37 من حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة)

 

194 - (764) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً».

195 - (765) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عبداللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عبداللهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ اللَّيْلَةَ، «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً».

 

الشيخ: وهذا يبين أنه عد ركعتي الاستفتاح من الثلاثة عشر الجميع ثلاثة عشر ومنها ركعتا الاستفتاح، وهكذا جاء في حديث عائشة ذكرت أنه ﷺ كان يصلي من الليل إحدى عشرة يسلم من كل ثنتين، وذكرت في الأربع والأربع لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا، وفي رواية عنها أنه صلى ثلاثة عشر فلعلها أرادت بالزيادة ركعتي الاستفتاح التي ذكرها زيد.

الشيخ: ... قصة زيد الظاهر والله أعلم أنه يعني في السفر لأن زيد ليس من أهل بيته فيكون لعله شاهد هذا في السفر في تهجده في السفر أو في وقت خاص بات عنده وليس عند أهله، المقصود تكلم المحشي عليه الشارح النووي؟

الطالب: لا ما تكلم أحسن الله إليك.

الشيخ: الظاهر والله أعلم أنه في السفر.

س: إحدى عشرة ركعة غير الراتبة؟

الشيخ: الراتبة غير داخلة في هذا، الراتبة تبع العشاء ما هي تبع قيام الليل.

س: يشرع في التراويح الاستفتاح بركعتين؟

الشيخ: لا، هذا إذا قام إلى الليل إلى التهجد.

س: ركعتان خفيفتان هل تعد من الإحدى عشرة ركعة؟

الشيخ: لا خارج عنها، لكن ما هو بواجب، ولو ما أوتر إلا بواحدة ما في بأس، لكن المقصود أن الوتر بإحدى عشر غير ركعتي الاستفتاح بهما يكون ثلاثة عشر.

196 - (766) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبداللهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَشْرَعَةٍ، فَقَالَ: أَلَا تُشْرِعُ؟ يَا جَابِرُ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَأَشْرَعْتُ، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، وَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، قَالَ: فَجَاءَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَأَخَذَني بِأُذُنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ.

الشيخ: أيش قال الشارح على أشرعت؟

الطالب: المشرعة بفتح الراء والشريعة هي الطريق إلى عبور الماء من حاف نهر أو بحر وغيره، وقوله: ألا تشرع بضم التاء وروي بفتحها والمشهور في الروايات الضم، ولهذا قال بعده: وأشرعت، قال أهل اللغة: شرعت في النهر وأشرعت ناقتي فيه، وقوله: ألا تشرع معناه ألا تشرع ناقتك أو نفسك.

197 - (767) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، جَمِيعًا عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ».

الشيخ: وهذه هي السنة يقال لها ركعتا الاستفتاح.

198 - (768) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.

الشيخ: وهذا يفيد تؤكدهما لهذا الأمر، يفيد تؤكدهما وأنه يبتدأ تهجده بالليل بركعتين خفيفتين. ولعل الحكمة في ذلك والله أعلم التمهيد للنشاط في التطويل، يمهد لتطويله بهاتين الركعتين الخفيفتين ثم يشرع في الصلاة ... طول القراءة وطول الركوع والسجود، فالركعتان مقدمة للتطويل والانبساط.

س: ما قال بعضهم من أن الحكمة من هاتين الركعتين حتى يتم انحلال العقد الثلاث التي على قافيه العبد إذا نام إذا صلى انحلت العقد الثلاث؟

الشيخ: ما أدري الله أعلم، هذا يحصل حتى ولو في الصلاة الطويلة، ما هو بعيد قد يكون هذا الله أعلم.

س: .....؟

الشيخ: نعم هذا قريب والله أعلم، وإن كان يحتمل أنه قد يوتر بثلاثة عشر غيرها، لكن حديث زيد بن خالد هنا مفسر واضح أنهما من الثلاثة عشر وحديث عائشة كذلك كان واضحًا لأنها قالت: «يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا» دل على أن الإحدى عشر غير الركعتين.

س: قوله: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ للوجوب؟

الشيخ: المعروف أنها سنة ...، الأقرب والله أعلم أنها نافلة.

س: ألا يدل ذلك على التنوع أحيانًا إحدى عشر وأحيانًا ثلاثة عشر؟

الشيخ: التنوع حاصل، وقد يوتر بثلاث، وقد يوتر بخمس، هذا حاصل والأمر واسع والحمد لله.

س: على هذا الرواية التي فيها أنه صلى عليه الصلاة والسلام ثلاثة عشر ركعة بعد الركعتين الخفيفتين؟

الشيخ: هذا ظاهر من رواية زيد وعائشة، وإن كان في الاحتمال أن يوتر بثلاثة عشر طويلات وثنتين قبل فتصير خمسة عشر، لكن هذا صريح بأن الثنتين هي التي كملت الثلاثة عشر وحديث زيد صريح.

199 - (769) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

(769) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبدالرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَاتَّفَقَ لَفْظُهُ مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ، لَمْ يَخْتَلِفَا إِلَّا فِي حَرْفَيْنِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَكَانَ قَيَّامُ، قَيِّمُ، وَقَالَ: وَمَا أَسْرَرْتُ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَفِيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ، وَيُخَالِفُ مَالِكًا، وَابْنَ جُرَيْجٍ فِي أَحْرُفٍ. وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَصِيرُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّفْظُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفَاظِهِمْ.

200 - (770) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

الشيخ: واستفتاحه متنوع عليه الصلاة والسلام، كان يستفتح الصلاة بأنواع من الاستفتاحات منها هذا: اللهم رب جبرائيل ... وهذا أخصرها، ومنها: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك وأطولها الحديث المتقدم حديث ابن عباس الاستفتاح الطويل: اللهم لك الحمد أنت قيم في رواية قيوم وفي رواية قيام السماوات والأرض، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت هذا أطولها، ويليه الاستفتاح الذي رواه علي كما يأتي: وجهت وجهي كما يأتي فإنه طويل أيضًا.

س: من قال أن الاستفتاحات الطويلة خاصة في صلاة الليل فقط؟

الشيخ: المعروف أنها جاءت في صلاة الليل، فعلها النبي ﷺ في صلاة الليل.

س: معنى هذا أنها لا تشرع في الفرائض؟

الشيخ: قد يقال أنها لا تشرع لأجل طولها، وقد يقال الحكم واحد، الأصل أنها واحدة ...، الأصل في الصلاة واحدة وأنه يتأسى به في هذا وهذا، فما فعله في الليل أو في النهار محل التأسي لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] ولكن مراعاة الجماعة وعدم التطويل عليهم، ولهذا قال أبو هريرة أنه سمعه يستفتح بصلاة الفريضة بـ اللهم باعد بيني وبين خطاياي سأله عن سكوته؟ فأخبره أنه يقول هذا اللهم باعد بيني وبين خطاياي وهذا من أحسنها، هذا صريح في الفريضة، كان يفعل هذا في الفريضة عليه الصلاة والسلام.

س: هل ما ثبت في الفريضة يثبت في النافلة؟

الشيخ: هذا هو الأصل، الأصل ما جاز في هذه جاز في هذه إلا ما خصه الدليل.

س: هل ينوع بين الألفاظ لفظ قيوم ولفظ قيام؟

الشيخ: ما في بأس كله حسن.

201 - (771) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عبدالرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عبيداللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ،

الشيخ: هذا استفتاح، وهذا من جنس حديث ابن عباس، طويل هذان الاستفتاحان هما أطول ما ورد في الاستفتاحات: حديث ابن عباس: اللهم لك الحمد أنت قيم، وحديث علي هذا: وجهت وجهي.. كلها جاءت في صلاة الليل.

وَإِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي، وَإِذَا رَفَعَ، قَالَ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وَإِذَا سَجَدَ، قَالَ: اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

الشيخ: وهذا وهو سيد الخلق وأفضلهم وأقومهم بحق الله وأكملهم إيمانًا يقول هذا الكلام، هذه الضراعة وهذا الدعاء وهذا الاستفتاح من كان لله أعرف كان منه أخوف مثل ما قال ﷺ: أما والذي نفسي بيده إني لأخشاكم لله وأتقاكم له.

202 - (771) وَحَدَّثَنَاهُ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عبدالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عبدالْعَزِيزِ بْنُ عبداللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَقَالَ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَقَالَ: وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ، وَقَالَ: وَإِذَا سَلَّمَ، قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَقُلْ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ.

الشيخ: الأول هو المحفوظ بين التشهد والتسليم إذا كان في آخر الصلاة مثل ما في حديث ابن مسعود: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدع به، هذا الدعاء في آخرها مثل ما جاء في أحاديث أخرى.

قوله: وأنا أول يصدق عليه ﷺ هو أول المسلمين من هذه الأمة، أما الواحد منا يقول: وأنا من المسلمين لأنه ليس بأول فيقول في هذا الذكر: وجهت يقول: وأنا من المسلمين وأما هو ﷺ فيصدق عليه ذلك كما أخبر الله عنه لأنه أول المسلمين من هذه الأمة من أمته عليه الصلاة والسلام.

س: يجعل هذا الدعاء آخر ما يدعو به في التشهد؟

الشيخ: هذا من آخر دعائه، لا مشاحة في التقديم والتأخير.

س: ما يقال الأول أم يقول هذ أولا؟

الشيخ: ما هو بلازم. في حديث سعد بن أبي وقاص كان يقول في آخر التشهد: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، ومن عذاب القبر رواه البخاري في الصحيح، ذكر سعد أنه يقوله في آخر التشهد.

203 - (772) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عبداللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ.

الشيخ: قف على حديث حذيفة.

س: كلمة أول خاص بالنبي ﷺ؟

الشيخ: نعم، أما الواحد منا يقول: وأنا من المسلمين لأنه ما هو بأول المسلمين.

203 - (772) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عبداللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.

الشيخ: وفي هذا من الفوائد شرعية التهجد في الليل وإطالة القراءة في الليل إذا لم يكن عليه بأس ولا مشقة، والوقوف عند كل آية يسأل الرحمة عند آية الرحمة وعند ذكر الجنة، ويسأل العافية من النار عند آيات العذاب، ويسبح الله ويقدسه عند الأسماء والصفات كما فعله النبي ﷺ في حديث حذيفة.

وفيه جواز تقديم النساء على آل عمران، وقد استقرت السنة بتقديم آل عمران في العرضة الأخيرة التي أقرها الصحابة ورسموها في المصحف تقديم آل عمران على النساء كما جاء في بعض الروايات قراءة آل عمران قبل النساء فاستقرت السنة على العرضة الأخيرة في ترتيب المصحف على ما هو عليه الآن.

وفيه من الفوائد منقبة عظيمة له ﷺ مع أن الله غفر له ما تقدم من ذنبه، ومع هذا يتهجد هذا التهجد الطويل، فهذه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، من أعماله العظيمة عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان يتهجد هذا التهجد العظيم وهو القائل عليه الصلاة والسلام: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له! لكن استقرت سنته -أن السنة- أن يصلي وينام لا يحيي الليل، ولهذا لما دخل بعض الصحابة على أزواج النبي ﷺ  وسألوه عن أعماله في السر فكأنهم تقالوها فقالوا فيما بينهم: أين نحن من رسول الله ﷺ مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر! لكن نحن على خطر فقال بعضهم: أما أنا فأصلي ولا أنام، يعني استمر في الليل كله، وقال آخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر، يعني استمر صائمًا، وقال الآخر: أما أنا فلا أنام على فراش، وقال آخر: أما أنا فلا آكل اللحم، اجتهادًا منهم وحرصًا على العبادة العظيمة التي يرجون من ورائها السلامة من النار، فلما بلغ النبي ذلك عليه الصلاة والسلام خطب الناس حتى يبين لهم ما في هذا الكلام من الخطورة خطب الناس، وهذه عادته ﷺ إذا بلغه أمر مهم خطب الناس حتى يعلمهم فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا يعني ما بال رجال قال أحدهم: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال الآخر: وأما أنا فلا أنام على فراش، وقال الآخر: وأما أنا فأصوم ولا أفطر، ثم قال ﷺ: لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، وقال في أول الخطبة: أما والله إني لأخشاكم الله وأتقاكم له يعني ولو أني مغفور لي ليس ذلك يوجب التساهل مني لا، أنا والله حلف أنه أخشى الناس له وأعلمهم بما يتقي، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، وفي اللفظ الآخر: وأعلمكم بما أتقى، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني هذا يوجب على أهل العلم والإيمان الاقتصاد وعدم التكلف في العبادات لا بالسهر الدائم ولا بالصوم الدائم، يصلي ما تيسر من الليل من دون مشقة، ويصوم بعض الأيام ويفطر، يتزوج النساء يتزوج واحدة ثنتين ثلاث أربع لا بأس، ولو كان من أعبد الناس، ولو كان من أفضل الناس كالصديق يتحرى السنة، يتحرى التخفيف، ثم ختم بقوله: فمن رغب عن سنتي فليس مني هذا وعيد شديد فمن رغب عن سنتي فليس مني فمن قال: أنا أصوم الدهر كله هذا وعيد ليس من الرسول في شيء، أو قال: أنا أصلي الليل كله كذلك، فالواجب أن يتحرى فعله ﷺ والأخذ برخصته إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، وفي اللفظ الآخر: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

فأنت يا عبد الله عليك بالاتباع، لا تطع نفسك هواها بالتشديد ولا في التساهل، لا هذا ولا هذا، خذ بالسنة، تمسك بالسنة أينما كنت، ولا تعط نفسك الهوى في التشديد أو في التخفيف لا، تحرى السنة، تحرى سنة الرسول ﷺ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] في أعماله وصلواته وصيامه وحجه وغير ذلك. لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ [الأحزاب:21] فمن رغب عن سنتي فليس مني، وهو ﷺ أعبد الناس وأتقاهم لله، لا يقع في قلبك أنك خير منه، أو أنك أتقى لله منه، لا احذر هذا الظن الفاسد، هو أتقى الناس لله، وهو أقومهم بحق الله مع أخذه بالرخصة، مع أخذه بالتيسير والتسهيل وعدم التشديد، فهو ترك ما ترك عن علم، وأتى ما أتى عن علم وعن بصيرة وعن تقوى.

س: .....؟

الشيخ: التهجد في الليل لم ينقل عنه إلا في التهجد في الليل، لم أحفظ أنه نقل عنه في الفريضة.

س: .....؟

الشيخ: لا أحفظ في هذا شيئًا.

204 - (773) وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عبداللهِ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ»، قَالَ: قِيلَ: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: «هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ».

الشيخ: هذا كالذي قبله كحديث حذيفة صلى مع النبي، فطول النبي ﷺ وتعب ابن مسعود حتى هم بأمر سوء قيل: وما هو الأمر السوء؟ قال: هممت أن أجلس وأن أدعه يصلي قائمًا لأني تعبت، لكن لم يفعل، استمر وصبر حتى ركع النبي ﷺ، ولا بأس إذا تابع الإنسان في الليل في التهجد وطال عليه القيام ورأى أن يجلس لا بأس يجلس والإمام قائم لا حرج لأنها نافلة، والنافلة لا حرج في الجلوس فيها.

(773) وَحَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

205 - (774) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عبداللهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنِهِ.

الشيخ: وهذا يفيد أن الأفضل أن يصلي ما تيسر من الليل، وألا يمكن الشيطان من هذا العمل، يستحب للمؤمن أن يكون له ورد في الليل ولو قليل؛ ركعة أو ثلاث ركعات بعد راتبة العشاء، يستحب له أن يكون له نصيب من الليل، قال تعالى في كتابه العظيم: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقال عن صفة عباد الرحمن وجعلنا منهم وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64] هذه من خصال عباد الرحمن، وقال تعالى عن أوليائه تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] فيستحب لك أن يكون لك نصيب من الليل، ويقول ﷺ: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل من خاف أن لا يقوم من الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، في الصحيحين أنه أوصى أبا الدرداء بثلاث، وأوصى أبا هريرة أيضًا بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن يوتر قبل النوم، إذا خاف أن لا يقوم من آخر الليل، إن كان له شغل في أول الليل كأبي هريرة كان يدرس الحديث فأوصاه النبي ﷺ أن يوتر من أول الليل، وفي هذا أنه من نام الليل كله فقد بال الشيطان في أذنيه، يعني ثقله «بال الشيطان في أذنيه» يعني أثقله عن العبادة، وظاهر الحديث أنه بول حقيقي الله أعلم بمقداره وكيفيته، أيش قال المحشي عليه؟

الطالب: اختلفوا في معناه فقال ابن قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهُ أَفْسَدَهُ، يُقَالُ بَالَ فِي كَذَا إِذَا أَفْسَدَهُ، وَقَالَ الْمُهَلَّبُ وَالطَّحَاوِيُّ وَآخَرُونَ: هُوَ اسْتِعَارَةٌ وَإِشَارَةٌ إِلَى انْقِيَادِهِ لِلشَّيْطَانِ وَتَحَكُّمِهِ فِيهِ وَعَقْدِهِ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِهِ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ وإذلاله له، وَقِيلَ مَعْنَاهُ اسْتَخَفَّ بِهِ وَاحْتَقَرَهُ وَاسْتَعْلَى عَلَيْهِ، يُقَالُ لِمَنِ اسْتَخَفَّ بِإِنْسَانٍ وَخَدَعَهُ بَالَ فِي أُذُنِهِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي دَابَّةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِالْأَسَدِ إِذْلَالًا لَهُ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَسَخِرَ مِنْهُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ، قَالَ: وَخَصَّ الْأُذُنَ لِأَنَّهَا حَاسَّةُ الِانْتِبَاهِ.

الشيخ: ... حاضر؟

الطالب: نعم، ذكر أحسن الله إليك.. قال المهلب: وهو كناية عن كمال تحكم الشيطان فيه وانقياده له، قال ابن قتيبة: معناه أفسده، تقول العرب بال في كذا إذا أفسده، وأنشد:

كساع إلى أسد الشرى يستبيلها

أي: يطلب إفسادها، قال القاضي عياض: إن معنى البيت غير هذا وليس هذا مكانها، وقال أبو بكر بن إسحاق: معناه استحقره واستعلى عليه، يقال لمن استخف بإنسان بال في أذنه وأصل ذلك أن دابة تتهاون بالأسد فتفعل ذلك به، وذكر صاحب كتاب الحيوان من اليونانيين أنه النمر وإنه يستطيل في بعض البلدان عليه ويفعل ذلك به ليذله، قال ابن أبي إسحاق: ويجوز أن يكون ذلك كناية عن وسوسته وتزيينه النوم له وأخذه بأذنه وأخذه بسمعه عن سماع نداء الملك ثلث الليل: هل من داع وتحديثه بذلك في أذنه بالبول لأن الشيطان نجس خبيث، قال الحربي: معناه سخر به ويحتمل أنه كناية عن ضربه عليه في استغراق النوم ... بذلك بقوله تعالى: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ [الكهف:11] لأنها الحاسة التي ... بها النائم بسماع ما ينبهه.

الشيخ: كل هذا تأويل.

الطالب: وللطحاوي في تفسيره ذكر ما للمهلب.

الشيخ: كله تأويل، والصواب أنه على ظاهره، لا مانع من ذلك، الصواب أنه على ظاهره ولا مانع من ذلك للتثبيط والتكسيل، وكونه لا يحس بذلك لا يلزم أن يحس بذلك يكون بولًا بطريقة خاصة يحصل بها التثقيل من دون أن يحس بالرطوبة، قد يكون بوله ريحًا هواء يدخل في الأذن يثقلها، المقصود أنه بول حقيقي الله أعلم بكيفيته، ولا يجوز التأويل بل هو بول حقيقي الله أعلم بكيفية، هذا البول هل هو فيه رطوبة ولا يشعر بها، أو بول فيه هواء وتثقيل وتثبيط من دون أن يكون هناك رطوبة يشعر بها الشخص.

206 - (775) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: أَلَا تُصَلُّونَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ، يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54].

الشيخ: وهذا يبين أن جواب علي ما هو مناسب قوله: إنما أنفسنا بيد الله، ولهذا ﷺ قرأ الآية: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54] لأن الواجب أن يقول: إن شاء الله، نسأل الله أن يعيننا على هذا الأمر، نسأل الله أن يسهل أمورنا، ادع لنا يا رسول الله، أما الجواب أنفسنا بيد الله إن شاء أيقظنا وإن شاء تركنا هو غير مناسب أن يجاب به من أيقظهم ودعاهم إلى التهجد والقيام، ولهذا انصرف عنهم وهو يقول -وهو يضرب فخذه- ويقول: صدق الله: وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54].

وفي هذا الحث على القيام، وفي الرواية الأخرى ألا تقومان فتصليان؟ هكذا في الصحيحين تصليان لأن الخطاب لهما ألا تقومان فتصليان؟ وفيه الحث على التهجد في الليل، وقد كان علمهما يسبحا ثلاثًا وثلاثين، ويحمدا ثلاثًا وثلاثين، ويكبرا أربعًا وثلاثين عند النوم بدلًا من الخادم، فقالت فاطمة: لقد وجدت النشاط بعد ذلك بعدما أحسست بتعب ... البيت بعد هذا الذكر، فيستحب أن يأتي بالأذكار الشرعية قبل النوم، وعند اليقظة يأتي بالأذكار الشرعية يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله يستحب عند اليقظة، والنبي ﷺ يقول: من تعار من الليل فقال هذا الذكر إن دعا استجيب دعاؤه، وإن استغفر غفر له، وإن صلى قبلت صلاته هذا فيه فضل هذا الذكر عند اليقظة ...

ويقول: الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور، الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره ... إلى آخره.

س: الرجل الذي نام ليلة هل نام أيضا عن المغرب والعشاء؟

الشيخ: ظاهر هذا التهجد المقصود التهجد.

س: ليله أو ليلة؟

الشيخ: على معناه ليله أو ليلة، أيش عندكم؟

الطالب: حسب الشكل ليلة.

الشيخ: ما في بأس ليلة جرى له ما جرى له.

س: من أوتر بثلاث بعد راتبة العشاء مباشرة هل يزول هذا المحذور؟

الشيخ: نعم، ولو واحدة، ولو بواحدة.

س: ....؟

الشيخ: يصلي ما تيسر من الليل ويشتغل بالقراءة والمذاكرة لأن هذا مهم، مذاكرة العلم والفقه والتفقه في الدين مهم أعظم من التهجد بالليل والحاجة إليه أمس، ولكن لا يهمل الوتر في الليل بما تيسر ثلاث أو خمس أو أكثر فيكون وقتًا لتهجده وقتًا لمذاكرته وبحثه.

س: ما معنى قوله: من تعار؟

الشيخ: استيقظ، تعار استيقظ.

207 - (776) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ.

الشيخ: هذا فيه الحث على الذكر عند اليقظة، ذكر الله والوضوء والصلاة بما تيسر نعم.

208 - (777) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عبيداللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا.

الشيخ: وهذا يدل على أنه يتأكد على المؤمن أن يكون لبيته نصيب من صلاته في الليل والنهار، يكون لبيته نصيب من صلاة الليل والنهار، ولا يتخذ بيته كالقبور لا يقرأ فيها اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا، وهذا يفيد أن القبور لا يصلى عندها ولا تتخذ محلًا للصلاة والقراءة، بل يصلي في بيته يقرأ القرآن في بيته، ولهذا قال في آخر الحديث: فإن الشيطان يفر من الشيطان الذي تقرأ فيه البقرة هذا يدل على أن البيوت ينبغي أن يكون لها نصيب من التهجد، نصيب من صلاة النهار، نصيب من القراءة وألا تكون بمثابة القبور التي لا حظ لها في الصلاة والقراءة.