6- تابع باب شروطه وما نُهي عنه منه (الأسئلة 3)

822- وعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ دِينَارًا ليَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَّةً أو شَاةً، فَاشْتَرَى به شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَأَتَاهُ بِشَاةٍ ودِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ في ضِمْن حَدِيثٍ، ولَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ.

823- وأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ شَاهِدًا: مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.

824- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ، وعَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِهَا، وعَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وهُوَ آبِقٌ، وعَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وعَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وعَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ.

رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، والْبَزَّارُ، والدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

825- وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ؛ فَإِنَّهُ غَرَرٌ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأَشَارَ إِلَى أَنَّ الصَّوَابَ وقْفُهُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذا حديث عروة البارقي فيه دلالة على أنه يجوز للإنسان أن يعمل ما هو أصلح لموكِّله، وإن لم يأذن له؛ لأنَّ الإصلاح أمرٌ مطلوب، وفطر الله العبادَ على محبة الإصلاح، وحبِّ الخير للغير، وقد أعطاه النبيُّ ﷺ دينارًا؛ ليشتري به شاةً، فاشترى به شاتين، فباع إحداهما بدينارٍ، وأتى النبيَّ ﷺ بشاةٍ ودينارٍ، فدعا له النبيُّ ﷺ بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى تُرابًا لربح فيه، وله شاهدٌ عند الترمذي بمعنى حديث عروة، لكن في إسناده انقطاعٌ.

والحديثان يدلان على جواز تصرف الفضولي إذا رأى مصلحةً في ذلك، وهو صحيحٌ في أصحِّ قولي العلماء، إذا رأى المصلحة، ومن هذا حديث أصحاب الغار الثلاثة: الذي أحدهم ترك الأجرَ عند مَن استأجره، فنمَّاه له، وباع فيه واشترى حتى حصَّل منه إبلًا، وبقرًا، وغنمًا، ورقيقًا، فلما جاءه أعطاه إياه، وقال: "هذا كله من مالك نميتُه لك"، فشكر الله له هذا العمل، وصار من أسباب تفريج كُربتهم، وإزالة الصخرة من الغار التي نزلت عليهم.

والمقصود أنَّ تصرف الفضولي إن كان في مصلحة الغير -في مصلحة صاحب الحقِّ- فهو تصرفٌ مرضيٌّ، ومتصرفه مأجورٌ، وإنما الذي حصل على يده يكون لصاحب الحقِّ، كما في قصة عروة البارقي، وقصة صاحب الأجير، فإذا تصرف الإنسانُ في مصلحة غيره: عنده له دراهم، فاشترى بها له شيئًا، ونمَّاه، وصارت مالًا كثيرًا، أو شاةً فباعها، أو بقرةً فباعها، وحصل بها بقرًا كثيرًا، أو إبلًا كثيرةً، أو أموالًا كثيرة، فهو محسنٌ، وهو مأجورٌ، ولا اعتراض عليه في ذلك؛ لأنه زاده خيرًا، لكن لو خسر يضمن؛ لأنه ما صار في مصلحة صاحب المال، فلو كان عنده دراهم، واشترى بها لصاحب المال مالًا خسر فيه فيضمن؛ لأنه لم يأذن له في ذلك، أما إذا حصلت المصلحة، وحصل الخير فهو مطلوبٌ.

والحديث الثاني: في النَّهي عن بيع العبد الآبق، وعن بيع المغانم حتى تقسم، وعن بيع ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع اللبن في الضرع، وعن بيع الصدقات حتى تُقبض، وعن ضربة الغائص، كل هذا لأجل الجهالة، وإن كان الحديث ضعيفًا لكن المعنى صحيح، لأجل الجهالة، فلا يبيع المغانم حتى تقسم ..... إذا أعطوه حقَّه من إبلٍ، أو بقرٍ، أو غنمٍ، أو ثيابٍ، أو طعامٍ يبيع بعد ذلك، لا يبيع شيئًا لم يقسم بعد.

كذلك الصَّدقات حتى تُقبض، لو وعد إنسانًا فقال له: أعطيك صدقةً، لا يبيع حتى يقبضها.

وهكذا ضربة الغائص، قال: أنا أغوص في البحر، والذي أحصله من كذا وكذا يكون لك بكذا وكذا، لا؛ لأنَّ هذا غررٌ، ما يُدريه أنه سيحصل، قد لا يحصل شيئًا.

كذلك بيع ما في بطون الأنعام، أو ما في ظهور الفحل، يقول: أبيعك ما في بطن الدابة، أو: ما أنتج الفحل سنة، أو سنتين، كل هذه جهالات، وإن كان الحديثُ ضعيفًا لكن المعنى صحيح، البيع لا يصحُّ؛ لأن الرسول ﷺ نهى عن الغرر، وهذا كله غرر.

وهكذا بيع السمك في الماء، إذا لم يكن مقدورًا عليه يكون غررًا، أما إذا كان فيه ..... في محلٍّ مضبوطٍ فلا بأس، ما في غرر، أما سمكة في البحر: أبيعك هذه السمكة التي في البحر، وأنزل أصيد، ما يصحُّ؛ لأنَّه قد يفوته بعضُه، وقد لا يحصل شيئًا، أما إذا كان مضبوطًا: في بركةٍ عنده، في محلٍّ مضبوطٍ، وما في خطر، يشوفه الإنسانُ، يتأمّله، ويشوفه، فلا بأس.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: يستدل على حديث عروة البارقي .....؟

ج: هذا من جنسه، هذا من عمل مَن قبلنا، هذا التَّخريب للإصلاح، هذا نوعٌ آخر، تخريبٌ يُراد به حفظ المال، فهذا يُشكر عليه، فلو كان عنده مال لزيد أو لعمرو، ويعرف أنه لو تركه على حاله أخذه الظالم، وجعل فيه عيبًا حتى يسلم من الظالم، ويردّه إلى صاحبه مأجورٌ ..

س: بالنسبة لاستبدال القديم بالجديد في البضاعة، ويُقدرونها، كسيارةٍ، أو أي شيء؟

ج: ما في بأس، يبيعه سيارة بسيارةٍ، ويزيده، أو يبيعه بيتًا ببيتٍ، ويزيده، أو يبيعه أرضًا بأرضٍ، ويزيده، أو يبيعه بشتًا ببشت، ويزيده، ما في بأس؛ لأنَّ هذه أجناس ما يدخلها الرِّبا.

س: الحديث المُرسل ألا تعمل به؟

ج: المرسل ضعيف، والموقوف من كلام الصَّحابي.

س: لا تعمل به؟

ج: حسب الأدلة، ردّ الأدلة، أدلة أخرى.

س: شرع مَن قبلنا شرعٌ لنا؟

ج: ما لم يأتِ شرعُنا بخلافه.

س: شراء الأضحية -مجرد شراؤها- ما يُعتبر تعيينًا لها، أو لا بد من تعيينها؟

ج: لا، مع تعيينها من صاحبها.

س: إذا سافر الرجلُ للتَّعزية وللصلاة على ميتٍ في بلدٍ آخر؟

ج: ما في بأس، النَّهي عن السفر إلى البقاع، إلى المساجد، أما كونه يُسافر يُعزِّي، أو يُهنِّئ، أو يحضر زواجًا، أو للبيع والشراء لا بأس، ما في حرج، إنما المنهي عنه النَّهي عن قصد بقعةٍ معينةٍ لتعظيمها، ولما فيها من الخير، لا يجوز، إلا المساجد الثلاث: المسجد الحرام، ومسجد النبي ﷺ، والمسجد الأقصى، شدّ الرِّحال إليها، أما إن شدَّ الرحلَ لقبر الخليل، أو لزيارة القبور الفلانية، أو لزيارة القبور في كذا، أو في محلِّ كذا، أو بقعةٍ يُقال أنها مُباركة، هذا هو الممنوع؛ لأنه وسيلةٌ للغلو.

س: والسَّفر للصلاة على الجنازة؟

ج: ما في بأس.

س: وكذلك التَّعزية؟

ج: وسواء للتَّعزية، ما فيه شيء، مثل: السفر للتِّجارة، أو تزور أخاك، تُحبُّه في الله.

س: إذا طلب طالبُ العلمِ العلمَ على أحد المُبتدعة، هل فيه حرج، ويُنْكِر عليه، وإلا يُقال: لا بأس؟

ج: هذا فيه تفصيلٌ، إن كانت الضَّرورةُ دعت إلى ذلك: علمه ما هو عند غيره، واضطرَّ إلى أن يسأل عن علمٍ عنده علمٌ فيه؛ ما في بأس، مع إنكار البدعة، ومع كراهته على قدر بدعته، أما إذا أغناه الله بغيره فالحمد لله.

س: علمه ما هو متَّصل ببدعته؟

ج: ولو، قربه منه ..... عليه، قد يُظنُّ به أنه مثله، وأنه على دينه، وقد يجره إلى بدعته.

س: لو طلب علمًا من علوم الآلة، مع وجود آخرين، فهل يُنكر عليه؟

ج: يُقال له: ينبغي لك أن تترك هذا الشيء؛ لئلا يُظنُّ بك البلاء، ولأجل ألا يجرّك إلى البلاء، خطأً يظن به السوء، ويجرّه إلى السوء، أقل أحواله الكراهة.

س: رجلٌ أنشأ عمرةً يسكن في الرياض، وله بيتٌ في الطائف، ويريد أن يتمتع للحجِّ، أخذ عمرةً في أشهر الحج، ثم رجع إلى الطائف وبقي فيها حتى الثامن؟

ج: وهو ساكنٌ في الطائف؟

س: لا، في الرياض، لكن له بيتٌ في الطائف يُصيف فيه كل سنةٍ، قال: أبقى فيه حتى أنزل يوم التَّروية.

ج: الأقرب أنه يكون متمتعًا، والمشهور عند الفقهاء أنه ما يكون متمتعًا إذا خرج مسافة قصرٍ، ثم جاء بحجٍّ مفردٍ، لكن الأحوط في مثل هذا للعمومات أنه يكون متمتعًا، إلا مَن رجع إلى أهله؛ لأنه يروى عن عمر رضي الله عنه وابن عمر أنَّ مَن رجع إلى أهله يكون مُفْرِدًا، إذا رجع وأحرم بالحجِّ يكون مُفْرِدًا؛ لأنه سفر جديد من أهله، أما هذا فما رجع إلى أهله، رجع إلى الطائف.

س: البيت هذا ما يُعتبر من أهله؟

ج: لا، ما هو بأهله، البيت ما هو بأهله.

س: ..............؟

ج: .... مجرد البيت فقط.

س: مجرد البيت ما يُعتبر؟

ج: ما يعتبر، لا، مجرد البيت والمزرعة ما هي أهل.

س: قول عمر: "السنة كلها عمرة، ولا عُمرة في أشهر الحجِّ"؟

ج: العمرة في السنة كلها، العمرة بنصِّ النبي ﷺ في أشهر الحجِّ أفضل من غيرها، لكن اجتهاد عمر والصديق يُريدان أن يكثر الحجاج والعُمَّار في جميع السنة، وإلا فالسنة أداء العمرة في أشهر الحج، فيه فضلٌ عظيمٌ؛ لأن الرسول أمر الصحابةَ بأداء العمرة في أشهر الحج، لكن الصديق وعمر اجتهدا ورأيا أنَّ مَن أتى مكة بعد رمضان يكون بالحجِّ فقط، تكون العمرة في غير أشهر الحجِّ، هذا اجتهادٌ منهما، والصواب خلافه، والصواب ما أرشد إليه النبيُّ ﷺ الصحابة، وأنَّ عمرةً في أشهر الحج فاضلة، ومشروعة، ولها شأنٌ عظيمٌ، ورأي الصديق وعمر في هذا مرجوحٌ رضي الله عنهما، السنة خلافه.

س: يقول السائل: ما رأي سماحتكم فيمَن يقول أنَّ البحث في ذات الله شركٌ، ويقول أنَّ هذا من علم الفلسفة، ويقول أيضًا: إذا أنت لم ترَ الله فكيف تُحدد جهته؟! فما هي نصيحتكم له، ونصيحتكم لي؛ لأنني طالبٌ أدرس عنده، وقد نصحتُه، ولكنه قال: أنا مؤمنٌ من كلامي، ولستُ شاكًّا؟

ج: نصيحتي ألا تدرس عنده، هذا جهمي بحتٌ، الله معروفٌ مكانه، فوق في السماء، في العلو، فوق العرش، الذي يُنكر هذا كافرٌ -نسأل الله العافية.

والبحث في ذاته: إن كان المراد بالبحث صفات الله -بين الصفات- لا بأس، أما إن كان البحثُ في ذاته –الماهية- فهذا ما له أصلٌ.

س: قد يكون يدرس عليه في الجامعة؟

ج: في الجامعة، أو في المسجد، كله واحدٌ.

س: ما يرفعه؟

ج: لا يقرأ عليه، وينبغي أن يرفعه للجهات المسؤولة، وإن كان في جامعٍ إلى مدير الجامع.

826- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةٌ حَتَّى تُطْعَمَ، ولَا يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ، ولَا لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"، والدَّارَقُطْنِيُّ.

وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "الْمَرَاسِيلِ" لِعِكْرِمَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، ورَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

827- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَضَامِينِ، والْمَلَاقِيحِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

828- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وابْنُ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، والْحَاكِمُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث في بعض المسائل المنهي عن بيعها، وفي الإقالة:

حديث ابن عباس فيه النَّهي عن بيع الثمرة حتى تُطْعَم، يعني: حتى تصلح للأكل، ويحتمل حتى تَطعم، يعني: حتى تكون صالحةً للطعم، يعني: حتى يبدو صلاحها، في الأحاديث الصَّحيحة: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الثِّمار حتى يبدو صلاحها، وفي اللفظ الآخر: حتى تحمرَّ وتصفرَّ، والمعنى: أنه لا يجوز بيعها بشرط البقاء إلا إذا بدا صلاحُها، فإذا باع تمرًا أو عنبًا بشرط البقاء قبل أن يبدو صلاحه فالبيع غير صحيحٍ؛ لما فيه من الخطر والغرر؛ لأنه قد تعرض له آفةٌ جائحة فيخسر المشتري، أما إذا اشتراها ليحصدها في الحال عَلَفًا فلا بأس، أما إذا باع الثمرة أو الزرع وهو لم يصلح ليبقى فلا يصلح، وهكذا اللبن في الضَّرع؛ لما فيه من الغرر؛ لأنه لا يعرف قدره، وهكذا الصوف على الظهر؛ لأنَّ بيع الصوف على الظهر قد يُفضي إلى إيذاء الحيوان، هذا يقول: قصّ هذا، وهذا يقول: لا، زد في القص، يريد الزيادة، حتى يُؤذي الحيوان، ولا يبقى على ظهره شيءٌ يقيه الحرَّ والبرد، فالواجب ألا يُباع حتى يقصّ، حتى يقصه صاحبُه، ثم يبيعه بعد ذلك؛ لأنَّ بيعه على ظهر الدابة قد يُفضي إلى النزاع، ويُفضي إلى ضرر الحيوان.

وهكذا بيع المضامين والملاقيح: بيع المضامين: الأجنَّة في بطون النُّوق، والبقر، والغنم، والأجنة في ظهور الفحل؛ لأنَّ هذا جهالة، ضرر، ما يصلح، يقول: أبيعك ما في بطن هذه الدابة، أو: ما أنتجت هذه الدابة، مثلما تقدم في حبل الحبلة، أو: أبيعك ما ينتج هذا الجمل في سنتين، أو ثلاث، مما يحصل بسبب ضرابه من حبل،كل هذا غرر، ولا يصح، ولو كان الحديثُ هذا فيه ضعف لكن معناه صحيح، البيع لا يصحّ؛ لأن هذا غرر، باطل، لا يجوز، وإنما يُباع شيء موجود صالح: ..... تيس موجود، ..... موجود، ولو صغيرًا، كذلك بقرة، وغير ذلك، شيء موجود مُشاهد، أما في البطون والظهور فلا يُباع.

الحديث الثاني: قوله ﷺ: مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ, أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ، هذا فيه الحثُّ على الإقالة، الإقالة معناها الفسخ، فسخ العقد؛ لأنَّ المشتري قد يتضرر، وقد يطلب الإقالة؛ لأنه يرى أنه مغبونٌ، أو لأسبابٍ أخرى، فيُشرع لأخيه أن يقيله إذا رأى أنه محتاجٌ للإقالة، ولعلَّ الله يرزقه خيرًا منه، فإذا اشترى منه دارًا، أو سيارةً، أو دابةً، أو أرضًا، أو غير ذلك، ثم ندم وقال: يا أخي، أقلني، أنا تراجعتُ، .....، يُستحب له أن يقيله إذا تيسر له ذلك، يستحب، البيع لزم بالتَّورق، لكن إذا أقاله وقدَّر له حاجته فالمسلم أخو المسلم، يُؤْجَر على هذا، قال ﷺ: مَن أقال مسلمًا بيعته أقال الله عثرته، والله جلَّ وعلا يقول: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]، إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56].

لكن لا تلزم الإقالة إلا إذا كانت لعلَّةٍ شرعيةٍ: إما غشّ، وإما غبن، وإما خيانة، وإلا فلا يلزمه أن يقيله، لكن يستحب له الإقالة، وإن لم يقله واشتراه منه بثمنٍ جديدٍ فلا بأس، يقول: أنا ما أقيلك، لكن آخذه منك بكذا وكذا، هو بايعه عليه بمئةٍ، يقول له: آخذه منك بتسعين، بخمسة وتسعين، أو ما أشبه ذلك، إذا اصطلحوا على هذا، أو قال له: أنا أنزل لك من الثمن، ترى أنك مغلوبٌ، أنا أنزل لك، أنا أبيعه بمئةٍ، أنزل عنك خمسةً، أنزل عنك عشرةً، أما الإقالة فلا، لا بأس، إذا اصطلحا على شيءٍ فالحمد لله.

 

الأسئلة:

س: بالنسبة لبيع رقم أرض، وهو محتاجٌ لبيعها بسعرٍ بخسٍ؟

ج: إذا كانت في ملكه يبعها، إذا كانت في ملكه، وقد استوفى شروط الملك، وما يوجد فيها دعوة، ولا خصومة؛ يبعها، ما في بأس إذا نزل؛ لأنه محتاجٌ أن يبيع.

س: هو لم يستلمها بعد، استلم أوراقًا؟

ج: لا، ما يصح، ما بعد ملكها، لا يبيع حتى يملكها، ويأخذ صكًّا عليها أو وثيقةً.

س: إذا قال المؤلف: قد اعتبر هذا في "الأوسط"، أو في "الكبير"، هل هناك فرقٌ بين هذا؟

ج: نعم، الكتب ثلاثة، والأولى أن يُراجع السند، له "الأوسط"، وله "الكبير"، وله "الصغير".

س: بيع الأرض بوصفٍ مُنضبطٍ؟

ج: إذا كانت موجودةً.

س: موجودة بصكٍّ، لكن المُشتري لم يرها؟

ج: ولو، إذا وصفها: طولها كذا، وعرضها كذا، وصفتها كذا؛ ما في بأس، تنضبط.

س: سماع عكرمة من ابن عباس؟

ج: سمع منه، صحبه مدةً طويلةً، هو مولاه: عتيقه.

س: إذا اشترى سلعةً بمئة ريـالٍ، فرفض الإقالة إلا بمئةٍ وعشرين؟

ج: يصير هذا بيعًا جديدًا، ما يصير إقالةً، هذا بيع، يشترط فيه شروط البيع.

س: إذا كان التَّخريج من البيهقي، أو من الطبراني؟

ج: كلهم تخريجهم محلّ نظرٍ، قد يكون صحيحًا، وقد يكون ضعيفًا، الطبراني، والبزار، والبيهقي، والحاكم، وغيرهم، كلهم محل نظرٍ، تُراجع أسانيدهم.

س: إذا قال الرجلُ لآخر: أعرني فحلك أسبوعًا بكذا؟

ج: ما يجوز، الرسول ﷺ نهى عن بيع عسب الفحل: عن ضراب الفحل، يُعيره بدون شيءٍ، بدون عوضٍ، إلا العلف، إن كان يعلفه ما في بأس.

س: دون أن يُحدد .....؟

ج: ما يجوز، ما يجوز، لا بعير، ولا تيس، ولا ثور، ولا غيره.

س: بعض أنواع الفحول تكون طيبةً وغاليةً، فيحتاج بعضُ أهل الغنم هذا الفحل؟

ج: ولو أنها أطيب شيءٍ ما يجوز هذا، الرسول ﷺ نهى عن هذا.

س: إذا ضرب الفحلُ غنم رجلٍ دون علم صاحب الفحل، هل يغرم؟

ج: ماذا؟

س: إذا احتال صاحبُ غنمٍ على فحلٍ حتى ضرب غنمه؟

ج: ما عليه شيء، ما يغرم.

س: ............؟

ج: ولو، ولو، يُنهى عن هذا، ما يجوز له إلا بإذنٍ.

س: إذا باع اللبنَ في الضَّرع هل ترجع الدابة؟

ج: لا، فقط البيع باطل، يرد عليه الثمن، عادي، يرد عليه الثمن والحمد لله.

س: بيع الثَّمر قبل بدو صلاحه؟

ج: إذا كان يقصّها الآن ما يُخالف.

س: قبل أن يبدو صلاحه؟

ج: ما يجوز، إلا إذا كان يقصّها الآن علفًا.

س: لو رضي المُشتري وقال: تبقى عندك إلى أن تنضج؟

ج: لا، ما يصلح، الرسول نهى عن هذا، أما إن كان يقصّها علفًا لا بأس.