04 من قوله: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ..) (1)

[طريق أخرى] قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: حدثنا عفان، وعكرمة قالا: حدثنا معتمر قال: قال أبي: حدثني أبو تميمة، عن عمرو، ولعله قد يكون قال البكالي يحدثه عمرو، عن عبدالله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله ﷺ فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا، وكذا، فخط لي خطًا فقال: كن بين ظهر هذه لا تخرج منها، فإنك إن خرجت منها هلكت فذكر الحديث بطوله، وفيه غرابة شديدة.
[طريق أخرى] قال ابن جرير: حدثنا ابن عبدالأعلى، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن عمرو بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود : حدثت أنك كنت مع رسول الله ﷺ ليلة وفد الجن. قال: أجل، قال: فكيف كان؟ فذكر الحديث، وذكر أن النبي ﷺ خط عليه خطًا، وقال: لا تبرح منها، فذكر مثل العجاجة السوداء فغشيت رسول الله ﷺ، فذعر ثلاث مرات حتى إذا كان قريبًا من الصبح أتاني النبي ﷺ فقال: أنمت؟ فقلت: لا والله، ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول: اجلسوا فقال ﷺ: لو خرجت لم آمن أن يتخطفك بعضهم، ثم قال ﷺ: هل رأيت شيئا؟ قلت: نعم رأيت رجالًا سودًا مستثفرين ثيابًا بياضًا قال ﷺ: أولئك جن نصيبين سألوني المتاع-، والمتاع الزاد- فمتعتهم بكل عظم حائل، أو بعرة، أو روثة فقلت: يا رسول الله، وما يغني ذلك عنهم؟ فقال رسول الله ﷺ: إنهم لا يجدون عظمًا إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثًا إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت، فلا يستنقين أحد منكم إذا خرج من الخلاء بعظم، ولا بعرة، ولا روثة.
الشيخ: الله يجعل لهم فيها متاع، العظم أوفر ما كان، والروثة والبعرة تعود إليهم بأحسن ما كان من العلف، هذا فضل من الله، وهذا أصله رواه مسلم في الصحيح من حديث ابن مسعود.
س: الطرق هذه ما هي تتضاعف على أن ابن مسعود رأى؟
الشيخ: الأحاديث الصحيحة ما في، نفى ذلك، كلها معلولة.
س: يدل على أنه كان قبل دعوة النبي ﷺ، في قمة من الزاد لهم ولدوابهم؟
الشيخ: لعل هذه الطائفة التي قابلته ما هو كلهم، التي قابلته، وأسلمت.
س: على التحريم الاستجمار بالعظام؟
الشيخ: نعم على التحريم، هذا الأصل، الأصل في النهي للتحريم.
س: ولو استجمر الواحد بها تجزئ؟
الشيخ: لا، ما تجزئ، النبي يقول: فإنهما لا يطهران.
س: لا تنقلب طعامًا لهم إلا إذا سمى؟
الشيخ: إذا سمى.
[طريق أخرى] قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي، وأبو نصر بن قتادة قالا: أخبرنا أبو محمد يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو عبدالله محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا روح بن صلاح، حدثنا موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عبدالله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله ﷺ فقال: إن نفرًا من الجن خمسة عشر بني إخوة، وبني عم، يأتوني الليلة أقرأ عليهم القرآن، فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد، فخط لي خطًا، وأجلسني فيه، وقال لي: لا تخرج من هذا فبت فيه حتى أتاني رسول الله ﷺ مع السحر في يده عظم حائل، وروثة وحمة، فقال لي: إذا ذهبت إلى الخلاء فلا تستنج بشيء من هؤلاء قال: فلما أصبحت قلت: لأعلمن حيث كان رسول الله ﷺ قال: فذهبت فرأيت موضع مبرك ستين بعيرا.
الشيخ: والمقصود زاد إخواننا من الجن، يعني زاد المسلمين من الجن، العظام والروث يكون لدواب المسلمين خاصة.
س: أبو عبدالرحمن السلمي؟
الشيخ: ثقة إمام.
س: شيخ البيهقي؟
الشيخ: ما أدري، أما التابعي ثقة.
س: تقرعهم بعصاك؟
الشيخ: الرواية الثانية فيها نظر مثل ما تقدم، المعروف أن ابن مسعود لم يحضر.
[طريق أخرى] قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرنا أبو العباس الأصم، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا عثمان بن عمر، عن المستمر بن الريان.
الشيخ: المستمر هو المعروف المستمر بن الريان.
عن أبي الجوزاء عن عبدالله بن مسعود قال: انطلقت مع رسول الله ﷺ ليلة الجن حتى أتى الحجون، فخط لي خطًا، ثم تقدم إليهم، فازدحموا عليه، فقال سيد لهم يقال له: وزدان: أنا أرحلهم عنك.
س: العباس بن محمد الدوري صاحب القراءة؟
الشيخ: لا شيخ مسلم، وشيخ الجماعة، الظاهر أنه غير صاحب القراءة.
فقال: إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ [الجن:22].
[طريق أخرى] قال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا سفيان عن أبي فزارة العبسي، حدثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن قال لي النبي ﷺ: أمعك ماء؟ قلت: ليس معي ماء، ولكن معي إداوة فيها نبيذ، فقال النبي ﷺ: تمرة طيبة، وماء طهور، ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث ابن زيد به.
الشيخ: شف أبو زيد، وأبو فزارة، أيش قال عليه في الخلاصة أبو فزارة.
الطالب: أبو زيد...
الشيخ: والأول أبي زيد، لو صح كان المراد يسير من التمر ما يؤثر، وإلا فالحديث ضعيف؛ لأنه إذا أدخله في التمر ماعد صار ماء مطلق، صار ماء آخر، صار يستعمل شرابًا آخر من جنس الأشربة الأخرى التي تستعمل من العسل، والتمر، ومن غيرها.
س: ولا يتوضأ منه؟
الشيخ: ما يصير ماء يصير حلوى.
الطالب: أبو فزارة العبسي بالموحدة أبو فزارة الكوفي، ثقة من الخامسة. (البخاري في الأدب، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه).
الشيخ: شف أبو زيد مولى عمرو بن حريث.
الطالب: أبو زيد المخزومي مولى عمرو بن حريث، وقيل: أبو زائد، مجهول من الثالثة. (د ت ق).
الشيخ: هذا علته.
س: حديث يرحمنا الله، وأخا عاد السابق، حدثنا الحسين بن علي الخلال، حدثنا أبي حدثنا زيد بن الحباب صوابه الحسن، وجدناه في..
الشيخ: هذا الحسن صوابه الحسن.  
الطالب: الحديث عند سنن ابن ماجه حدثنا الحسن بن علي الخلال، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق. هنا مذكور ابن إسحاق.
الشيخ: عن أبي إسحاق أيش بعده؟
الطالب: عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: يرحمنا الله، وأخا عاد
الشيخ: أيش فيه؟
الطالب: تتبعت الحديث يقول: الحسن بن علي، ثقة حافظ، له تصانيف من الحادية عشرة مات 42. (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه) كما في التقريب.
الشيخ: أيش المشكل؟
الطالب: المشكل هنا عن ابن إسحاق، وإلا عن أبي إسحاق؟
الشيخ: لعلها عن أبي إسحاق السبيعي .
الطالب: عند ابن ماجه أبي، وفي التفسير (ابن)؟
الشيخ: لعلها أبي إسحاق السبيعي.
الطالب: صححناها علي بن إسحاق.
الطالب: قال علي بن إسحاق هو عمرو بن عبدالله بن عبيد، ويقال علي.
الشيخ: أبو إسحاق عمرو بن عبدالله هذا السبيعي.
الطالب: في التقريب هو كذا يا شيخ، علي بن إسحاق هو عمرو بن عبدالله بن عبيد.
الشيخ: الذي في ابن ماجه عندك أبي إسحاق، وإلا ابن إسحاق؟
الطالب: أبي إسحاق، لكن في التقريب يقول هو: عمرو بن عبدالله بن عبيد، ويقال علي، ويقال ابن أبي شعيرة الهمداني أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثامنة، اختلط بآخره، مات سنة 129، وقيل قبل ذلك. (الجماعة) كما في التقريب.
الشيخ: المقصود عن أبي إسحاق ما هو ابن إسحاق.
س: بعض الكتاب أثار أنه قابل جني، وأخبره أن قرين الرسول ﷺ حي يدرس في البقيع؟
الشيخ: ما يصدقون إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] فبعضهم فاسق، وبعضهم كافر، وبعضهم مسلم ما يعرف حالهم، ولا يصدقون مثل ما لا يصدق الكاهن، والعراف.
س: الجن دوابهم مثلهم؟
الشيخ: الله أعلم.
[طريق أخرى] قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرنا ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس، عن عبدالله بن مسعود قال: إنه كان مع رسول الله ﷺ ليلة الجن، فقال رسول الله ﷺ: يا عبدالله أمعك ماء؟ قال: معي نبيذ في إداوة. قال ﷺ: اصبب علي فتوضأ. فقال النبي ﷺ: يا عبدالله شراب، وطهور تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقد أورده الدارقطني من طريق آخر عن ابن مسعود به.
الشيخ: وهو ضعيف كما تقدم.
[طريق أخرى] قال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، أخبرني أبي، عن ميناء، عن عبدالله قال: كنت مع رسول الله ﷺ ليلة وفد الجن، فلما انصرف تنفس فقلت: ما شأنك؟ قال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود هكذا رأيته في المسند مختصرًا، وقد رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه دلائل النبوة فقال: حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وحدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي قالا: حدثنا عبدالرزاق عن أبيه، عن ميناء، عن ابن مسعود قال: قمت مع رسول الله ﷺ ليلة وفد الجن فتنفس، فقلت: مالك يا رسول الله، قال رسول الله ﷺ: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود قلت: استخلف. قال: من؟ قلت: أبا بكر. قال: فسكت ثم مضى ساعة، فتنفس فقلت: ما شأنك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود قلت: استخلف. قال: من؟ قلت: عمر. فسكت ساعة ثم مضى ثم تنفس فقلت؟ ما شأنك؟ قال: نعيت إلي نفسي قلت: فاستخلف قال ﷺ من؟ قلت: علي بن أبي طالب . قال ﷺ: أما، والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين. وهو حديث غريب جدًا، وأحرى به أن لا يكون محفوظا.
الشيخ: هذا من وضع الشيعة، ومن خرافات الشيعة، قاتلهم الله!، شف في التقريب همام أبو عبدالرزاق، شف ميناء لعله يذكره في التقريب، أو في الخلاصة؟
الطالب: ميناء بن أبي ميناء الزهري مولاهم عن عثمان، وعنه همام، والد عبدالرزاق، قال أبو حاتم: منكر الحديث، له عدة حديث واحد، زاد في الحاشية: وذكره ابن حبان في الثقات.
الشيخ: ميناء هذا ساقط، هذا يمكن من وضعه لعله يتشيع، شف همام.
الطالب: همام بن نافع الحميري الصنعاني، والد عبدالرزاق مقبول من السادسة. (ت).
الشيخ: بس، المقبول لا يقبل إلا إذا كان له شواهد.
س: أحسن الله إليك: كلمة أكتعين؟
الشيخ: تأكيد الجمع أجمعين أكتعين من باب التأكيد.
وبتقدير صحته فالظاهر أن هذا بعد وفودهم إليه بالمدينة على ما سنورده إن شاء الله تعالى، فإن في ذلك الوقت كان في آخر الأمر لما فتحت مكة، ودخل الناس والجان أيضا في دين الله أفواجًا نزلت سورة إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]، وهي السورة التي نعيت نفسه الكريمة فيها إليه، كما نص على ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، ووافقه عمر بن الخطاب عليه.
الشيخ: هذا هو الصحيح.
وقد ورد في ذلك حديث سنورده إن شاء الله تعالى عند تفسيرها، والله أعلم، وقد رواه أبو نعيم أيضا عن الطبراني، عن محمد بن عبدالله الحضرمي، عن علي بن الحسين بن أبي بردة، عن يحيى بن سعيد الأسلمي، عن حرب بن صبيح، عن سعيد بن سلمة، عن أبي مرة الصنعاني، عن أبي عبدالله الجدلي، عن ابن مسعود فذكره، وذكر فيه قصة الاستخلاف، وهذا إسناد غريب، وسياق عجيب.
الطالب: عندنا: حدثنا يحيى بن يعمر الأسلمي.
الشيخ: إيش فيه؟
الطالب: الشيخ قال: يحيى بن سعيد الأسلمي.
الشيخ: إيش عندك؟
الطالب: يحيى بن سعيد الأسلمي.
الشيخ: حط نسخة ابن يعمر، وراجعوا أبا نعيم دلائل النبوة.
الطالب: ميناء بكسر الميم، وسكون التحتانية، ونون ابن أبي ميناء الخراز مولى عبدالرحمن بن عوف متروك، ورمي بالرفض، وكذبه أبو حاتم من الثانية، ........ الحاكم، وجعل له صحبة، والله أعلم.
الشيخ: هو المتهم بهذا نعم.
[طريق أخرى] قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ خط حوله.
الشيخ: يعني حول أبي رافع.
فكان أحدهم مثل سواد النحل.
الطالب: عندنا النخل!.
وقال: لا تبرح مكانك فأقرئهم كتاب الله فلما رأى المرعى قال: كأنهم هؤلاء، وقال النبي ﷺ أمعك ماء؟ قلت: لا. قال: أمعك نبيذ؟ قلت: نعم، فتوضأ به.
الشيخ: وهذا ضعيف أيضاً لأن علي بن زيد ضعيف، ويحتمل أن كثرتهم كالنحل يعني كثرة الجن، وبالنخل يعني أنهم طوال، حط نسخة، والذي عنده النخل يحط نسخة النحل.
الشيخ: من عزى له؟
الطالب: لأحمد.
الشيخ: يراجع مسند ابن مسعود.
[طريق أخرى مرسلة] قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبدالله الطبراني، أخبرنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قال: هم اثنا عشر ألفًا، جاءوا من جزيرة الموصل، وقال النبي ﷺ لابن مسعود : أنظرني حتى آتيك، وخط عليه خطًا، وقال: لا تبرح حتى آتيك، فلما خشيهم ابن مسعود كاد أن يذهب، فذكر قول رسول الله ﷺ فلم يبرح، فقال له النبي ﷺ: لو ذهبت ما التقينا إلى يوم القيامة.
[طريق أخرى مرسلة أيضا]: قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ قال: ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى، وأن نبي الله ﷺ قال: إني أمرت أن أقرأ على الجن فأيكم يتبعني؟، فأطرقوا، ثم استتبعهم فأطرقوا، ثم استتبعهم الثالثة، فقال رجل: يا رسول الله إن ذاك لذو ندبة، فأتبعه ابن مسعود أخو هذيل، قال فدخل النبي ﷺ شعبًا يقال له: شعب الحجون، وخط على ابن مسعود خطًا ليثبته بذلك، قال: فجعلت أهال، وأرى أمثال النسور.
الشيخ: أهال: يعني أرى ما يهولني. وهذا ضعيف أيضاً لأن قتادة تابعي مرسل، وضعيف.
تمشي في دفوفها، وسمعت لغطًا شديدًا حتى خفت على نبي الله ﷺ، ثم تلا القرآن، فلما رجع رسول الله ﷺ قلت يا رسول الله ما اللغط الذي سمعت؟ قال ﷺ: اختصموا في قتيل فقضي بينهم بالحق رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
فهذه الطرق كلها تدل على أنه ﷺ ذهب إلى الجن قصدًا فتلا عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله ، وشرع الله تعالى لهم على لسانه ما هم محتاجون إليه في ذلك الوقت، وقد يحتمل أن أول مرة سمعوه يقرأ القرآن لم يشعر بهم، كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، ثم بعد ذلك، وفدوا إليه كما رواه ابن مسعود .
وأما ابن مسعود فإنه لم يكن مع رسول الله ﷺ حال مخاطبته للجن، ودعائه إياهم، وإنما كان بعيدًا منه، ولم يخرج مع النبي ﷺ أحد سواه، ومع هذا لم يشهد حال المخاطبة، هذه طريقة البيهقي، وقد يحتمل أن يكون أول مرة خرج إليهم لم يكن معه ﷺ ابن مسعود ، ولا غيره، كما هو ظاهر سياق الرواية الأولى من طريق الإمام أحمد، وهي عند مسلم، ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى، والله أعلم، كما روى ابن أبي حاتم في تفسير قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ [الجن:1] من حديث ابن جريج قال: قال عبدالعزيز بن عمر: أما الجن الذين لقوه بنخلة فجن نينوى، وأما الجن الذين لقوه بمكة فجن نصيبين، وتأوله البيهقي على أنه يقول فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، على غير ابن مسعود ممن لم يعلم بخروجه ﷺ إلى الجن، وهو محتمل على بعد، والله أعلم.
الشيخ: والأقرب أن كلها معلولة، التي فيها ابن مسعود معلولة، ابن مسعود جزم أنه لم يحضر، وهذا بعد وفاة النبي ﷺ، فدل على أنه لم يحضر، وإنما نص القرآن على ذلك أنهم حضروا، وجاءت الطرق الأخرى الكثيرة التي فيها أنه خرج إليهم، وتلا عليهم القرآن، أما القرآن ظاهر في أنهم صرفوا إليه، وأوحي إليه أمرهم قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [الجن:1] أوحي إليه أنهم استمعوه، وأنهم بلغهم القرآن، وهكذا قوله: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ليس فيه أنه شاهدهم، فهذه الطرق إن وجد فيها ما يثبت، وإلا فالأصل أنهم بلغوا من غير أن يكون هو عليه الصلاة والسلام شاهد ذلك، لكن الرب بلغهم إياه بسماعهم القرآن من قراءته ﷺ، ومن أخبار الصحابة لغيرهم، ويحتمل أنه ﷺ أسمعهم القرآن لكن من غير رواية ابن مسعود، الطرق الأخرى ليس فيها ابن مسعود، يعني الطرق التي ذكرها المؤلف قد يشد بعضها بعضًا.
وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبدالله الأديب، حدثنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثني سويد بن سعيد، حدثنا عمرو بن يحيى، عن جده سعيد بن عمرو قال: كان أبو هريرة يتبع رسول الله ﷺ بإداوة لوضوئه، وحاجته، فأدركه يومًا فقال من هذا؟ قال: أنا أبو هريرة. قال ﷺ: ائتني بأحجار أستنج بها، ولا تأتني بعظم، ولا روثة. فأتيته بأحجار في ثوبي فوضعتها إلى جنبه حتى إذا فرغ، وقام اتبعته فقلت: يا رسول الله ما بال العظم، والروثة؟ قال ﷺ: أتاني وفد جن نصيبين فسألوني الزاد فدعوت الله تعالى لهم أن لا يمروا بروثة، ولا عظم، إلا وجدوه طعامًا أخرجه البخاري في صحيحه عن موسى بن إسماعيل، عن عمرو بن يحيى بإسناده قريبا منه، فهذا يدل مع ما تقدم على أنهم وفدوا عليه بعد ذلك.
الشيخ: وهذا صريح، وصحيح، وهكذا ما جاء في سورة الرحمن، وأنه تلا عليهم الآيات فقالوا: ولا بشيء من آلائك ربنا لم نكذب.
وسنذكر إن شاء الله تعالى ما يدل على تكرار ذلك.