9- من حديث (نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم..)

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: قال الحافظُ ابن حجر رحمه الله تعالى في باب صفة الحجِّ ودخول مكة:

743- وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ سَأَلَ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ، وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنَ النَّارِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

744- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

745- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

746- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْدُمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طُوى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالحجِّ:

الحديث الأول: حديث خزيمة بن ثابت الأنصاري ، فيه أنه ﷺ كان إذا فرغ من تلبيته بالحجِّ أو العمرة سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار، هذا الحديث مثلما قال المؤلفُ: ضعيف الإسناد، لا يُحتجُّ به، لكن لا مانع من الدعاء، الدعاء لا بأس به، إذا دعا الحاجُّ في أثناء التلبية قال: "اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم تقبَّل مني"، لا بأس، لا حرج، وهكذا إذا صلَّى على النبي ﷺ وأكثر من الصلاة أثناء التلبية، كل هذا لا بأس به، لكن السنة الإكثار بالتلبية كما كان النبيُّ ﷺ يفعل، الإكثار من التلبية، وإذا دعا في بعض الأحيان في أثناء التلبية، أو في جلوسه إذا جلس، أو في مشيه، أو في أي حالٍ، إذا سأل الله الجنة وتعوَّذ به من النار، أو سأل الله شيئًا مما ينفعه: "اللهم يسِّر لي زوجةً صالحةً، وذريةً صالحةً، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي، اللهم اعفُ عني" لا حرج في ذلك، لكن السنة الإكثار من التلبية، ومُواصلة التلبية تأسيًا بالنبي ﷺ، وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ومعنى "لبيك": أنا يا ربي مُقيمٌ في طاعتك إقامةً بعد إقامةٍ، هذا معنى "لبيك"، يعني: أنا مقيمٌ في طاعتك مرةً بعد مرةٍ، يعني: حتى ألقاك، حتى أموت، وربما لبَّى ﷺ بقوله: لبيك إله الحقّ لبيك، لبيك ذا المعارج، وكان الناسُ يُلبُّون حوله بأشياء أخرى، ولا يمنعهم، يُروى عن أنسٍ أنه كان يقول: "لبيك حقًّا حقًّا، تعبُّدًا ورقًّا"، وكان ابن عمر يزيد: "لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك"، كل هذا لا بأس به.

ولكن كون الإنسان يستنُّ بسنة النبي ﷺ ويُكثر منها هذا هو الأفضل؛ لقوله جلَّ وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ [الأحزاب:21]، وقوله ﷺ: خُذوا عني مناسككم.

الحديث الثاني: حديث جابر: أنه ﷺ نحر في منى وقال: نحرتُ هاهنا، ومنى كلها منحر، هذا يدل على أن السنة الهدي في منى، ذبح الهدايا أيام الحج، الهدي والتطوع يكون في منى أفضل، وإذا ذبح في مكة في غير منى في أنحاء الحرم فلا بأس؛ لما جاء عنه ﷺ أنه قال: فجاج مكة طريق ومنحر، فإذا نحر في مكة في الحرم لا بأس، لكن الأفضل في منى، الأفضل أن ينحر في منى هدي التطوع وهدي التمتع والقِران، هذا هو الأفضل تأسيًا بالنبي ﷺ؛ لأنه نحر في منى.

وقوله: وقفتُ هاهنا، وعرفات كلها موقف، ووقفتُ هاهنا وجمعٌ كلها موقف يدل على أنه لا بدّ من الوقوف بعرفة من ليلٍ أو نهارٍ، وكلها موقف، في أي بقعةٍ منها يكفي الحاجّ، ما هو بلزوم موقف النبي ﷺ، في أي موقفٍ من عرفات إذا جلس فيه الحاجُّ بعض الشيء، أو مرَّ بها من منى إلى الحجِّ في يوم عرفة بعد الزوال، أو في ليلة النحر قبل طلوع الفجر أجزأ، فإن الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة -اليوم التاسع- إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا وقت الوقوف عند أهل العلم، وقال بعضُ أهل العلم: "يبتدئ الوقوف من فجر يوم عرفة -من الفجر- إلى طلوع الفجر من ليلة النحر".

والأحوط للمؤمن أن يكون وقوفه بعد الزوال مثلما وقف النبيُّ ﷺ بعد الزوال إلى غروب الشمس، هذا السنة، وإن وقف في الليل أجزأه ذلك قبل طلوع الفجر، في أي بقعةٍ من عرفة يُجزئ، وكذلك الجمع: وهي مُزدلفة، إذا بات في منى كفى، وليس بلازمٍ أن يبيت في الموضع الذي بات فيه النبيُّ ﷺ، لا، كل مُزدلفة موقف، في أي بقعةٍ منها نام الحاجُّ ليلة النحر عند منصرفه من عرفات كفى، والضُّعفاء لهم الظَّعن منها بعد نصف الليل، من النساء والصّبيان والشيوخ الكبار والمرضى، لهم أن يرتحلوا منها وينفروا منها بعد نصف الليل؛ لأنه أسهل عليهم قبل زحمة الناس.

الحديث الثالث: في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ دخل مكة من أعلاها من كداء –بفتح الكاف- وخرج من أسفلها من كُدا –بضم الكاف- هذه السنة، والأفضل إذا قدم مكة أن يقدم من أعلاها، وإذا خرج مُسافرًا يخرج من أسفلها، هذا هو الأفضل، ومن أي مكانٍ دخل، ومن أي مكانٍ خرج فلا بأس، لا حرج، لكن الأفضل أن يكون دخوله من أعلى، وخروجه من أسفل؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام.

والحديث الرابع يدل على أن الأفضل لمن كان يمكن إذا تيسر ثلاثًا أن يبيت بذي طوى، يبيت فيها ويغتسل، ثم يتوجه إلى البيت ضحًى للطواف والسَّعي، هذا هو الأفضل، كان النبي ﷺ إذا قدم مكة بات بذي طوى حتى يُصبح ويغتسل، موضع معروف في مكة، وكان ابن عمر إذا قدم لحجٍّ أو عمرةٍ بات في ذي طوى؛ تأسيًا بالنبي ﷺ، ثم يغتسل فيها، ثم يتوجه إلى البيت بعد ذلك بالنهار ليطوف ويسعى ويُقصّر بعمرته، ويطوف ويسعى إذا كان مُحرمًا بالحجِّ؛ تأسيًا بالنبي ﷺ.

فهذا هو الأفضل؛ إذا تيسر له أن يبيت بذي طوى هذا حسنٌ، ولكن ليس بلازمٍ، لو قصد بيته ولا بات بذي طوى، قدم مكة وقصد بيته رأسًا، أو قصد فندقًا، أو أي مكانٍ نزل فيه فلا بأس، لا حرج، لكن إذا تيسر له أن يبيت بذي طوى من دون مشقَّةٍ تأسيًا بالنبي فهذا حسنٌ إذا تيسر ذلك، كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما تأسيًا بالنبي ﷺ.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: السنة أن يمكث الحاجُّ في الجمع إلى أن يُصلي الضُّحى أم أنه ينفر بعد صلاة الفجر مباشرةً ...؟

ج: السنة أن يبقى في مُزدلفة حتى يُسفر، يعني: حتى يتَّضح النور قبل طلوع الشمس، هذا هو الأفضل، إذا صلَّى الفجر يبقى في مكانه، في محلِّه، مستقبلًا القبلة يدعو ويُلبي ويذكر الله حتى يُسفر، كما فعل النبيُّ ﷺ، أما الضعفاء فلهم ..... بعد نصف الليل، لكن مَن جلس حتى يُسفر -صلَّى الفجر فيها وجلس حتى يُسفر- يدعو الله مُستقبلًا القبلة، ويُلبي ويدعو ويرفع يديه، فهذا أفضل؛ تأسيًا بالنبي ﷺ، فإنه بقي في مُزدلفة حتى أسفر، فلما أسفر انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، وخالف المشركين؛ كان المشركون لا ينصرفون من مُزدلفة حتى تطلع الشمس، والرسول خالفهم: انصرف من مُزدلفة قبل طلوع الشمس بعدما أسفر.

س: مَن قال أنَّ النزول بذي طوى ليس قصدًا، إنما اضطرته الحاجة إلى النزول في هذا؟

ج: ما هو بظاهر، الأصل في أفعاله السنية ..... الأصل في أفعاله السنية.

س: وكم حجّ؟

ج: مرة واحدة: حجة الوداع المعروفة.

س: بالنسبة للاغتسال: ما وردت اغتسالات أخرى؟

ج: غسلٌ عند الإحرام، والغسل الذي.

س: ................؟

ج: لا، ما في غسل، المحفوظ عند الإحرام وإذا قدم مكة فقط، أما عند الوقوف بعرفة أو عند رمي الجمار فقول بعض الفقهاء أنه يغتسل ما له أصلٌ.

س : لو جمع الإنسانُ أربعةً في كلمةٍ واحدةٍ في أعمال الحج يوم الحج الأكبر، جمع كلمة واحدة في أعمال الحج مرتبةً، هل في ذلك بأسٌ؟

ج: كيف؟

س: مثل أن يقول: "رنحط"، هذه كلمة تجمع أعمال الحج الأكبر، الذي هو يوم النحر، فالراء الرمي، والنون النحر، والحاء الحلق، والطاء الطواف؟

ج: ما الحاجة للغز هذا؟! ينبغي أن يأتي بها واضحةً، يُوضِّح للناس ما شرع الله، ويُخلي الألغاز.

س: ثبت عن رسول الله هذه الكلمة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك حجًّا لا رياء فيه ولا سمعة"؟

ج: لا، ما بلغني، المعروف: "لبيك"، المشروع في التَّلبية، و"لبيك إله الحق، لبيك لبيك ذا المعارج".

س: "لبيك حقًّا حقًّا" ثابتة؟

ج: هذا يُروى عن أنسٍ، والأمر واسعٌ في هذا.

س: ..........؟

ج: معه، معه، رفقاؤه معه.

س: الاستعاذة من النار بعد صلاة الفجر والمغرب ثابتة؟

ج: فيها لينٌ، أما أنها سبع مرات ذكر فيه لينٌ، لكن إذا فعلها الإنسانُ تحريًا للخير فالحمد لله.

س: "اللهم إني أسألك الجنة".

ج: المعروف: اللهم أنجني من النار، اللهم أنجني من النار سبع مرات.

س: هل ثبت عن رسول الله ﷺ أنه صام عشر ذي الحجّة؟

ج: ما ثبت، يُروى عنها بسندٍ فيه اضطرابٌ، عائشة تقول: "ما كان يصومها"، ويُروى عن حفصة أنه كان يصومها، ولكن في سنده بعض الاضطراب، بعض الاختلاف، ولكن الصوم سنة؛ لقوله ﷺ: ما من أيام العمل الصالح فيها خيرٌ وأحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر رواه البخاري في الصحيح، وهكذا روى أحمد بإسنادٍ جيدٍ: ما من أيامٍ أعظم عند الله ولا أحبّ العمل فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التهليل والتحميد والتكبير، تقول عائشة رضي الله عنها: "ما أعلمها صامها"، ويُروى عن حفصة أنه كان يصومها، لكن بسندٍ فيه بعض الاضطراب.

 

قال الحافظ ابنُ حجر رحمه الله تعالى في باب صفة الحجّ ودخول مكة:

747- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ.

رَوَاهُ الْحَاكِمُ مَرْفُوعًا، وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا.

748- وَعَنْهُ قَالَ: أَمَرَهُم النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا أَرْبَعًا، مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

749– وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّهُ كانَ إِذَا طَافَ بالبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاثًا، ومَشى أَرْبعًا، وَفِي رِوَايَةٍ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ إِذَا طَافَ في الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ أَوَّل مَا يَقْدُمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ بِالبَيْتِ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة فيما يتعلق بالطواف وتقبيل الحجر الأسود، السنة للطائف أن يُقبّل الحجر الأسود ويستلمه بيده ويقول: "الله أكبر"؛ تأسيًا بالنبي ﷺ، فإنه كان إذا طاف قبَّل الحجر واستلمه بيده وقال: الله أكبر، فإن لم يتيسَّر له تقبيله استلمه وقبَّل ما لمسه منه، كما ثبت عنه ﷺ: أنه كان يستلم الحجر بمحجنٍ ويُقبّل بمحجنٍ، فإن لم يتيسر ذلك أشار إليه وكبَّر.

فالأحوال ثلاثة:

إحداهن: أن يستلمه ويُقبّله، وهذا هو الأكمل إذا تيسَّر.

فإن لم يتيسر استلمه بيده أو بعصا، وقبَّل ما استلمه بطرف العصا أو يده.

الحال الثالثة: أن يكون بعيدًا أو مزحومًا؛ فيُشير ويُكبِّر من دون حاجةٍ إلى الاستلام والتَّقبيل.

أما السجود: فرُوي عن ابن عباسٍ السجود عليه، ولكن الأحاديث الصَّحيحة ليس فيها السجود، إنما فيها التَّقبيل، من حديث عمر وغيره، فإن الأحاديث الصَّحيحة وحديث أبي الطّفيل وغيره ليس فيها إلا الاستلام والتَّقبيل، وهذا هو السنة، أما هذه الزيادة في السجود ففيه محلّ نظرٍ، فقد جاءت عن ابن عباس موقوفة ومرفوعة، والأحاديث الصَّحيحة الثابتة عنه ﷺ تُخالف ذلك، وأنه كان يُقبِّل فقط من غير أن يضع جبهته على الحجر، بل يُقبّله بفمه ويكفي، ويستلمه بيده.

والحديث الثاني: يدل على شرعية الرمل في الأشواط الثلاثة عند طواف القدوم.

وهكذا حديث ابن عمر: يُستحبّ أن يرمل في ساعة القدوم، ويمشي أربعًا في طواف القدوم خاصةً، يرمل الشوط الأول والثاني والثالث، ويمشي في الأربعة، والرمل: المسارعة بين الخُطى، والخبب يعني: كونه يخب، فوق المشي، ويضطبع أيضًا كما تقدَّم، أن يكون مُضطبعًا، يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن، وأطرافه على عاتقه الأيسر، يخب ثلاثة أشواط، ويمشي أربعة، وإذا انتهى من الطواف أزال الاضطباع، ويجعل الرداء على كتفيه جميعًا قبل أن يُصلي الركعتين.

أما ..... كان هذا في عُمرة القضاء، لما قدموا في عام سبعٍ من الهجرة في عمرة القضاء، ممسكون من جهة الطائف، عن يمين الحجر، شمال الطائف، شمال الكعبة، كانوا إذا وزنوا ما بين الركنين مشوا، يعني يختفون عن المشركين، فأمرهم ﷺ أن يرملوا الأشواط، ويمشوا بين الركنين؛ رفقًا بهم، لأن المشركين لا يرونهم بعد ذلك، وقد قالوا: "إنَّ هؤلاء قد وهنتهم حمى يثرب"، يقول المشركون عن المسلمين: "إنه يقدم عليكم قومٌ قد وهنتهم حمى يثرب" يعنى: حمى المدينة؛ فأمرهم النبيُّ ﷺ أن يرملوا؛ ليرى المشركون نشاطَهم وقوتهم وجلدهم، فإذا اختفوا بين الركنين ما يرونهم فيمشون بين الركنين، ثم نُسخ ذلك، وصارت السنة الرمل في جميع الأطواف الثلاثة، في حال الأمن وحال ولاية المسلمين، فالنبي ﷺ رمل في طواف القدوم بعدما فتح الله عليه مكة، فدلَّ ذلك على أن المشي بين الركنين قد نُسخ بعمله الأخير عليه الصلاة والسلام، وبزوال العلَّة.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: عند الطواف حول الكعبة نُشاهد أناسًا معهم كتيبات بدعية: دعاء الشوط الأول، أو الشوط الثاني، وكذا، هل ينصحهم أو يشتغل بالأذكار ويدعهم؟

ج: يشتغل بالأذكار ويدعهم، وإن علَّمهم فلا بأس، إن قال: ما لها أذكار خاصَّة، فالأمر واسعٌ إن شاء الله؛ لأن هؤلاء عامَّة يحتاجون إلى مَن يُعلِّمهم، ما يعرفون شيئًا، يحتاجون ..... ذكر، ولكن ما هناك ذكر مخصص لكل شوطٍ، إنما هذا يوجد في بعض المناسك تسهيلًا على الناس، ولكن يُعلَّمون، يقول: ترى ما في شيء خاصّ بالشوط الأول والثاني، الإنسان يدعو ويذكر الله في جميع الأشواط بما تيسَّر.

س: لو ترك الرملَ في بعض الأشواط الثلاثة الأولى وتذكر، هل يتداركه في الأربعة الأخيرة؟

ج: لا، السنة فات محلُّها.

س: لو كان هناك زحمة ولا يستطيع أن يرمل، هل لو ذهب إلى ..؟

ج: لا، يرمل، وإن تأخَّر عن المطاف حتى يرمل أفضل، إن تيسر له.

س: من الناس مَن يأتي إلى الحجِّ ولا يأتي إلى الحرم مباشرةً، يذهب إلى منى في اليوم الثامن، فلا يطوف طواف القدوم، ويُؤخِّره مع طواف الإفاضة؟

ج: هذا ما ينبغي.

س: يعني مثلًا من قرن المنازل مباشرةً، ولا يطوف طواف القدوم، ويقرن طواف القدوم مع طواف الإفاضة؟

ج: يعني يقبل ..... يصل منى ولا يطوف طواف القدوم؟

س: لا.

ج: خلاف السنة، وإلا صحيح، لكن خلاف السنة، السنة أن يصل مكة ويطوف طواف القدوم ويرمل ويسعى ويقدم السعي أيضًا، ثم إذا نزل من منى يوم العيد يبقى عليه طواف الإفاضة فقط، لكن إذا كان مُحْرِمًا بالحج مُفردًا أو بالقِران يبقى على إحرامه.

س: هل للحاج ألا يأتي بطواف القدوم؟

ج: يجوز ذلك، مثلما فعل عروة بن مضرس: نزل من عرفات رأسًا.

س: مَن معه امرأة الأفضل له أن يبقى مع المرأة ويترك السنة أو يرمل؟

ج: نعم؟

س: الأفضل أنه يبقى مع النساء أو يرمل؟

ج: إذا كانت في حاجة يطوف ويسعى إليها فلا بأس، لا يرمل، وأما إذا كانت ما هناك ضرورة هي تطوف وحدها، وهو يطوف وحده ويرمل، إذا ما كان عليها خطر، ولا هناك حاجة.

س: "الإبقاء عليهم" يعني: رفقًا بالصحابة؟

ج: رفقًا بالصحابة نعم.

س: الاضطباع هل هو لإظهار القوة؟

ج: أول الأصل سببه، الرمل لإظهار القوة، هذا أصلٌ، ثم بقيت سنة دائمًا.

س: والاضطباع إخراج الكتف، يعني: ليروا قوة الصحابة؟

ج: لا، هذا ما أعلم فيه تعليلًا، لعله لينشط على الرمل؛ لأنه إذا كان رداؤه على كتفيه قد يسقط أو كذا.

س: مَن قال أنَّ السجود على الحجر الأسود بدعة؟

ج: محل نظر؛ لكن الأفضل الأخذ بالأحاديث الصحيحة؛ لأن ابن عباس يبعد أن يكون هذا من جهة رأيه، قد يكون فعله النبيّ في بعض الأحيان، أو شيء، قد يكون فعله النبي في بعض الأحيان، لكن اعتماد الأحاديث الصحيحة أولى.

س: هل يُشرع طلب الاستصحاء هذه الأيام؟

ج: ما أظنّ، إذا دعت الحاجةُ ما يضرُّ، الصحابة طلبوا لأنَّ المياه كثرت عليهم.

س: كثر المطر في بعض النَّواحي، نحن الآن ما يُقارب عشرة أيام في بعض النَّواحي في الشمال؟

ج: الذي يظهر أن المطر خفيفٌ، ما فيه مشقَّة، والذي عنده مشقَّة له أن يقول: اللهم حوالينا ولا علينا، نعم، إذا كان فيه مشقّة نعم.

س: الرمل يكون بشدةٍ، رأينا بعض طلاب العلم وهم يدورون على الكعبة بشدة، يعني: بقوة، أو هو مقاربة الخُطى؟

ج: الرمل: الخبب، مثلما قال ابنُ عمر: "خبَّ ثلاثًا"، مثل الركض الخفيف.

س: بعض الناس إذا حجَّ فريضةً وأتى الإنسان ..... يقول: أنا سأحج مرةً ثانيةً، حجِّي هذا شاكٌّ فيه، مثلًا: ما هو بزينٍ، أو كذا، فهل تكون الفريضة له ثانيةً أو تكون نافلةً؟

ج: لا، الثانية نافلة، نافلة، شكّ ما ..

س: مَن كان معه نساء في زحامٍ، هل يقف ويدعو وهو معه نساء؟

ج: ما المانع؟ إذا استطاع، وإن كانت فيه مشقَّة يكفي صعوده ونزوله، لكن إذا استطاع ولو قليلًا فهذه هي السنة، هو ونساؤه إن استطاعوا.

س: القول الصحيح في مكان قادر يحج كل سنةٍ مثلًا، صحيح عنده مال وكذا، الأفضل أن يحجَّ كل سنةٍ، وإلا مثلًا يصرف هذا المال لإعانة مَن لا يستطيع الحجَّ؟

ج: محتمل، الترغيب في الحجِّ له أحاديث.

س: الحج فضله عظيم، لكن بعض الإخوة يقول: لو صرفته وأعطيته أحد الإخوة المساكين الذين لا يستطيعون الحجَّ لكان أفضل من حجِّك؟

ج: محل نظر، يقول النبيُّ ﷺ: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، أمره عظيم.

س: العربات التي تكون في الصَّفا، بعضهم إذا انتهى من العربة لفَّ حتى رجع، ولا يلقي الصفاء، هل يُجزئه ذلك، خاصةً مكان العربة لم يصل الصفاء؟

ج: ماذا؟

س: بعض العربات لها مكان خاصٌّ، فإذا انتهى المكان ولم يبقَ في الصفاء هل يُجزئه ذلك؛ لأنَّ الآن المنتهي لم يصل إلى الارتفاع المُحدد، حتى نفس البلاط الذي فيه مكعبات؟

ج: لا بدّ أن يستوفي ما بين الصفا والمروة، لا بد أن يستوفي ما بينهما، ولو نزل إذا تيسر، ولو ينزل من العربة حتى يكمل، وإلا يصبر حتى يدخل العربة، حتى يكمل ما بين الصفا والمروة، أساس هذه، وأساس هذه.

س: حدّ الصفا والمروة؟

ج: مبين .....، الظاهر هنا فيه واضح مبين.

س: المرتفع هو حدود الصفا والمروة، يعني: الجبلان من أول ما يبتدئ ويصعد إلى الآخر، إلى المروة؟

ج: أسفل الدرج، مُبتدأ درج الصفا ودرج المروة، هذا ما بينهما.

س: إذا كان ما استطاع وصعد إلى الصفا أو المروة هل حجّه يكون ناقصًا؟

ج: نعم؟

س: إذا ما استطاع الذي في العربة، ما صعد إلى الصفا والمروة؟

ج: لا، الصعود سنة، مُستحب، إذا مشى ما بينهما كفى، إذا مشى ما بين الصفا والمروة كفى.

س: لكن في الابتداء والانتهاء يبقى له متر تقريبًا لم يصل إلى الصفا؟

ج: نعم؟

س: يبقى له أن صاحب العربة إلى متر تقريبًا لم يصل إلى الصفا، لكن بينهما، لكن لم يصل إلى الصفا، وهذا يوجد كثيرًا، لو أنت كتبتَ إشارة فقط حتى يكون أكثر الناس ما يصل إلى الصفا، انتهاء الصفاء، لم يبين حتى يعرفه الناس، تجد بعضَهم إما أن يرقى الصفا كله، وبعضهم لا يكمل الصفا ويقول: خشيتُ الزِّحام؟

ج: أظن ..... عند أسفل الصفا وأسفل المروة ..... نشوف إن شاء الله، أسأل وأشوفهم مكتفين إن شاء الله، هذا لا بد من توضيحه للناس.

س: النّسخ في الهرولة بماذا عفا الله عنك؟

ج: بعمل النبيِّ ﷺ في حجة الوداع، بعدما أمن الناس وأزال الله الكفر النبي ﷺ رمل بين الركنين في حجّة الوداع، والصحابة.