3- من حديث (خمسة أوسق فإذا كان أقل فلا زكاة فيه..)

 

- وعن عليٍّ : أنَّ العباس سأل النبيَّ ﷺ في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ، فرخَّص له في ذلك.

رواه الترمذي، والحاكم.

- وعن جابرٍ ، عن رسول الله ﷺ قال: ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقة. رواه مسلم.

وله من حديث أبي سعيدٍ : ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من تمرٍ ولا حبٍّ صدقة.

وأصل حديث أبي سعيدٍ متَّفقٌ عليه.

- وعن سالم بن عبدالله، عن أبيه رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: فيما سقت السَّماء والعيون أو كان عثريًّا: العشر، وفيما سُقي بالنَّضح: نصف العشر. رواه البخاري.

ولأبي داود: إذا كان بعلًا: العشر، وفيما سُقي بالسَّواني أو بالنَّضح: نصف العشر.

- وعن أبي موسى الأشعريِّ ومعاذٍ : أن النبيَّ ﷺ قال لهما: لا تأخُذا في الصَّدقة إلَّا من هذه الأصناف الأربعة: الشَّعير، والحنطة، والزَّبيب، والتَّمر.

رواه الطبراني، والحاكم.

وللدَّارقطني: عن معاذٍ قال: "فأمَّا القثاء، والبطيخ، والرمان، والقصب، فقد عفا عنه رسولُ الله ﷺ". وإسناده ضعيفٌ.

 

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فحديث عليٍّ في قصَّة العباس أنه سأل النبيَّ ﷺ في تعجيل الصَّدقة فأَذِنَ له، وهذا يدل على جواز تعجيل الصَّدقة؛ لأنه مُسارعة إلى الخير، وإذا نوى نفع الفقراء فلا بأس.

وإسناد الحديث جيد، كما صرح الحاكم، وهو يدل على شرعية التَّعجيل، وأنه لا بأس بذلك، فإن أُخِّرَ إلى وقت تمام الحول فهذا جائز، هذا لا يجب عليه غيره، لكن إذا عجَّل لمصلحةٍ فهو مأجورٌ: كفقراء موجودين ومحتاجين، أو يخشى فوتهم؛ فلا بأس أن يعجل، أو جهادًا حاضرًا، أو ما أشبه ذلك.

والحديث الثاني حديث جابر: ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقة، وتقدَّم ما يدل على ذلك في حديث أنسٍ وغيره.

والأواقي جمع أوقية، والأوقية أربعون، يعني: ليس فيما دون مئتي درهم صدقة، وليس فيما دون خمسمئة درهم صدقة، أقل النِّصاب خمسمئة، وإذا كان أقلَّ فلا زكاةَ فيه، إلَّا إذا كان للتِّجارة فيُزَكَّى زكاة التِّجارة.

وليس فيما دون خمسة أوسقٍ، الوسق ستون صاعًا، يعني: ثلاثمئة صاعٍ من صاع النبيِّ ﷺ ليس فيها صدقة، من الحبوب والثِّمار التي تُكال وتُدخر: كالتمر، والزبيب، والحنطة، والشعير، وغيرها مما يُكال ويُدَّخَر، من: الأرز، والذرة، والدخن، وغير ذلك، فالنِّصاب خمسة أوسق، فإذا كان أقلَّ فلا زكاةَ فيه، إلَّا إذا كان للتِّجارة فيُزَكَّى زكاة التِّجارة.

وفي حديث أبي موسى ومعاذٍ: لا تأخذا الصَّدقة إلَّا من الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر، هذا الحديث في صحَّته نظر؛ لأنه مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة الدالة على وجوب الزكاة في جميع الحبوب؛ ولهذا تقدم حديث جابر وحديث أبي سعيدٍ: خمسة أوسقٍ من تمرٍ، ولا حبَّ، والحب يعمُّ الشَّعير والحنطة والدَّخن والذرة والأرز وغيرها مما يُكال ويُدخر، والأحاديث الصَّحيحة هي التي عليها العُمدة، وهذا يُعتبر شاذًّا ضعيفًا؛ لأنه مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة، والله جلَّ وعلا يقول: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، فيعم الشعير، والحنطة، والأرز، والذرة، والدخن، والعدس، ونحوها مما يُكال ويُدَّخر.

أما القثاء والبطيخ والقضب وما أشبه ذلك فهذه لا زكاة فيه؛ لأنَّها لا تُكال ولا تُدَّخر، فهي طعام الوقت الحاضر، فالبطيخ وأشباهه من الفواكه التي تُؤكل في الحال ما تُدَّخَر، أما العنب فإنه كالتمر يُزَكَّى إذا دبدب وبلغ خمسة أوسقٍ.

وفي حديث ابن عمر الدلالة على أنَّ الزكاة تختلف، فإذا كان يُسقى بماء المطر، أو بعروقه، أو بالعيون والأنهار؛ فهذا فيه العشر، في كل ألفٍ مئة، فالحبوب والثِّمار التي تُسقى بالأمطار أو بالعثري أو بالأنهار ونحوها وليس فيها كُلْفَة فيها العشر، وأما إذا كانت تُسْقَى بالنَّضح بالمكائن أو بالإبل أو نحوها ففيها نصف العشر، وهذا من رحمة الله جلَّ وعلا وإحسانه أن جعلها أقسامًا؛ فالرِّكَاز فيه الخمس، وما يُسقى بغير تعبٍ فيه العشر، وما يُسقى بالتَّعب من النَّخيل والحبوب فيه نصف العشر، والنقود ربع العشر؛ لأنَّ النقود فيها تعبٌ وخسائر، ومتى تنجح، فجعل الله في الرِّكاز الخمس؛ لأنه يوجد بسهولةٍ من دفن الجاهلية، وما كان من الحبوب والثِّمار يُسقى بالمطر ونحوه ففيه العشر، وما كان يُسقى بالكُلفة -كالمكائن ونحوها- فنصف العشر، وما كانت كلفتُه أكثر كالتِّجارة ففيه ربع العشر، في الدراهم والدنانير وعروض التجارة، فضلًا من الله .

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: تعجيل الزكاة يبدأ من عامين كما ورد عن العباس ؟

ج: ما أعلم فيها تحديدًا ........ كلها مسارعة إلى الخيرات، فإذا وجد فقراء مضطرين أو جهادًا يحتاج إلى نفقات، وما يكفيهم ما يُخرجه عن هذا العام فعجَّل عامين أو ثلاثًا أو أربعًا فجزاه الله خيرًا؛ لأنَّها مصلحةٌ ظاهرةٌ، ومسارعة إلى الخير، وهي مصلحةٌ للفقراء، والجهاد ونحوه.

س: تأخيرها لشهرٍ عن الزكاة؟

ج: الواجب ألا يُؤخِّر، يُبادر؛ لأنَّ القاعدة تقول: الأوامر على الفور، هذه هي القاعدة، إلَّا ما دلَّ عليه الشرع للتَّراخي، وإذا حال الحول وجب البدار، إلا لعلةٍ مثل: الفقراء ما هم موجودين، فيبحث عنهم، أو المال ما هو موجود، حتى يحضر؛ فلا بأس لأنه معذور.

س: حديث: الوسق ستون صاعًا هل ثبت مرفوعًا؟

ج: نعم، هذا محلُّ إجماعٍ، ما أعلم فيه خلافًا.

س: هل لدفع الزكاة في شهر رمضان فضلٌ عن بقية الشهور؟

ج: إذا وافقه وإلَّا ما يُؤخِّرها، هذا يصحّ في صدقة التَّطوع، أمَّا الزكاة فإذا وجبت في رجب أو شعبان أو شوال تخرج.

س: عند كثيرٍ من الناس مفهوم: أنَّ في رمضان تخرج الزكاة؟

ج: لا، ما هو بلازمٍ، إذا وافق الحول ما يُخالف، أو وافق الحول آخر شعبان ما يُخالف.

س: يقول السائلُ: ما رأي سماحتكم إذا حصل حريقٌ في محلٍّ تجاريٍّ وقالوا: إنه لم يُزَكِّها؟

ج: هو أعلم بنفسه، فالحريق قد يكون عقوبةً لمنع الزكاة، وقد يكون عقوبةً لشيءٍ آخر، هو أعلم بنفسه، فإذا كان لا يُزَكِّي فعليه أن يتوب إلى الله ويُزَكِّي، وإن كان يُزَكِّي ولكنها مصيبةٌ من أعظم المصائب: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155- 156]، فربُّك أحكم وأعلم، ما أصابته إلا لعلةٍ، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

س: يقول السائل: بعض الناس يعتقد أنَّ الزكاة فقط للفقراء، ولا يُساعد الراغبين في الزَّواج؟

ج: الزكاة للفقراء وغيرهم من الأصناف، فإذا كان مريدُ الزواج فقيرًا فإنه يُعطى ما يُساعد على الزواج، والمؤلفة قلوبهم، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والعامل يُعطيه ولي الأمر، فالزكاة لثمانية أصناف، الفقراء والمساكين أولهم.

س: يقول السائل: ما الدليل على إخراج زكاة العنب؟

ج: يأتي إن شاء الله في الحديث الآتي.

س: مَن لم يُؤَدِّ زكاته جهلًا هل يلزم إخراجها؟

ج: نعم، يُعلَّم ويُخرجها عمَّا مضى.

س: إذا كان في خلاف ......... كالحُلي؟

ج: يُزَكِّي في المستقبل إذا كان في المسألة خلافٌ، لما عَلِمَ يُزَكِّي في المستقبل.

س: تعجيل الزكاة مشروطٌ بالمصلحة؟

ج: نعم أفضل، وكونه يُعَجِّلها لخوف كذا أو كذا ليس فيه بأس، يعني: إحسان مجرد، إحسان تعجيل، إحسان ما هو بشرطٍ، فإذا رأى التَّعجيل ....... أو لأسبابٍ أخرى، أو فقراء حاضرين، أو أشباه ذلك فالحمد لله.

س: الحج على الفور؟

ج: نعم على الفور، إذا استطاع.

س: الفاسق هل يُعطى الزكاة.

ج: إذا كان فقيرًا؛ لعلَّ الله يهديه ويترك الفسق.

- وعن سهل بن أبي حثمة قال: أمرنا رسولُ الله ﷺ: إذا خرصتُم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع.

رواه الخمسة إلَّا ابن ماجه، وصحَّحه ابن حبان، والحاكم.

- وعن عتاب بن أسيد قال: أمر رسولُ الله ﷺ أن يُخرص العنب كما يُخرص النخل، وتُؤخذ زكاته زبيبًا.

رواه الخمسة، وفيه انقطاع.

- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهما: أنَّ امرأةً أتت النبيَّ ﷺ ومعها ابنةٌ لها، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهبٍ، فقال لها: أتُعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرُّكِ أن يُسَوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نارٍ؟ فألقتهما.

رواه الثلاثة، وإسناده قوي، وصحَّحه الحاكم: من حديث عائشة.

- وعن أمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّها كانت تلبس أوضاحًا من ذهبٍ، فقالت: يا رسول الله، أكنزٌ هو؟ قال: إذا أدَّيْتِ زكاته فليس بكنزٍ.

رواه أبو داود، والدَّارقطني، وصحَّحه الحاكم.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بزكاة الخرص وزكاة الحُلي:

أمَّا الخرص فقد كان النبيُّ ﷺ يبعث إلى خيبر مَن يخرص عليهم نخيلها، والخرص جائزٌ للحاجة، والخرص مع تحري الثَّمرة؛ لأنَّ أهل الثمر يحتاجون الأكل منها والهدية منها وغير ذلك مما قد يعتريها من النَّقص، فخرصها فيه ضبطٌ لحق الفقراء، وخرصها معناه أن يبعث من أهل الخبرة مَن يتحرى كمّيتها، وعلى ضوء ذلك تُؤدَّى الزكاة، فيبعث من أهل الخبرة مَن يتولى خرص النَّخيل والعنب، ثم تُؤخذ الزكاة زبيبًا، والرطب تمرًا بعدما يجفّ.

ويقول ﷺ: دعوا لهم الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع؛ لأنَّ النَّخيل يعتريها ما يعتريها من أكل الطير وأكل الناس وقت الثِّمار، وأكل خراف أهل المال منها، وأخذهم منها لحاجاتهم، فمن رحمة الله أن يترك لهم شيئًا جبرًا للكمية؛ لئلا يضرَّهم الخرص، فإذا خرص عليهم يتصرَّفون بعد ذلك في أموالهم، فإن بان لهم بعد ذلك أنَّ الخرص ناقصٌ وأنَّ عندهم زيادةً زكُّوا الزيادة، وفيها نصف العشر إن كانت بالعمل، وإن كانت بغير العمل العشر.

والانقطاع ينجبر بالطرق الأخرى والأحاديث الأخرى الدالة على الخرص.

والحديث الثالث والرابع والخامس: حديث عائشة وحديث المرأة التي كانت عليها أوضاح من ذهبٍ وحديث أم سلمة؛ كلها تدل على زكاة الحلي، وهي أحاديث جيدة صحيحة، فالواجب في الحلي إذا بلغت النِّصاب أن تُزَكَّى، سواء كانت ذهبًا أو فضةً.

وقد اختلف العلماءُ في ذلك: فرُوي عن جماعةٍ من الصحابة أنه لا زكاةَ فيها، ورُوي عن عمر وجماعةٍ أنَّ فيها الزكاة، والصواب أن فيها الزكاة، فهي داخلة في عموم زكاة الذهب والفضة، وكونها تُلبس لا يمنع من كونها تُزَكَّى، فلا بأس أن تلبس، ولا بأس أن تُزَكَّى، كما أن الثمار يُؤكل منها ويُقتات منها وتُجعل في البيت للأكل لبقية السنة، ومع هذا تزكى، فهكذا الحُلي تُلبس وتُزكى إذا بلغت النِّصاب.

ونصاب الذهب عشرون مثقالًا، والفضة مئة وأربعون مثقالًا، فإذا بلغت النصاب زُكِّيت، ربع العشر في الذهب والفضة، كما هو معلومٌ، من كل ألفٍ خمسة وعشرون، ومن أربعين ألفًا ألف، وإذا جاء النصُّ وجب طرح الخلاف المخالف للنَّص.

وحديث أم سلمة صحيحٌ، وحديث عائشة كذلك، وحديث المرأة التي عليها سواران صحيحٌ؛ عند أبي داود، وعند النسائي، فهذه الثلاثة وما جاء في معناها مع الأدلة العامَّة في الذهب والفضَّة كلها تدل على وجوب الزكاة، وأن القول بوجوبها هو الأصح.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: في مسألة الخرص هل يكفي الواحد؟

ج: الظاهر أنه يكفي، لكن إذا كانا اثنين يكون أحسن وأحوط، مثلما يكفي في الأذان لإبلاغ الناس دخولُ الوقت، والثقة الذي عنده خبرٌ عمَّا يظن ويعتقد.

س: كلام أهل العلم في التَّضعيف هل هو جيد؟

ج: لا بأس به، جيد.

س: إذا كانت الثمرةُ لم يُصبها شيءٌ هل يترك لهم؟

ج: من باب التَّحري، ومن باب الاحتياط؛ لأنه يعتريه ما يعتريه من الطير وغير الطير وأكلهم هم.

س: يترك لهم؟

ج: يتحرى ........

س: ليس في الحُلي زكاة؟

ج: ضعيف ......... لا يُحتجُّ به.

س: زكاة الثِّمار بعد الخرص بالقيمة: فبعض الناس تكون له مزرعة فيخرصها ثم يُخرجها بالقيمة بعد الخرص؟

ج: الواجب إخراج التمر، هذا هو الواجب، لكن إذا دعت الحاجةُ فلا بأس، مثل: باع التمر وأخرج الزكاة من القيمة فلا حرج إن شاء الله؛ لأنَّه ليس في يده تمر الآن، فلا يلزم أن يشتري تمرًا، قد يكون أنفع للفقراء أيضًا، أو الدولة رأت أنَّ التمر قد يشقُّ على القائمين بالعمل من جهة الدولة، وأن هذا أنفع للفقراء من طريق الدولة، وإلا فالأصل زكاة المال منه، من التمر التمر، ومن العنب العنب، ومن الإبل الإبل، ومن البقر البقر، وهكذا، هذا الأصل، إلا إذا رأت الدولة أو ولاةُ الأمور مصلحةً أو عرض عارضٌ للمالك؛ فالصواب أنه لا يُكلَّف، مثل: إن باع الزرع أو باع الثمرة، أو عليه زكاة شاة في خمسٍ من الإبل، أو شاتين، وليس عنده غنمٌ، وتعبٌ عليه أن يبحث عن غنمٍ، فأعطاهم القيمة، كل هذا إن شاء الله فيه تسهيلٌ.

س: هل حديث زكاة العنب ثابتٌ؟

ج: لا بأس به، والحديث تقدم، حديث معاذٍ وأبي موسى، والأدلة الأخرى تشهد لهذا؛ لأنها كالتمر.

س: ترك بقعة من التمر، يعني: نحسب تمرًا قبل أن يعشر؟

ج: نعم للخرص.

س: قبل أن يعشر؟

ج: في الخرص عمومًا إذا ظنوا أنها تسعمئة يخرصونها ستمئة، وإذا ظنوا أنها ألف يخرصونها ثلاثة أرباع، أي سبعمئة وخمسين، وهكذا يتحرون باجتهادهم.

س: إذا خرصت كل المزرعة يترك لهم الثلث أو الربع؟

ج: إذا بقيت المزرعة ما خُرصت يُزكونها كلها، فإذا بقي التمر على حاله يُزكونه كله، إنما هذا للاحتياط والرأفة بهم والرفق، فإذا بقي التمر كله عندهم زكُّوه على ما هو عليه، ناقص أو كامل، هذا حسب حاله، لكن هذا للتَّحري حتى لا يشقّ عليهم الأمر، حتى يأكلوا ويتصدَّقوا وهم مُرتاحون، يبنون على الخرص، فيتصدَّقون ويأكلون ويُطعمون وهم مرتاحون، أما لو تركوا الثمار حتى جُمعت وصارت أكثر مما خرصوا فعليهم أن يُزَكُّوها.

س: قول بعض أهل العلم في الخرص يدعون الثلث أو الربع، قال: لا يدعونها لهم هم يزكون فيها؟

ج: لا، معناه الحيطة.

- وعن سمرة بن جندب قال: كان رسولُ الله ﷺ يأمرنا أن نُخرج الصدقة من الذي نعدّه للبيع. رواه أبو داود، وإسناده ليِّنٌ.

- وعن أبي هريرة : أنَّ رسول الله ﷺ قال: وفي الرِّكاز الخمس. متَّفقٌ عليه.

- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال في كنزٍ وجده رجلٌ في خَرِبَةٍ: إن وجدتَه في قريةٍ مسكونةٍ فعَرِّفْه، وإن وجدتَه في قريةٍ غير مسكونةٍ ففيه وفي الرِّكاز: الخمس. أخرجه ابن ماجه بإسنادٍ حسنٍ.

- وعن بلال بن الحارث : أن رسول الله ﷺ أخذ من المعادن القبلية الصَّدقة. رواه أبو داود.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: هذا حديث سمرة بن جندب: يُقال: جُنْدَب بفتح الدال، ويُقال: جُنْدُب بضم الدال، لغتان، يذكر عن النبي ﷺ أنه كان يأخذ الصَّدقة مما يُعَدُّ للبيع، فيأمرهم أن يُخرجوا الصدقة مما يُعَدُّ للبيع، يعني: من عروض التِّجارة، وهذا هو الذي عليه كافَّة أهل العلم؛ أن عروض التِّجارة تجب فيها الزكاة، وهي السلع التي تُعدّ للبيع من أراضٍ أو سيارات أو غير ذلك مما يُعدّ للبيع.

وقوله "في إسناده لينٌ" لأنَّه من رواية بعض أولاد سمرة، وفيه لين، وليس معروفًا بالثقة والعدالة، لكن له شواهد من حديث أبي ذرٍّ وغيره تدل على وجوب الزكاة في العروض، ولهذا ذهب إلى ذلك عامَّةُ العلماء، وشذَّ بعضُ الظاهرية في ذلك.

المقصود أنَّ الذي عليه عامَّةُ العلماء وجمهور العلماء أنَّ الزكاة تجب في العروض؛ لأنها هي التي يتصرف فيها الناسُ، فالنقود يتصرف فيها قليلًا، إنما الفائدة والأرباح تأتي من طريق العروض: يبيع هذا، ويشتري هذا، ويبيع هذا، ويشتري هذا، هكذا يتصرف الناس في أموالهم من طريق العروض والتِّجارات، ومن أراضٍ وسلع وأوانٍ وملابس وحيوانات وغير ذلك.

فإذا بلغت قيمة العروض النِّصاب وجبت فيها الزكاة، سواء كانت العروض أراضٍ أو ملابس أو أوانٍ أو سيارات أو غير ذلك.

وفي الحديث الثاني يقول ﷺ: وفي الركاز الخمس، الرِّكاز: ما يُوجد من دفن الجاهلية –الكفَّار- فيه الخمس، فإذا وجد الإنسانُ من دفن الجاهلية -أي عليه علامات الجاهلية- أموالًا من ذهبٍ أو فضَّةٍ أو غيرها من دفن الجاهلية ففيها الخمس لبيت المال، كما أنَّ فيما سُقي بغير كلفةٍ العشر من الزكاة، وفيما سُقي بالنَّضح بالمكائن ونحوها نصف العشر، أما النُّقود وعروض التِّجارة ففيها ربع العشر، وذلك من رحمة الله؛ فكلما قلَّت المؤنة صارت الزكاةُ أكثر، وكلما اشتدت المؤنةُ صارت الزكاةُ أقلَّ، وهذا من رحمة الله جلَّ وعلا، ولما كان الركاز يحصل بيُسرٍ وسهولةٍ صار فيه الخمس، ولما كانت الزروعُ والثِّمارُ تُسْقَى بغير كُلْفَةٍ -بالمطر والأنهار- صار فيها العشر، وإذا كانت تُسقى بالتعب والمكائن والحيوانات ففيها نصف العشر، وإذا كان من طريق التِّجارات فربع العشر، هذا من رحمة الله وتيسيره جلَّ وعلا، وإحسانه إلى عباده.

والحديث الثالث حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده: في رجلٍ وجد كنزًا في خَرِبَةٍ، فقال له النبيُّ ﷺ: إن وجدتَه في قريةٍ مسكونةٍ فعَرِّفْهُ؛ لأنَّ الظاهر أنه لقطةٌ للمسلمين أو لمعاهَدين، فيُعَرَّف كاللُّقطة لمدة سنة، فإن عرف وإلا فهو لواجده، أما إذا كان في قريةٍ جاهليةٍ غير مسكونةٍ ففيه وفي الرِّكاز الخمس، إذا كان في قريةٍ تُعتبر جاهليةً غير مسكونةٍ، فهو من جنس الرِّكاز، أما إذا كانت قرية مسلمين وانتقلوا إلى محلٍّ آخر فعليه أن يُعَرِّفه كسائر أموال المسلمين.

الرابع: حديث بلال في المعادن: فالمعادن فيها زكاة إذا بلغت النِّصاب، وحديث بلال له طرقٌ متعددة، ومنها: عن ابن عباسٍ بسندٍ جيدٍ أيضًا، وكلها تدل على أنَّ المعادن -معادن الذهب والفضَّة- فيها الزكاة، وهكذا المعادن الأخرى إذا أعدَّها للبيع تصير عروض تجارةٍ، فإذا كان المعدنُ ذهبًا أو فضَّةً وحال الحولُ على مَن أخذ منه وجبت فيه الزكاة إذا بلغ النِّصاب.

وإن كان غير الذهب والفضَّة -كالزيت والمعادن الأخرى كالحديد- إن أراد به البيع صار عرض تجارةٍ، فإن حال عليه الحولُ تجب فيه الزكاة، وإن كان أخذها لنفسه -لقنيته ولحاجته ولاستعماله- فليس فيها زكاة: كالحديد، والنحاس، والجصّ، وأشباه ذلك.

أما ما نواه للبيع ففيه الزكاة إذا حال عليه الحولُ، أو كان من الذهب والفضَّة؛ ففيه الزكاة إذا بلغ النِّصابُ وحال عليه الحول.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: ...................؟

ج: يصير لُقطةً يُعَرِّفها.

س: .................؟

ج: حالًّا فيه الخمس، حالًّا من حين قبضه.

س: الذهب والفضَّة في محلات بيع الذهب والفضَّة هل تُزَكَّى على أنها عروض تجارةٍ أم تُزَكَّى على أنها ذهبٌ وفضَّة؟

ج: لا، زكاة ذهب وفضة.

س: إذا زُكِّيَتْ على أنها عروض تجارةٍ تصير قيمتها أغلى؟

ج: الأمر محتمل أن يُقال، لكن ظاهر الأحاديث الصَّحيحة: في الذهب كذا، وفي الفضة كذا؛ تقتضي أنها تزكى زكاة الذهب والفضَّة، ولو أنها حُلي يُعَرَّف، فإذا كانت مثلًا أربعين مثقالًا تُزَكَّى زكاة الذهب، أو مئة مثقالٍ أو أكثر تُزَكَّى زكاة الذهب، وهكذا الفضَّة: مئة وأربعون مثقالًا أو أكثر تُزَكَّى زكاتها، هذا هو ظاهر الأدلة؛ لقوله ﷺ: وفي الرقة كذا، وفي الذهب كذا.

وبعض أهل العلم يقطع بكلامه أنها تُزَكَّى زكاة العروض؛ لأنها تُزداد قيمتها في الصنعة، ولكن ليس بظاهرٍ، فالأقرب عندي والأظهر أنها تزكى زكاة الذهب والفضة، مثل الحبوب، فلو كان عندك خمسة أوسق تزكيها زكاة الحبوب، ولا ينظر إلى قيمتها، تُزكى زكاة الحبوب، بجزءٍ منها.

س: ونقول مثل هذا في بهيمة الأنعام؟

ج: والأنعام كذلك يُزكيها بجزءٍ منها، ولا ينظر إلى قيمتها، فإذا كانت سائمةً يُزكيها بجزءٍ منها، مثلًا في خمسة وعشرين بنت مخاضٍ وسط، ولا يُقال: يلزمها الذهب والفضَّة لقيمتها، لا، يزكي منها فقط ويكفي، وهكذا في بقية الإبل والبقر والغنم؛ يُزَكِّي من عينها ولا تلزمه القيمة.

س: ..............؟

ج: هذا شاهدٌ لحديث أبي ذرٍّ، لا بأس به، شاهدٌ من حديث سمرة.

س: .............؟

ج: البزّ تعني؟

س: لا، حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

ج: لا بأس به.

س: بعض المواد الغذائية الاستهلاكية؟

ج: فيها زكاة إذا كانت للبيع.

س: بعض المواد قد لا يحول عليها الحولُ، وبعضها قد ينفد قبل حلول الحول؟

ج: إذا ما حال الحولُ عليها فعلى قيمتها، على الثمن الذي يبيعها به، فيضع الثمن مع الأموال التي عنده ويزكيها.

س: .............؟

ج: العروض على حسب حالها، إذا أدركها الحولُ زُكِّيَتْ بالقيمة، وإن باعها قبل الحول زَكَّى الثمن الذي دخل عليه مع المال الذي عنده، وإن كانت العروض باقيةً زكَّى القيمة مع المال الذي عنده.

س: ..............؟

ج: يزكي الموجود الذي عنده حين حال الحول، فيُزكي قيمة الموجود الذي عنده حين حال الحول.

س: وإن كان ما يعلم ..؟

ج: يصبر حتى يعلم الحول، ما يلزمه حتى يعلم الحول، فالأصل السلامة.

س: هل يمكن دفع زكاة لشخصٍ يُريد أن يشتري منزلًا له ولأولاده؟

ج: إذا كان فقيرًا ما يُخالف، يُعْطَى.

س: هل أشتري لشخصٍ حاجات منزلية؛ خوفًا أن يشتري من مال الزكاة ملاهٍ وغيرها من المُحَرَّمات؟

ج: هذا يختلف على حسب خلاف العلماء في إخراج العروض، فإذا كان المعطى لا يُؤمن بتحريم ما يُؤمنون، أو صغارًا ما يؤمنون؛ يُعطيهم عروضًا -طعامًا- بقيمة الذهب والفضة الذي عنده ولا بأس على الصحيح، لكن لا يحيف، فلا بدّ أن يُعطيهم القيمة الواجبة أو أكثر حتى لا يتساهل، فإذا كان يخشى أن يلعبوا بالفلوس وأعطاهم عروضًا من الحبوب والتّمور والملابس فلا بأس على الصحيح، من باب الإحسان فيهم؛ لكونهم يتامى أو نساء قاصرات غير مضبوطات، ما يُخالف.

س: وهل يمكن أن يكون لمَن يعرف من أهل الخير أنَّهم يعرفون أسرةً محتاجةً، وهو المقصود؛ خشية الإحراج؟

ج: إذا شفع لهم لا بأس، إذا كان ثقةً لا بأس أن يُعطي لمن قام من الناس المحاويج، إذا كان صاحبُ الزكاة يعتقد أنه ثقةٌ وأعطاه للمحاويج فلا بأس.

س: إذا وجد إنسانٌ كنزًا في قريةٍ، واشتهر بين الناس هذا الكنز، هل يكفي هذا التَّعريف للناس؟

ج: إذا كان تبع المسلمين لا بدّ أن يُعرِّفها سنةً بمجامع الناس، وعند أبواب المساجد: مَن له الدراهم؟ مَن له الذهب؟ مَن له كذا؟ حتى تمضي السنةُ ولا يجيء أحدٌ، ولا تكفي شهرته بين الناس، لا بدّ أن يتكلم في مجامع الناس في الشهر مرتين أو ثلاث أو أربع أو أكثر، وكلما زاد هو أكثر كان أبرأ لذمته.

س: إذا وجد شخصٌ مالًا وذهب به إلى مقره ليكون صدقةً عن صاحبه؟

ج: لا، ما يأخذ، هذا يُعرِّفه سنةً كاملةً.

س: ويكون له أم يتصدق به عن صاحبه؟

ج: بعد السنة هو له.

س: وإذا جاء صاحبُه؟

ج: إذا وُجد صاحبه يُعطى إياه إذا عرفه بصفاته ولو بعد سنتين، ولو بعد ثلاثٍ، متى جاء يُؤدَّى إليه.

س: وإذا أنفقه .......؟

ج: يغرمه دون الأرباح أو النَّسل الذي حصل بعد السنة، يعني: لا يغرم الذي جدَّ بعد السنة.

س: المعادن غير الذهب والفضَّة المُستخرجة من الأرض؟

ج: تُزَكَّى إن كان نوى بها الزكاة.

س: هل الحديث عامٌّ في المعادن: الحديد وغيره من الذهب والفضَّة؟

ج: الذي يظهر لنا أنَّ مُراده بالمعادن: الذهب والفضَّة، هذا مراده، وغير الذهب والفضَّة ليس زكويًّا إلَّا بالنية، فالمجمَل من النصوص يُفَسَّر بالمفسر.