي وَرَدَ اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي، وَصَدَّقَ مَا جِئْتُ بِهِ، فَاقْلِلْ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ الْحَدِيثَ، قَالَ: وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَهُوَ ﷺ يَحُضُّ عَلَى النِّكَاحِ وَالْتِمَاسِ الْوَلَدِ؟!

قُلْتُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي حُصُولِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ، فَيُقَالُ: كَيْفَ دَعَا لِأَنَسٍ وَهُوَ خَادِمُهُ بِمَا كَرِهَهُ لِغَيْرِهِ؟! وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ دُعَائِهِ لَهُ بِذَلِكَ قَرَنَهُ بِأَنْ لَا يَنَالَهُ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي كَرَاهِيَةِ اجْتِمَاعِ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ إِنَّمَا هُوَ لِمَا يُخْشَى مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ بِهِمَا، وَالْفِتْنَةُ لَا يُؤمن مَعهَا الهلكة.

الشيخ: المقصود أول ما يكون النظر في صحّة السند، أهم شيءٍ يكون النظر في صحّة السند: "مَن آمن فقط وصدَّقني فأقلل ولده وماله"، يحتاج إلى عنايةٍ بالسند، يُراجع، هذا محل نظرٍ؛ لأنَّ كثرة المال مع القيام بحقِّ الله فيه من الصَّدقة والإحسان أمرٌ نافعٌ مفيدٌ: نعم المال الصالح للرجل الصالح، وكذلك مثل الولد وقال: تزوَّجوا الودود الولود، فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة، فكثرة الولد في الإسلام تنفع المسلمين إذا هداهم الله.

س: .............؟

ج: الأغلب -والله أعلم- على صحَّته، لكن الحافظ ما تعرض له، فينبغي العناية بالتماسه، يلتمس في فضل الزواج، وفضل الولد، أسباب النكاح، يعني في الترغيب والترهيب، مثل: الترغيب والترهيب، ومثل: جامع الأصول، ومثل: مجمع الزوائد، يُلتمس في هذا.

6336- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ.

الشيخ: ومَن يَسْلَمُ بعد هذا من الناس؟! إذا كان سيدُ الخلق، وأكثرهم عدالةً، وأكملهم عدالةً، يقول فيه المنافقون وأشباه المنافقين ما يقولون! من ظنّه أنه يسلم من الناس فقد ظنَّ المستحيل! ولو كان أعبد الناس، وأتقى الناس. والله المستعان.

فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى؛ لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ.

الشيخ: الشاهد قوله: يرحم الله موسى خصَّه بالدعاء.