03 من حديث: (تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة..)

62 - (1013) وحَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عبدالْأَعْلَى، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ - وَاللَّفْظُ لِوَاصِلٍ - قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا.

63 - (1014) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ.

الشيخ: وهذا فيه الحث على الصدقة، وأنه لو قليل، لا يستقلل الإنسان الصدقة كما تقدم في حديث عدي بن حاتم: اتقوا النار ولو بشق تمرة، وفي هذا ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا تقبلها الله بيمينه فيريبها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه، وهو فصيله، حتى تكون أعظم من الجبل فهذا يدل على فضل الصدقة، وأن الإنسان لا يستنكف أن يتصدق بالقليل، قليل مع القليل ينفع الله به الفقير، ولا يضر المنفق إذا تصدق بدرهم، بدرهمين، بخمسة بعشرة، في مثل وقتنا هذا لا تضره ولكن تنفع الفقير، تجتمع عند الفقير، فالمتصدق ولو كان دخله قليل إذا تصدق بدرهم أو درهمين أو ما أشبه ذلك، أو تمرة أو تمرتين أو ما أشبه ذلك، شيء ينفعه وينفع الفقير ولا يضر المنفق.

س: الإنكار على السائل؟

الشيخ: لا ما ينبغي الإنكار على السائل إلا إذا كان يعرف أنه غني يعلمه ينصحه، يقول: ترى ما يجوز لك السؤال، أما الإنكار المطلق لا، قد يكون محتاج، السائلون أقسام ثلاثة: معروف بالفقر يعطى، مجهول يعطى، معروف بالغنى والسعة وأنه يتساهل ينكر عليه ويعلم، سواء كان السائل في المسجد أو في غير المسجد.

س: الشارح يقول: قوله ﷺ: إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة فتربو بكف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل قال المازني: قد ذكرنا استحالة الجارحة على الله.

الشيخ: هذا كلام باطل، كلام ردئ، التأويل ميسور، عندهم يجب أن تمر على ظاهرها النصوص ولا يتعرض لها، يربيها بيده كما يشاء على ما يشاء جل وعلا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وله يمين جل وعلا وشمال وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]، وأنكر على اليهود لما قالوا يد الله مغلولة قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وقال سبحانه: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] يخاطب الشيطان، كل هذا كلام باطل، الله يكفينا شرهم.

س: إذا وقف السائل أمام الجماعة هل للإمام أن ...؟

الشيخ: لا ما ينبغي أن يتعرض له، إلا إذا كان يعلم أنه ظالم، أنه غني وميسر، وأنه يكذب يدعي الفقر وهو يكذب ينكر عليه، أما إذا مجهول أو معروف بالفقر لا.

س: .....؟

الشيخ: ولو فيه تعميم إنما الطاعة في المعروف.

س: .....؟

الشيخ: لا، هذا في آخر الزمان، يعني يخرج منها معادن الذهب والفضة ويراها الناس، وربما اقتتلوا عليها في بعض الأحيان كما جاء في الحديث الآخر.

س: .....؟

الشيخ: يعني في الذهب الذي أخذه وخاصم فيه قتل بسببه، وهذا قطع بسبب سرقته، والآن هذا على وجه الأرض، يعني يزهد الناس في المال في آخر الزمان حتى إن الإنسان تهمه صدقته، ما يدري من يعطيها، ما يحصل أحد يحوم بالصدقة من الذهب والفضة ما يجد أحدًا يقبلها من كثرة الأموال في أيدي الناس، ما يبون المال، قد ضاقت بيوتهم ومخازنهم من المال حتى إن الرجل لتهمه صدقته من يعطيها، يعني يدور من يأخذ الصدقة ما يجد حتى إنه يأتي الرجل فيقول: خذ صدقتي. فيقول: لو جئت بالأمس لأخذتها، أما اليوم لا ما لي حاجة فيها.

64 - (1014) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عبدالرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، إِلَّا أَخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أَوْ قَلُوصَهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ، أَوْ أَعْظَمَ.

(1014) وحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، ح وحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فِي حَدِيثِ رَوْحٍ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ فَيَضَعُهَا فِي حَقِّهَا، وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ فَيَضَعُهَا فِي مَوْضِعِهَا، وحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عبداللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَ حَدِيثِ يَعْقُوبَ، عَنْ سُهَيْلٍ.

65 - (1015) وحَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51] وَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟.

الشيخ: ضبط الشارح عندك غُذِي؟ تكلم على غُذِي؟

الطالب: هو بضم الغين وتخفيف الذال المكسورة.

الشيخ: بس ما ذكر إلا التخفيف؟ وفي الشرح الآخر.

الطالب: .....

الشيخ: وهذا في الحذر من الكسب الحرام، ينبغي للمؤمن الحذر من كسب الربا، أو الكسب بالغش والخيانة والكذب، أو السرقة، أو الخيانة، يجب على المؤمن أن يحذر وأن يتحرى الكسب الطيب، بالبيع الطيب السليم حتى لا تقع عليه هذه البلية، كونه يتصدق ويطعم ويدعو ومع هذا لا يقبل منه، يقول: يا رب، يا رب، ويلح في الدعاء، وفي السفر، ويرفع يديه ومع هذا ترد عليه دعواته لأن كسب حرامه، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك، يعني بعيد يستجاب لذلك، ففي هذا حث كل مؤمن ومؤمنة على تحري الكسب الطيب في المعاملات التي تجري على يده من بيع وشراء وغير ذلك، حتى يتحرى ألا يرد إليه وألا يصير إلى يده إلا كسب طيب.

س: ما دخل يطيل السفر؟

الشيخ: السفر له شأن لأن فيه بعده عن أهله، وفي حالة افتقار وذل، ومع هذا يرفع يديه فيكون أقرب إلى الرحمة إلى أن ينجح.

س: من كان عنده مال كثير من كسب حلال وكسب حرام مختلط، وأراد أن يتوب من الحرام؟

الشيخ: يتصدق بما يعادل الكسب الرديء.

س: لا يعلم مقدار الكسب الحرام؟

الشيخ: بالظن بالتحري.

س: إذا كان كافرًا ودخل في الإسلام ...؟

الشيخ: أسلمت على ما أسلفت من خير لكن إذا كان عنده حقوق لأحد يعطيهم إياها إذا كان يعرفها، من تمام التوبة أن يعطيهم إياها وإلا إذا كان أخذها بشبهة فقد أسلم على ما أسلف من خير، لكن إذا كان يعلم أنه ظالم ويعلم أهل الظلم يعطيهم حقوقهم، مقتضى العمومات تقتضي هذا.

س: لو أنه أراد التوبة من الربا هل يلزمه أن يخرج ما كان عنده .....؟

الشيخ: لا، إذا كان تاب من الربا وهو عن جهل أولًا فقد أسلم على ما أسلف من خير، مثل ما قال جل وعلا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275] إذا كان في المعاملة الأولى جاهلًا ثم علم وخبر وتاب له ما سلف ولا يعود.

س: .....؟

الشيخ: الظاهر أنه أعم، غذي أشمل أعم، قد يطعم ويكسى ولكن ما يغذى بهذا مرة ومرتين، لكن الثالث غذي مر عليه وقت طويل وهو يغذى بهذا الشيء.

س: .....؟

الشيخ: نعم.

66 - (1016) حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عبداللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺيَقُولُ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ.

67 - (1016) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ -قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ:- أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ.

الشيخ: ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة أيش قال على قوله ترجمان؟

الطالب: فقط ضبط الكلمة، هو بفتح التاء وضمها، وهو المعبر عن لسان بلسان.

الشيخ: والأبي كذا بضم التاء وفتحها وبس ما تعرض للجيم.

الطالب: .....

الشيخ: تَرجمان وتُرجمان، نعم.

 زَادَ ابْنُ حُجْرٍ: قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، وقَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ الْأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ.

س: ما منكم من أحد يشمل المؤمن والكافر؟

الشيخ: نعم نعم، لكن الكافر يعجل له ثواب الدنيا، يقول ﷺ كما في رواية مسلم: إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، أما المؤمن فيجزى بها في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة المؤمن يعطيه الله ثوابين: ثواب في الدنيا، وثواب في الآخرة، والكافر يعجل ثوابه في الدنيا.

س: كلام الله للكافر والمؤمن؟

الشيخ: عام عام، ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يعم، يكلمه يوم القيامة، لكن المؤمن كلام رضا، والكافر كلام غضب عليه.

س: يقول: ترجمان والجمع تراجم كزعفران وزعافر، وضم الجيم لغة وضم الجيم والتاء معًا لغة.

الشيخ: طيب هذا الذي نعرف، يقال: تَرْجمُان وتُرْجُمان وتَرجَمان بفتحتين نعم.

68 - (1016) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّارَ فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو كُرَيْبٍ كَأَنَّمَا، وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ.

الشيخ: هذا إنما ينفع المؤمن لأنه هو الذي ينفعه تقوى النار، أما الكافر فقد استحقها بكفره، لكن إذا أسلم وهداه الله أعطاه الله ما مضى من الحسنات في الدنيا، جمع الله له بين الأجرين أسلمت على ما أسلفت من خير.

س: إذا أسلم الكافر يثيبه بالحسنات التي عملها قبل الإسلام؟

الشيخ: نعم، مثل ما قال النبي ﷺ لحكيم: أسلمت على ما أسلفت من خير إذا كان له صدقات، أو عتق أعتقه في الكفر، أو صلة رحم، أو بر والدين، يعطيه جزاءه في الآخرة على إسلامه.

وقوله في الآية: وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة:174] هذا لغضبه عليهم، لكن ما يمنع من كونه ينظر إليهم ويراهم ويكلمهم سبحانه، لكن ليس في كلامه لهم ولا نظره إليهم ما يسبب رحمته لهم لكفرهم.

س: هل يلزم من الكلام الرؤية؟

الشيخ: لا، ما يلزم الرؤية، كلم الله موسى ولم يره موسى، وكلم الله محمدًا -يوم عرج به- ولم يره، ما يلزم من الكلام الرؤية، فإنه يكلم أهل الموقف ولا يراه إلا المؤمنون، هو يكلم أهل الموقف كلهم، ويكلم أهل النار يقول: اخْسَئُوا فِيهَا [المؤمنون:108] ولا يرونه، وكلم محمدًا ولم يره، وكلم موسى ولم يره.

س: .....؟

الشيخ: حجاب كما قال: حجابه النور، لو كشفه ... إذا أراد الله أن ينظره المؤمنون في القيامة وفي الجنة كشف الحجاب سبحانه وتعالى.

س: قوله: وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة:174].

الشيخ: أي كلامًا ينفعهم لأنهم مشركون، ما لهم إلا النار، نسأل الله العافية بخلاف المؤمن.

الشيخ: الكلام كلامان، والنظر نظران، كلام فيه منفعة لهم وخير، ونظر فيه منفعة لهم وخير، هذا لا يحصل للكفار، إنما يحصل للمؤمنين، وأما التكليم فعام، والنظر عام.

(1016) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.

69 - (1017) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ ﷺ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ.

الشيخ: يعني صلاة الظهر أول النهار، يعني هذه صلاة الظهر.

ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ [الحشر:18]، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ.

الشيخ: ومعنى من سن في الإسلام يعني أظهرها وشرع إليها، وليس المراد البدعة؛ لأن هذا سار بالصدقة فتأسى به الناس.

(1017) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَا: جَمِيعًا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُنْذِرَ بْنَ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ صَدْرَ النَّهَارِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مُعَاذٍ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ: ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ خَطَبَ.

الشيخ: وهذا يبين أن السنة للمسؤولين من الأمراء والعلماء أن يهتموا بالفقراء والمساكين، النبي تغير وجهه واشتد عليه الأمر لما رأى ما بهم من الفاقة عليه الصلاة والسلام، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء حتى خطب الناس وذكرهم وتلا عليهم القرآن قال: تصدق رجل بدرهمه، من ديناره، من ثوبه، من صاع بره، من صاع شعيره، من صاع تمره، حثهم على الصدقة حتى بادروا رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا وهو رسول الله وللأمة فيه الأسوة، للأمير والقاضي والعالم وشيخ القبيلة وشيخ الحارة وكل مؤمن له التأسي به، إذا رأى الحاجة والشدة يسعى في رحمة الفقير والإحسان إليه بالشفاعة له، بمساعدته من عنده، من كيسه بالشفاعة، له عند المحسنين بتذكير الناس بحاله.

س: .....؟

الشيخ: لا، غلط، الصواب أن كل بدعة ضلالة، والقول أن فيها أقسام غلط، كل بدعة ضلالة كما قال النبي ﷺ.

س: بعض أهل الخير قد يحدد يومًا معينا في نهار رمضان لتوزيع الزكاة، وقد يضع الناس في أحد المساجد ويحدث في هذا اختلاط رجال ونساء وما الله به عليم، فهل إذا علم هذا الغني عما يحدث ويدور من منكرات مما يغضب الله عز وجل، هل يأثم في هذا الشيء؟

الشيخ: لا بدّ يغير، ينصح، يوجه حتى يكون توزيعها على وجه ما فيه منكر، هذه الطريقة التي سلكها يمنع منها، يقال له: لا تفعل هذا، يوزع الفقراء والمساكين في محلات معروفة وإلا على وجه ما فيه اختلاط، النساء على حدة، والرجال على حدة، ويصفهم ويقول لهم: تأدبوا وكل في مكانه ويعطون، كل داء له دواء، يعالج إن كانوا يختلطون ... يعالج، يأمرهم بالعلاج وإلا يكف عن هذا الشر.

70 - (1017) حَدَّثَنِي عُبَيْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عبدالْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عبدالْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ، وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَفِيهِ: فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1] الْآيَةَ.

71 - (1017) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عبداللهِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبِي الضُّحَى، عَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عبداللهِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمِ الصُّوفُ، فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.