026 فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن واستماعه وخشوعه وبكائه عند قراءته

فصلٌ
فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي عِيَادَةِ الْمَرْضَى

كَانَ ﷺ يَعُودُ مَنْ مَرِضَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَادَ غُلَامًا كَانَ يَخْدِمُهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَادَ عَمَّهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ، وَلَمْ يُسْلِمْ عَمُّهُ.

الشيخ: وهذا يدل على شرعية زيارة المرضى حتى من الرؤساء والكبار، وهي من الرؤساء والكبار لها أثرها العظيم، إذا عاد الكبير والأمير والرئيس مرؤوسه له أثر عظيم في إنعاشه، والتذكير عليه، ولذَّته بذلك، وفرحه بذلك أنَّ رئيسه وكبيره قدَّره وتأثر بمرضه، هذا يؤثر في المريض تأثيرًا كبيرًا، وربما صار من أسباب شفائه ونشاطه.

وهذا يدل على تواضعه ﷺ، وأنه كان يتواضع، ولا يتكبر، فيزور المرضى من خدمه وأصحابه وغيرهم، حتى الغلام كان يهوديًّا يخدمه، فزاره لما مرض وعاده، وقال له: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطع أبا القاسم. فأطاعه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم مات على ذلك، فقال الرسول: الحمد لله الذي أخرجه بي من النار، ثم أمر أصحابه ..... غسله وتكفينه والصلاة عليه.

فهذه من ثمرات الزيارة، وبركات العيادة الشرعية، قد يزور ..... المريض فيُلقنه التَّوبة، ويُذكره الشيء، ويُوصيه بشيءٍ، إلى غير هذا من المصالح، فعيادة المرضى لها .....؛ ولهذا حثَّ عليها النبيُّ ﷺ ورغَّب فيها وأمر بها، حتى قال: عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكُّوا العاني، وقال البراء بن عازب: أمرنا رسولُ الله بسبعٍ. ذكر منها: عيادة المريض.

وأخبر ﷺ أنَّ العيادة فيها فضل عظيم، وأنَّ مَن عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنة، يعني: جناها، وأنَّ مَن عاده صباحًا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي، ومَن عاد أخاه مساءً صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح، فالعيادة لها شأن كبير، ويدل هذا على جواز عيادة الكافر، وأنَّ المريض الكافر لا بأس أن يُعاد إذا رُجِي إسلامه، كما عاد النبيُّ هذا الغلام، وعاد عمَّه أبا طالب.

س: ............؟

ج: المشهور عند العلماء أنها سنة مُؤكدة، والله أعلم.

وَكَانَ يَدْنُو مِنَ الْمَرِيضِ، وَيَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَيَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ فَيَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟.

وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ الْمَرِيضَ عَمَّا يَشْتَهِيهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَشْتَهِي شَيْئًا؟، فَإِنِ اشْتَهَى شَيْئًا، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ أَمَرَ لَهُ بِهِ.

وَكَانَ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْمَرِيضِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ، وَاشْفِهِ أَنْتَ الشَّافِي.

الشيخ: الذي أعرف بالحديث: واشفِ أنت الشَّافي بدون هاء، ما علَّق عليه؟

الطالب: بلى، وَكَانَ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْمَرِيضِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ، وَاشْفِهِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سُقْمًا.

الشيخ: أيش قال المحشي؟

الطالب: أخرجه البخاري في "الطب" باب "رقية النبي ﷺ"، ومسلم، من حديث عائشة رضي الله عنها، والرواية الثانية أيضًا للبخاري.

الشيخ: فقط؟ ما تعرَّض لـ"واشفه"؟

الطالب: ما تعرَّض.

الشيخ: المعنى صحيح .....

الطالب: في النسخة الثانية: "واشفِ".

.............

الشيخ: وإن كان المعنى، لكن محبَّة الوقوف على الرواية.

وَكَانَ يَقُولُ: امْسَحِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ.

وَكَانَ يَدْعُو لِلْمَرِيضِ ثَلَاثًا كَمَا قَالَهُ لسعد: اللَّهُمَّ اشْفِ سعدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سعدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سعدًا.

وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ يَقُولُ لَهُ: لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ.

الطالب: أخرجه البخاري من حديث ابن عباسٍ، والرواية الثانية لابن السُّني.

الشيخ: على طهور إن شاء الله؟

الطالب: نعم، على لا بأس، طهور إن شاء الله.

الشيخ: أخرجه البخاري، معروف الذي بعده.

الطالب: وربما كان يقول: كفَّارة وطهور.

الشيخ: ابن السُّني؟

الطالب: نعم.

س: .............؟

ج: هذا خبر، يعني: إنه طهور إن شاء الله، طيب إن شاء الله، من باب الخبر.

وَكَانَ يَرْقِي مَنْ بِهِ قَرْحَةٌ.

الطالب: قَرحة أو قُرحة؟

الشيخ: ما عندي ضبط، لعله يجوز فيها الوجهان: قَرحة وقُرحة، غالب ظني: قَرحة .....

الطالب: شُكلت بفتح القاف.

الشيخ: الذي يغلب على ظني أنها تقبل الضَّمة والفتحة، "القاموس" موجود، انظر: القرحة.

وَكَانَ يَرْقِي مَنْ بِهِ قَرْحَةٌ، أَوْ جُرْحٌ، أَوْ شَكْوَى، فَيَضَعُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا، هَذَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ".

الشيخ: نقص، هذا ناقص؛ لأنَّ فيه: أولًا يضع أصبعه في ريقه في فمه، ثم يضعها على الأرض، ثم يضعها على القرحة أو الجرح ويقول: بريقة بعضنا، يضع أصبعه في فمه، ثم يضعها على الأرض، ثم يضعها على محلِّ الألم، ثلاثة أشياء: الريق، وضع أصبعه في فمه، ثم في الأرض، ثم على الجرح أو القرح، ويقول: بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا يُشفى سقيمنا بإذن ربنا.

............

الطالب: "القاموس": يُقال: القرح، ويُضم: عضّ السلاح ونحوه مما يخرج بالبدن، أو بالفتح: الآثار، وبالضم: الألم، وكمنع جرح، وكسمع، خرجت به القروح، والقريح: الجريح، والمقروح: مَن به قروح، والقرح: البثر إذا ترامى إلى فسادٍ وجربٍ شديدٍ يهلك الفصلان، وأقرح أصاب إبلهم ذلك، وأقرحه الله، والقُرحة بالضم في وجه الفرس دون الغرَّة، وروضة قرحاء فيها نوَّارة بيضاء.

الشيخ: الذي يظهر أنَّ قوله بالفتح، أنه كذلك "قرحة" ويُضم، قد يكون ..... الذي يظهر أنه بالفتح، وإن كان ليس بصريحٍ، لكن إن كان بالفتح ..... قرحة ويضم.

هَذَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَهُوَ يُبْطِلُ اللَّفْظَةَ الَّتِي جَاءَتْ فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَنَّهُمْ لَا يَرْقُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ. فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: لَا يَرْقُونَ غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي، سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابن تيمية يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ.

قُلْتُ: وَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ دَخَلُوا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ؛ لِكَمَالِ تَوْحِيدِهِمْ؛ وَلِهَذَا نَفَى عَنْهُمُ الِاسْتِرْقَاءَ، وَهُوَ سُؤَالُ النَّاسِ أَنْ يَرْقُوهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.

فَلِكَمَالِ تَوَكُّلِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ، وَسُكُونِهِمْ إِلَيْهِ، وَثِقَتِهِمْ بِهِ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ، وَإِنْزَالِ حَوَائِجِهِمْ بِهِ؛ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ شَيْئًا: لَا رُقْيَةً، وَلَا غَيْرَهَا، وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ طِيَرَةٌ تَصُدُّهُمْ عَمَّا يَقْصِدُونَهُ.

الشيخ: والمعنى أن يرقون إحسانًا، وليس فيها سؤال، بل مجرد إحسانٍ، فلا يليق أن ينفى عن السبعين؛ فإنَّ السبعين من أعمالهم: الإحسان والصَّدقة والمعروف، فكونهم يرقون هذا إحسان ومُساعدة ورحمة وعطف، فلا يليق أن يُنفى عنهم؛ ولأنه ﷺ قال: مَن استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه منفعة فيها رقية، دلَّ على أن الرقية أمر مطلوب وإحسان؛ ولأنه ﷺ رقى ورُقِيَ، وعمله في غاية الكمال عليه الصلاة والسلام، فرقاه جبرائيل، وهو رقى بعضَ أصحابه، فالصواب أنَّ "يرقون" وقعت غلطًا من بعض الرواة، وإنما الصواب "يسترقون" فقط.

ثم أيضًا الاسترقاء تركوه توكُّلًا على الله، وثقةً به، ومحبَّةً؛ لعدم الحاجة إلى الناس، ولكن مَن فعله فلا بأس، إذا استأجر للاسترقاء فلا بأس، ولا يُخرجه ذلك عن كمال إيمانه، وعن كمال تقواه، كما أنه إذا احتاج إلى الكيِّ يكتوي أيضًا، كما كوى النبيُّ بعضَ أصحابه عليه الصلاة والسلام وقال: الشفاء في ثلاثٍ: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسلٍ، ولا أُحب أن أكتوي رواه البخاري في "الصحيح"، وفي اللفظ الآخر: وأنا أنهى أمتي عن الكي، فهذا المكروه، وقد يُستحسن بعض الأحيان إذا دعت إليه الحاجة، ويُشرع عند الحاجة؛ ولأنه ثبت عن عائشةَ وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما: أن النبي أمرهما بالاسترقاء، مَن احتاج إلى ذلك، قال لأسماء: استرقي لأبناء أخي لأولاد جعفر لما أصابتهم العين، فعُلم بذلك أنَّ الاسترقاء إذا دعت الحاجةُ إليه لا بأس، ولا حرج فيه، ولا كراهة، لكن من الكمال عند عدم الحاجة إلى ذلك، من الكمال عند عدم الحاجة ترك الكي، وترك الاسترقاء.

س: ..............؟

ج: لا، ما له أصل، التَّداوي لا بأس به، النبي قال: عباد الله تداووا، أمر بالدَّواء عليه الصلاة والسلام.

س: الأفضل التَّداوي أو تركه؟

ج: فيه خلاف، لكن الأفضل عند الجمهور التَّداوي .....

..........

الشيخ: لا، غلط، بعضهم قال: يستوي الطَّرفان. وبعضهم: تركه أفضل، وبعضهم قال: مستحبّ، وهو قول الأكثر .....، وهو مُقتضى أدلتهم، مُقتضى الأدلة التَّداوي؛ لأنه من الأخذ بالأسباب.

س: .............؟

ج: محتمل والله أعلم، الأحناف شدَّدوا فيه، شددوا في التَّطبب حتى ..... الشافعي وأحمد والجمهور على استحبابه .....، لكن مَن تأمل الأحاديث وتأمل عمل السلف ظهر له أن التَّداوي هو الأفضل، وهو الأولى؛ لأنه داخلٌ في الأسباب؛ ولأنَّ بقاء المرض قد يشقّ عليه، ويُعطله عن أعمالٍ طيبةٍ، وربما شقَّ على أهله وأتعبهم أيضًا، فالتداوي فيه مصالح: في كون المؤمن ينشط للأعمال الصَّالحة، ويُريح أهله من التَّعب.

............

وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ طِيَرَةٌ تَصُدُّهُمْ عَمَّا يَقْصِدُونَهُ، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ تُنْقِصُ التَّوْحِيدَ وَتُضْعِفُهُ.

............

قَالَ: وَالرَّاقِي مُتَصَدِّقٌ مُحْسِنٌ.

الشيخ: والطيرة شرك لا إشكالَ فيه، فإنها من الشِّرك الأصغر؛ ولهذا تركها الأخيارُ، تركها السَّبعون، ولا شكَّ في وجوب تركها، وهكذا التَّداوي بالحرام يجب تركه، وإنما الكلام في التَّداوي في المباح والرقية ونحو ذلك، والكي هذا محل البحث، أما التَّداوي بالحرام أو بالشِّرك والطيرة هذا لا يجوز.

قَالَ: وَالرَّاقِي مُتَصَدِّقٌ مُحْسِنٌ، وَالْمُسْتَرْقِي سَائِلٌ، وَالنَّبِيُّ ﷺ رَقَى، وَلَمْ يَسْتَرْقِ، وَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص]، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق]، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس]، وَيَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، وَيَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ ومَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتْ عائشةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: أَحَدُهَا هَذَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ.

وَالثَّالِثُ: قَالَتْ: كُنْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا.

وَفِي لَفْظٍ رَابِعٍ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ.

وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا.

وَكَانَ ﷺ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَضَعْفُهُ وَوَجَعُهُ يَمْنَعُهُ مِنْ إِمْرَارِ يَدِهِ عَلَى جَسَدِهِ كُلِّهِ، فَكَانَ يَأْمُرُ عائشةَ أَنْ تُمِرَّ يَدَهُ عَلَى جَسَدِهِ بَعْدَ نَفْثِهِ هُوَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِن الِاسْتِرْقَاءِ فِي شَيْءٍ.

وَهِيَ لَمْ تَقُلْ: كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَرْقِيَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَتِ الْمَسْحَ بِيَدِهِ بَعْدَ النَّفْثِ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ. أَيْ: أَنْ أَمْسَحَ جَسَدَهُ بِيَدِهِ كَمَا كَانَ هُوَ يَفْعَلُ.

الشيخ: هذا يحتاج إلى تأمل، تقدم أنه أمر عائشة أن تسترقي، وأمر أسماء أن تسترقي، وهو في الصحيح، فلو فرض أنه أمرها -كما هو ظاهر اللفظ- فلا منافاةَ، وهو على ما تقدم، وأنه لا بأس أن يسترقي الإنسانُ عند الحاجة، وأعمال السبعين تركوه عند عدم الحاجة إلى مَن استرقى إن احتاجوا إلى ذلك: إما لأنهم أحبّوا التَّلذذ بالمرض، أو لأنهم وجدوا دواءً آخر، هذا من أعمالهم، لكن لا يلزم أن يكون فعله ذلك ليس من أعمال السبعين؛ فإنَّ السبعين قد ألحقهم الله بشيءٍ كثير، قال: أعطاني الله مع كل ألفٍ سبعين ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي، وهم أتباع، وليسوا محصورين في هذا، فكل مَن اتَّقى الله واستقام على أمره وأدَّى حقَّه وتباعد عن معصيته فيُرجا أن يكون من هؤلاء السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ ..... الاسترقاء عند الحاجة إليه مخرجًا لهم من ذلك، فإنَّ النبي أخبر أنهم من السبعين، ولا يمنع أن يلحق بهم مَن استرقى عند الحاجة أيضًا، ليس ..... به غيرهم، ولا يكون هناك مَن يدخلون بغير حسابٍ إلا هؤلاء ..... وأكثر وأكثر يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ؛ لكمال تقواه، وكمال إيمانه.

س: والاسترقاء لعدم الحاجة؟ هم لا يسترقون إلا إذا احتاجوا؟

ج: قد يكون ما هناك حاجة؛ لأنه وجد دواءً من غير الاسترقاء؛ أو لأنَّ المرض خفيف، واحتاج إلى ذلك، أو لأسبابٍ أخرى ترك الاسترقاء.

س: .............؟

ج: ثلاث مرات، هكذا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] والمعوذتان ثلاث مرات ..... ويمسح بها.

............

وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَخُصَّ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَلَا وَقْتًا مِنَ الْأَوْقَاتِ، بَلْ شَرَعَ لِأُمَّتِهِ عِيَادَةَ الْمَرْضَى لَيْلًا وَنَهَارًا، وَفِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ.

الشيخ: لأنَّ العائد يُراعي الأوقات المناسبة التي ..... أوقات مناسبة قد نظمت للمرضى يُراعيها، وإلا فإنه مشروع دائمًا في أي وقتٍ، إلا أنه من المستحسن أن يُراعي أوقات المريض، فلا يزوره في وقتٍ لا يُناسبه.

س: بالنسبة للنَّفث عند النوم، هل يلزم أن يكون على شقِّه الأيمن؟

ج: هذا الأفضل: يبدأ بشقِّه الأيمن، ينام على شقِّه الأيمن، كان النبي ينام على شقِّه الأيمن، وأمر في حديث البراء إذا أراد أن ينام أن يتوضأ ثم يضطجع على شقِّه الأيمن، ثم يأتي بالأذكار الشَّرعية، هذه السنة.

.........

وَفِي "الْمُسْنَدِ" عَنْهُ: إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مَشَى فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِنْ كَانَ غَدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ.

وَفِي لَفْظٍ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَيَّ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ كَانَتْ حَتَّى يُمْسِيَ، وَأَيَّ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ كَانَتْ حَتَّى يُصْبِحَ.

الشيخ: أيش قال المحشي؟

الطالب: الأول: رواه أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "الجنائز" باب "ما جاء في ثواب مَن عاد مريضًا"، وإسناده قوي.

والثاني: رواه أحمد، والترمذي في "الجنائز" باب "ما جاء في عيادة المريض"، وأبو داود في "الجنائز" باب "فضل العيادة"، وقال أبو داود: وأسند هذا عن عليٍّ، عن النبي ﷺ من غير وجهٍ صحيحٍ، وصحح الحاكمُ إحدى طرقه، ووافقه الذَّهبي.

وَكَانَ يَعُودُ مِنَ الرَّمَدِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ أَحْيَانًا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى جَبْهَةِ الْمَرِيضِ، ثُمَّ يَمْسَحُ صَدْرَهُ وَبَطْنَهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اشْفِهِ، وَكَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ أَيْضًا.

الطالب: قال: تقدم تخريجه من رواية البخاري ومسلم، من حديث سعدٍ. على اللهم اشفه فقط، والذي قبل ما عليه شيء.

الشيخ: يضع يده على جبهته وصدره؟

الطالب: هذا ما عليه شيء.

وَكَانَ إِذَا يَئِسَ مِنَ الْمَرِيضِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

............

س: قوله: وكان يعود من الرمد وغيره؟

ج: يعني من جميع أنواع المرض.

س: يعني الحديث أنَّ مَن كان به رمد لا يُزار، يعني: لا يصحّ؟

ج: هذا إشارة إلى أنه ما هو بصحيح. والرمد مرض .....

............

س: لكن الأخير: إذا يئس من المريض قال: إنا لله ..؟

ج: ما أدري، ما أعرف حاله.

الطالب: المعلق قال: لم يجده في الحاشية، قال عليه: لم نجده بهذا اللَّفظ، وإنما أورده الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" بمعناه عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله ﷺ: إنَّ للموت فزعًا، فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه قيس بن الربيع الأسدي، وفيه كلام.

الشيخ: هذا ..... قوله جلَّ وعلا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155- 156]، لكن يُراجع أيضًا الحديث هذا: إذا يئس، يُراجع الحديث هذا، كذلك حديث ..... يراجع، قد يكون أيضًا، قد يكون فيه شيء من جهة أنه إذا قال هذا الكلام قد يكون فيه ترويع، قد يُستغرب؛ لأنَّ فيه نوعًا من ترويع المريض، أو أهل المريض إذا عرفوا أنَّه العادة.

وقد يُقال أنه لا بأس بذلك؛ لأنه نوع من التَّذكير لهم، وأنه يئس منه حتى يستعدُّوا، حتى يتأهل للقاء الله، وكذلك أهله حتى -يعني- يعتنوا بأسباب نجاته؛ لأنه قد تكون فيه مصالح، والمعول على ثبوت الحديث، إذا ثبت فلا كلام.

س: ............؟

ج: يُراجع ويلتمس: إذا يئس قال: إنا لله .. هذا يُراجع، هذا يُلتمس.

س: ............؟

ج: إذا وثق من نفسه وسأل الله التوفيق والثَّبات، النبي أخذ بيد المجذوم وقال: كُلْ بسم الله، ثقةً بالله، وإن ترك ذلك فلا حرج؛ لأنه يراه مُعدٍ يخشى من شرِّه، في الحديث: فِرَّ من المجذوم، نعم، لكن الإنسان إذا رأى من نفسه قوةَ الإيمان وعدم المبالاة، وأنه يُحب أن ينال هذا الفضل من العيادة فلا بأس.

............

فصلٌ

فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاتِّبَاعِهَا وَدَفْنِهَا، وَمَا كَانَ يَدْعُو بِهِ لِلْمَيِّتِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَبَعْدَ الدَّفْنِ، وَتَوَابِعِ ذَلِكَ.

كَانَ هَدْيُهُ ﷺ فِي الْجَنَائِزِ أَكْمَلَ الْهَدْيِ، مُخَالِفًا لِهَدْيِ سَائِرِ الْأُمَمِ، مُشْتَمِلًا عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَيِّتِ، وَمُعَامَلَتِهِ بِمَا يَنْفَعُهُ فِي قَبْرِهِ وَيَوْمَ مَعَادِهِ، وَعَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ، وَعَلَى إِقَامَةِ عُبُودِيَّةِ الْحَيِّ لِلَّهِ وَحْدَهُ فِيمَا يُعَامِلُ بِهِ الْمَيِّتَ.

الشيخ: وهذا من رحمة الله أن جاء في الشريعة الإحسان إلى الميت بعد وفاته، والإحسان إلى أهله بذلك، والتَّعبد لله جلَّ وعلا بما يُفعل بالميت؛ فيُشرع تغسيله وتنظيفه، وغسل أعضاء الوضوء منه، ثم تطييبه، ثم تكفينه، ثم الصلاة عليه، ثم دفنه في الأرض، ثم الدعاء له، هذا خير عظيم، كله من رحمة الله ، ما يُلقى كالجيف في الحفر ونحوها، فمن رحمة الله أنَّ الله شرع للمسلمين غسل ميِّتهم غسلًا كاملًا، ثم بعد غسله التَّطيب، يُطيب، ثم يُكفن، ثم يُصلَّى عليه، ثم يُنقل إلى مدفنه، ويُدعا له عند الدفن وبعد الدفن، كل هذا من رحمة الله جلَّ وعلا، ومن تيسيره ، فالميت أُحسن إليه، وأهله كذلك أُحسن إليهم بذلك: في إكرام ميتهم، وفي عبادتهم لله بهذه الأعمال، فهذا من فضل الله وإحسانه ﷺ.

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ فِي الْجَنَائِزِ: إِقَامَةُ الْعُبُودِيَّةِ لِلرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْمَيِّتِ وَتَجْهِيزُهُ إِلَى اللَّهِ عَلَى أَحْسَنِ أَحْوَالِهِ وَأَفْضَلِهَا، وَوُقُوفُهُ وَوُقُوفُ أَصْحَابِهِ صُفُوفًا يَحْمَدُونَ اللَّهَ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَيَسْأَلُونَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالتَّجَاوُزَ عَنْهُ، ثُمَّ الْمَشْيُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى أَنْ يُودِعُوهُ حُفْرَتَهُ، ثُمَّ يَقُومُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ، سَائِلِينَ لَهُ التَّثْبِيتَ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَتَعَاهَدُهُ بِالزِّيَارَةِ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَالدُّعَاءِ لَهُ، كَمَا يَتَعَاهَدُ الْحَيُّ صَاحِبَهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا.

فَأَوَّلُ ذَلِكَ: تَعَاهُدُهُ فِي مَرَضِهِ، وَتَذْكِيرُهُ الْآخِرَةَ، وَأَمْرُهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَالتَّوْبَةِ.

الشيخ: هذا من عيادة المريض، هذا من أول الإحسان إليه: أنه يُعاد إذا مرض، ويُذكر الموت؛ حتى يستعدَّ، والوصية إن كان له شيء يُوصي فيه، كل هذا من إحسان الله إليه، نعم.

وَأَمْرُ مَنْ حَضَرَهُ بِتَلْقِينِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ، ثُمَّ النَّهْيُ عَنْ عَادَةِ الْأُمَمِ الَّتِي لَا تُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ: مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الثِّيَابِ، وَحَلْقِ الرُّؤُوسِ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ وَتَوَابِعِ ذَلِكَ.

الشيخ: وهذا من رحمة الله أيضًا: أنه نهى أهله، ونهى أقاربه وزوجته، نهاهم عن هذا؛ عمَّا تفعله الأممُ الجاهلية من النِّياحة، ورفع الصوت، وشقّ الثياب، ولطم الخدود، وحلق الرؤوس، والدعاء بالويل والثُّبور، وحثي التراب على الرؤوس، كل هذا من عمل الجاهلية، فالله نهى عباده عن ذلك على يد رسوله عليه الصلاة والسلام، وأمرهم بالاسترجاع والصبر والاحتساب، وألا يقولوا إلا خيرًا.

وَسَنَّ الْخُشُوعَ لِلْمَيِّتِ، وَالْبُكَاءَ الَّذِي لَا صَوْتَ مَعَهُ، وَحُزْنَ الْقَلْبِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ.

وَسَنَّ لِأُمَّتِهِ الْحَمْدَ، وَالِاسْتِرْجَاعَ، وَالرِّضَى عَنِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُنَافِيًا لِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَحُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ أَرْضَى الْخَلْقِ عَنِ اللَّهِ فِي قَضَائِهِ.

الشيخ: يعني الرسول ﷺ.

وَأَعْظَمَهُمْ لَهُ حَمْدًا، وَبَكَى مَعَ ذَلِكَ يَوْمَ مَوْتِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ؛ رَأْفَةً مِنْهُ وَرَحْمَةً لِلْوَلَدِ، وَرِقَّةً عَلَيْهِ.

الشيخ: قال: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي الربَّ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولما دعته إحدى بناته إلى حضور ولدٍ لها في النزع قال لرسولها: قل لها أن تصبر، ولتحتسب؛ فإنَّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمّى، فردَّت عليه الرسول تُقسم عليه أن يحضر، فقام عليه الصلاة والسلام وأجاب؛ رحمةً منه لها، وتلطفًا بها، ورعايةً لها، ودليلًا على تواضعه ﷺ ورحمته وحُسن خلقه، فأتاه ومعه بعض الصحابة، وقُدم إليه الولدُ، فإذا نفسه تقعقع عند الخروج، فلما رأى ذلك دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام، فسأله بعضُ الصحابة فقال: إنها رحمة، وإنما يرحم اللهُ من عباده الرُّحماء، فدلَّ على أنَّ دمع العين لا بأس به، إنما المحرم النِّياحة والصَّوت.

وَالْقَلْبُ مُمْتَلِئٌ بِالرِّضَى عَنِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ، وَاللِّسَانُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرِهِ وَحَمْدِهِ.

وَلَمَّا ضَاقَ هَذَا الْمَشْهَدُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى بَعْضِ الْعَارِفِينَ يَوْمَ مَاتَ وَلَدُهُ جَعَلَ يَضْحَكُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَضْحَكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَضَى بِقَضَاءٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَرْضَى بِقَضَائِهِ".

فَأَشْكَلَ هَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: كَيْفَ يَبْكِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ أَرْضَى الْخَلْقِ عَنِ اللَّهِ، وَيَبْلُغُ الرِّضَى بِهَذَا الْعَارِفِ إِلَى أَنْ يَضْحَكَ؟!

فَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابنَ تيمية يَقُولُ: هَدْيُ نَبِيِّنَا ﷺ كَانَ أَكْمَلَ مِنْ هَدْيِ هَذَا الْعَارِفِ، فَإِنَّهُ أَعْطَى الْعُبُودِيَّةَ حَقَّهَا، فَاتَّسَعَ قَلْبُهُ لِلرِّضَى عَنِ اللَّهِ، وَلِرَحْمَةِ الْوَلَدِ، وَالرِّقَّةِ عَلَيْهِ؛ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَرَضِيَ عَنْهُ فِي قَضَائِهِ، وَبَكَى رَحْمَةً وَرَأْفَةً، فَحَمَلَتْهُ الرَّأْفَةُ عَلَى الْبُكَاءِ، وَعُبُودِيَّتُهُ لِلَّهِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ عَلَى الرِّضَى وَالْحَمْدِ، وَهَذَا الْعَارِفُ ضَاقَ قَلْبُهُ عَنِ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَمْ يَتَّسِعْ بَاطِنُهُ لِشُهُودِهِمَا وَالْقِيَامِ بِهِمَا، فَشَغَلَتْهُ عُبُودِيَّةُ الرِّضَى عَنْ عُبُودِيَّةِ الرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ.

الشيخ: ولا شكَّ أنَّ هدي النبي ﷺ هو أكمل من هدي هذا العارف العابد؛ لأنَّ الضَّحك عند المصيبة مخالفٌ للسنة، ومخالفٌ لعُرف الأمم، ولما تقتضيه حكمة الله من التَّأثر بالموت، ولا سيما عند موت الحبيب، فكان هدي النبي ﷺ أكمل الهدي وأفضله، فدمعت عينه، وحزن قلبه، ولم يضحك، بل بكى وقال: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي الربَّ، وإن بفُراقك يا إبراهيم لمحزونون، وقال: إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرُّحماء، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمّى، وأمر بالصبر والاحتساب.

س: البكاء الذي يحصل به رفع الصَّوت؟

ج: هذا يُسمَّى: النياحة، الشيء اليسير يُعفا عنه إذا كان ..... البكاء الذي هو بدمع العين من دون رفع الصوت، أما إذا كان له صوتٌ واضحٌ، هذا هو النِّياحة، أما الشيء اليسير يُعفا عنه إن شاء الله، لكن مع المجاهدة لا يضرّ إن شاء الله، على الإنسان أن يُجاهد نفسه.

الطالب: في الرواية التي فيها واشفه أنت الشافي بزيادة الهاء في البخاري.

الشيخ: بزيادة الهاء؟

الطالب: نعم، قال البخاري في "صحيحه": باب رقية النبي ﷺ: حدثنا عمرو بن علي: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان: حدثني سليمان، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان يُعوِّذ بعضَ أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم ربَّ الناس، أذهب البأس، واشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقمًا.

الشيخ: تعرَّض له الشَّارح؟

الطالب: نعم، قوله: واشفه وأنت الشافي في رواية الكشميهني بحذف الواو، والضمير في "اشفه" للعليل، أو هي هاء السَّكت.

الشيخ: يعني: واشفه، مثل: هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:29].

الطالب: ومسألة وضع اليد على المريض؟

الشيخ: ذكر هذا، يمسح بيمينه.

الطالب: كذلك سؤال المريض: ماذا يشتهي؟ إسناده.

الشيخ: عند مَن؟

الطالب: عند ابن ماجه وابن السني: روى ابن ماجه في "سننه" في "الجنائز" باب "ما جاء في عيادة المريض": حدثنا سفيان بن وكيع: حدثنا أبو يحيى الحماني، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: دخل النبيُّ ﷺ على مريضٍ يعوده، فقال: أتشتهي شيئًا؟ أتشتهي كعكًا؟ قال: نعم، فطلبوا له. في "الزوائد" إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان الرقاشي، ورواه في "الطب".

الشيخ: ولضعف سفيان بن وكيع.

الطالب: باب "المريض يشتهي الشيء" بنفس الإسناد، إلا أنه قال: أتشتهي شيئًا؟ قال: أشتهي كعكًا، قال: نعم، فطلبوا له.

وأخرج ابن السني في "عمل اليوم والليلة" قال: أخبرنا أبو يعلى: حدثنا الحسن بن حماد: حدثنا أبو يحيى الحماني: حدثنا الأعمش، عن رجلٍ، عن أنسٍ قال: دخل النبيُّ ﷺ.

الشيخ: لعلَّ الرجل هو يزيد الرقاشي، ساق سندًا آخر؟

الطالب: أبدًا، هذا هو.

الشيخ: ضعيف أيضًا؛ لأنَّ الرجل مُبهم، ويمكن أن يكون هو يزيد الرقاشي.

الطالب: قال النَّووي في "الأذكار": روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني بإسنادٍ ضعيفٍ عن أنسٍ .. إلى آخره. لكن قال الحافظ ابن حجر في "تخريج الأذكار" في إسنادٍ قبل هذا لابن ماجه أصلح إسنادًا منه، قال ابن ماجه، يقول -يعني ابن حجر- كان الأولى بالنَّووي أن يأتي به.

الشيخ: وهو؟

الطالب: قال ابن ماجه: حدَّثنا الحسن بن علي الخلاد: حدثنا صفوان بن هبيرة: حدثنا أبو مكي، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ عاد رجلًا فقال: ما تشتهي؟ قال: أشتهي خبز برٍّ. قال النبي ﷺ: مَن كان عنده خبز برٍّ فليبعث إلى أخيه، ثم قال النبي ﷺ: إذا اشتهى مريضُ أحدكم شيئًا فليُطعمه، في "الزوائد": في إسناده صفوان بن هبيرة، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال .....: لا يُتابع على حديثه. وقال في "تقريب التهذيب": لين الحديث.

الشيخ: مَن الذي بعد صفوان؟

الطالب: أبو مكي.

الشيخ: ما راجعتَه؟

الطالب: ما راجعته، ما عليه شيء.

الشيخ: ضعيف على كل حالٍ، والمتن منكر؛ لأنَّ المريض قد يطلب شيئًا يضرّه، المريض قد يطلب شيئًا يضرّه، يعلم الأطباء أنه يضرّه، فلا يُعطَ طلبته إلا إذا كان فيها مصلحة له، وإذا كان ما فيها مصلحة بل يضرّه فلا يُعطَ، وهذا مما يدل على ضعف هذه الأحاديث.

الطالب: الحديث: من تمام عيادة المريض: أن يضع أحدُكم يدَه على جبهته، قال الترمذي في "الجامع" في كتاب "الاستئذان" باب "ما جاء في المصافحة": حدثنا سويد بن نصر: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم أبي عبدالرحمن، عن أبي أمامة .

الشيخ: هو ابن عبدالرحمن، ولعله يُكنى: أبا عبدالرحمن.

الطالب: عن أبي أمامةَ : أن رسول الله ﷺ قال: من تمام عيادة المريض: أن يضع أحدُكم يدَه على جبهته -أو قال: على يده- فيسأله: كيف هو؟ وتمام تحيَّتكم بينكم المصافحة.

هذا إسناد ليس بالقوي، قال محمد: عبيدالله بن زحر ثقة، وعلي بن يزيد ضعيف، والقاسم هو ابن عبدالرحمن، ويُكنى: أبا عبدالرحمن، وهو ثقة، وهو مولى عبدالرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية، والقاسم الشامي قال في "التحفة": والحديث أخرجه أحمد أيضًا، وهو في "المسند": حدثنا عبدالله: حدَّثني أبي: حدثنا خلف بن الوليد: حدثنا ابن المبارك، وعلي بن إسحاق: أخبرنا ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي ﷺ قال: من تمام عيادة المريض: أن يضع أحدُكم يدَه على جبهته أو يده، فيسأل: كيف هو؟ وتمام تحياتكم بينكم المصافحة، وفي سنده عبيدالله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبدالرحمن، قال الذهبي في "الميزان": قال ابن حبان: إذا اجتمع في إسنادٍ خبر عبيدالله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبدالرحمن لم يكن ذلك الخبرُ إلا مما عملته أيديهم.

الشيخ: هذا مُبالغة من ابن حبان، مبالغة، فأبو القاسم ليس ممن يتّهم بالوضع، أما علي بن يزيد فليس بشيءٍ، وعبيدالله بن زحر فيه خلاف، فالحاصل أنه ضعيف لا يُحتجّ به.

الطالب: في إسنادٍ آخر: ورواه ابن السُّني في "عمل اليوم والليلة"، قال: أخبرنا الحسين بن محمد: حدثنا يزيد بن محمد بن عبدالصمد: حدثنا سليمان بن عبدالرحمن: حدثنا عبدالأعلى بن محمد البصري، عن يحيى بن سعيد المدني، وليس هو يحيى بن سعيد بن قيس، عن الزهري، عن القاسم أبي عبدالرحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: من تمام العيادة أن تضع على المريض يدك فتقول: كيف أصبحتَ؟ أو كيف أمسيتَ؟.

الشيخ: راجعت .....

الطالب: ابن السني ما راجعتُ.

الشيخ: تراجع، والأقرب أنه ضعيف. حدَّثنا؟

الطالب: قال: أخبرنا الحسين بن محمد: حدثنا يزيد بن محمد بن عبدالصمد: حدثنا سليمان بن عبدالرحمن: حدثنا عبدالأعلى بن محمد البصري، عن يحيى بن سعيد المدني، وليس هو يحيى بن سعيد بن قيس، عن الزهري، عن القاسم أبي عبدالرحمن، عن أبي أمامة.

الشيخ: كل هؤلاء يُراجعون: شيخ المؤلف والذي قبل ..... كلهم يُراجعون، والغالب لا يخلو من ضعف أحدهم أو كلهم.

س: لكن وضع اليد على المريض ثابت؟

ج: لا، ذاك مسح اليد اليمين على محلِّ المرض.

الطالب: معي البخاري رحمه الله.

الشيخ: أما هذا ضعيف: "يضع يده في جبهته" ضعيف.

الطالب: أعيد "صحيح البخاري"؟

الشيخ: نعم.

الطالب: قال الإمام البخاري: باب "وضع اليد على المريض": حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا الجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَاهَا قَالَ: تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: لا، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ، فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ حَتَّى السَّاعَةِ.

الشيخ: هذا يُغني عن الأحاديث الضَّعيفة، وأيش قال الشارحُ عليه؟

الطالب: وبعده حديثٌ آخر: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجَلْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى -مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ- إِلَّا حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَرِيضِ).

قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَرِيضِ تَأْنِيسٌ لَهُ، وَتَعَرُّفٌ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ؛ لِيَدْعُوَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَبْدُو لَهُ مِنْهُ، وَرُبَّمَا رَقَاهُ بِيَدِهِ وَمَسَحَ عَلَى أَلَمِهِ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَلِيلُ، إِذَا كَانَ الْعَائِدُ صَالِحًا.

قُلْتُ: وَقَدْ يَكُونُ الْعَائِدُ عَارِفًا بِالْعِلَاجِ، فَيَعْرِفُ الْعِلَّةَ، فَيَصِفُ لَهُ مَا يُنَاسِبُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ تَقَدَّمَا:

أَحَدُهُمَا حَدِيثُ سَعدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي "الْوَصَايَا"، وَأَوْرَدَهُ هُنَا عَالِيًا من طَرِيق الجعيد، وَهُوَ ابن عَبْدِالرَّحْمَنِ.

وَقَوْلُهُ فِيهِ: "تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوَى شَدِيدَةً"، فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: "شَدِيدًا" بِالتَّذْكِيرِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَرَضِ وَالشَّكْوَى، بِالْقَصْرِ الْمَرَضُ.

وَقَوْلُهُ: "وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ"، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَحْفُوظَةً فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الرَّدِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

الشيخ: حصل المطلوب، وهو عيادة المريض، وفعله النبي ﷺ، أما تلك الأحاديث ضعيفة.

س: .............؟

ج: لا، الأصل عدم الخصوصية، كونه يمسّ أخاه ويدعو له أو يرقيه بيده، كل هذا طيب، مثلما وضع ابنُ مسعودٍ يدَه على النبي ﷺ وقال: إنك لتُوعَك.

الطالب: وَقَوْلُهُ: "ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ"، فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: "عَلَى جَبْهَتِي"، وَبِهَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَجْرِيدًا.

الشيخ: مجرد له عن الإضافة.

الطالب: أبو مكي ما هو بموجود؟

الشيخ: ما هو بموجود، نعم، سمِّ.

س: .............؟

ج: "على جبهته"، في الرواية الأخرى: ثم أمرها على وجهه.

س: .............؟

ج: في الرواية الثانية: "جبهتي" جبهة ابن مسعودٍ، يعني: جبهة سعدٍ.

س: ما في إضافة في الرِّوايتين؟

ج: في الأولى: "على جبهتي".

س: ..............؟

ج: ..... يضع يده على جبهتي، أو على جبهته؟

الطالب: في المتن: "جبهته".

الشيخ: في الأول؟

الطالب: نعم: ثم وضع يده على جبهته.

الشيخ: جميل، يعني: يتبين أنَّ المراد جبهته؛ جبهة سعدٍ .....

..........

فَصْلٌ

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ ﷺ: الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ إِلَى اللَّهِ، وَتَطْهِيرُهُ، وَتَنْظِيفُهُ، وَتَطْيِيبُهُ، وَتَكْفِينُهُ فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُدْعَى إِلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ احْتِضَارِهِ، فَيُقِيمُ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْضِيَ، ثُمَّ يَحْضُرُ تَجْهِيزَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيُشَيِّعُهُ إِلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ رَأَى الصَّحَابَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَكَانُوا إِذَا قَضَى الْمَيِّتُ دَعَوْهُ فَحَضَرَ تَجْهِيزَهُ وَغُسْلَهُ وَتَكْفِينَهُ، ثُمَّ رَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَكَانُوا هُمْ يُجَهِّزُونَ مَيِّتَهُمْ، وَيَحْمِلُونَهُ إِلَيْهِ ﷺ عَلَى سَرِيرِهِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.

وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ الرَّاتِبِ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَرُبَّمَا كَانَ يُصَلِّي أَحْيَانًا عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ، كَمَا صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سُنَّتَهُ وَعَادَتَهُ.

وَقَدْ رَوَى أبو داود فِي "سُنَنِهِ" مِنْ حَدِيثِ صالح مولى التَّوأمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ: فَقَالَ الخطيبُ فِي رِوَايَتِهِ لِكِتَابِ "السُّنَنِ": فِي الْأَصْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَلَفْظُهُ: فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.

وَلَكِنْ قَدْ ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ:

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ صالح مولى التَّوأمة.

وَقَالَ البيهقي: هَذَا حَدِيثٌ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ صالح، وَحَدِيثُ عائشة أَصَحُّ مِنْهُ، وصالح مُخْتَلَفٌ فِي عَدَالَتِهِ، كَانَ مالك يُجَرِّحُهُ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ أبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ.

قُلْتُ: وصالح ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: هُوَ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ويحيى: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ مالكًا تَرَكَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ مالكًا أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ خَرِفَ، وَالثَّوْرِيُّ إِنَّمَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ خَرِفَ، فَسَمِعَ مِنْهُ، لَكِنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرَفَ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ ثِقَةٌ، إِلَّا أَنَّهُ خَرِفَ وَكَبِرَ، فَسَمِعَ مِنْهُ الثَّوْرِيُّ بَعْدَ الْخَرَفِ، وَسَمَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تَغَيَّرَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِئَةٍ، وَجَعَلَ يَأْتِي بِمَا يُشْبِهُ الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، فَاخْتَلَطَ حَدِيثُهُ الْأَخِيرُ بِحَدِيثِهِ الْقَدِيمِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ، وَسَمَاعُهُ مِنْهُ قَدِيمٌ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ، فَلَا يَكُونُ اخْتِلَاطُهُ مُوجِبًا لِرَدِّ مَا حَدَّثَ بِهِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ.

وَقَدْ سَلَكَ الطَّحَاوِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا، وَحَدِيثِ عائشةَ مَسْلَكًا آخَرَ، فَقَالَ: صَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْسُوخَةٌ، وَتَرْكُ ذَلِكَ آخِرُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِدَلِيلِ إِنْكَارِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ عَلَى عائشةَ، وَمَا كَانُوا لِيَفْعَلُوهُ إِلَّا لِمَا عَلِمُوا خِلَافَ مَا نَقَلْتُ.

وَرَدَّ ذَلِكَ عَلَى الطَّحَاوِيِّ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ البيهقي وَغَيْرُهُ.

قَالَ البيهقي: وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ نَسْخُ مَا رَوَتْهُ عائشة لَذَكَرَهُ يَوْمَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَوْمَ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَذَكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى عائشةَ أَمْرَهَا بِإِدْخَالِهِ الْمَسْجِدَ، وَلَذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْجَوَازِ، فَلَمَّا رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ سَكَتُوا وَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَلَا عَارَضُوهُ بِغَيْرِهِ.

قَالَ الخطَّابي: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أبا بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ شَهِدُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا، وَفِي تَرْكِهِمُ الْإِنْكَارَ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ.

قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -إِنْ ثَبَتَ مُتَأَوَّلًا عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَالْغَالِبُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا يَشْهَدُ دَفْنَهُ، وَأَنَّ مَنْ سَعَى إِلَى الْجِنَازَةِ فَصَلَّى عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الْمَقَابِرِ شَهِدَ دَفْنَهُ، وَأَحْرَزَ أَجْرَ الْقِيرَاطَيْنِ، وَقَدْ يُؤْجَرُ أَيْضًا عَلَى كَثْرَةِ خُطَاهُ، وَصَارَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْقُوصَ الْأَجْرِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.

وَتَأَوَّلَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِيَتَّحِدَ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ، وَلَا يَتَنَاقَضَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا [الإسراء:7] أَيْ: فَعَلَيْهَا.

فَهَذِهِ طُرُقُ النَّاسِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَأَنَّ سُنَّتَهُ وَهَدْيَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ، وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: هذا الذي ذكره المؤلفُ فيه نظر، والصواب أنَّ الصلاة على الجنائز في المساجد سنة متَّبعة وثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا أنكرت عائشةُ على بعض الناس لما أنكر ذلك، قالت: سبحان الله! ما أسرع ما نسي الناسُ! لقد صلَّى الرسول على ابني بيضاء في المسجد، وصلَّى المسلمون على النبي ﷺ في المسجد، وصلَّى عليه أيضًا، وصلَّى المسلمون على الصديق وعلى عمر في المسجد.

فكان ﷺ ربما صلَّى في المسجد، وربما صلَّى في المصلى خارج المسجد، ولعله كان يُصلي في المصلَّى إذا كان المسجدُ لا يتَّسع للناس، كما صلَّى على النَّجاشي؛ لكثرة الأمم والناس الذين صلّوا عليه، أو لأسبابٍ أخرى تسبب صلاته بعض الأحيان في المصلَّى، فهذا جائز، وهذا جائز.

وحديث: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ حديثٌ لا يصحّ ولا يثبت لأمرين:

الأمر الأول: أمر صالح، وما أصابه من الخرف والتَّغير فلا يأمن أن يكون بعدما تغير ودخل حديثه ما دخله من الخلل، وإن كان الراوي له ابن أبي ذئب.

والأمر الثاني: أنه مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة: كحديث عائشة في "صحيح مسلم"، وصلاة الصحابة على الصديق وعمر، وهو معروف مُستفيض عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فيكون هذا صالحًا، لو صحَّت رواية ابن أبي ذئب عنه يكون شاذًّا مخالفًا للأحاديث الصَّحيحة، والقاعدة أن ما خالف الأحاديث الصحيحة يكون شاذًّا، لا يُعتبر، وله حكم الضَّعيف.

فحديث صالح هذا ضعيف من جهتين، والصواب أنه لا نقصَ على مَن صلَّى على الميت في المسجد، والكل سنة، والكل فيه فضل، وعلى حسب ما يراه الإمامُ، وإذا دعت الحاجةُ للمُصلَّى؛ لضيق المسجد، لكثرة الناس؛ صلَّى عليه في المصلَّى، أو لأسبابٍ أخرى فلا بأس، وإلا فالصلاة في المسجد معلومة وثابتة ومعروفة من حديث النبي عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك، ولا في هذا، وأما حديث صالح فهو بكل حالٍ حديث شاذٌّ، ضعيف، لا يصحّ، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

س: .............؟

ج: قاعدة من المحدِّثين: إذا صحَّ السَّندان فالمخالف لما هو الأصح هو الشَّاذ. يقول الحافظُ رحمه الله: "فإن خُولف بأرجح فالراجح المحفوظ، ومقابله الشَّاذ"، ومع الضَّعف فالراجح المعروف، ومقابله المنكر، فإذا كان كلاهما صحيحًا فالأدنى صحّة منهما هو الشَّاذ، والأعلى صحَّة منهما هو المحفوظ، وحديث عائشة هذا أصحّ وأثبت؛ لأنه رواه مسلم وغيره في "الصحيح"، ووافق ذلك فعل المسلمين على صلاتهم على النبي ﷺ، وعلى الصديق، وعلى عمر.

س: يعني الحديث ما يصحّ، ولو صحَّ فهو شاذٌّ؟

ج: نعم، نعم.

س: ...............؟

ج: الحديث غير صحيحٍ؛ لأنَّ لفظه منكر: لا شيء له لفظ منكر.

س: ذكر أنَّ من هدي النبي ﷺ أنه كان يحضر المريضَ أو الميت حتى .....؟

ج: كان هذا قبل .....، ويحتاج إلى دليلٍ في التفصيل، يحتاج إلى أحاديث تدل على التفصيل أنه كان يحضر أولًا تجهيزه وتغميضه وكفنه، ولعله أخذه من قصة أبي سلمة لما حضره ووضع يديه قال: إنَّ الروح إذا قُبض تبعه البصرُ، وهذا لا يلزم منه أن يكون ..... له، لا يلزم، فهي قضية عين.

فالحاصل أنَّ السنة تجهيز الميت، والعناية بالميت: من تغسيل، وتنظيف، والطيب، ثم التَّكفين، ثم الصلاة عليه، هكذا السنة: أولًا: العناية بتغسيله وتنظيفه، ثم تطييبه، الطيب والكفن، ثم الصلاة عليه، ثم حمله إلى المقبرة.

س: لكن ما يُقال: من السنة حضور تجهيز الميت؟

ج: ما عليه دليل ظاهر، إنما يتولاه أهله، المشروع في الجنازة حتى يُصلَّى على ..... له قيراطان، المشروع أنه يتحرى حضور الصلاة عليه، وحضور دفنه.

الطالب: المحشي يقول: وإسناده قوي؟

الشيخ: بناءً على ما تقدم، بناء على أنه من رواية ابن أبي ذئب .....

ومثلما تقدم لو سلمنا كما قالوا لرواية ابن أبي ذئب ..... لو سلمنا هذا فالعلة الثانية موجودة، وهي الشُّذوذ ومخالفة الأحاديث.