فتاوى اللقاء المفتوح للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

س: سماحة الشيخ، بالنسبة لصلاة الاستخارة: هل صلاة الاستخارة تكون عند التَّردد بين أمرين، أم عند العزم على أمرٍ واحدٍ؟

ج: صلاة الاستخارة تكون عند الاشتباه، إذا عزم على الأمر، أو تردد بين أمرين، أو عزم على السَّفر وعنده اشتباه، أو على الزواج من امرأةٍ وعنده تردد، أو ما أشبه ذلك، فيُصلِّ ركعتين، ثم يستخير الله في ذلك بما أشكل عليه.

س: هل الدِّراسة من أجل الحصول على الشَّهادة تُعتبر شركًا؟ وهل هو أكبر أم أصغر إن كان شركًا؟

ج: الواجب على المؤمن أن تكون دراسته يريد بها التَّفقه في الدِّين والتَّعلم، ومعرفة ما أوجب الله، وما حرَّم الله؛ حتى يكون على بصيرةٍ.

أما إذا درس لأجل الدنيا فهذا من الشرك الأصغر، ينبغي للإنسان أن تكون نيته وجه الله والدار الآخرة، وأن تكون همته عليا، يقول الشيخ رحمه الله في كتاب "التوحيد": "باب من الشِّرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا"، يعني: الشرك الأصغر.

فالواجب على المؤمن أن تكون همَّته عالية، أن يقصد بالدراسة وجه الله والدار الآخرة، لا الدنيا وحطامها، فالمؤمن مأمور بالإخلاص لله، قال تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2- 3]، وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]، وقال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].

فالذي يتعلم، أو يأمر بالمعروف، أو ينهى عن المنكر لأجل الدنيا، لا لله، هذا شرك أصغر، مصيبة عظيمة، لا حول ولا قوة إلا بالله.

س: سماحة الشيخ، هل تتفضل حفظكم الله ببيان صفة دفن الميت؟ وهل يجوز دفنه في جميع الأوقات؟ أثابكم الله.

ج: السنة في دفن الميت أن يُلْحَد له في الجهة الغربية من قبره، وأن يُوضع فيه مُكفَّنًا مستورًا، حتى الوجه لا يُكشَف، يكون مستورًا كله في اللَّحْدِ، ثم تُنْصَب عليه اللّبن، وتُحفظ اللّبن باللّبنات التي تسدّ المنافذ، ثم يُهال عليه التراب، ثم يُرفع عن الأرض قدر شبرٍ؛ حتى يعلم أنه قبر، هذا هو السنة في الدَّفن.

س: ما حكم قراءة سورة "يس" على قبر الميت؟

ج: لا يُقرأ على القبور شيء: لا "يس"، ولا غيرها، إنما تُقرأ "يس" عند المحتضر قبل أن يموت، تُستحبّ قراءتها عند المحتضر قبل أن يموت؛ لحديثٍ ورد في ذلك، أما بعد الدَّفن فالقبور لا يقرأ عندها لا "يس" ولا غيرها، لا يقرأ عندها، ولا يُصلَّى عندها، كل هذا من البدع.

س: هل الذَّهاب إلى المسجد بالسيارة يُعادل أجر الذي يمشي على رجليه؟

ج: لا حرج، الأمر واسع، سواء بسيارةٍ، أو على رجليه، الأمر واسع، كله جائز والحمد لله، إن سار على رجليه فهو أفضل إن صار قريبًا، وإن راح بالسيارة فلا بأس.

س: قدمتُ إلى مدينة الرياض منذ حوالي ثلاثة أسابيع لإنهاء بعض الأعمال، فهل تسقط عني السُّنن الرَّواتب، علمًا بأنني بعد ثلاثة أسابيع سوف أعود إلى مدينتي؟

ج: عليك أن تُصلي مع الجماعة أربعًا، وتُصلي الرَّواتب، تُستحبّ لك الرَّواتب، ولا تُصلِّ وحدك، عليك أن تُصلي مع الناس أربعًا، ولا تقصر، ويُستحبّ لك أن تُصلي الرَّواتب: الظهر قبلها أربع، وبعدها ثنتان، وإن صلَّيْتَ قبلها أربعًا وبعدها أربعًا فهو أفضل؛ لقوله ﷺ: مَن حافظ على أربعٍ قبل الظهر وأربعٍ بعدها حرَّمه الله على النار، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، ويُستحبّ أربعًا قبل العصر؛ لقوله ﷺ: رحم الله امرأً صلَّى أربعًا قبل العصر، وبين كل أذانين صلاة، بعد أذان المغرب يُصلي ركعتين، وإذا أذَّن العشاء يُصلي ركعتين، هذا هو الأفضل.

س: ما الفرق بين دعاء العبادة ودعاء المسألة؟

ج: دعاء العبادة: العمل الصَّالح يُسمَّى: دعاء عبادة، الصَّلوات دعاء عبادة، الصوم دعاء عبادة، الصَّدقة دعاء عبادة، التَّسبيح والتَّهليل دعاء عبادة؛ لأنك تطلب الأجر، تفعل هذا تريد الأجر، هذا دعاء عبادة، المصلي والمسبح والمتصدق والحاجّ والمعتمر كلها دعاء عبادة، إنما فعلوا هذا يرجون ثواب الله، يريدون الأجر من عنده، ودعاء المسألة الطلب: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم أنجني من النار، اللهم أدخلني الجنة. هذا يُقال له: دعاء المسألة، صريح الطَّلب.

س: هل يرفع الإنسانُ السَّبابة عند كل ذكرٍ، سواء في الصلاة أو غيرها، أم عند الدُّعاء؟

ج: يُستحبّ رفع السَّبابة عند الشَّهادة من أول ما يجلس إلى أن يُسلم في التَّشهد الأخير، وهكذا في التَّشهد الأول يُشير بالسبابة إلى التوحيد، وعند الدعاء يُحركها قليلًا عند: "اللهم صلِّ على محمدٍ"، وعند "أعوذ بالله من عذاب جهنم"، وعند الدعاء: "اللهم أعني على ذكرك"، عند الدُّعاء يُحركها قليلًا كما فعل النبيُّ ﷺ.

س: ما صحة رفع الإنسان السَّبابة والنَّظر إلى السماء بعد الفراغ من الوضوء؟

ج: يستحبّ أن يقول بعد الفراغ من الوضوء: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التَّوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك"، وإذا أشار بالسبابة فلا بأس، جاء فيها حديثٌ فيه ضعف، جاء بالإشارة بالسبح .....، وإذا أشار بها للتوحيد فلا حرج.

س: امرأة مسلمة تشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ولها أهل كُفَّار: أب وأخ، فهل تحتجب عنهم أم لا؟

ج: لا، لا تحتجب عنهم، تدعوهم إلى الله ولا تحتجب، تدعوهم إلى الله وتُرشدهم إلى الخير، والحمد لله الذي هداها للإسلام، تدعو أباها وإخوتها وأقاربها، تنصح لهم، ولا تحتجب عنهم.

س: ما صفة صلاة النَّافلة على الرَّاحلة في هذا الوقت؟

ج: يُصلي على الراحلة، يقرأ وهو جالس، ويركع وهو جالس في الهواء، ويسجد وهو جالس في الهواء، كما كان النبي يفعل في السَّفر، يفعل هذا في السفر، وهكذا في السيارة، وهكذا في القطار، وفي الطائرة، وفي الباخرة، أما إذا استطاع أن يسجد في السيارة، أو في القطار، أو في الباخرة، أو في الطائرة، إن كان في محلٍّ واسعٍ واستطاع أن يسجد وأن يقف فعل ذلك في الفريضة خاصةً، أما النافلة فيجوز أن يُصلي وهو جالس؛ لأنَّ النافلة لا يجب فيها القيام، لكن الجالس على النِّصف من أجر صلاة القائم في النافلة، أمَّا الفريضة فلا بدَّ أن يُصلي قائمًا.

فإذا دعت الحاجةُ إلى الصلاة في الطائرة: جاء الوقت وهو في الطائرة، أو في الباخرة، أو في السيارة، وجاء الوقت، فإنه يُصلي على حسب حاله، لكن في السيارة يستطيع أن يُوقف السيارة ويُصلي على الأرض، كالدَّابة، أما في الطائرة فلا حيلةَ له، فإذا خشي أن يفوت الوقتُ صلَّى فيها على جهة سيره، يدور مع القبلة حيث دارت الطائرة، ويُصلي جالسًا: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: رجل دخل مُسافرًا مع إمامٍ في صلاة العصر، فلم يُدرك إلا ركعتين، وكان المسافر قد نوى القصر، فصلى معه الرَّكعتين ثم سلَّم معه، فما حكم صلاته؟

ج: المسافر إذا صلَّى مع المقيم يُصلي أربعًا، جاءت السنةُ عنه ﷺ أنه يُصلي أربعًا، فالذي دخل مع المقيم وصلَّى الركعتين الأخيرتين يلزمه أن يُصلي ثنتين بعد ذلك، يكمل، والذي ما فعل عليه أن يُعيد الصلاة التي صلاها ثنتين؛ لأنه يلزمه أن يُصلي أربعًا مع المقيم، المسافر إذا صلَّى مع المقيم صلَّى معه أربعًا.

س: امرأة حاضت، وبعد أن انتهت من الحيض بستة أيام نزل دمٌ مثل دم الحيض، فتركت الصلاة حتى زال عنها الدَّم، فهل فعلها صحيح؟

ج: ما بين الحيضتين هذا دم فسادٍ، تُصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاةٍ، تحفظ عن الدَّم بشيءٍ يحفظ فرجها، وتُصلي لكل وقتٍ، وتوضأ لكل صلاةٍ في الدِّماء التي بين الحيضتين، تُسمَّى: دم استحاضة، دم فسادٍ.

س: ما حكم مَن خرج من بيته مُتطهِّرًا، كان له خطوة حسنة، وخطوة تمسح خطيئة، أو ما في معناه؟ ما رأيكم فيمَن يخرج غير مُتطهرٍ ويتطهر بالمسجد؟

ج: الأفضل أن يتطهر في بيته، كما جاء في الحديث، فإذا خرج من بيته مُتطهِّرًا كتب الله له بكل خطوةٍ: يرفعه الله بها درجة، ويحطّ عنه بها خطيئة، ويكتب له بها حسنة، حتى يصل المسجد، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصَّلاة.

س: ماذا يفعل مَن نسي البسملة بالوضوء؟

ج: لا حرج، لا حرج، إن نسي لا حرج، لكن لا يتعمد تركها، إن نسيها لا حرج.

س: ما معنى قوله ﷺ: ويلٌ للأعقاب من النار؟

ج: معناها: وجوب غسل الأعقاب، والعناية بها، يغسل الكعبين، لا يتساهل؛ لأنَّ الكعبين من المغسولات، الكعبان والمرفقان، المرفقان يُغسلان مع الذِّراع، والكعبان يُغسلان مع القدمين، يجب غسل الكعبين وغسل المرافق؛ لأنَّ الرسول كان إذا توضأ وغسل يديه أشرع في العضد، وإذا غسل رجليه أشرع في الساق، يعني: غسل الكعبين والمرافق عليه الصلاة والسلام.

س: هل يصح أن أغسل بعض الأعضاء ثلاث مرات، وبعضها مرتين؟

ج: لا حرج أن يغسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثًا، وبعضها مرةً، وبعضها مرتين، النبي توضأ مرةً مرةً، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وغسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثًا عليه الصلاة والسلام، فإذا غسل وجهه ثلاثًا، وكل يدٍ مرتين، أو غسل رجليه ثلاثًا أو مرتين لا حرج، لكن الأفضل ثلاثًا ثلاثًا: أن يغسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا، هذا الأفضل، يمسح رأسه مرةً واحدةً، الرأس مرة واحدة، لا يُكرر المسح.

س: هل حديث أبي هريرة: "مَن أراد أن يُطيل غُرَّته فليفعل" حديث أم زيادة من أبي هريرة؟

ج: هذا موقوفٌ، الزيادة موقوفة على أبي هريرة، من كلام أبي هريرة، إذا غسل وجهه كفى، من منابت الشعر إلى نهاية اللحية، هذا غسل الوجه، أما أخذ شيءٍ من الرأس فهذا مما رآه أبو هريرة في إطالة الغُرَّة.

س: أنا شاب أُعاني من انتفاخات في البطن، فلا أستطيع أن أمكث طويلًا وأنا على طهارةٍ؛ لذلك لا أخرج للصلاة إلا قبيل الإقامة، فهل في عملي هذا شيء؟

ج: هذا طيب، حسن، هذا فيه تحري للطهارة والحرص عليها، جزاك الله خيرًا.

س: هل الوضوء لكل صلاةٍ سُنَّة خاصة بالنبي ﷺ أم له ولمن شاء؟

ج: سنة للجميع، توضأ للظهر وضوءًا، وللعصر وضوءًا، فلو كان طاهرًا أفضل، وإن صلَّى بطهارته الأولى: أن يتوضأ للعصر، وصلَّى بها المغرب، وتوضأ للمغرب وصلَّى بها العشاء، فلا بأس بذلك، لا حرج، والحمد لله، النبي ﷺ في يوم الفتح صلَّى عدة صلوات بوضوءٍ واحدٍ؛ ليُبين للناس أنه لا حرج.

س: نحن معاشر النِّساء نجهل الكثير من أمور الدِّين؛ لقلة الدروس الخاصة بنا، فهل تتفضَّلون حفظكم الله بإلقاء بعض الدروس المتعلقة بأحكام المرأة؟

ج: نُوصيكم بسماع إذاعة القرآن، نوصيكنَّ بسماع إذاعة القرآن، ففيها بيان ما يتعلق بالمرأة والرجل جميعًا، في "نور على الدرب" أسئلة كثيرة، ونصائح كثيرة، ومواعظ كثيرة، في إذاعة القرآن، فيها "نور على الدرب" لجماعة من المشايخ، أسئلة الناس في الساعة التاسعة والنصف من كل ليلةٍ، وقد يُذاع ذلك في العصر أيضًا قبل المغرب، فسماع إذاعة القرآن فيها خير عظيم، وفوائد كثيرة، فنُوصي الجميع -الرجال والنساء- بسماع إذاعة القرآن.

س: بعض النساء تقصّ شعرها من الأمام قصة خفيفة، ولكنها مائلة إلى أحد الجانبين. وما حكم فرقة الشّعر المائلة؟

ج: نُوصي الجميع بعدم القصّ، بل تُكرم رأسها وتُوفره؛ لأنه من جمالها، لا تقصّ: لا مقدم، ولا مؤخر، والفرقة تكون من وسطٍ، أما إذا كان طويلًا جدًّا وعليها مشقّة في أطرافه الطويلة، فلا بأس أن تأخذ بعض أطرافه إذا كان فيه طول، كما ورد عن زوجات النبي أنهن أخذن ما طال بعد وفاته ﷺ، إذا كان فيه طول ومشقة، أما الأخذ من مُقدمه ومن مُؤخره، أو التَّشبه بالرجال، كل هذا لا يصحّ.

س: ما قول العلماء المحققين في حديث: إن كان الشُّؤم ففي ثلاثة؟ وهل هناك تعارض مع ما يُروى أنه قال لأهل بيتٍ: ذروها فإنها ذميمة؟

ج: النبي قال: الشؤم في ثلاثة: في الدابة، والمرأة، والمنزل، قد يكون الشُّؤم في المنزل، قد يقع في المرأة، قد يكون في الدَّابة، فإذا رأى أنَّ البيت غير مناسبٍ، أو الدابة غير مناسبة، أو المرأة غير مناسبة فلا بأس أن يُطلقها، يتبين هذا من حال الدابة، ومن حال المنزل، ومن حال المرأة، جزم النبي قال: الشؤم في ثلاثة.

س: ما الحكم في العامي من الرَّافضة؟

ج: تبع ربعهم، العامَّة تبع رؤسائهم، تبع قادتهم، نسأل الله العافية، مثل: عامَّة اليهود، وعامة النصارى تبع قادتهم، نسأل الله العافية.

س: في كل بلدٍ من بلدان المسلمين يوجد مُفتيًا رسميًّا، السؤال: متى تكون فتوى المفتي الرسمي مُلزمة للناس لا تجوز مُخالفتها؟ أفتونا أثابكم الله.

ج: الفتوى الرسمية وغيرها غير مُلزمة، الملزم: قال الله، قال رسوله، فإذا أفتى المفتي أو العالم بما يُخالف الشرع لا تلزم فتواه، المعول على: قال الله، وقال رسوله: الكتاب والسُّنة. أما فتوى الناس فقد تُخطئ، وقد تُصيب، سواء كان مُفتيًا رسميًّا أو غيرها، سواء كان مدرسًا أو غير مُدرسٍ، تُعرض الفتاوى على الكتاب والسُّنة، فما وافقهما قُبِل، وما خالفهما رُدَّ على قائله.

س: فضيلة الشيخ، نشهد الله أنا نُحبكم فيه، سؤالي يا شيخ: لقد ظهر في الآونة الأخيرة كثيرٌ من الأناشيد الإسلامية الشَّبيهة بالغناء التي جعلها كثيرٌ من الناس عوض عن القرآن، فما قولكم في ذلك؟

ج: المحبَّة في الله من أفضل القُربات، فنقول: أحبَّك الله الذي أحببتنا له. والنبي عليه السلام يقول: سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه مُعلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله: اجتمعا على ذلك، وتفرَّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه.

ويقول ﷺ: يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أُظلهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلي، والتَّحاب في جلال الله يُوجب التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق.

الأناشيد هذه إن كان فيها خيرٌ على طريقةٍ واضحةٍ لا بأس، إن كان فيها حقٌّ، وليس فيها مُنكر، أما على سبيل الغناء، وعلى سبيل الصياح الذي يُؤذي الناس، واللَّعب، فلا يجوز، أما إذا كانت أناشيد شرعية -نشيد شرعي- فيها دعوة إلى الحقِّ بلسانٍ طيبٍ وواضحٍ، ليس فيها تلاعب، ولا تشبيه لها بالغناء فلا بأس.

س: انتشرت الشَّاليهات المدمرة للأخلاق، فما نصيحتكم للقائمين عليها ولمرتاديها؟ وما حكم الذَّهاب إليها؟ علمًا بأنَّ فيها سحرًا يُسمونه: البهلوان؟

ج: نعرف الشَّاليهات، فيها تفاصيل، لكن ننصح أن يحذر المؤمن كل مجتمعٍ فيه باطل: مجتمع الأغاني والملاهي، وعلى ما لا يُرضي الله من المعاصي، يجب الحذر منه، كل اجتماعٍ، سواء سُميت: شاليهات أو غيرها، جميع الاجتماعات التي فيها المنكر، أو فيها الدَّعوة إلى المنكر، أو آلات الملاهي، أو الأغاني المنكرة، أو إضاعة الصَّلوات، أو ظهور العورات، يجب اجتنابها، سُميت: شاليهات، أو غير ذلك، نسأل الله العافية.

س: ما الواجب على الوالد في عطيته وهبته لأولاده إذا كان فيهم ذكور وإناث؟ هل يجب أن يُعطي البنت نصف ما يُعطي الولد؟

ج: الواجب العدل؛ لأنَّ الرسول يقول: اتَّقوا الله واعدلوا بين أولادكم، فلا بدَّ أن يُسوي بينهم: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] مثل الإرث، فإذا أعطى الرجلَ ألفًا يُعطي المرأة خمسمئة، لا بدَّ من التعديل بينهم، إلا إذا كانوا مُرشدين وسمحوا لواحدٍ يُعطى زيادةً، وهم مُرشدون وسمحوا عن طيب نفسٍ فلا بأس، أما إذا كانوا غير مُرشدين لا، لا بدَّ من التعديل، يُسوي بينهم، ولا يُعطي هذا ويدع هذا، الرجل والمرأة، المرأة لها نصف الرجل، وإن كانت مُتزوجة، لا بدَّ أن يُسوي بينها وبين إخوتها، ولا يظلم، يعدل بين الجميع، الرسول يقول: اتَّقوا الله واعدلوا بين أولادكم.

س: وهل إذا اشترى سيارةً أو أرضًا أن يفعل مثله مع بقية إخوانه؟

ج: سيارة أو غيرها، إلا إذا كانت باسمه عارية، يذهب بها للمدرسة، وهي باسم الوالد، ما هي بعطيَّة، لكن يذهب بها للمدرسة ويرجع، وهي باسم الوالد لا بأس، أما عطية لا، لا يُعطيه عطية دون إخوته.

س: هل ورد حديثٌ صحيحٌ يدل على أنَّ الاستنشاق والمضمضة بالاتصال أصحّ من الفصل بينهما؟

ج: نعم، جاءت الأحاديث بذلك: يتمضمض ويستنشق بغرفةٍ واحدةٍ إذا تيسر ذلك.

س: رجل صلَّى بجماعةٍ من المسلمين، ولكن بقراءة الفاتحة تعدَّى آيةً، فلم يرد عليه أحد، هل صلاته صحيحة؟

ج: لا، يجب عليه أن يأتي بركعةٍ بدل الركعة التي أسقط منها الآية، يأتي بركعةٍ أخرى بدل الركعة، إذا فاتت الركعةُ ولم يرد عليه وتذكر؛ يأتي بركعةٍ أخرى، إن كان في المغرب رابعة، وإن كان ظهرًا خامسة، وإن كان فجرًا ثالثة؛ لأنَّ قراءة الفاتحة ركنٌ في الصلاة، لا بدَّ من ذلك، ويسجد للسَّهو أيضًا.

س: ما حكم الصلاة على النبي ﷺ بالتَّشهد الأول؟

ج: مستحبَّة، إذا صلَّى أحوط، في التَّشهد الأول إذا صلى، وإن ترك فلا بأس.

س: هل يجوز ترديد الإقامة لكونها مثل الأذان؟ وما الدليل على ذلك؟

ج: الإقامة أخصر من الأذان، الإقامة إحدى عشرة جملة: التكبير في أولها ثنتان، وفي آخرها ثنتان، والبقية فرادى، إلا "قد قامت الصلاة"، هذه الإقامة مثلما عليه العمل الآن: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.

هذه الإقامة التي كان يفعلها بلال بين يدي النبي ﷺ إحدى عشرة جملة، وجاء في حديث أبي محذورة خمس عشرة جملة، تكرار الشَّهادتين مرتين، ولكن الأفضل ما جاء في حديث بلالٍ، وإن كرر الشَّهادة مرتين صارت خمس عشرة، لكن الأفضل مثلما عليه العمل الآن -عمل المسلمين- الإقامة إحدى عشرة.

س: هل يُردد خلفه كالأذان؟

ج: نعم، يُستحبّ أن يُجيب المقيم كما أجاب المؤذن.

س: ما الحكم في بطاقات التَّخفيض التي تُصدرها بعض المحلات لجذب الناس إليهم؟

ج: هذه محل نظرٍ؛ لأنها دعاية إلى أن يُعاملهم الناس ويتركوا الآخرين، فتركها أحوط.

س: في منزلنا عُمَّال غير مسلمين، وهم يعملون في نهار رمضان، وعند موعد الغداء أقوم وأُعطيهم من الطعام في وقت الغداء، ونحن صيام، وهم يأكلون، ونحن لا نأكل، فما الحكم في ذلك؟

ج: الواجب عدم استعمالهم في هذه الجزيرة، الرسول أوصى بإخراج الكفَّار من جزيرة العرب، فالواجب ألا يُستقدموا: لا للعمل، ولا لغيره، الواجب عليكم إبعادهم، والتماس عمال مسلمين، أما العمَّال الكفَّار فلا يجوز استقدامهم، لا من الهند، ولا من غير الهند، بل يجب إبعادهم، ولا يجوز لك أن تستعملهم في هذه الجزيرة.

س: أرجو من سماحتكم كلمة توجيهية للمُبتدئ في طلب العلم، وما أهم المتون التي يلزم حفظها؟

ج: نُوصي الجميع بطلب العلم والتَّفقه في الدِّين؛ لأنَّ الرسول ﷺ يقول: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدِّين، ويقول ﷺ: مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، فنُوصي الجميع بالعناية بطلب العلم، والتَّفقه في الدِّين، وأهم شيءٍ العناية بالقرآن، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، ثم السُّنة.

ومن أحسن الكتب وأخصرها في الحديث: "عمدة الحديث" للشيخ عبدالغني، و"بلوغ المرام" للشيخ الحافظ ابن حجر، هذان كتابان جيدان مُختصران مُفيدان.

وفي العقيدة كتاب "التوحيد" للشيخ محمد، و"العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، و"ثلاثة الأصول"، و"كشف الشبهات"، كتب مُفيدة عظيمة في العقيدة، نُوصي بحفظها.

كذلك "الأربعون النووية"، وتتمَّتها لابن رجب في الحديث في "جوامع الكلم"، خمسون حديثًا جيدًا، نوصي بحفظها أيضًا.

س: إذا دخل الرجلُ الطائرةَ قبل دخول الوقت، وأثناء ما هو في الطائرة دخل وقتُ الصلاة، فما هي الصِّفة والكيفية التي يُصليها بالطَّائرة؟

ج: مثلما تقدم: إذا أمكن الصَّبر حتى تنزل ويُصلي في الوقت يصبر؛ حتى يُصلي الفريضة على هيئتها الشَّرعية، أما إذا لم يتيسر ذلك يُصلي على حسب حاله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، يُصلي إلى القبلة، ويدور مع الطائرة في الفريضة، أما النَّافلة فيُصلي على حسب حاله، يُصلي على جهة سيره في الطائرة النافلة، أما الفريضة فلا بدَّ أن يدور مع القبلة، يُصلي إلى القبلة ويدور مع الطائرة، ويركع ويسجد في الهواء، ويكون سجوده أخفض من ركوعه.

س: ما نصيحتكم للذين لا يحضرون صلاةَ الفجر مع الجماعة؟

ج: الواجب على المؤمن وعلى المؤمنة الحرص على أداء الصلاة في وقتها، وعدم التَّشبه بالمنافقين، المنافق هذه حاله: أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة العشاء، وصلاة الفجر، والواجب الحذر من التَّشبه بهم، وأن يقوم لصلاة الفجر مع المسلمين، وعلى أهله أن يُوقظوه حتى يُصلي مع المسلمين، ولا يجوز له التَّساهل في هذا.

والمرأة كذلك عليها أن تُصلي في الوقت، كل هذا واجبٌ، من أهم المهمَّات، والواجب الحذر من مُشابهة المنافقين.

والذي يتعمد ترك الصلاة حتى يُصليها في الضُّحى هذا كافر -نعوذ بالله- مَن تعمَّد تركها، يقول النبي ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر، ويقول ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشِّرك ترك الصلاة.

فالواجب الحذر من ذلك، الواجب أن يُوقظ ويُوقت السَّاعة على الوقت؛ حتى يُصلي مع المسلمين، حتى يُصلي الصلاة في وقتها، والمرأة كذلك يجب عليها أن تحرص حتى تُصلي الصلاة في وقتها: الفجر، وغير الفجر، نسأل الله للجميع الهداية والعافية.

س: هل يلحق الميت شيء عندما يموت ولا تُوزع تركته بعده؟ علمًا بأنَّ الميت قد تُوفي منذ فترةٍ ولم تُوزع تركته على ورثته حتى الآن.

ج: لا، ما عليه شيء، إذا ما وزّعها لا يلحقه شيء، لكن إذا كان عليه دَينٌ يجب عليهم البدار بقضاء الدَّين؛ لقول النبي ﷺ: نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقضى عنه، الواجب عليهم إذا كان عليه دَينٌ أن يُبادروا بقضاء الدَّين، أما إذا كان ما عليه دَينٌ فالمال مالهم، متى شاءوا وزَّعوه.

س: اختلفت آراءُ العلماء في حكم زكاة الحُلي المستعمل وغير المستعمل، فما رأي سماحتكم في هذه المسألة؟ أفتونا مأجورين.

ج: الراجح أنَّ فيه الزكاة، الحُلي مطلقًا: مُستعمل، أو غير مُستعمل، الواجب فيه الزكاة إن حال عليه الحول وبلغ النِّصاب؛ لأنَّ الرسول ﷺ أمر المرأةَ التي لها حُلي أن تُزكيه، قالت له أمُّ سلمة لما عرضت حُليها، قال: ما بلغ يُزَكَّى فزُكِّي فليس بكنزٍ، وقال للمرأة التي عليها أسورة ما تُزكيها: أيسرك أن يُسورك الله بهما سوارين من نارٍ؟ فالواجب على مَن عندها حُلي تلبسه أو ما تلبسه أن تُزكيه إذا حال عليه الحول وبلغ النِّصاب.

س: سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، سلَّمه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فلا يخفى على سماحتكم ما تتعرض له النِّساء من محاولات لصرفهنَّ عن طاعة ربهن، وانشغالهن بما لا ينفع: لا في الدنيا، ولا في الآخرة، ولكثرة دعاة الباطل في هذا الزمان، ولوجود عدد لا بأس به من الدَّاعيات الفاضلات وطالبات العلم في هذه البلاد المباركة.

فهل من كلمة تشجيعية تستنهض هممهنَّ للدعوة إلى الله في المدارس وغيرها؟

وهل من كلمة لمكاتب الدَّعوة لترتيب دروس تُلقيها طالبات العلم والدَّاعيات المعروفات الموثوقات، سواء في رمضان أو غيره؟

ج: نعم، نُوصي جميع المدرسات والدَّاعيات إلى الله أن يبذلن الوسع في توجيه النِّساء، وإرشاد النِّساء في المدارس وغيرها كالرجال، الواجب التواصي بالحقِّ، والتعاون على البرِّ والتقوى، فنُوصي جميع مَن لديهن علمٌ بالدَّعوة إلى الله بين النِّساء في المدارس وغيرها؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا أوجب على الجميع التَّعاون على البرِّ والتقوى، قال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71].

فالوصية لجميع النِّساء وطالبات العلم والمدرسات، الوصية للجميع أن يتَّقوا الله، وأن يجتهدوا في تعليم غيرهم، وإرشاد غيرهم، ووعظ غيرهم، كما يجب على الرِّجال، الطريق واحد، لا بدَّ من التعاون والتَّواصي بالحقِّ، والنَّصيحة لله ولعباده، والدَّعوة إلى الله في كل مكانٍ: في المدرسة، وفي المسجد، وفي كل مكانٍ، وفي أي اجتماعٍ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

س: أنا امرأة متزوجة، ولي سبعة أبناء، ووالدهم لا يصرف عليهم، ولي ولد وبنت معاقان، وأنا لا أستطيع الصرف عليهم، بل أُقدم لأهل الخير ظروف هذين المعاقين فيتصدَّقون عليهما، وأنا أصرف على هذين المعاقين وعلى إخوتهما من هذه الصَّدقة، فهل عليَّ شيء في هذا؟ علمًا بأنني أرى في المنام أنَّ في حلقي أشياء أُحاول بلعها ولا أستطيع، وكذلك أشمّ رائحةً كريهةً. أفتونا مأجورين.

ج: الواجب على والدهم أن يُنفق عليهم، ولك أن ترفعي الأمر إلى المحكمة حتى يُلزم بالنَّفقة على الأولاد، وما كان للمُعاقين يُحفظ لهما، يُنفق عليهما منه، ويُحفظ لهما، وإذا دعت الحاجةُ إلى الإنفاق على إخوتهما وعليك فلا بأس؛ لأنَّ النَّفقة تجب على القريب إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك القادر، فإذا احتجتِ إلى ما يُتصدق به عليهما أنتِ وأولادك مسموحٌ لك النَّفقة من ذلك، أمَّا إذا استغنيتِ عن ذلك فاجمعي لهما ما صُرف لهما، أما مع الحاجة فلا مانع أن تستعملي ما أُنفق به عليهما عليكِ وعلى أولادك عند الحاجة، الله جلَّ وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2].

فالنَّفقة من زيد على إخوته وعلى أمه أمر واجب مع القُدرة، فالمعاقان إذا كان لهما مالٌ -تيسر لهما مالٌ- وإخوتهما في حاجةٍ، وأنت في حاجةٍ، كلوا جميعًا.