هل الجن يؤذون الإنس وما الوقاية ؟ للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

سؤالي: هل الجنّ يُؤذون الإنس؟ وكيف؟ وبأي طريقةٍ؟ وما أعراض الشَّخص المصاب؟ وكيف الشِّفاء إذا وقع؟

الشيخ: الجنّ ثَقَلٌ عظيم، خلقهم الله لعبادته: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، والصَّحيح أنَّهم أولاد إبليس، يُقال لهم: الجنّ، فهو أبوهم، كما أنَّ آدم هو أبو الإنس، وهم فيهم الكافر، وفيهم المسلم، وفيهم العاصي، مثل: بني آدم، فيهم الطيب، والخبيث، والله كلَّفهم بعبادته وطاعته، وفرض عليهم فرائض، فالواجب عليهم أن يسمعوا ويُطيعوا، وأن ينقادوا لأمر الله، وأن يُعظِّموا حُرماته.

وهم أصناف وأشكال، يأكلون ويشربون، وينكحون ويتناسلون، وهم أصناف وأشكال.

وقد يُؤذون بني آدم، كما يُؤذي بنو آدم بعضُهم بعضًا، قد يُؤذي الجنُّ الإنسَ في بعض الأحيان بالحجارة، أو بشبِّ النار في بعض أمتعتهم، أو بالكلام المزعج، أو بغير ذلك.

وقد يُؤذون أيضًا بتلبس الجني بالإنسي، والغالب أن يكون ذلك بأسباب من الإنس: إما بطرح شيءٍ ثقيلٍ ولم يُسمِّ، أو صبّ ماء حار ولم يُسمّ، أو ما أشبه ذلك مما قد يُؤذيهم، فيتضرّرون بسبب الأذى الذي حصل من الإنسي، فيتلبس به الجني، ولكن متى قُرئ عليه من آيات الله جلَّ وعلا الكريمة، وطُولب بالخروج، وخُوِّف من الله سبحانه وتعالى، وقرأ عليه مَن لديه قوة في دين الله، وإيمان قوي، فإنه يخرج إذا كان فيه دين، إذا كان فيه خير، يخرج ويتَّعظ ويتذكَّر.

وقد لا يخرج إذا كان فاسقًا أو كافرًا، مثل: فسقة الإنس، قد يظلمون ويعتدون، ولا يُبالون بالنَّصيحة؛ لكفرهم أو لفسقهم، فهم كالإنس: فيهم الفاسق، وفيهم السارق، وفيهم الظالم، وفيهم الطيب، وفيهم الخبيث.

والله شرع لنا أن نتَّقي شرّهم بالتَّعوذات، فالإنسان مشروعٌ له أن يقول صباحًا ومساءً: "أعوذ بكلمات الله التَّامات من شرِّ ما خلق" ثلاث مرات، "بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السَّماء، وهو السَّميع العليم" ثلاث مرات، صباحًا ومساءً، كل هذا من أسباب السَّلامة من الجنِّ والإنس.

كذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاةٍ، وقراءتها عند النوم، هذه من أسباب حفظ الله له من الشياطين، وهكذا قراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] والمعوذتين بعد كل صلاةٍ، وقراءتها ثلاث مرات بعد المغرب والفجر.

كل هذا من أسباب السَّلامة من شياطين الإنس والجنّ، والمؤمن ينبغي له أن يكون بعيدًا عن أسباب الأذى للإنس والجنِّ جميعًا، ومَن كان مُعْتَصِمًا بالله، آخذًا بالأسباب الشَّرعية وقاه الله شرَّ الإنس والجنِّ جميعًا، ومَن تساهل فقد يُسلط عليه الإنس والجنّ بسبب تساهله أو عدوانه أو ظلمه، نسأل الله السَّلامة.