05 من قوله: ( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ..)

وقوله:  وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3] قال مجاهد وابن جريج: كانت النصب حجارة حول الكعبة، قال ابن جريج: وهي ثلاثمائة وستون نصبا، كانت العرب في جاهليتها يذبحون عندها، وينضحون ما أقبل منها إلى البيت بدماء تلك الذبائح، ويشرحون اللحم ويضعونه على النصب، وكذا ذكره غير واحد، فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع، وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب حتى ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، وينبغي أن يحمل هذا على هذا، لأنه قد تقدم تحريم ما أهل به لغير الله.
الشيخ: وهذه الأصنام كسرها النبي ﷺ لما فتح الله عليه مكة، وأخرج ما كان منها في بطن الكعبة، وأزال الله آثار الشرك، فهذه التي يذبحونها على النصب من ذبائح الكفار وهي ميتة ولو ما أهلوا بها لغير الله، لأنها ذبيحة المشرك ميتة مطلقًا سمى عليها أو ما سمى عليها ما دام وثنيًا فذبيحته ميتة؛ حتى ولو قال بسم الله بخلاف اليهودي والنصراني أهل الكتاب فذبيحتهم حلال إذا ذبحت على الوجه الشرعي، أما المجوسي والوثني كأهل مكة ذاك الوقت وأشباههم من عباد القبور فذبيحتهم حرام ولو سموا الله عليها؛ لأنها ذبيحة مشرك فلا تحل، ولهذا قال تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3] يعني ما ذبح على الشرك فلا يحل، وهذا غير ما أهل به لغير الله، لو أهل به لغير الله محرم مطلقًا، وإذا كان الذي ذبحه مسلم اجتمع فيه مانعان: الردة، وذبحه لغير الله، إذا ذبح المسلم بعيرًا أو شاة أو بقرة لغير الله صار بهذا مرتدًا عن الإسلام، وصارت ذبيحته محرمة لوجهين: أحدهما: كونها أهل بها لغير الله، والثاني: كونها ذبيحة مرتد، فهي تحرم من الجهتين.
س: موضع اللبة؟
الشيخ: اللبة أعلى الصدر لبة البعير، المرفق الذي عند صدر البعير، يطعن فيه بالسكين.
س: حكم ذبيحة تارك الصلاة؟
الشيخ: كل من كان مرتدًا فالحكم واحد، كل من حكم عليه بالردة أو بأنه وثني ليس من أهل الكتاب فذبيحته حرام سواء كافرًا أصليًا أو مرتدًا.
س: الجلد هل ينتفع به من ذبيحة غير المسلم؟
الشيخ: إذا أخذ ودبغ ما في بأس.
س:.....؟
الشيخ: هذا معناه ذبح للجن، هذه ردة عن الإسلام، إذا ذبحها للجن والذي أمره كذلك، وكان من هذا من عادات الجاهلية الأولين ومن تبعهم بعد ذلك يتقربون للجن ويقولون إنهم إذا تقربنا إليهم نفعونا في شفاء المريض أو في كذا أو في كذا، كانوا يدعونهم من دون الله كما قال الله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن:6] كان من عادات الجاهلية قديمًا نسأل الله العافية، وبعض الجاهلية يقول إذا نزل بيتًا جديدًا أو عمر بيتًا جديدًا، أو مزرعة جديدة لا بدّ أن يذبح فيها للجن حتى يتقي شرهم بزعمه، يذبح ذبيحة يقول هذه للجن سكان هذا البيت وسكان هذه المزرعة يزعم أن هذه الذبيحة ترضيهم فلا يتعرضون له بشيء، وهذا من الجهل الكبير نسأل الله العافية.
وقوله تعالى: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ [المائدة:3] أي حرم عليكم أيها المؤمنون الاستقسام بالأزلام، واحدها زِلم وقد تفتح الزاي، فيقال: زَلم، وقد كانت العرب في جاهليتها يتعاطون ذلك.
............
وهي عبارة عن قداح ثلاثة، على أحدها مكتوب: افعل، وعلى الآخر: لا تفعل، والثالث غُفل ليس عليه شيء، ومن الناس من قال: مكتوب على الواحد: أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، والثالث غُفل ليس عليه شيء، فإذا أجالها فطلع سهم الأمر فعله، أو النهي تركه، وإن طلع الفارغ أعاد، والاستقسام مأخوذ من طلب القسم من هذه الأزلام، هكذا قرر ذلك أبو جعفر بن جرير.
الشيخ: القسم المقسوم يعني، وهذا من عادات الجاهلية يستعملون قداحًا ثلاثة، والقداح جمع قدح، والقدح عود يزخرف ويزين من القداح السهام ويملس ويكتب على واحد افعل، والثاني لا تفعل، والثالث غفل ما عليه شيء، فإذا أراد سفرًا أو زواجًا أو غير ذلك أدال هذه الأشياء خلطها، ثم أخذ واحدًا إن صادف افعل تزوج سافر، وإن صادف لا تفعل ترك، وإن صادف الغفل الذي ما عليه شيء أعادها مرة ثانية، حتى يخرج واحد من اثنين افعل أو لا تفعل، وهذا استقسامهم بها، يعني طلبهم القسم الذي يخرج من فعل أو ترك، فالله جل وعلا أبطل هذا بعد الإسلام ونهاهم عن هذا الشيء، وعوضهم القرعة عند الحاجة، القرعة تقوم مقام هذه، قرعة السهام مستوية إذا لم يتراضا أهلها يقرع بينهما فما خرج من القرعة أخذ السهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا الحجاج بن محمد، أخبرنا ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء، عن ابن عباس وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ [المائدة:3] قال: والأزلام قداح كانوا يستقسمون بها في الأمور، وكذا روي عن مجاهد وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومقاتل بن حيان.
وقال ابن عباس: هي قداح كانوا يستقسمون بها الأمور.
وذكر محمد بن إسحاق وغيره: أن أعظم أصنام قريش صنم كان يقال له هبل منصوب على بئر داخل الكعبة، فيها توضع الهدايا، وأموال الكعبة فيه، وكان عنده سبعة أزلام مكتوب فيها ما يتحاكمون فيه مما أشكل عليهم، فما خرج لهم منها رجعوا إليه ولم يعدلوا عنه.
وثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ لما دخل الكعبة، وجد إبراهيم وإسماعيل مصورين فيها، وفي أيديهما الأزلام فقال قاتلهم الله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها أبدا.
الطالب: عندنا وثبت في الصحيح.
الشيخ: حط نسخة يراجع، نسخة وفي الصحيح.
الطالب: وعزاه في الحاشية إلى البخاري.
الشيخ: عمن؟
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة، وجد إبراهيم وإسماعيل مصورين فيها، وفي أيديهما الأزلام فقال قاتلهم الله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها أبدا
الشيخ: أخرجه في صحيح مسلم في فتح مكة.
.........
وفي الصحيحين: أن سراقة بن مالك بن جعشم،
الشيخ: كذا عندك في الصحيحين أو في الصحيح.
الطالب: في الصحيحين.
الشيخ: أيش بعده عن سراقة أيش بعده؟
الشيخ: حط نسخة في الصحيح واللي عنده في الصحيح يحط نسخة في الصحيحين حتى يراجع.
وفي الصحيحين: أن سراقة بن مالك بن جعشم، لما خرج في طلب النبي ﷺ وأبي بكر، وهما ذاهبان إلى المدينة مهاجرين، قال: فاستقسمت بالأزلام، هل أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره لا تضرهم. قال: فعصيت الأزلام وأتبعتهم، ثم إنه استقسم بها ثانية وثالثة، كل ذلك يخرج الذي يكره لا تضرهم، وكان كذلك، وكان سراقة لم يسلم إذ ذاك ثم أسلم بعد ذلك.
الشيخ: ولكنه لم يتعظ خرج لأن له هوى في طلبهم فلهذا عصى أزلامه حتى وقع له ما وقع، دعا عليه النبي ﷺ حتى ساخت قوائم فرسه في الأرض وذهبت قوائمها في الأرض إلى بطنها، ولما وقع ذلك عرف أنه من أجهلهم وأن الله قد عصمهم منه، فطلب من النبي ﷺ أن يدعو له وأن يطلق الله فرسه ولا يضرهم ويرجع عنهم، فدعا له النبي ﷺ فأطلق الله فرسه ورجع إلى قريش وقال: ما وجدت أحدًا، كلما وفاه أحد قال: ارجعوا ارجعوا ما في الطريق هذا أحد، وكان أول يطلبهم ثم عاد يحميهم ويرد عنهم والله أكبر.
وروى ابن مردويه من طريق إبراهيم بن يزيد عن رقية،
الشيخ: رقبة بالباء الموحدة.
عن رقبة عن عبد الملك بن عمير، عن رجاء بن حيوة، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله ﷺ لن يلج الدرجات من تكهن أو استقسم أو رجع من سفر طائرا.
الشيخ: أي متطيرًا
الشيخ: ما ذكر سنده كله، وإبراهيم بن يزيد هذا إذا كان الخوزي فهو متروك الحديث، ويحتمل أنه النخعي
.......
الطالب: عبد الملك بن عمير هل هو مدلس؟
الشيخ: ما أعرف
الطالب: في الحاشية يقول: رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات.
الشيخ: نعم.
وقال مجاهد في قوله وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ [المائدة:3] قال: هي سهام العرب، وكعاب فارس والروم، كانوا يتقامرون بها. وهذا الذي ذكر عن مجاهد في الأزلام أنها موضوعة للقمار، فيه نظر، اللهم إلا أن يقال: إنهم كانوا يستعملونها في الاستخارة تارة وفي القمار أخرى، والله أعلم. فإن الله سبحانه قد قرن بينها وبين القمار وهو الميسر فقال في آخر السورة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝  إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ -إلى قوله- مُنْتَهُونَ [المائدة:90، 91]. وهكذا قال هاهنا وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ [المائدة:3]أي تعاطيه فسق وغي وضلالة وجهالة وشرك.
وقد أمر الله المؤمنين إذا ترددوا في أمورهم أن يستخيروه بأن يعبدوه ثم يسألوه الخيرة في الأمر الذي يريدونه. كما روى الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن من طرق عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه باسمه- خير لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفني عنه، واصرفه عني، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به لفظ أحمد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي الموالي.
الشيخ: وهذا من رحمة الله جل وعلا أبدلنا الله عن الاستقسام بالأزلام الاستخارة، وأبدلنا... المشتبهة القرعة فالاستخارة فيما... والقرعة فيما يشتبه.
س: متى القرعة يا شيخ؟
الشيخ: إذا قسم شيئًا بين جماعة بالتساوي، واحتاروا من يبدأ يأخذ أسماءهم أو أشياء خاصة يعرف بها كل واحد، ثم يلقيها على السهام كل واحد يأخذ ما وقع له سهمه.
س:.....؟
الشيخ: إذا هم بالأمر من غير الفريضة، إذا هم بالأمر عند التردد، أما إذا كان ما عنده تردد ما يحتاج استخارة.
س: الدعاء بعد السلام؟
الشيخ: الظاهر بعد السلام، لقوله: يركع ركعتين ثم......
س: وإن دعا قبل السلام؟
الشيخ: ما نعلم فيه مانعًا، لكن الأفضل بعد لأنه قال: ثم يقول يرفع يديه لأن هذا مقام عظيم ويدعو ربه.
س:......؟
الشيخ: الذي ما فيه تردد ما هو محل استخارة، الاستخارة في شيء يشكل. فما تستخير ربك هل تصلي الظهر أو ما تصلي الظهر أو هل تطوف أو ما تطوف أو تتزوج امرأة صالحة تختارها وترضاها ما عندك فيها إشكال، الاستخارة في الشيء الذي فيه عمى عليك والاشتباه.
س: بالنسبة للقرعة قد يقول قائل أن القرعة تشبه الأزلام فكيف الرد على ذلك؟
الشيخ: أقرها النبي ﷺ وفعلها، ما فيها استسقام بل فيها أخذ الأسماء وطرحها على الأشياء حتى تميز ما يخص الواحد من دون أن يشق عليهم وكل وحد يرضا بما قسم الله له.
س: بعضهم يقول إذا ما اتضح له الأمر يعيد الاستخارة مرة ثانية؟
الشيخ: ثانية وثالثة ورابعة ما في شيء.
س: يرفع يديه دائمًا عندما يستخير أو أحيانًا؟
الشيخ: الأفضل؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة إلا في المواضع التي ما رفع فيها النبي ﷺ في خطبة الجمعة ما رفع فيها النبي ﷺ، وبعد الفريضة إذا سلم ما يرفع يديه، المواضع التي دعا فيها النبي ولم يرفع عليه الصلاة والسلام وفي صلاة الجمعة.
س: والمصلون لا يرفعون؟
الشيخ: إلا إذا استغاث في الخطبة يرفعون معه.
............
وقوله: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ [المائدة:3] قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني يئسوا أن يراجعوا دينهم، وكذا روي عن عطاء بن أبي رباح والسدي ومقاتل بن حيان، وعلى هذا المعنى يرد الحديث الثابت في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش بينهم.
الشيخ: والمعنى أن يراجعوا دينهم، يعني أن يراجع المسلمون دين الكفار، يعني يرجعوا إلى دين الكفار وأن يرتدوا، لما رأوا من نور الإسلام وانتشاره وقوته وانتصاره على الأديان الأخرى، يئسوا أن يرجع المسلمون إلى دينهم الباطل دين الكفار، وعلى هذا جاء الحديث: إن الشيطان قد يئس أن يعبده المسلمون في جزيرة العرب يعني: لما ظهر الإسلام وظهر أمر المسلمين وانتصروا على عدوهم، يئس عدو الله من رجوع الناس إلى الكفر والضلال، والمصلون بالعهد، الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذا قاله النبي ﷺ خبرًا عن الشيطان أنه يئس، ويأسه غير معصوم ولم يقل إن الله يأسه، بل قال إنه يئس، لما رأى ظهور الإسلام وانتشار الإسلام وقوة المسلمين أن يعود المسلمون إلى الكفر والضلال وقد حماهم الله من ذلك واستمروا على دينهم والحمد لله، وإنما ارتد من ارتد من أناس من الأعراب لم يتفقهوا في الدين ولم يصل الإيمان إلى بشاشة قلوبهم، أما أصحاب النبي ﷺ الذين قد تبصروا في دين الله، وسبقوا إلى دين الله فقد ثبتوا عليه ثبوت الجبال وجاهدوا في دينه وقاتلوا من ارتد عنه حتى رجعوا إليه.
وقال بعض أهل العلم: معناه أنه يئس أن يجتمعوا على الباطل وأن يعودوا إلى كفرهم الأول كلهم، ولم ييأس من رجوع بعضهم وإنما يئسهم من رجوعهم وقد قال ﷺ:  لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله.... عن الحديث؛ لأن المشاهد والواقع أنه ارتد كثير من الناس، ووقع في الجزيرة العربية الكفر فاليأس الذي حصل من الشيطان لم يتم بل قد وقع الكفر والضلال وارتد من ارتد من الأعراب في عهد الصديق ﷺ، وهكذا ما جاء بعد ذلك من قوله ﷺ: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة فهذا خبر من الرسول ﷺ بأنه سوف يقع الشرك في الأمة، وهكذا قوله ﷺ: لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان، وهكذا قوله ﷺ في الحديث الصحيح:  لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة في جزيرة العرب، ومن العرب، وقد وقع ذلك أيضاً قد وقع الشرك في دوس، وعبدت الصنم هناك وأدركه دعاة هذه الأمة في عهد الشيخ محمد رحمه الله وهدموه أيضًا، وربما يعود بعد ذلك، وهكذا حديث عائشة عند مسلم: لا تمضي الليالي والأيام حتى تعبد اللات والعزى يعني حتى تعود عبادة اللات والعزى، فهذا يدل على أنه سوف يقع الشرك، وأن هذا الذي..... الشيطان ويئس منه سوف يحصل؛ إلا أن يحمل على أن المراد يئس من الصحابة وهم المصلون في عهد النبي ﷺ، هذا ينطبق على الصحابة لأنهم لم يعودوا إلى الكفر بالله، وإنما عاد نفر من الأعراب الذين ارتدوا، أو يحمل على أن المراد إطباقهم ورجوعهم كلهم، هذا يصح لأنها لا تطبق الأمة بل لا يزال فيها طائفة على الحق منصورة.
س: الثالث؟
الشيخ: الأول أن يأسه غير معصوم، يئس من الشيء ويحصل.
الثاني: المراد به المصلون في عهده ﷺ هو والصحابة.
والثالث: إطباقهم أن يعودوا كما كانوا أولاً على الكفر والضلال، ولا تزال طائفة على الحق منصورة.
ويحتمل أن يكون المراد أنهم يئسوا من مشابهة المسلمين لما تميز به المسلمون من هذه الصفات المخالفة للشرك وأهله، ولهذا قال تعالى آمرا لعباده المؤمنين أن يصبروا ويثبتوا في مخالفة الكفار ولا يخافوا أحدا إلا الله، فقال فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ [المائدة:3] أي لا تخافوهم في مخالفتكم إياهم، واخشوني أنصركم عليهم وأبيدهم، وأظفركم بهم، وأشف صدوركم منهم، وأجعلكم فوقهم في الدنيا والآخرة.
الشيخ: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة:14].