11- تابع أَبْوَابُ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَالرَّهْنِ

 861- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

862– وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وعَلَيْهِ غُرْمُهُ.

رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، والْحَاكِمُ، ورِجَالهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وغَيْرِهِ إِرْسَالُهُ.

863- وعَنْ أَبِي رَافِعٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِن إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ إِلَّا خَيَارًا رباعية، فقَالَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

864- وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا.

رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، وإِسْنَادُهُ سَاقِطٌ.

865- ولَهُ شَاهِدٌ ضَعِيفٌ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ.

866- وآخَرُ مَوْقُوفٌ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالرهن والقرض:

فالأول يتعلق بالرهن: يقول النبيُّ ﷺ: الرهن يُرْكَب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدَّرِّ يُشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النَّفقة، إذا كان الإنسانُ رهن ناقةً، أو بقرةً، أو شاةً، فالذي يركب هذه الدابة عليه النَّفقة، والذي يشرب درَّها مثل البقرة أو الشاة عليه النَّفقة، فإن كان ما فيها درٌّ، ولا تُرْكَب، فالنفقة على الراهن؛ لأنها ملكه، فالظهر مثل البعير، مثل الحمار، مثل البغل، يُرْكَب بنفقته، الراهن يستعمله، ويُنْفِق، يركب البعير، يركب البغل، الحمار، ويُسلم النَّفقة، وإلا يصطلح هو وصاحبه على أنَّ صاحبه يسلمه النَّفقة، والبعير لا يُركب ولا يُستعمل، وهكذا ما أشبه.

وإذا كان في الناقة لبن، أو البقرة، أو الشاة، وهي مرهونة، يُنْفِق عليها، ويشرب اللبنَ في مقابل النفقة، ولا يُكلِّف مالكها شيئًا؛ لأنَّ القاعدة أن الرهن مقبوضٌ عند الراهن، وإذا كان مقبوضًا عنده فكونه يُطالب الراهن بالنفقة فيه صعوبة، فإذا كان يركبها بمقدار النَّفقة، لا يُتعبها، يركبها ركوبًا يُناسب النَّفقة، وهكذا درّها –لبنها- يستعمله، ويستفيد منه، ويُقابل ذلك بالنفقة، فلا بأس في ذلك، وإن اصطلحوا على خلاف ذلك فالحال حالهم، إذا اصطلح الراهنُ والمرتهن على أنَّ الراهن يُعطيه النفقة، أو أن المرتهن يُسلمه النفقة، أو غير ذلك، إذا اصطلحوا فالحال حالهم، وما اصطلحوا عليه مما لا يُخالف الشرع فلا بأس.

والرهن لا يغلق بالرهن من صاحبه: له غنمه، وعليه غرمه، ومعنى يغلق يعني: ما يُفضي عليه، يذهب من يده بدون اختياره، يقول له الراهن: أنا آخذه عن حقِّي، لا، ما يغلق عليه، إذا كان ما أعطاه حقّه يُباع الرهن، قد يساوي أكثر من المال، فلا يحلّ له أن يأخذه ..... الآن حقي، قد يكون حقّه مئة ريـال، والرهن يساوي مئتين، لا بدّ أن الراهن يُشاور، ولا يغلق الرهن من صاحبه، غلقه كون الراهن يقول له: أنا آخذه عن حقِّي، ما عند سداد، حلّ حقِّي وأنت ما أعطيتني، الرهن يكون لي، لا، يُباع في السوق، ويُعطَى حقه، وإلا يصطلحون فيما بينهم، أما غلق بغير اختيار الراهن فلا، مثلًا يحط عنده زولية، يطلب بها مئة ريـال، أو ألف ريـال، يحط زولية، يحط عنده ناقة، يحط عنده حمارًا، يحط عنده غنمًا، تم الأجلُ وما أعطاه حقَّه، يقول: آخذها! لا، لا يأخذها، تُباع في السوق، ويأخذ حقَّه، والباقي يردّها للراهن، إلا إذا اصطلحا؛ قال: الرهن أنا ..... اشتره مني، واشترى منه البعير، أو الحمار، أو البغل، أو الشاة، فاشتراه منه، يأخذ حقَّه، والباقي يرده على الراهن، أما أنه باختياره يملكه، لا، له غنمه، وعليه غُرمه؛ لأنه مملوكٌ غنمه للمالك، وغرمه عليه، إذا صارت المرهونة أنثى حملت، إن كان فيها نتاج فنتاجها صحيح، يعني: مالكها، أو سمنت ويوجد فيها صوف جيد، كلها صح غنمه له، وعليه غرمه لو ماتت، أو مرضت فعلى صاحبها .....

والحديث الثالث حديث أبي رافع: أن النبي ﷺ كان قد اقترض من بعض الناس بكرًا، يعني: شابًّا من الإبل، صغير، ذكر، قعود يعني، فجاء يقضي، جاء يقتضي صاحبُ البكر، يقول: أعطني بكري يا رسول الله، ويمكن أنه إلى أجلٍ معلومٍ، جاءه وقال: أعطني السلف، فقال النبيُّ ﷺ لأبي رافع: أعطه بَكْرَهُ، يعني: أعطه مثل الذي استلفناه منه، فقال أبو رافع: ما وجدنا إلا خيارًا رباعيًا، يعني: أعلى سنًّا من سنِّه، مثلًا هو جدع، ما حصلوا إلا كبيرًا فوقه، رباعي أرفع سنًّا منه، قال النبيُّ ﷺ: أعطوه إياه، ولو هو أطيب منه، إنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً، فإذا أعطاه فوق سنِّه، أو أعطاه عن القعود قعودين، أو عن الناقة ناقتين، أو عن الشاة شاتين، أو عن الصاع صاعين، كل هذا من باب الإحسان، لا بأس، يُروى عنه ﷺ أنه اقترض ثلاثين وسقًا، فقضى ستين، ويُروى عنه ﷺ أنه استلف أربعين وسقًا، فقضى ثمانين؛ هذا فإنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً.

فإذا سلَّفك الإنسانُ ألف ريـال، وجئتَ وقلتَ: جزاك الله خيرًا، هذه ألف ريـال، وهذه مئة زيادة مني على إحسانك، وفرجتَ كُربتي، وجزاك الله خيرًا، هذه ألف ومئة، مئة مني تبرع ومكافأة على إحسانك، لا بأس، إذا كان ما هو بشرطٍ بينكم، لا بأس: إنَّ خيار الناس أحسنُهم قضاءً.

الحديث الرابع: كل قرضٍ جرَّ منفعةً فهو ربا، هذا ضعيفٌ، رواه الحارث بن أبي أسامة، وهو ضعيفٌ، وله شاهدٌ عند البيهقي من حديث فضالة بن عُبيد، وهو ضعيفٌ أيضًا؛ ولكن معناه مجمعٌ عليه، أجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يشترط في القرض الزيادة، تقول: سلفني يا فلان مئة ريـال، يقول: نعم، أنا أُسلفك لكن بشرط أن ترد عليَّ مئة وعشرة، ما يجوز، أنا أسلفك مئة صاعٍ بشرط أن تُعطيني مئة وعشرة آصع، ما يصلح، ربا عند جميع أهل العلم؛ لأنه يصير من باب الربا، المئة صاع بمئة وعشرة ربا، مئة ريـال بمئة وعشرة ربا، ما يصلح، لكن إذا أقرضه، وردَّ عليه بدون شرطٍ، أقرضه مئة صاع، وأعطاه مئة وعشرة من دون شرطٍ لا بأس: إنَّ خيار الناس أحسنُهم قضاءً، له شاهدٌ موقوفٌ عن عبدالله بن سلام الصحابي الإسرائيلي ، هذا رواه البخاري في "الصحيح".

قال لبعض أصحابه: إذا كان لك على إنسانٍ قرضٌ، فأهدى إليك حمل قتّ، أو تبن، أو كذا، فلا تقبله؛ فإنه ربا، فإذا كان عند زيد لك ألف صاع، أو ألفان، وجاب لك فواكه، أو جاب لك زفتًا، أو جاب لك تبنًا، أو جاب لك حبوبًا هديةً لا تقبلها؛ لأنها ربا، إلا إذا كنت تحسبها من القرض فلا بأس، أما أن تصير فائدةً فلا؛ لأنَّ هذه الفائدة في مقابل مالك له، في مقابل إنظارك، في مقابل إقراضك، ما يجوز هذا.

وهكذا الدَّين: لو كان لك دينٌ على زيدٍ: ثمن سيارةٍ، أو ثمن أرضٍ، وجاب لك هدايا حتى تُمهله، حتى لا تعجل عليه في الاستيفاء، ما يصلح؛ لأنَّ هذا معناه أنك تأخذ عوضًا في مقابل إمهاله، وهذا ربا الجاهلية: إما أن تُربي، وإما أن تقضي، لا تفعل، أمهله إن كان مُعْسِرًا، وإلا يُعطيك حقَّك، وإلا أمهله بدون زيادةٍ: لا تبن، ولا زفت، ولا فاكهة، ولا غير ذلك؛ لأنَّ أخذ الزيادة معناها أنك أقرضتَ عشرة بعشرةٍ وزيادة، مئة بمئة وزيادة من التبن، أو من الفاكهة، وما أشبه ذلك، فلا يصلح.

وعبدالله بن سلام بالتَّخفيف، وهكذا شيخ البخاري: محمد بن سلامة البيكندي بالتَّخفيف، ومَن عداهما بالتَّفخيم، مثل: أبي سلَّام الحبشي، هذا بالتَّفخيم، كلما جاء سلَّام فهو بالتَّفخيم إلا عبدالله بن سلام الصحابي، وشيخ البخاري محمد بن سلام البيكندي على الأصح، والبقية سلّام بالتَّشديد. نعم.

 

الأسئلة:

س: في بعض الدول لا يمكن أن تدخل السيارة لهم إلا بدفع تأمينٍ، فما حكم ذلك؟

ج: التأمين ما يصلح، لكن إذا اضطرَّ إليه الإنسانُ يُؤَمِّن، ولا يأخذ زيادةً على ما أمَّن، إذا أمَّنْتَ أنت مئة ريـالٍ على سيارتك، وجرى شيء وأعطوك، لا تأخذ زيادةً على المئة، خذ الذي أعطيتَهم فقط.

س: هل يُقال على عبدالله بن سلام إسرائيلي أو يهودي؟

ج: إسرائيلي، يهودي سابقًا، ثم أسلم، وأما إسرائيلي فهذا نسبه من بني إسرائيل، واليهود الذين يدينون باليهودية، وهو ما عاد صار يهوديًّا، صار مسلمًا.

س: الذي يقول: يهودي ...؟

ج: يعلم، ما ينبغي أن يُقال هذا الكلام، لكن المراد أن أصله يهودي، هذا أصله.

س: ...........؟

ج: لا بدّ إلا مصلحته هو ..... راح يسقيها، أو يُؤديها، البرّ مع الرعي لا بأس.

س: ...........؟

ج: لا، لا، إلا بإذنٍ.

س: ..... من الإبل أو النَّاقة، إذا كانت النفقةُ أكثر من قيمة اللَّبن؟

ج: إذا اصطلحوا فلا بأس، وإلا يتحاسبون .....، إن اصطلحوا فلا بأس، وإن لم يصطلحوا بينهم الحساب أو المحكمة.

س: هذه رواية البخاري! ذكر في الهامش أنه لم يوجد في البخاري في باب الاستقراض، وقد نسبه المصنفُ بـ"التلخيص" إلى البيهقي؟

ج: أنا أعرف أنه موجودٌ في البخاري.

س: في أي بابٍ؟

ج: لا أذكر الباب، ولكن قرأتُه في البخاري.

س: بعض البنوك ما تأخذ فائدةً .....، لكن تجعل هناك شرطًا جزائيًّا إذا تأخَّر المُقترض عن الوفاء يدفع؟

ج: لا، لا، هذا ربا الجاهلية، الشرط الجزائي ربا الجاهلية، يكون إذا حلَّ الأجلُ ولم تقضني تُربي، هذا ربا الجاهلية، إما أن تُربي، وإما أن تقضي، إذا حلَّ الدَّينُ.

س: لو تسلف إنسانٌ سيارةً وقال: بشرط أنك تملأ البنزين؟

ج: أيش؟

س: قال: هذه السيارة خلِّها معك يومين، ثلاثة، وأنت تملأها؟

ج: هذه تُسمَّى: عارية، ما اسمه: سلف، السلف الذي يُعطيك مالًا تتصرف فيه، هذ السلف، يُعطيك دراهم تتصرف فيها، وأما أن يُعطيك سيارةً تنتفع بها، أو أرضًا، هذه تُسمَّى: عارية، والعارية لا بأس بها.

س: شخصٌ اقترض مالًا من شخصٍ، ثم هذه النقود مُنِعَ تداولها في السوق؟

ج: يُعطيه قيمتها.

س: يُقيِّمها؟

ج: نعم، بعد منعها ..

س: بأقلّ أو بأكثر؟

ج: قيمتها، أو أكثر منها.

س: لو كانت بألفين؟

ج: لا بأس، جزاه الله خيرًا.

س: فقط زيادة الآن، وخاصَّة حين تكون تُساوي عشرة ريالات، وعندما اعترى الوفاء أصبحت بعشرين، أو بخمسة آلاف؟

ج: حُرِّمَتْ هي، مُنِعَتْ؟

س: نعم.

ج: يُعطيه قيمتها حين حُرِّمَتْ، وإن زاده معروفًا منه جزاه الله خيرًا: إنَّ خير الناس أحسنُهم قضاءً.