08 - الآراء في مسألة الوضع من الدين المؤجل لتعجليه

المثال العشرون: إذا كان له على رجل دينٌ مؤجل، وأراد رَبُّ الدين السفر، وخاف أن يَتْوَى ماله، أو احتاج إليه، ولا يمكنه المطالبة قبل الحُلول، فأراد أن يضع عن الغريم البعض، ويُعجل باقيه، فقد اختلف السلف والخلف في هذه المسألة:

فأجازها ابن عباس، وحزمها ابن عمر.

وعن أحمد فيها روايتان، أشهرهما عنه: المنع، وهي اختيار جمهور أصحابه.

والثانية: الجواز، حكاها ابنُ أبي موسى، وهي اختيار شيخنا.

وحكى ابنُ عبد البر في "الاستذكار" ذلك عن الشافعي قولًا.

وأصحابه لا يكادون يعرفون هذا القول، ولا يحكونه!

وأظن أن هذا إن صح عن الشافعي فإنما هو فيما إذا جرى ذلك بغير شرط، بل لو عَجّلَ له بعض دينه وذلك جائز، فأبرأهُ من الباقي، حتى لو كان قد شرَط ذلك قبل الوضع والتعجيل، ثم فعلاه بناءً على الشرط المتقدم، صحّ عنده؛ لأن الشرط المؤثّر في مذهبه: هو الشرط المقارن، لا السابق.

وقد صرّح بذلك بعض أصحابه، والباقون قالوا: لو فعل ذلك من غير شرط جاز، ومرادُهُم الشرط المقارن.

وأما مالك فإنه لا يُجوّزه مع الشرط، ولا بدونه، سدًّا للذريعة.

وأما أحمد فيجوّزه في دَين الكتابة، وفى غيره عنه روايتان.

واحتج المانعون بالآثار والمعنى.

أما الآثار: ففي "سنن البيهقي" عن المقداد بن الأسود، قال: أسلفتُ رجلًا مئة دينار، ثم خرج سَهْمي في بعث بعثه رسول الله ﷺ، فقلت له: عَجّل تسعين دينارًا، وأحُطّ عشرة دنانير، فقال: نعم. فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ؟ فقال: (أكلت ربًا مقدادُ! وأطعمته).

وفي سنده ضعف.

وصحّ عن ابن عمر: أنه قد سئل عن الرجل يكون له الدّين على رجل إلى أجلِ، فيضع عنه صاحبُه، ويُعجّل له الآخر، فكره ذلك ابن عمر، ونهى عنه.

وصح عن أبي المنهال، أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما، فقال: لرجل عليّ دينٌ، فقال لي: عَجّل لي لأضع عنك، قال: فنهاني عنه، وقال: نهى أمير المؤمنين يعنى عمر أن يبيع العين بالدين.

وقال أبو صالح مولى السّفاح واسمه عُبيد: بعتُ بزًّا من أهل السوق إلى أجل، ثم أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا عليّ أن أضع عنهم، ويَنْقُدوني، فسألت عن ذلك زيد بن ثابت، فقال: لا آمرك أن تأكل هذا ولا تُؤكِله. رواه مالك في "الموطأ".

وأما المعنى: فإنه إذا تعجّل البعض وأسقط الباقي فقد باع الأجل بالقدْر الذي أسقطه، وذلك عين الربا، كما لو باع الأجل بالقَدْر الذي يريده، إذا حلّ عليه الدين، فقال: زدني في الدين وأزيدك في المدة، فأي فرقٍ بين أن تقول: حُطّ من الأجل، وأحطّ من الدين، أو تقول: زد في الأجل، وأزيد في الدين؟

قال زيد بن أسْلم: كان ربا الجاهلية: أن يكون للرجل على الرجُل الحقُ إلى أجل، فإذا حلّ الحقّ قال له غريمه: أتقضي أم تُربي؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده في حقه، وأخّر عنه في الأجل، رواه مالك.

وهذا الربا مُجمَعٌ على تحريمه وبطلانه، وتحريمه معلومٌ من دين الإسلام، كما يُعلم تحريمُ الزنا، واللواطة، والسرقة.

قالوا: فنقصُ الأجل في مقابلة نقصِ العِوض كزيادته في مقابلة زيادته، فكما أن هذا ربا، فكذلك الآخر.

قال المبيحون: صحّ عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: أُعَجّل لك وتضعُ عني، وهو الذي روى أن رسول الله ﷺ لمّا أمر بإخراج بني النضير من المدينة جاءه ناسٌ منهم، فقالوا: يا رسول الله! إنك أمرت بإخراجهم، ولهم على الناس ديون لم تحلّ، فقال النبي ﷺ: ضعوا وتعجّلوا.

قال أبو عبد الله الحاكم: "هو صحيح الإسناد".

قلت: هو على شرط "السنن". وقد ضعفه البيهقي. وإسناده ثقات، وإنما ضُعّف بمسلم بن خالد الزَّنجي، وهو ثقة فقيه، روى عنه الشافعي واحتجّ به.

الشيخ: وهذا هو الصواب، الصواب أنه لا بأس ضعوا وتعجلوا، فإذا كان للإنسان مائة ألف على إنسان مؤجلة وقال أنا أسامحك بعشرين وعجل لي ثمانين فلا بأس لأنها مصلحة المدين يطيح عنه عشرين وصاحب الدين ينتفع بالثمانين؛ لأنه قد يكون محتاج لها في الحال في سفر أو لأنه مضيق عليه في ديون عليه أو لأسباب أخرى، فالصواب أن ما أفتى به ابن عباس هو الصواب وهو المروي عن النبي ﷺ في قصة بني النضير ضعوا وتعجلوا هذا هو الصواب.

وقال البيهقي: "باب من عُجّل له أدنى من حَقه قبل محله، فوضع عنه، طيّبَةً به أنفسهما".

وكأن مراده أن هذا وقع بغير شرط، بل هذا عَجّل، وهذا وَضَع، ولا محذور في ذلك.

قالوا: وهذا ضد الربا؛ فإن ذلك يتضمن الزيادة في الأجل والدين، وذلك إضرار محضٌ بالغريم، ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين، وانتفاع صاحبه بما يتعجله،

الشيخ: وهو ضد الربا، هذا ضد الربا، الربا زيادة تأخير وهذا تخفيض وتعجيل ضد الربا.

س:.....................

الشيخ: مثل ما سمعت صححه الحاكم وابن القيم رحمه الله الظاهر أنه لا بأس به، حتى لو ما صح الحديث المعنى شاهد لهذا كما قال ابن عباس.

فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر، خلاف الربا المجمع عليه؛ فإن ضرره لاحقٌ بالمدين، ونفعه مختص برب الدين، فهذا ضد الربا صورةً ومعنًى.

قالوا: ولأن مقابلة الأجل بالزيادة في الربا ذريعةٌ إلى أعظم الضرر، وهو أن يَصير الدرهمُ الواحدُ ألوفًا مؤلّفة، فتشتغل الذمة بغير فائدة، وفي (ضعْ وتعجَّل) تتخلّص ذمة هذا من الدَّين، وينتفع ذاك بالتعجيل له.

قالوا: والشارع له تطلّع إلى براءة الذمم من الديون، وسَمّى الغريم المدين: أسيرًا، ففي براءة ذمته تخليصٌ له من الأسر، وهذا ضد شَغْلها بالزيادة مع الصبر.

وهذا لازمٌ لمن قال: يجوز ذلك في دَين الكتابة، وهو قول أحمد، وأبي حنيفة؛ فإن المكاتب مع سَيّده كالأجنبي في باب المعاملات، ولهذا لا يجوز أن يبيعه درهمًا بدرهمين، ولا يُبايعه بالربا، فإذا جاز له أن يتعجل بعض كتابته، ويضع عنه باقيها، لما له في ذلك من مصلحة تعجيل العتق، وبراءة ذمّته من الدّين، لم يمنع ذلك في غيره من الديون.

ولو ذهب ذاهبٌ إلى التفصيل في المسألة، وقال: لا يجوز في دَين القرض، إذا قلنا بلزوم تأجيله، ويجوز في ثمن المبيع والأجرة، وعوض الخُلْع، والصَّداق: لكان له وجهٌ؛ فإنه في القرض يجب رَدّ المثل، فإذا عجّل له وأسقط باقيه خرج عن موجب العقد، وكان قد أقرضه مئة، فوَفّاه تسعين بلا منفعة حصلت للمُقرض، بل اختصّ المقترض بالمنفعة، فهو كالمُرْبي سواءً في اختصاصه بالمنفعة دون الآخر.

وأما في البيع والإجارة فإنهما يملكان فسخ العقد، وجعل العوض حالًا أنقصَ مما كان، وهذا هو حقيقة الوضع والتعجيل، لكن تحيّلا عليه، والعبرة في العقود بمقاصدها لا بصورها، فإن كان الوضع والتعجيل مفسدة فالاحتيال عليه لا يزيل مفسدته، وإن لم يكن مفسدة لم يُحْتَجْ إلى الاحتيال عليه.

فتلخَّص في المسألة أربعة مذاهب:

المنع مطلقًا، بشرط وبدونه، في دَين الكتابة وغيره، كقول مالك.

وجوازه في دَين الكتابة دون غيره، كالمشهور من مذهب أحمد، وأبي حنيفة.

وجوازه في الموضعين، كقول ابن عباس، وأحمد في الرواية الأخرى.

وجوازه بلا شرط، وامتناعه مع الشرط المقارن، كقول أصحاب الشافعي، والله أعلم.

الشيخ: والصواب جوازه مطلقًا ضعوا وتعجلوا .

المثال الحادي والعشرون: إذا كان له عليه ألف درهم، فصالحه منها على مئة درهم يؤديها إليه في شهر كذا من سنة كذا، فإن لم يفعل فعليه مئتان:

فقال القاضي أبو يَعلى: هو جائز، وقد أبطله قومٌ آخرون.

والحيلة في جوازه على مذهب الجميع: أن يُعَجّل ربّ المال حطّ ثمان مئة بَتًّا، ثم يصالح عن المطلوب من المئتين الباقيتين على مئة، يؤديها إليه في شهر كذا، على أنه إن أخّرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما.

الشيخ: الأول لا بأس به؛ لأن هذا حق ما فيه ربا هذا حقه فإذا كان عند ألف ريال وقال: إن عجلتني مائة ريال سامحتك في التسع في وقت كذا، وإن كان ما عجلت تصير مائتين في وقت كذا، وإن كان ما عجلت ثلاثمائة في وقت كذا فلا بأس لأنه حلال ماله ما في هذا ربا إنما هو مسامحة فيقول له مثلا: أنت عندك لي ألف ريال حالة، ولكن إن عجلت لي منها مائة في جمادى آخر سامحتك في الباقي فإن تأخرت بمائتين عجلتها في رجب سامحتك وهكذا لا بأس ضع وتعجل لأن هذا الصواب أنه إحسان وتخفيف، فالصواب: أنه لا بأس به.

المثال الثاني والعشرون: إذا كاتَبَ عبده على ألف يؤديها إليه في سنتين، فإن لم يفعل فعليه ألفٌ أخرى فهي كتابة فاسدة، ذكره القاضي؛ لأنه علّق إيجاب المال بخطرٍ، ولا يجوز ذلك والحيلة في جوازه: أن يكاتبه على ألفي درهم، ثم يصالحه منها على ألف درهم يؤديها إليه في سنتين، فإن لم يفعل فلا صلح بينهما، فيكون قد علّق الفسخ بخطر، فيجوز، وتكون كالمسألة التي قبلها.

 

الشيخ: وهذا قاعدة أنه إذا كان الصلح يتضمن الزيادة، إن تأخرت فعليك كذا فهذا ربا، إما أن تربي وإما أن تقضي، أما إذا كان الصلح يتضمن التخفيف والتيسير فلا بأس، مثل ما يروى أنه قال لبني النضير ضعوا وتعجلوا لما أمرهم بالجلاء؛ لأن هذه مصلحة للجميع للمدين ولصاحب الدين على الصحيح، خلافًا لمن أنكر ذلك فإذا صار المكاتب عليه ألف ريال كاتبه على ألف، ثم صالحه على أنه إن قدمها في كذا وإلا فعليه ألفين فهذا معناه إما أن تربي وإما أن تقضي زيادة فلا يجوز.

المثال الثالث والعشرون: إذا كان له عليه دَيْنٌ حالٌّ، فصالحه على تأجيله، أو تأجيل بعضه، لم يلزم التأجيل، فإن الحالّ لا يتأجل.

والصحيح: أنه يتأجّل، كما يتأجل بدل القرض.

وإن كان النزاع في الصورتين، فمذهب أهل المدينة في ذلك هو الراجح.

 

الشيخ: وهذا هو الصواب يقول النبي: المسلمون على شروطهم وهذا إحسان فإذا أجله يتأجل جزاه الله خيرًا، إذا أقرضه وأخذ القرض ما أعطا له إلا في رمضان أنت مسامح إلى رمضان لا بأس لا يطالبه قبل رمضان.

وطريق الحيلة في صحة التأجيل ولزومه: أن يُشْهد على إقرار صاحب الدَّين أنه لا يستحق المطالبة به قبل الأجل الذي اتفقا عليه، وأنه متى طالب به قبله فقد طالب بما لا يستحق، فإذا فعل هذا أمِنَ رجوعه في التأجيل.

المثال الرابع والعشرون: إذا اشترى من رجل دارًا بألف، فجاء الشفيعُ يطلبُ الشُّفعة، فصالحه المشتري على نصف الدار بنصف الثمن، جاز ذلك؛ لأن الشفيع صالَح على بعض حقه، كما لو صالَح من ألف على خمس مئة.

فإن صالحَه على بيت من الدار بعينه بحصته من الثمن، يُقوَّم البيت ثم تخرج حِصّته من الثمن، جاز أيضًا، لأن حِصّته معلومة في أثناء الحال، فلا يضرّ كونها مجهولةً حالة الصلح، كما إذا اشترى شِقْصًا وسَيْفًا، فللشفيع أن يأخذ الشِّقص بحصته من الثمن، وإن كانت مجهولةً حال العقد، لأن مآلها إلى العلم.

وقال القاضي وغيره من أصحابنا: لا يجوز، لأنه صالحه على شيء مجهول.

ثم قال: والحيلة في تصحيح ذلك: أن يشتري الشفيع هذا البيت من المشتري بثمن مُسَمّى، ثم يُسَلّم الشفيع للمشتري ما بقي من الدار، وشراء الشفيع لهذا البيت تسليم للشُّفعة، ومساومته بالبيت تسليمٌ للشُّفعة.

فإن أراد الشفيع شراء البيت المعيَّن وبقاءه على شُفعته في الباقي، فالحيلة أن لا يبدأ بالمساومة، بل يصبر حتى يبتدئ المشتري، فيقول: هذا البيت أخذته بكذا وكذا، فيقول الشفيع: قد استوجبته بما أخذته به، ولا يكون مُسَلّمًا للشفعة في باقي الدار، وليس في هذه الحيلة إبطال حق غيره، وإنما فيها التَّوصل إلى حقه.

المثال الخامس والعشرون: يجوز تعليقُ الوكالة على الشرط، كما يجوز تعليقُ الولاية والإمارة على الشرط، وقد صحَّ عن النبي ﷺ تعليق الإمارة بالشرط، وهي وكالة وتفويضٌ وتوليةٌ، ولا محَذور في تعليق الوكالة بالشرط البتة.

الشيخ: وهذا لا شك فيه فإذا قال: أنت وكيلي إذا مات فلان، وكل فلان على مزرعته قال إن مات أو تعذر فأنت وكيلي بداله فلا بأس؛ لأنها لا فيها غرر ولا خطر مثل ما علق النبي ﷺ الإمارة لما بعث الأمراء في غزوة مؤتة وأمّر عليهم زيد بن حارثة قال: فإن قتل فأميركم جعفر بن أبي طالب، فإن قتل فأميركم عبد الله بن رواحة، هذا شيء ينفع ولا يضر، التعليق في مثل هذا لا يضر، ومثل ما يقول موصي أوصي الثلث لفلان فإذا مات فأولاده أو ولده فلان أو فلان فلا حرج.

والحيلة في تصحيحها: أن يُنجز الوكالة، ويُعلّق الإذن في التصرف بالشرط؛ وهذا في الحقيقة تعليقٌ لها نفسها بالشرط؛ فإن مقصود الوكالة صحة التصرف ونُفُوذه، والتوكل وسيلةٌ وطريق إلى ذلك، فإذا لم يمتنعْ تعليقُ المقصود بالشرط؛ فالوسيلة أولى بالجواز.

المثال السادس والعشرون: يجوز تعليق الإبْراءِ بالشرط ويصحّ، وفَعَله الإمام أحمد، وقال أصحابنا: لا يصح.

قالوا: فإذا قال: إن مِتُّ فأنت في حِلّ مما لي عليك، فإن علّقَ ذلك بموت نفسه صحّ؛ لأنه وصية.

وإن علقه بموت مَنْ عليه الدين لم يصحّ؛ لأنه تعليق للبراءة بالشرط، ولا يصح، كما لا يصح تعليقُ الهبة.

فيقال أولًا: الحكم في الأصل غير ثابت بالنصّ، ولا بالإجماع، فما الدليلُ على بُطلان تعليق الهبة بالشرط؟ وقد صحّ عن النبي ﷺ أنه علّق الهبةَ بالشرط في حديث جابرٍ، قال: لَوْ قَدْ جاءَ مالُ البَحْرين لأعطيتُك هكذا، ثم هكذا، ثم هكذا ثلاث حَثَيات، وأنجز له الصديق لمّا جاء مالُ البحرين بعد وفاة النبي ﷺ.

فإن قيل: كان ذلك وعدًا.

قلنا: نعم، والهبَة المعلّقة بالشرط وعدٌ، وكذلك فعل النبي ﷺ لما بعث إلى النجاشي بهدية من مَسَك، وقال لأمّ سلمة: إني قد أهديتُ إلى النجاشي حُلّة وأواقِيّ من مَسَك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة، فإن رُدّتْ عليّ فهي لك، وذكر الحديث. رواه أحمد. فالصحيح: صحةُ تعليق الهبة بالشرط عملًا بهذين الحديثين.

وأيضًا فالوصية تمليكٌ، وهي في الحقيقة تعليقٌ للتمليك بالموتِ، فإنه إذا قال: إن متّ من مرضي هذا فقد أوصيتُ لفلان بكذا، فهذا تمليكٌ معلّق بالموت.

وكذلك الصحيح: صحة تعليق الوقف بالشرط، نص عليه في رواية الميموني في تعليقه بالموت.

وسائرُ التعليق في معناه، ولا فرق البتة، ولهذا طَرَدهُ أبو الخطاب، وقال: لا يصح تعليقه بالموت.

والصواب طَرْدُ النص، وأنه يصح تعليقه بالموت وغيره، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد، وهو مذهب مالك، ولا يُعرفُ عن أحمد نصٌّ على عدم صحته، وإنما عدم الصحة قول القاضي وأصحابه.

وفى المسألة وجهٌ ثالث: أنه يصح تعليقه بشرط الموت، دون غيره من الشروط، وهذا اختيارُ الشيخ مُوفّق الدين، وفرق بأن تعليقَه بالموت وصيّةٌ، والوصية أوسع من التصرف في الحياة، بدليل الوصية بالمجهول والمعدوم، والحَمْل.

والصحيح: الصحة مطلقًا، ولو كان تعليقه بالموت وصيةً لامتنع على الوارث، ولا خلاف أنه يصحّ تعليقه بالشرط بالنسبة إلى البطون، بَطْنًا بعد بطن، وأن كونه وقفًا على البطن الثاني مشروط بانقضاء البطن الأول، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وقال ﷺ: المسلمون عند شروطهم.

والقياس الصحيح يقتضي صحة تعليقه؛ فإنه أشبه بالعتق منه بالتمليك، ولهذا لا يشترط فيه القبول إذا كان على جهةٍ اتفاقًا.

وكذلك إذا كان على آدميّ معين، في أقوى الوجهين، وما ذاك إلا لشَبَهه بالعتق.

والمقصود: أن تعليق الإبراء بالشرط أولى من ذلك كله، فمَنْعُه مخالف لموجب الدليل والمذهب.

ويقال ثانيًا: لا يلزم من بُطلان تعليق الهبة بطلانُ تعليق الإبراء، بل القياس الصحيح يقتضي صحة تعليقه؛ لأنه إسقاط محض، ولهذا لا يفتقر إلى قبول المُبْرِئ ولا رضاه، فهو بالعتق والطلاق أشبَهُ منه بالتمليك.

وعلى هذا: فيُسْتغنى بالصحة في ذلك كله عن الحيلة.

فإن احتاج إلى التعليق، وخاف أن ينقض عليه، فالحيلة أن يقول: لا شيء لي عليه بعد هذا الشهر، أو العام، أو لا شيء لي عليه عند قدوم زيد، أو كل دعوى أدّعيها عليه بعد شهر كذا، أو عام كذا، أو عند قدوم زيد بسبب كذا، أو من دَين كذا: فهي دَعْوَى باطلة، أو يقول: كل دعوى أدّعيها في تَرِكَتِه بعد موته من دَيْن كذا أو عن كذا: فهي دعوى باطلة.

وعلى ما قررناه: لا يحتاج إلى شيء من ذلك.

الشيخ: وهذا هو الصواب إذا أبرأه، براءة معلقة لا بأس، فإذا مت فالدين الذي على فلان هو بريء منه، أو قال: إذا مرض فلان فهو بريء من الدين، أو إذا مات فهو بريء من الدين، أو قال في هبته أعطاه فلان وقال: إن وجدته حيًا فأعطه إياه، وإن وجدته محتاجًا فأعطها إياه كل ذلك لا بأس، الأصل في العقود الصحة: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].

س: ..................

...................

المثال السابع والعشرون: إذا أعسر الزوجُ بنفقة المرأة ملكت الفسخ، فإن تحمّلها عنه غيره لم يَسْقُط مِلكها للفسخ؛ لأن عليها في ذلك مِنة، كما إذا أراد قضاء دينٍ عن الغير، فامتنع ربّه من قبوله لم يُجبر على ذلك.

وطريق الحيلة في إبطال حَقّها من الفسخ: أن يحيلها بما وجب لها عليه من النفقة على ذلك الغير، فتصح الحوالة، وتلزمُ على أصلنا، إذا كان المُحالُ عليه غنيًّا.

وطريق صحة الحوالة: أن يُقر ذلك الغير للزوج بقدر معين لنفقتها سنةً أو شهرًا، أو نحو ذلك، ثم يحيلها الزوج عليه، فإن لم يمكنه الإجبارُ على القبول لعدم من يرى ذلك، وكل الزوج الملتزم لنفقتها في الإنفاق عليها، والزوج مُخيّر بين أن يُنفق عليها بنفسه، أو بوكيله.

وهكذا العمل في مسألة أداء الدين عن الغريم سواءً.

المثال الثامن والعشرون: إذا خاف المضاربُ أن يُضَمّنه المالك بسببٍ من الأسباب التي لا يملكها بعقد المضاربة، كخَلَطَ المال بغيره، أو اشترى به بأكثر من رأس المال، والاستدانة على مال المضاربة، أو دَفْعه إلى غيره مُضاربة أو إبضاعًا، أو إيداعا، أو السفر به.

فطريق التخلّص من ضمانه في هذا كله: أن يُشهد على ربّ المال أنه قال له: اعمل برأيك، أو ما تراه مصلحةً.

المثال التاسع والعشرون: إذا كان لكل من الرجلين عُروض، وأرادا أن يشتركا فيها شركة عنان، ففي ذلك روايتان:

إحداهما: تصح الشركة، وتقوم العروض عند العقد، ويكون قيمتها هو رأس المال، فيقسم الرّبح على حَسْبه، أو على ما اشترطاه.

وإذا أرادا الفسخ رجع كلٌّ منهما إلى قيمة عروضه، واقتسما الربح على ما شرطاه.

وهذا القول هو الصحيح.

والرواية الثانية: لا تصح إلا على النقدين؛ لأنهما إذا تفاسخا الشركة، وأراد كل واحدٍ منهما الرجوع إلى رأس ماله، ويقتسما الربح؛ لم يُعَلمْ ما مقدار رأس مال كلٍّ منهما إلا بالتقويم، وقد تزيد قيمة العروض وتنْقص قبل العمل، فلا يستقر رأس المال.

وأيضًا فمقتضى عقد الشركة: أن لا ينفرد أحد الشريكين بربح مال الآخر، وهذه الشركة تُفضي إلى ذلك؛ لأنه قد تزيد قيمة عرض أحدهما، ولا تزيد قيمة عرض الآخر، فيشاركه مَن لم تزد قيمة عرضه، وهذا إنما يصح في المقومات، كالرقيق، والحيوان، ونحوهما. فأما المِثْليّات فإن ذلك مُنتفٍ فيها، ولهذا كان الصحيح عند من منع الشركة بالعروض جوازها بالمثليات.

والصحيح: الجوازُ في الموضعين؛ لأن مبنى عقد الشركة على العدل من الجانبين، وكل من الشريكين متردد بين الربح والخسران، فهما في هذا الجواز مستويان.

فتجويز ربح أحدهما دون الآخر في مقابلة عكسه، فقد استويا في رجاء الغُنْم وخوف الغُرْم، وهذا هو العدل، كالمضاربة، فإنه يجوز أن يربحا، وأن يخسرا، وكذلك المساقاة والمزارعة.

وطريق الحيلة في تصحيح هذه المشاركة عند من لا يجوّزها بالعرُوض: أن يبيع كلٌ منهما بعض عرضه ببعض عرض صاحبه، فإذا كان عَرضُ أحدهما يساوى خمسة آلاف، وعرضُ الآخر يساوي ألفًا، فيشتري صاحبُ العرض الذي قيمته خمسة آلاف من صاحبه خمسة أسداس عرضه الذي يساوي ألفًا بسُدس عرضه الذي يساوي خمسة آلاف، فإذا فَعَلا ذلك صارا شريكين، فيصير للذي يساوي متاعه ألفًا سدس جميع المتاع، وللآخر خمسةُ أسداسه، أو يبيع كل منهما صاحبه بعض عرضه بثمن مسمى، ثم يتقابضا فيصير مُشتركًا بينهما، ثم يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرُّف، فما حصل من الربح يكون بينهما على ما شرطاه عند أحمد، وعلى قدر رؤوس أموالهما عند الشافعيّ، والخُسران على قَدْر المال اتفاقًا.

المثال الثلاثون: إذا تزوجها على أن لا يخُرجها من دارها أو بلدها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فالنكاح صحيحٌ، والشرط لازمٌ.

هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين؛ فإنه صحّ عن عمر، وسعد، ومعاوية، ولا مُخالف لهم من الصحابة، وإليه ذهب عامةُ التابعين، وقال به أحمد.

وخالف في ذلك الثلاثة، فأبطلوا الشرط، ولم يوجبوا الوفاء به.

فإذا احتاجت المرأة إلى ذلك، ولم يكن عندها حاكمٌ يرى صحة ذلك ولزومه، فالحيلة لها في حصول مقصودها: أن تمتنع من الإذن، إلا أن تشترط بعد العقد أنه إن سافر بها، أو نقلها من دارها، أو تزوج عليها فهي طالق، أو لها الخيار في المُقام معه، أو الفسخ، فإن لم تثق به أن يفعل ذلك فإنها تطلب مهرًا كثيرَا جدًّا إن لم يفعل، وتطلب ما دونه إن فعل، فإن شرط لها ذلك رضيت بالمهر الأدنى، وإن لم يشرط ذلك طالبته بالأعلى، وجعلته حالًا ولها أن تمنع نفسها حتى تقبضه، أويشرط لها ما سألته.

فإن قيل: فعلى أي المهرين يقع العقد؟

قيل: يقع على المهر الزائد؛ لتتمكن من إلزامه بالشرط.

فإن خاف أن يشرط لها ما طلبت، ويستقرّ عليه المهر الزائد، فالحيلة: أن يُشهد عليها أنها لا تستحق عليه بعد الاشتراط شيئًا من المبلغ الزائد على الصداق الأدنى، وأنها متى ادّعت به فدعواها باطلةٌ، فيستوثق منها بذلك، ويُكتب هو والشرطُ.

ولها أن تُطالب بالصداق الزائد، إذا لم يَف لها بالشرط؛ لأنها لم ترض بأن يكون الأدنى مهرًا إلا في مقابلة منفعة أخرى تُسَلَّم لها، وهي المُقامُ في دارها، أو بلدها، أو يكون الزوج لها وحدها، وهذا جارٍ مجرى بعض صَداقها، فإذا فاتها فلها المطالبة بالمهر الأعلى.

الشيخ: والصواب أن هذه الصورة جائزة والمصلحة ظاهرة ولا حاجة إلى حيل، فإذا شرطت عليه أنه يبقيها في بلدها أو عند أهلها أو أن لا يتزوج عليها فلا حرج؛ لأن هذه مصلحة ظاهرة وقد رضي به والرسول ﷺ قال: إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج المسلمون على شروطهم فلا حاجة إلى الحيل والحمد لله.

المثال الحادي والثلاثون: إذا زوّج ابنته بعبده صح النكاح، فإن حضره الموتُ فخاف هو أو المرأة أن ترث جزءًا منه، فينفسخ النكاح:

فالحيلة في بقائه: أن يبيع العبد من أجنبيٍّ، فإن شاء قبض ثمنه، وإن شاء جعله دينًا في ذمته، يكون حكمه حكم سائر ديونه، فإذا ورثت نصيبها من ثمنه لم ينفسخ نكاحها. وإن باع العبد من أجنبي قبل العقد، ثم زوّجه الابنة أمِنَ هذا المحذور أيضًا.

وكذلك إذا أراد أن يزوِّج أمَتَه بابنه، وخاف أن يموت، فترث زوجته، فينفسخ النكاح، باعها من أجنبي، ثم زوّجها الابن، أو يبيعها من الأجنبي بعد العقد.

المثال الثاني والثلاثون: إذا أحاله بدَينه، وخاف المحال أن يَتْوَى ماله عند المُحال عليه، وأراد التوثُّق لماله:

فالحيلة في ذلك أن يقول: لا تُحِلْني بالمال، لكن وكّلني في المطالبة به، واجعل ما أقبضه في ذمّتي قرضًا، فيبرآن جميعًا بالمقاصة.

فإن خاف المُحيل أن يهَلك المالُ في يد الوكيل قبل اقتراضه، فيرجع عليه بالدين: فالحيلة له: أن يقول للمحال عليه: اضمَنْ عني هذا الدّيْنَ لهذا الطالب، فيضمنه، فإذا قبضَه قبضَهُ لنفسه، فإن امتنع المحالُ عليه من الضمان احتالَ الطالبُ عليه؛ على أنه إن لم يُوَفّه حَقّهُ إلى وقت كذا وكذا فالمحيل ضامنٌ لهذا المال، ويصح تعليقُ الضمان بالشرط، فإن وفّاه المحيل عليه، وإلا رجع إلى المحال، وآخذه بالمال.

المثال الثالث والثلاثون: إذا كان له دَين على أحدٍ، فرَهَنه به عبدًا، فخاف أن يموتَ العبد، فيُحاكمه إلى من يَرَى سقوط الدين بتلف الرهان:

فالحيلة في تخليصِه من هذا المحذور: أن يشتري العبد منه بدينه، ولا يقبض العبد، فإن وَفّاه دَينه أقالَهُ في البيع، وإن لم يوفه الدَّين طالبه بالتسليم، وإن تلف العبدُ كان من ضمان البائع، ورجع المشتري إلى دينه الذي هو ثمنه.

المثال الرابع والثلاثون: إذا كان له عليه دَين، فرهنه به رهنًا، ثم خاف أن يستحق الرهنُ فتبطل الوثيقة:

فالحيلة فيه: أن يُضَمّنَ دَينه لمن يخاف منه استحقاق الرهن، فإذا استحقه عليه طالبه بالمال، أو يُضَمنه دَرَك الرهن، أو يُشهد عليه أنه لا حق له فيه، ومتى ادعى فيه حقًّا فدعواه باطلة.

المثال الخامس والثلاثون: إذا كان له عليه مئة دينارٍ، خمسون منها بوثيقة، وخمسون بغير وثيقة، وجحده الغريمُ القَدْرَ الذي بغير وثيقة:

فالحيلة له في تخليص ماله: أن يوكّل رجلًا غريبًا بقَبْضِ المال الذي بالوثيقة، ويُشهد على وكالته علانيةً، ثم يُشهد شهودًا آخرين: أنه قد عزله عن الوكالة، ثم يطالب الوكيل المطلوب بذلك المال، ويُثبت شهود وكالته، فإذا قبض الخمسين دينارًا دفعها إلى مستحقَها وغاب، ثم يطالبه المستحقّ بهذه الخمسين، فإن قال: دفعتها إلى وكيلك أقام البينة أنه كان قد عَزَله عن الوكالة، فيُلْزِمُه الحاكِم بالمال، ويقول له: اتْبَعِ القابض، فخُذ مالك منه.

فإن كان الغريم حَذِرًا لم يدفع إلى الوكيل شيئًا خَشْيَة مثل هذا، ويقول: لا أدفع إليك إلا بحضرة الموكِّل وإقراره أنك وكيله، فتبطل هذه الحيلة.

المثال السادس والثلاثون: إذا حضره الموتُ، ولبعض ورثته عليه دين، وأراد تخليص ذمته، فإن أقرّ له به لم يصح إقراره، وإن وصى له به كانت وصيةً لوارث.

فالحيلة في خلاصه: أن يُواطِئه على أن يأتي بمن يثقُ به، فيقرّ له بذلك الدين، فإذا قبضه أوصله إلى مُستحقه، فإن خاف الأجنبيّ أن يُلزمه الحاكم أن يحلف أن هذا الدين واجبٌ لك على الميت، ولم تبرئه منه، ولا من شيء منه، لم يَجُزْ له أن يحلف على ذلك، وانتقلنا إلى حيلة أُخرى، وهي أن قول له المريضُ: بعْ دارَك أو عبدك من وارثي، بالمال الذي له عليّ فيفعل، فإذا ألْزَمْتَهُ اليمين بعد هذا حلف على أمرٍ صحيح، فإن لم يكن له ما يبيعه إيّاه وهب له الوارثُ عبدًا أو أمَةً، فقبضه، ثم باعه من الوارث بالدَّين الذي على الميت.

الشيخ: المقصود من هذا كله الحيل الجائزة، الحيل الجائزة التي يتخلص بها من الظلم ومن ضياع الحق هذا مقصوده رحمه الله الحيل الجائزة.

السؤال: يا شيخ سلمك الله، الحيل المباحة هل لها ضابط؟

الشيخ: بس ألا تخالف الشرع.

المثال السابع والثلاثون: إذا نكح أمَةً، حيثُ يجوز له نكاح الإماء، وخاف أن يَسْترِقّ سيدُها ولده:

فالحيلة في ذلك: أن يسأل سيد الأمة أن يقول: كلُّ ولدٍ تلده منك فهو حرٌّ، فإذا قال هذا فما ولدته منه فهم أحرار.

المثال الثامن والثلاثون: إذا قال لامرأته: إن سألتِني الخُلعَ فأنت طالق ثلاثًا إن لم أخلعك، وقالت المرأة: كل مملوكٍ لها حُرّ، إن لم أسألك الخلعَ اليوم.

فسُئل أبو حنيفة عنها، فقال للمرأة: سَلِيهِ الخُلع، فقالت: أسألك أن تخلعني، فقال للزوج: قل: خَلَعْتُكِ على ألف درهم، فقال ذلك، فقال أبو حنيفة للمرأة: قولي: لا أقبلُ، فقالت: لا أقبلُ، فقال أبو حنيفة: قومي مع زوجك، فقد برّ كل منكما في يمينه.

المثال التاسع والثلاثون: سُئل أبو حنيفة عن أخَوين تزوجَا أختين، فزُفّت امرأةُ كل واحد منهما إلى الآخر، فوطئها، ولم يعلموا بذلك حتى أصبحوا، فقيل له: ما الحيلة في ذلك؟ فقال: أكلّ منهما راضٍ بالتي دخل بها؟ قالا: نعم، فقال: ليطلّقْ كل واحدٍ منهما امرأته طَلْقَة، ففعلا، فقال: ليتزوج كل منهما المرأة التي وَطِئها، فطابَتْ أنفسُهما.

الشيخ: يعني طلاق قبل الدخول فلا عدة عليها إذا طلقها لا عدة عليه ثم يتزوج من جديد.

س: إذا كان وطأها؟

الشيخ: إذا وطأها ما يضر فهو يظنها زوجته وطء بشبهة ما يمنع النكاح، الماء من الماء والولد له.

المثال الأربعون: إذا كان لرجلِ على رجل مالٌ، وللذي عليه المال عقارٌ، فأراد أن يجعل عقاره في يَد غريمه يستغلّه، ويقبض غَلّته من دَيْنه، جاز ذلك؛ لأنه توكيل له فيه، فإن خاف الغريمُ أن يعزله صاحب العقار عن الوكالة:

فالحيلة: أن يَسْتَرهنه منه ويستديم قبضه، ثم يأذن له في قبض أجرته من دينه، ولو لم يأذن له فله أن يقبضها قصاصًا.

وله حيلة أُخرى: أن يستأجره منه بمقدار دينه، فما وجب له عليه من الأجرة سقط من دينه بقدره قصاصًا.

السؤال: إذا -سلمك الله طلقها- وطء شبهة، وأراد أن يرجعها يتزوج مرة أخرى هل لها عدة؟

الشيخ: ما لها عدة، ما هي بزوجته، قد وطء بشبهة لكن له أن يتزوجها، يعقد عليها من جديد.

السؤال: الوطء لا يضر؟

الشيخ: الوطء شبهة ما يمنع من الرجوع إليها لكن يرجع بعقد جديد؛ لأنها ما هي بزوجة له حتى يراجعها، غلطان كل واحد أهدي إليه زوجة الآخر.

المثال الحادي والأربعون: إذا كان له جارية، فأراد وَطْأها، وخاف أن تحبلَ منه، فتصير أمَ ولدِ، لا يمكنه بيعها:

فالحيلة: أن يبيعها لأبيه، أو أخيه، أو أخته، فإذا مَلَكَها سأله أن يُزَوّجه إيّاها فيطأها بالنكاح، ويكون ولَدُه منها حرًّا يَعتِقُون على البائع بالرّحِم، وهذا إذا كان ممن يجوز له نكاح الإماء، بأن لا يكون تحته حُرة عند أبي حنيفة، أو يكون خائفا للعَنَت، عادمًا لطَوْل حُرّةٍ عند الجمهور.

المثال الثاني والأربعون: إذا بانت منه امرأته بَيْنُونة صُغرى، وأراد أن يجُدد نكاحها، فخاف إن أعلمها لم تتزوج به؛ فله في ذلك حيل:

إحداها: أن يقول: قد حلفتُ بيمين، ثم استفتيتُ، فقيل لي: جَدّد نكاحك، فإن كانت قد بانت منك عاد النكاح، وإلا لم يَضُرك، فإن كان لها ولي جدّد نكاحها، وإلا فالحاكم أو نائبه.

ومنها: أن يُظهر أنه يريدُ سفرًا، وأنه يريد أن يجعلَ لها شيئًا من ماله، وأن الاحتياط أن يجعله صَداقًا بعقْدِ يُظْهِرُه.

ومنها: أن يُظهر مرضًا، وأنه يريدُ أن يُقِرّ لها بمال، أو يُوصي لها به، وأن ذلك لا يتم، والأحوطُ أن يُظهر عَقْدَ نكاحِ، وجعل ذلك صداقًا فيه.

فإن قيل: إذا بانت منه ملكتْ نفسها، ولم يصح نكاحُها إلا برضاها، ولعلها لو علمت الحال لم ترضَ بالنكاح الثاني.

قيل: رضاها بتجديد العقد للغرض الذي يُريده يتضمنُ رضاها بالنكاح، وهي لو هَزَلَتْ بالإذن صح إذنها، وصح النكاح، مع أنها لم تقصده، كما لو هَزَلَ الزوجُ بالقبول صح نكاحُهُ، وهاهنا قد قصدت بقاء النكاح، ورضيت به، فهو أولى بالصحة.

فإن قيل: فالرجل قاصد إلى النكاح، والمرأة غير قاصدة له.

قيل: بل قصدت إلى تجديد نكاح يتم به غرضها، فلم تخرج بذلك عن القصد والرِّضا.

ولو قال رجل لرجل هَزْلًا ومِزاحًا: زوّجْني ابنَتك على مئة درهم، أو قال: زوِّجني مُولِيتَك، وهي تسمع، فقال له مزاحَا وهزلًا قد زوجتكها، انعقدَ النكاح، وحَلَّ له وطؤها، لحديث أبي هريرة الذي رواه أهل "السنن"، عن النبي ﷺ: ثلاثٌ جِدّهنّ جِدٌّ، وهَزْلهُنّ جِدٌّ: النكاحُ، والطلاقُ، والرّجعةُ.

الشيخ: ينبغي أن يعلم أن هذه الحيل التي ذكرها المؤلف ابن القيم رحمه الله في بعضها نظر، والواجب على صاحب العلم أن ينظر فيها وليس كل ما يقوله الناس صحيح، بل ينظر فإذا تعينت بالدليل الشرعي وإلا فلا يلتفت إليها؛ لأن الأصل تحريم الحيل التي تبيح ما حرم الله يقول ﷺ: لا ترتبكوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل فإذا كانت الحيلة شرعية واضحة بالدليل فلا بأس، وإلا فالواجب تركها وهذه التي طلقها طلاقًا بائنًا بينونة صغرى بأن خالعها على مال ليس له أن يتحيل عليها حيلة غير شرعية؛ فإذا رضيت بالزواج عليه رضا واضح فلا بأس وإلا فليس له أن يتحيل بشيء يخدعها لا بدّ أن تكون على بصيرة برضاها بإعادة النكاح بواسطة وليها.

المثال الثالث والأربعون: إذا كان الرجل حَسَن التصرف في ماله، غيرَ مبذّرٍ له، فرُفع إلى الحاكم، وشُهِدَ أنه مُبَذّر، فخاف أن يحجُر عليه، فقال: إن حجرت علي فعبيدي أحرارٌ، ومالي صدقةٌ على المساكين، لم يَملك القاضي أن يحجُر عليه بعد ذلك؛ لأنه إنما يحجرُ عليه صيانةً لماله، وفى الحجر عليه إتلاف ماله، فهو يعودُ على مقصود الحجر بالإبطال.

 

الشيخ: وهذا أيضًا محل نظر.

المثال الرابع والأربعون: يصحّ الصلح عندنا وعند أبي حنيفة ومالك على الإنكار، فإذا ادّعى عليه شيئًا فأنكره، ثم صالحه على بعضه جاز.

والشافعي لا يُصَحّح هذا الصلح؛ لأنه لم يَثُبتْ عنده شيء، فبأيّ طريق يأخذ ما صالحه عليه؟ بخلاف الصلح على الإقرار، فإنه إذا أقرّ له بالدَّين أو العين، فصالحه على بعضه، كان قد وهبه، أو أبرأهُ من البعض الآخر.

والجمهور يقولون: قد دل الكتاب والسنة والقياسُ على صحة هذا الصلح؛ فإن الله سبحانه وتعالى ندب إلى الإصلاح بين الناس، وأخبر أن الصلح خير، وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، وقال النبي ﷺ: الصلح بين المسلمين جائز، إلا صلحًا أحلّ حرامًا أو حرّم حلالًا.

وأما القياس: فإن المدّعَى عليه يفتدي مُطالبتَه باليمين وإقامة البَيّنة وتوابع ذلك بشيء من ماله يبذله، ليتخلص من الدعوى ولوازمها، وذلك غرضٌ صحيح، مقصود عند العقلاء، وغاية ما يُقدّر أن يكون المدّعي كاذبًا، فهو يتخلّص من تحليفه له، وتعريضه للنكول، فيقضى عليه به، أو تُرد اليمين، بل عند الخِرَقي: لا يصحّ الصلح إلا على الإنكار، ولا يصح مع الإقرار، قال: لأنه يكون هضمًا للحق.

فإذا صالحه مع الإنكار، فخاف أن يرفعه إلى حاكمٍ يُبطلُ الصلح فالحيلة في تخليصه من ذلك: أن يصالحَ أجنبي عن المنكر على مال، ويُقرّ الأجنبيّ لهذا المدّعي بما ادعاه على غريمه، ثم يصالحه مِن دعواه على مالٍ، ولا يفتقر إلى إذن المدعى عليه، ولا وكالته له، إن كان المدّعَى دينًا؛ لأنه يقول: إن كان كاذبًا فقد استنقذته من هذه الدعوى، وذلك بمنزلة فِكاك الأسير، وإن كان صادقًا فقد قضيتُ عنه بعضَ دينه، وأبرأه المدعي من باقيه، وذلك لا يفتقر إلى إذنه.

وإن كان المدعَى عينًا لم يصحّ حتى يقول: قد وكَّلني المنكر؛ لأنه يقول: قد اشتريتُ له هذه العين المدَّعاة بالمال الذي أصالحك عليه، فإن لم يعترف أنه وكله، لم يصح.

فإن لم يعترف بوكالته فطريق الصحة: أن يصالح الأجنبي لنفسه، فيكون بمنزلة شراء العين المغصوبة، فإن اعترف بها للمدعي باطنًا صار هو الخصمَ فيها، وإن لم يعترف بها له لم يَسَعْه أن يخاصم فيها المدّعَى عليه، ويكون اعترافه له بها ظاهرًا حيلةً على تصحيح الصلح.

وعلى هذا: فإن كان المدعى دارًا خَلفها الميتُ لابنه وامرأته، فادعاها رجلٌ، فصالحاه من دعواه على مال، فإن كان صلحًا على الإنكار فالمال بينهما على ثمانية أسهم: على المرأة الثُّمُنُ، وعلى الابن سَبْعَةُ أثمان، وإن كان على الإقرار فالمال بينهما نصفان، والدار لهما نصفان.

فإذا أراد لُزُوم الصلح على الإنكار صالح عَنهما أجنبي على الإقرار، فلزم الصلح، وكان المال بينهما على سبعة أثمان، وكذلك الدار؛ فإنهما لم يُقِرَّا له بالدار، وإقرار الأجنبي لا يلزمهما حكمه.

الشيخ: وهذه الحالة يغني عنها -والحمد لله- الصلح ولا حاجة للحيل فيها فإذا ادعى عليه أنه سرق السيارة هذه أو الأرض هذه أرضه أو أن البيت بيته جاز الصلح بدلًا من الدعوى والأيمان والخصومات الطويلة فالصلح خير، فإذا اصطلحا على أنها أنصاف أو يعطيه الربع أو يعطيه الثلث أو يعيطه مالًا معلومًا عن دعوى ولا حاجة إلى اليمين ولا حاجة إلى الترافع إلى المحكمة فلا حرج الصلح جائز بين المسلمين، لكن اجتهادًا منهم يأثم إن كان المدعي كاذبًا وهو آثم وقد أخذ المال بالباطل وإن كان المدعى عليه كاذبًا فهو آثم أيضًا فالواجب على الجميع الاعتراف بالحق، فإذا لم يتيسر ذلك جاز الصلح، بأن يأخذ بعض حقه النصف أو الثلث أو أقل أو أكثر أو مالًا معينًا بدل الدعوى وبدل الترافع إلى المحكمة ولا حرج في ذلك.

وفي مثل هذا قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] وقوله جل وعلا: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] وقوله تعالى في قصة الفئتين: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] العمدة الآيات الكريمات في الصلح.

 المثال الخامس والأربعون: إذا ادّعى عليه أرضًا في يده، أو دارًا، أو بستانًا، فصالحه على عشرة أذْرُعٍ أو أقَلّ أو أكثر جاز، وكذلك لو صالحه على عشرة أذرع من أرض أو دار أخرى جاز؛ لأنه يقول: قد أخذتُ بعض حَقّي وأسقطتُ البعض.

فإن خاف أن يرفَعَه إلى حاكم حنفي، لا يَرى جواز ذلك بناءً على أنه لا يجوز بيعُ ذراع، ولا عشرة من أرضِ أو دارِ؛ فطريق الجواز: أن يَذرَع الدار التي صالحه على هذا القدر منها، ثم ينسبه إلى المجموع، فما أخرجته النسبة أوْقَع عقد الصلح عليه، ويصح ذلك ويلزم.

المثال السادس والأربعون: إذا أوصى لرجل بخدمة عبده مُدّةً معينة أو ما عاش جاز ذلك، فإذا أراد الوارث أن يشتري من الموصي له خِدْمة العبد لم يصحّ؛ لأن حَقّ الموصي له إنما هو في المنافع، وبيعُ المنافع لا يجوز.

والحيلة في الجواز: أن يُصالحه الوارث من وَصِيَّته على مال معيَّن، فيجوز ذلك.

وكذلك لو أوصى له بحَمْل شاته، أو أمَتِه، أو بما يحمل شَجَرُه عامًا، فإذا أراد الوارث شراءه منه لم يصح، وله أن يُصالحه عليه؛ فإن الصلح وإن كان فيه شائبة من البيع فهو أوسع منه.

المثال السابع والأربعون: لو شَجه رجل، فعفا المشجوج عن الشّجّة، وما يحدث منها، ثم مات منها، لم يلزم الشاج شيءٌ، ولو قال: عفوتُ عن هذه الجراحة، أو الشجّة، ولم يقل: وما يحدث منها، فكذلك في إحدى الروايتين.

في الأخرى: يضمن بقِسْطها من الدّية.

ولو قال: عفوت عن هذه الجناية، فلا شيء له في السراية، روايةً واحدة.

وعند أبي حنيفة: له المطالبة بالدّية في ذلك كله، إلا إذا قال: عفوت عنها، وعما يحدث منها.

فالحيلة في تخلص المعفي عنه: أن يشهد على المجني عليه: أنه عَفا عن هذه الجناية أو الشّجة وما يحدث منها، فيتخلص عند الجميع.

المثال الثامن والأربعون: إذا مات وتَرك زوجةً وورثة، فأرادت الزوجة أن يُصالحها الورثةُ على حَقِّها، نظرنا في التَّرِكة، وفى الذي وقع عليه الصلح.

فإن كان في التَركة أثمانٌ ذهبٌ وفضة، فصالحَتْهم على شيء من الأثمان لم يصح، لإفضائه إلى الربا؛ فأن صلحها بيع نصيبها منهم.

وإن صالحتْهم على عَرض أو عقارٍ، أو كان في التركة دراهم، فصالحتهم بدنانير، أو بالعكس جاز، ولا تَضُر جهالةُ حقها؛ لأن عقد الصلح أوسعُ من البيع كما تقدم.

فإن كان في التركة ديون لم يَصِح الصلح؛ لأن بَيع الدَّين من غير الذي هو في ذِمّتِه لا يصح، ويحتمل أن يقول بصحته، كما يصح عن المجهول، وإن لم يصح في نفسه.

فالحيلة في صلحها عن الدَّين أيضًا: أن يُعَجّل لها حِصَّتها من الدَّين، يُقِرضها الورثة ذلك، وتُوكّلهم باقتضائه، ثم تُصالحهم من الأعيان على ما اتفقوا عليه؛ لأنهم إذا أقرضوها حِصّتها من الدَّين، ثم وَكّلَتهم بقبض حِصّتها من الدَّين، فإذا قبضوا حِصّتها من الدين فقد حصل في أيديهم من مالها من جنس ما لهم عليها فيتقاصان، ويكون عقدُ الصلح قد وقع عن العروض والمتاع خاصة.

فإن لم تَطِبْ أنفسهم أن يُقرضوها قَدْرَ حِصّتها من الدَّين، وأحبت تعجيل الصلح، صالحتهم من حقها من المتاع والعُروض، دون الديون، وكلما قُبض من الدين شيءٌ أخذت حقها منه، فإن تعسّر ذلك، وشقّ عليها، وأحبّت الخلاص، حابَوها في الصلح من الأعيان بأكثر من حقها منها، وأقرت أن الدّين حقّ للورثة دونها، من ثمن متاعٍ باعه الميت لهم.

فإن أرادوا قسمة الدين في الذمم فالمشهور: أنه لا يصح؛ لأن الذّمم لا تتكافأ.

وفيه رواية أخرى: تجوز قسمته، وهي الصحيحة، فإنه قد تكون مصلحة الورثة والغرماء في ذلك، وتفاوُتُ الذمم لا يمنعُ القسمة؛ فإن التفاوت في المحل، والمقسومُ واحد مُتماثلٌ، وإن اختلفت محالُّه.

الشيخ: وهذا هو الصواب، إذا تقاسموا لا بأس .............. فإذا كان للميت ديون على جماعة واقتسم الورثة ذلك فقال زيد الذي عند فلان تبعي والذي عند عمرو تبع فلان، واللي عند خالد تبع فلان، تراضوا حسب الميراث فلا بأس، هذا يطالب بهذا وهذا يطالب هذا لا حرج.

وإذا كان الغرماء كلهم مُوسِرين أو مُعْسِرين، أو بعضهم موسرًا، وبعضهم معسرًا، فأخذ كل من الورثة موسرًا ومعسرًا، كان هذا عَدْلًا غير ممتنع، وقد تراضوْا به، ولا وجه لبطلانه، وبالله التوفيق.

المثال التاسع والأربعون: إذا كان لرجل على رجل دَين، فقال: تصدّق به عَنّي، ففعل، لم يَبْرأ، وكانت الصدقةُ عن المُخْرج ودَينُه باقٍ، قاله أصحابنا؛ لأنه لم يتعين، ولأنه لا يكون مُبرِئًا لنفسه بفعله.

قالوا: وطريق الصحة أن يقول: تصدّق عنى بكذا بقدر دينه، ويكون ذلك اقتراضًا منه، فإذا فعل ثبت له في ذمته ذلك القَدْرُ، وعليه له مثله، فيتقاصّان.

الشيخ: هذا توكيل لفظي فإذا قال: تصدق به عني قد وكله، ............... من نفسه، وتصدق به على الفقراء فلا محذور في هذا ...... يقبض من نفسه ويعطيه للفقراء الأمر في هذا واسع.

وكذلك لو قال له: ضارِبْ بالمالِ الذي عليك والربحُ بيننا، لم يصح.

والحيلة في صحته أن يقول: أذنتُ لك في دَفْعه إلى ابنك، أو زوجتك وديعةً، ثم وكّلتك في أخذه والمضاربة به.

والظاهر: أنه لا يحتاج إلى شيء من ذلك، ويكفي قبضه من نفسه لربّ المال، وإذا تصدق عنه بالذي قال كان على الآمر، هذا هو الصحيح،

الشيخ : لا شك أن هذا هو الصواب.

 وهو تخريج لبعض أصحابنا ولا حاجة به إلى هذه الحيلة، فإذا عَيّنه بالنّية تعيَّن، وكان قابضًا من نفسه لموكله، وأيّ محذور في ذلك؟

المثال الخمسون: يجوز استئجار الأجير بطعامه وكسوته عندنا، وكذلك الدابّة بعلَفِها وكذلك المرضِعة، وهو مذهب مالك.

وقال الشافعي: لا يجوز فيهما.

وجوَّزه أبو حنيفة في الظِّئْرِ خاصة.

فإذا عقد الإجارة كذلك، ثم خاف أن يرفعه إلى حاكم يرى بُطلانها، فيُلْزِمَه بأجرة مثله:

فالحيلة في تصحيح ذلك: أن يستأجره بنقدِ معلوم، يكون بقدرِ الطعام والكسوة، ثم يُشْهد عليه أنه وَكّله في إنفاق ذلك على نفسه وكسوته، وكذلك في الدابّة.

المثال الحادي والخمسون: يجوز للمستأجر أن يُؤجِر ما استأجره للمؤجر، كما يجوز لغيره.

وأبو حنيفة يبطل هذه الإجارة.

فالحيلة في لزومها: أن يؤجِر ذلك لأجنبي غير المؤجر، ثم يؤجره إياه الأجنبيُّ.

السؤال: هل يجوز للمستأجر أن يؤجر؟

الشيخ: لا بأس، وقول أبي حنيفة في هذا ليس بشيء، الصواب قول الجمهور، استأجرت من زيد بيته بعشرة ريال سنة أو سنتين ثم احتاجه قال: ودي تأجره لي فأجرته أنت.. إذا أجرته عليه مرة أخرى فلا بأس بأقل أو بأكثر أو بالمثل أو طلب الإقالة ووافقت على الإقالة .

السؤال:...............................

الشيخ: المقصود هو المؤجر، الكلام على المؤجر عقار وإلا غير عقار، عقار وإلا سيارة وإلا غيره.

السؤال:...........................

الشيخ: هو المستأجر صاحب الملك هو المستأجر أجر عليك بيت ثم احتاجه قال ودي تأجره لي بأعطيك كذا زيادة خارجة أو أقل أو بالمثل أو قال أقلني سامحني رده علي فرده عليك بعض الأجرة، كله طيب.

السؤال:........................

الشيخ: المسلمون على شروطهم إذا تشارطوا المسلمون على شروطهم، إذا شرط عليه المسلمون على شروطهم، أما إذا كان هناك فرق له أن يؤجر على مثلها أو أقل على مثله في المنفعة أو أقل على وجه لا يضر المستأجر.

السؤال:......................

الشيخ: ماله حق في هذا، هذا قد ملكه بالإيجار حتى تنتهي المدة، لكن هل يجوز يستأجر عليه أم لا؟ قد ملكه ما له حقًا عليه أجره عليه سنة كاملة لا حق عليه حتى يتمم السنة لكن صاحب البيت يحتاجه وده يسكن فيه قال ودت أنك تعيده علي وأعطيك الدراهم التي أعطيتني أو تأجره عليّ باقي المدة لا بأس.

المثال الحادي والخمسون: يجوز للمستأجر أن يُؤجِر ما استأجره للمؤجر، كما يجوز لغيره.

وأبو حنيفة يبطل هذه الإجارة.

فالحيلة في لزومها: أن يؤجِر ذلك لأجنبي غير المؤجر، ثم يؤجره إياه الأجنبيُّ.

الشيخ: وهذا لا وجه له، إنكار أبي حنيفة لا وجه له، فإذا استأجر إنسان أرضًا أو دارًا ثم بدا له أن يؤجرها على المؤجر أو المؤجر احتاج إليها فلا بأس وأي محذور في هذا ملكها قال له المؤجر: أنا محتاج، إما تعطيني الدار وإلا تؤجرها لي إياها لأني محتاج لا بأس أن يؤجره إياها أو يقيله.

المثال الثاني والخمسون: إذا كَفَل اثنان واحدًا، فسلّمه أحدهما، برئ الآخر، كما لو ضمنا دينًا، فقضاه أحدهما، فإن خاف أن يرفعه إلى حاكم لا يرى ذلك، ويُلزم الآخر بتسليمه:

فالحيلة في خلاصه: أن يَكْفلا بهذا المكفول به، على أنه إذا دفعه أحدهما فهما جميعًا بريئان، أو يُشهدا عليهما أن كل واحد منهما وكيل صاحبه في دفع المكفول به إلى الطالب، والتبرؤ إليه منه، فيَبْرآن على قول الجميع.

المثال الثالث والخمسون: يصح ضمانُ المجهول، وضمان ما لم يجب عندنا، كما. يصح ضمان الدّرَك، فإذا قال: ما أعطيتَ لفلان فأنا ضامنٌ له صح ولزمه.

وقال الشافعي: لا يصح.

فالحيلة في صحته لئلا يُبطل ذلك حاكمٌ يرى بطلانه: أن يقول: ما أعطيت لفلان من درهم إلى ألف؛ فأنا ضامن له.فإن ضمنه اثنان وأطلقا جاز، واستويا في الغُرْم، فإن ضمناه على أن على أحدهما الثلث، وعلى الآخر الثلثين، جاز ذلك؛ لأن المال إنما يجب على كل منها بالتزامه، فإذا التزماه على هذا الوجه صحَّ.

فإن أراد أحد الضامِنَيْن أن يضمّن الآخر ما لزمه من هذا الضمان، فيصير ضامنًا، جاز ذلك أيضًا؛ لأن المال قد ثبت في ذِمة كل واحد منهما، فإذا ضمنه أحدهما جاز، كما يجوز في الأصل.

المثال الرابع والخمسون: إذا اشترك رجلان شرِكَةَ عنان، فسافر أحدهما بالمال بإذن شريكه، فخاف أن يموت المقيم، فيشتري بالمال بعد موته متاعًا، فيضمن؛ لأنه قد انتقل إلى الورثة، وبطلت الشركة.

فالحيلة في تخلصه من ذلك: أن يُشهد على شريكه المقيم أن حِصّته في المال الذي بينه وبينه لولده الصغار، وقد أوصى إلى شريكه بالتصرف فيه، وأمره أن يشتري لهما ما أحب في حياته وبَعْدَ وفاته، فإن كان ولده كبارًا أشهد على نفسه أن هذا المال لهم، ثم يأمر ولَدُه الكبارُ هذا الشريكَ أن يعمل لهم في مالهم هذا بما يرى، ويشتري لهم ما أحب.

المثال الخامس والخمسون: إذا كان لرجلين على امرأة ألف درهم مثلًا، فتزوجها أحدهما على نصيبه في المال الذي عليها، صح النكاح، وبرئت ذمة المرأة من ذلك القدر، ولم يلزم الزوجَ أن يضمن لصاحبه شيئًا منه؛ لأنه لم يقبض شيئًا من نصيبه، ولم يحصل في ضمانه، فجرى مجرى إبرائها له منه.وبعض الفقهاء يضمّنه نصيب شريكه من المهر، ويجعله كالمقبوض؛ لأنه عاوض عليه بالبُضْع، فهو كما لو اشترى منها به سِلْعة، فإنها تكون بينهما، وهاهنا تعذّرت مشاركته في البُضْع، فيشاركه في بدله، وهو المهر، فكأنها وفّته نصيبه من الدين.

وطريق الحيلة في تخلصه من ذلك: أن يهبَ لها نصيبه مما عليها، ثم يتزوجها بعد ذلك على خمس مئة في ذمَّته، ثم تهَبَ له المرأة ما لها عليه من الصّداق؛ فإن أحد الشريكين إذا وهب نصيبه من المال المشترك لا يضمن لشريكه شيئًا؛ لأنه متبرِّع.

فإن خاف أن يهبها أو يُبرئها فتغدر به، ولا تتزوج به:

فالحيلة له: أن يُشهد على إقرارها أنه يستحق عليها ذلك المبلغ مادامت أجنبية منه، وأنه لا يستحق على زوجته فلانة شيئًا من ذلك المال.

وأكثر ما فيه: أنه يسميها زوجة قبل العقد، فإذا تم العقدُ بَرِئَتْ من الدين.

فإن خاف أن لا تُبرئه من الصّداق، وتطالبه به، ويسقط حقه من المال الذي عليها:

فالحيلة له: أن يُشْهد عليها في العقد: أنه بَرِئ إليها من الصداق، وأنها لا تستحق المطالبة به.

المثال السادس والخمسون: إذا أراد أن يشتري جارية، وعرض له آخر يريد شراءها، فاستحلف أحدُهما صاحبه: أنه إن اشتراها فهي بينه وبينه نصفين، فأراد أن يشتريها وتكون له، تأوّل في يمينه: أنه إن اشتراها بنفسه فهي بينه وبينه، فإذا وكّل من يشتريها له كانت له وحده.

فإن استحلفه أنه إن ملكها فهو شريكه فيها، بطلت هذه الحيلة، فله أن يأمر مَنْ يثق به أن يشتريها لنفسه، ويؤدي هو عنه الثمن، ثم يُزَوّجه إياها، فإذا أراد بيعها اسْتَبرأها، ثم أمر ذلك الرجل أن يبيعها ويُرجع ثمنها إليه.

المثال السابع والخمسون: إذا كان بينهما عَرض من العُروض، فاشتراه منهما أجنبي بمائة درهم، وقبضه، ثم إن المشتري أراد أن يُصالح أحدهما من جميع الثمن على بعضه، على أن يضمن له الدّرَك من شريكه، حتى يُخَلّصه منه، أو يَرُدّ عليه جميع الثمن الذي وقع العقد عليه.

فقال القاضي: لا يجوز ذلك؛ لأن الضمان لما كان على شريكه إنما يجب بقبضه المال، وذلك لم يُوجد، فلا يكون مضمونًا عليه.

فالحيلة للمشتري: أن يكون بريئًا، وإن أدركه دَرَك من شريكه، رَجَع به على الذي صالحه أن يحطّ الشريكُ المصالحُ عن المشتري نصيبه كلَّه من الثمن، ثم يدفع المشتري إليه نصيب صاحبه، فصالحه على أنه ضامنٌ لما أدْرَكه من شريكه، حتى يُخلّصه منه، أو يَرُد عليه ما قَبضه منه، ويُبرئه هو من نصيبه؛ لأنه إذا أبرأه من نصيبه لم يبقَ من الدين إلا نصيب صاحبه، فإذا قَبضه كان مضمونًا عليه؛ لأنه قبضَ دَيْن الغير بغير أمْره.

المثال الثامن والخمسون: إذا كان عبد بين شريكين مُوسرين، فأراد كل منهما عِتْقَ نصيبه، وأن لا يَغْرَمَ لشريكه شيئًا:

فالحيلة: أن يوكِّلا رجلًا فيعتقه عنهما، ويكون ولاؤه بينهما.

الشيخ: أو يوكل أحدهما على الآخر يكفي.

المثال التاسع والخمسون: إذا سأله عبده أن يُزَوّجه أمَتَه فحلف أن لا يفعل، ثم بَدَا له في تزويجه:

فالحيلة: أن يبيع العبد والأمة لمن يَثقُ به، ثم يُزَوّجه المشتري، فإذا تم العقد أقالَه في البيع.

الشيخ: هذه ما لها حاجة، يكفي كفارة يمين والحمد لله.

ولا بأسَ بمثل هذه الحيلة، فإنها لا تتضمن إبطال حقٍّ، ولا تحليلَ مُحَرَّم، وذلك غيرُ ممتنع على أصلنا؛ لأن الصفة وهي عقد النكاح قد وُجدت في حال زوال ملكه، فلا يتعلق بها حِنثٌ، ولا يحنثُ أيضًا باستدامة التزويج بعد ملكهما؛ لأن التزويج عبارة عن العقد، وقد انقضى، وإنما بقي حكمه.

ولهذا لو حلف: لا يتزوج، فاستدام التزويج، لم يحنث، وهذا بخلاف ما إذا حلف على عبده: أنه لا يدخلُ الدار، فباعه، ودخلها، ثم ملكه، فإن دخلها حَنِثَ؛ لأنه ابتدأ الدخول واليمينُ باقية، ولو دخلها في حال زوال ملكه، ثم ملكه وهو داخل فيها حَنِثَ؛ لأن الدخول عبارة عن الكَوْنِ، وذلك موجود بعد الملك الثاني،

الشيخ: هذا يختلف بحسب النية، إن حلف ألا يدخل الدار حال كونه مملوكًا له ............... اليمين عند بيعه له، أما إذا حلف أنه لا يدخله مطلقًا لأنه يكرهه ولا يريده هذا محل الحنث.

لأن الدخول الأول عبارة عن الكَوْنِ، وذلك موجود بعد الملك الثاني، فيحنث به، كما لو كان موجودًا في الملك الأول.

وقد قال أحمد في رواية مُهَنّا في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن رهنتِ كذا وكذا، فإذا هي قد رَهَنَته قبل يمينه، فقال: أخاف أن يكون حَنِثَ.

قال القاضي: وهذا محمول على أنه قال: إن كنتِ رهنْتِهِ، وهذا تأويل منه لكلام أحمد.

وظاهر كلامه: أنه جعل استدامة الرّهن بمنزلة ابتدائه، كالدخول.

المثال الستون: إذا كان له عليه مال، فمرض المستحق، وأراد أن يُبرئه منه، وهو يخرج من ثلثه، فخاف أن يكْتُم الورثة ماله، ويقولوا: لم يَدَعْ إلا الدَّينَ الذي على هذا.

فالحيلة في خلاصه: أن يُخرِج المريض من ماله بقدر الدَّين الذي على غريمه، فيملّكه إياه، ثم يستوفيه منه، ويشهد على ذلك، وكذلك إذا أراد المريض أن يعتق عبدًا، وله مال، يُخرج من ثلثه، ويملِّكه ماله، فخاف أن يقول الورثة: لم خلف الميت شيئًا غير هذا العبد وماله:

فالحيلة: أن يبيع المريض العبد من رجل يثقُ به، ويقبض الثمن، فيهبه للمشتري ثم يعتقه المشتري.

فإن كان على الميت دين، وله وفاء وفَضْل يخَرج العبدُ من ثلثه، فخاف المريضُ أن يُغَيّب الورثةُ ماله، ثم يقولوا: أعتق العبد ولا مال له غيره، فلا يجوز له ما صنع من ذلك:

فالحيلة فيه: أن يبيع العبد من نفسه، ويقبض الثمن منه، بمحضر من الشهود، ثم يهب المريض للعبد ما قبض منه في السّرّ، فيأمن حينئذٍ من اعتراض الورثة، فإن لم يكن للعبد مال يشتري به نفسه وَهَبه السيد مالًا في السر، وأقْبَضه إياه، فيشتري به العبدُ نفسه من سيده.

فإن لم يُردِ السيد عتقه، وأراد بيعه من بعض ورثته بمال للوارث على المريض، ليست له به بينة:

فالحيلة في ذلك: أن يقبض وارثه ماله عليه في السرِّ، ثم يبيعه العبدُ ويُشْهد له على ذلك، ويقبض الثمن بمحضر من الشهود، فيتخلّص من اعتراض الورثة.

المثال الحادي والستون: إذا أوصى إلى رجل، فخاف أن لا يقبل، فقال: إن لم يقبل فلان وصيتي فهي لفلان، صح ذلك بسنة رسول الله ﷺ الصحيحة الصريحة التي لا تجوز مخالفتها، حيث عَلّق الإمارة بالشرط، فتعليق الوصية أولى، لأنه يستفيد بالإمارة أكثر مما يستفيد بالوصية.

وبعض الفقهاء يبطل ذلك.

الشيخ: وهذا مثل ما قال ﷺ مثل ما فعل في جيش قال: أميركم زيد، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة علق الإمارة بالشرط، وهذا يدل على جواز التعليق بالوكالة والطلاق وغير ذلك الأمر في هذا واسع فإذا قال: وكيلي فلان على كذا وكذا فإن توفي أو رد الوكالة فوكيلي فلان، أو فلانة طالق إن فعلت كذا وما أشبه ذلك.

المثال الحادي والستون: إذا أوصى إلى رجل، فخاف أن لا يقبل، فقال: إن لم يقبل فلان وصيتي فهي لفلان، صح ذلك بسنة رسول الله ﷺ الصحيحة الصريحة التي لا تجوز مخالفتها، حيث عَلّق الإمارة بالشرط، فتعليق الوصية أولى، لأنه يستفيد بالإمارة أكثر مما يستفيد بالوصية.

وبعض الفقهاء يبطل ذلك فالحيلة في ذلك: أن يُشهد المريض أنهما جميعًا وَصِيَّاه، فإن لم يقبل أحدهما، وقبِل الآخر، فالذي قَبِل منهما وصِي وحده، فإن قبِلا جميعًا فلكلِّ واحد منهما أن يَنْفَردَ بالتصرّف عن صاحبه، لأنه رَضي بتصرُّف كلِّ واحد منهما، قاله القاضي.

فإن خاف أن يمنع ذلك مَن لا يرى انفرادَ أحدهما بالتصرّف، ويقول: قد شَرّك بينهما، وجعلهما بمنزلة وَصيٍّ واحد:

فالحيلة في الجواز: أن يقول: أوصيتُ إليهما على الاجتماع والانفراد.

المثال الثاني والستون: إذا تصرّف الوصي، وباع واشترى، وأنفق على اليتيم، فللحاكم أن يُحاسبه ويسأله عن وجوه ذلك، ولا يمنعه من مُحاسبته كونُه أمينًا؛ فإن النبي ﷺ حاسب عُماله، كما ثبت في "صحيح البخاري": أنه بعث ابن اللُّتْبِيَّةِ عاملًا على الصّدقة، فلما جاء حاسبه.

فإن أراد الوصي أن يتخلص من ذلك، فالحيلة له: أن يجعل غيره هو الذي يتولى بَيْع التركة، وقَبْضَ الدين والإنفاق، ولا يَشْهد على نفسه بوصول شيء من ذلك إليه، فإذا سأله الحاكم قال: لم يَصِلْ إليَّ شيءٌ من التركة، ولا تَصَرّفتُ فيها، فإن كانت التركة قد بِيعَتْ بأمره وقُبض ثمنُها بأمره، وصُرِفَ بأمره، فحلّفه الحاكم إنه لم يقبض، ولم يُوَكّل مَنْ قبض وتصرف وأنفق، فإن كان مُحسنًا قد وضع التركة موضعها ولم يَخُنْ، وسعه أن يتأوّل في يمينه، وإن كان ظالمًا؛ لم ينفعه تأويله.

السؤال:........................

الشيخ: يقول النبي ﷺ: من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد إذا كان للتأثير أما تعلم المنازل فلا بأس على الصحيح، تعلم منازل القمر حتى يهتدي بذلك إلى الأوقات المعروفة فلا بأس تعلم منازل القمر، تعلم النجوم للسير لمعرفة الطرقات كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الأنعام:97] وقال تعالى: وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16] فتعلم المنازل حتى تعرف الطرق والمياه والأوقات أوقات الصيف وأوقات الحر لا بأس بهذا أما للتأثير لا.