23 من قوله: ( وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ..)

 يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ
هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله من الكتابيين والمشركين، الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون: وهي شرائع الإسلام المطهرة المحكمة، المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي، يتخذونها هزوا يستهزئون بها، ولعبا يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد، وفكرهم البارد، كما قال القائل:
وكم من عائب قولا صحيحا... وآفته من الفهم السقيم
وقوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ [المائدة:57] من هاهنا لبيان الجنس كقوله فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ [الحج:30] وقرأ بعضهم: وَالْكُفَّارِ بالخفض عطفا، وقرأ آخرون بالنصب على أنه مفعول لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:57] تقديره ولا الكفار أولياء[المائدة:57] أي لا تتخذوا هؤلاء ولا هؤلاء أولياء، والمراد بالكفار هاهنا المشركون، وكذلك وقع في قراءة ابن مسعود فيما رواه ابن جرير لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا.
الشيخ: والمعنى: لا تتخذوا هؤلاء ولا هؤلاء لا تتخذوا من يستهزئ بدينكم ويلعب به وينفر منه ويدعو إلى ضده لا تتخذوهم أولياء، سواء كانوا من اليهود والنصارى وهم أهل كتاب أو كانوا من غيرهم من سائر الكفرة، والكفار المشركون أشد كفرًا وأضل من أهل الكتاب، فكلهم كفار يهودهم ونصاراهم والوثنيون كلهم كفار، كلهم أعداء الله، والواجب أن لا يتخذوا أولياء لأن الواجب أن يبغضوا في الله وأن يعادوا في الله،كما قال سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ  [الممتحنة:4] هذا يعم جميع أصناف الكفرة من يهود ونصارى ووثنين ومجوس وملحدة وغيرهم من سائر أنواع الكفرة نسأل الله العافية، يجب بغضهم في الله وعداوتهم في الله وجهادهم كما شرع الله حسب الطاقة إلا من أدى الجزية من أهل الجزية وهم اليهود والنصارى والمجوس؛ فإنهم يقرون بالجزية مع بغضهم في الله ومع معادتهم في الله ولكنهم يقرون بالجزية ولا يظلمون ما داموا ملتزمين بالصغار والذل والجزية.
وقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:57] أي اتقوا الله أن تتخذوا هؤلاء الأعداء لكم ولدينكم أولياء إن كنتم مؤمنين بشرع الله الذي اتخذه هؤلاء هزوا ولعبا.الشيخ: وإنما ذكر الهزء واللعب تهييجًا على معادتهم وترغيبًا في إظهار العداوة لهم وإلا فهم أعداء لا يجوز اتخاذهم أولياء، ولو لم يهزؤوا ولم يلعبوا بديننا ولو عظموه ولو احترموه ما داموا لم يدخلوا في الإسلام هم أعداء لا يجوز اتخاذهم أولياء وأصحابًا وأصدقاء ولا اتخاذهم بطانة ولا تقديمهم على المسلمين إلى غير ذلك، ولكن لا يلزم من هذا أن لا يتصدق عليهم أو ينصحوا أو يوجهوا إلى الخير أو تصل أرحامهم لا يمنع إذا كانوا ليسوا حربًا لنا، إذا كانوا مهادنين أو أصحاب جزية أو نحو ذلك فولايتهم شيء، والإحسان إليهم بالمعروف والصدقة ونحو ذلك شيء إذا كانوا مهادنين على ذمة أو على عهد كما قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8].
وفي الصحيحين من حديث أسماء بنت الصديق رضي الله عنها أن أمها جاءتها في وقت الهدنة بين النبي ﷺ وبين أهل مكة، جاءتها أمها راغبة تطلب الرفد والعون والمال فاستأذنت أسماء النبي ﷺ قالت: يا رسول الله، إن أمي وفدت عليّ راغبة يعني في الصلة أفأصلها؟ وهي على دين قومها مشركة، قال: نعم صليها، لأنهم كانوا ذاك الوقت أهل عهد ليسوا أهل حرب، بسبب الصلح الذي جرى يوم الحديبية صاروا أهل عهد وجازت صلة القريب منهم والفقير، أما في حال الحرب في نبذ الهدنة ونبذ العهد لا يصلون بشيء أبداً لا قليل ولا كثير بل يحاربون ويعادون ويتخذ معهم ما يتخذ مع الأعداء الحربيين المقاتلة ونهب الأموال وقتل الرجال وسبي النساء والذرية لأنهم أعداء لا ذمة لهم ولا أمان ولا عهد. والولاية ممنوعة في جميع الأحوال سواء كانوا أهل عهد أو أهل ذمة أو كانوا أهل حرب الولاية ممنوعة ومحرمة، واتخاذهم بطانة كذلك كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا [آل عمران:118] أي لا يقصرون في إدخال الشر عليكم وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ [آل عمران:118] يعني ودوا عنتكم (ما) مصدرية، يعني ودوا إدخال المشقة عليكم والأذى قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران: 118].
س: حديث اضطروهم إلى أضيق الطريق؟
الشيخ: صحيح رواه مسلم يقول ﷺ: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه يعني مع القدرة يكون المسلم مع الوسط لا يخليهم في الوسط يخليهم مع الحافات إذا تيسر ذلك.
س:.....
الشيخ: إذا دعت الحاجة إليه ما يضر، ما يلزم الموالاة، لكن لا يتخذهم أصحاب ولا أصدقاء، أما لو نزلوا به ضيوف وأطعمهم أو صادفه ضيوف فأكل معهم أو نحو ذلك ليست من الولاية في شيء، النبي ﷺ أتى اليهود وأجاب دعوتهم والله أباح لنا طعامهم.
س:.......
الشيخ: ما يبدأ هو، لكن إذا سلموا رد عليهم، لكن لو قال: كيف حالك وكيف أولادك ما يسمى هذا سلامًا.
...............
 كما قال تعالى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران:28]
وقوله: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [المائدة:58] أي وكذلك إذا أذنتم داعين إلى الصلاة التي هي أفضل الأعمال لمن يعقل ويعلم من ذوي الألباب اتخذوها أيضا هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون معاني عبادة الله وشرائعه، وهذه صفات أتباع الشيطان الذي إذا سمع الأذان أدبر وله حصاص، أي ضراط، حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين، أقبل فإذا ثوب للصلاة أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه، فيقول: اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك، فليسجد سجدتين قبل السلام متفق عليه.

الشيخ: وهذا يبين لنا أن الاستهزاء والسخرية بأمور الدين من صفات الكفرة الأغبياء الضالين؛ فإنهم لعدم عقلهم وعدم فهمهم آيات الله وعدم عقلهم مقاصد الشرع يهزؤون بالصلاة ويهزؤون بالمسلمين، وبعضهم قد يفعل ذلك عنادًا ومكابرة وتضليلاً للناس؛ فلا ينبغي لذوي الإيمان أن يوادوا هؤلاء أو يتخذوهم أولياء وهم أعداء دينهم وأعداء شرعهم ومنفرون عن دينهم وعن نبيهم وعما جاء به عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [المائدة:58] يعني هذه حالهم فوجبت النفرة منهم ومعادتهم، وينبغي التنبيه دائمًا على أن الاستهزاء والسخرية بالدين من الكفر بالله ومن صفات الكفار ومن صفات المنافقين وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66] فالسخرية بالدين أو بالصلاة أو بالصيام أو بالحج أو بالجهاد أو ما أشبه ذلك معناه تنقص للدين وعيب للدين وتنقص لمن شرعه ولمن جاء به، فيكون ذلك من أصناف الردة عن الإسلام ومن وجوه الردة عن الإسلام. ولهذا ذكر العلماء من نواقض الإسلام الاستهزاء بالدين أو بشيء منه فإذا استهزأ بالصلاة وتنقصها وقال إنها عبث أو أنها لا قيمة لها ولا حاجة إليها وإنها إضاعة للوقت هذه ردة عن الإسلام نعوذ بالله.
وهكذا إذا قال ذلك في الزكاة أو في الصوم أو في الحج أو في الجهاد أو في بر الوالدين أو صلة الأرحام أو غير هذا مما شرعه الله ، أو قال هذا فيما حرم الله كالخمر والزنا كأن يرى تحريم ذلك نقص وعيب في الدين ويسخر بذلك، يكون هذا أيضاً من قسم الردة عن الإسلام نعوذ بالله.
وهكذا لو استهزأ بالجنة أو بالنار أو بالمعاد مما يدل على أنه غير مؤمن بذلك وأنه يضحك بذلك ويهزأ بذلك، فإذا ظهر منه ما يدل على الاستهزاء بذلك أو تكذيبه بذلك فذلك من أنواع الردة
س:......
الشيخ: لا، لا يضر إذا كان لمصلحة لقريب أو لدعوته إلى الإسلام النبي زار أبا طالب ودعاه إلى الإسلام وزار مريضا يهوديًا كان يخدمه ودعاه للإسلام فأسلم على يديه، إذا كان لمصلحة شرعية لا حرج ما هو بالمودة والمحبة.
س:......
الشيخ: هذا على كل حال فيه تفصيل؛ لأنه قد يكون بعده عن المسجد لأسباب أخرى ما هو كراهة للدين، ولا كراهة للصلاة، قد يكون له أسباب أخرى يستفصل منه إذا كان قصده كراهة الصلاة وكراهة الدعوة إليها هذا ردة عن الإسلام، أما إن كان قصده لشيء آخر من أمور معقولة فلا يكون كافرًا.
وقال الزهري: قد ذكر الله التأذين في كتابه فقال وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [المائدة:58] رواه ابن أبي حاتم.الشيخ: وهذا يدل على أن من أنكر الشريعة فهو لا يعقل، لا يفهم كالبهائم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [البقرة:171]، لو عقلوا عن الله وعقلوا عن رسله لعرفوا ما في الصلاة والعبادة من الخير العظيم من طاعة الله، والذل بين يديه الذي أنعم عليك وخلقك للعبادة وتفضل عليك بأنواع الرزق وبأنواع الصحة وجعل هذه العبادة صلة بينك وبينه؛ تدعوه وتسأله وتضرع إليه وتناجيه وتذل بين يديه وتعبده بما شرع وتحبه سبحانه لما أسدى إليك من الإنعام وبما هو أهل له من التعظيم والإجلال والخشوع وأداء الحق.
وهكذا من تعقل شرائع الله من صوم وزكاة وحج وجهاد من تعقل ذلك وهو من أهل العقول عرف مصالح ذلك وفوائد ذلك وما فيه من الخير العظيم للمجتمع الإسلامي ولمستقبل المسلمين ولهم في الآخرة أيضاً.
وقال أسباط عن السدي في قوله وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [المائدة:58] قال: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي: أشهد أن محمدا رسول الله قال: حرق الكذاب، فدخلت خادمة ليلة من الليالي بنار وهو نائم، وأهله نيام، فسقطت شرارة فأحرقت البيت، فاحترق هو وأهله، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وذكر محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال، فأمره أن يؤذن، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد، لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه، وقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته، فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى، فخرج عليهم النبي ﷺ فقال قد علمت الذي قلتم ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول: أخبرك.

الشيخ: الحديث فيه نظر، ابن إسحاق يروي المقاطيع والمكذوبات والضعيفات لا يلتزم بالسند الصحيح، وهكذا أهل المغازي لا يلتزمون، وأهل التاريخ لا يلتزمون، وأبو سفيان أسلم قبل دخول النبي مكة، قابله قبل الدخول وأسلم ، وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام إنما أسلما عند دخول النبي ﷺ فيبعد وقوع هذا. وقد حسن إسلام عتاب وجعله النبي أميرًا على مكة بعد الفتح، فالحاصل أنه لو صحت هذه الحكاية في عتاب والحارث إن كانا لم يقابلاه بالإسلام كان ممكن لأنهم أسلموا حال دخوله مكة عليه الصلاة والسلام لما خرج عليهم من الكعبة، قال: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء! ودخلوا في دين الله أفواجًا وأسلموا عام الفتح، فلو صحت هذه الحكاية لكانت قبل أن يسلموا مثل ما دل عليه سياق أنهم أسلموا بعد ذلك، ولكن أبو سفيان ثبت أنه أسلم قبل دخول النبي ﷺ مكة وأنه لقيه في الطريق وحمله العباس إليه فأسلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، أخبرنا عبدالعزيز بن عبدالملك بن أبي محذورة أن عبدالله بن محيريز أخبره -وكان يتيما في حجر أبي محذورة-، قال: قلت لأبي محذورة: يا عم إني خارج إلى الشام، وأخشى أن أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال له: نعم، خرجت في نفر وكنا في بعض طريق حنين مقفل رسول الله ﷺ من حنين، فلقينا رسول الله ﷺ ببعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله ﷺ بالصلاة عند رسول الله ﷺ، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به، فسمع رسول الله ﷺ، فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال رسول الله ﷺ: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي، وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، وقال قم فأذن فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله ﷺ ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله ﷺ، فألقى علي رسول الله ﷺ التأذين هو بنفسه، قال: قل الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرها على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، حتى بلغت يد رسول الله ﷺ سرة أبي محذورة، ثم قال رسول الله ﷺ: بارك الله فيك وبارك عليك فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، فقال: قد أمرتك به، وذهب كل شيء كان لرسول الله ﷺ من كراهة، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله ﷺ، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله ﷺ [بمكة] فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله ﷺ، وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبدالله بن محيريز هكذا رواه الإمام أحمد، وقد أخرجه مسلم في صحيحه وأهل السنن الأربعة من طريق عن عبدالله بن محيريز عن أبي محذورة واسمه سمرة بن معير.الطالب: يقول في الحاشية هذا قول مرجوح والمعتمد أن اسمه أوس ومعير بالمهملة بوزن منبر.
الشيخ: معير.
الطالب: وبتشديد الياء.
الشيخ: معير على وزن منبر.
واسمه سمرة بن معير بن لوذان، أحد مؤذني رسول الله ﷺ الأربعة، وهو مؤذن أهل مكة، وامتدت أيامه رضي الله عنه وأرضاه.