02 شرح الأصول الثلاثة

وَبَعْدَ الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم:31]، وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7].

وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165].

وَأَوَّلُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ.

وكل أمةٍ بعث اللهُ إليهم رسولًا من نوحٍ إلى محمدٍ يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا [النحل:36]، وَافْتَرَضَ اللهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، يقول المؤلفُ رحمه الله تعالى: وبعد البعث مُحاسبون، الناس بعد البعث -بعدما يبعثهم الله يوم القيامة- محاسبون ومجزيون بأعمالهم، خيرها وشرّها، يجب الإيمانُ بهذا، قال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى، هذا خبره : أنه يجزي الذين أساءوا بما عملوا، يعني: يوم القيامة، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وقد تُعجل العقوبة في الدنيا للمُسيء، للمسيء العقوبة، وللمُحسن الثواب، وقال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا زعم يعني: قالوا كاذبين، الزعم كناية عن الكذب: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي يعني: قل لهم يا محمد: بلى وربي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، فسوف يُبعثون، وسوف يُجزون بأعمالهم، خيرها وشرّها، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ.

وأرسل اللهُ جميعَ الرسل مُبشرين ومُنذرين، كما قال تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، وأولهم نوحٌ، هو أول الرسل عليه الصلاة والسلام، وآخرهم وخاتمهم محمد ﷺ، كما قال : إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [النساء:163]، وقال تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، فهو آخرهم وخاتمهم عليه الصلاة والسلام، وسوف يشهدون على أممهم: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء:41]، قد بلَّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانةَ، ونصحوا لله ولعباده عليهم الصلاة والسلام.

فالواجب اتِّباع هذا النبي الكريم، والسير على منهاجه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158]، ويقول قبلها: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157].

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.

س: إذا كان على رجلٍ دَينٌ، وهو مستحقّ للزكاة، أو من أهل الزكاة، فهل يجوز للرجل أن يدفع لهذا الرجل الزكاةَ ثم يُطالبه بالدَّين؟

ج: دَينه هو يعني؟

س: نعم.

ج: لا، يُعطي دَينه، يُوفي الناس، أما دَينه لا، هذا وقاية لماله، يُعطيه الزكاة ويقول: أوفِ دَينك للناس. أما أنه يقول له: أُعطيك حتى تُعطيني، لا، لكن إذا أعطاه لأجل فقره وحاجته ودَينه ثم أوفاه لا بأس، من غير شرطٍ، الله جلَّ وعلا قال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60]، الغارمون هم أهل الدَّين، سواء كان الدَّينُ لله أو للآدميين، إذا كانوا فُقراء ما عندهم قُدرة يُعطون ما يُوفون به الدَّين، لكن إذا كان الدَّينُ لك أنت، وكنت راعي الزكاة، لا تقل: هذا الدَّين أُعطيك من الزكاة حتى تُوفيني، لا؛ لأنَّ هذا وقاية لمالك، لكن تُعطيه ويُوفي الدَّين الذي عليه، وإذا أعطاك من غير شرطٍ، أعطاك لوفاء دينك مثلما يُعطي غيره لا بأس، أما أن تشرط عليه: وإلا هذا شرطي أن تردّه عليَّ لأجل قضاء ديني، ما يصلح.

الله أمر مَن له دَين على المعسر أن ينظر، قال: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، يلزمه إنظاره، ولا يجوز إلزامه بقضاء الدَّين وهو مُعسر.

س: إذا كان هناك فقيرٌ يحتاج الزكاةَ، وإذا دفع إليه الزكاةَ قبل حلول الحول ثم عدَّ ذلك من الزكاة في آخر الحول هل يجوز هذا؟

ج: إذا عجَّلها ما في بأس، بنية الزكاة، إذا كان الحولُ مثلًا يحلّ في رمضان أو في رجب وأجَّلها، واليوم رأى فقيرًا محتاجًا فأعطاه إياها بنية الزكاة لا بأس، إخراجها قبل الحول ولو كلها، سواء كلها أو بعضها.