من قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ۝ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ[الحجرات:1-3].
هذه آيات أدب الله تعالى بها عباده المؤمنين، فيما يعاملون به الرسول ﷺ، من التوقير، والاحترام، والتبجيل، والإعظام، فقال تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1] أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعًا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ حيث قال له النبي ﷺ حين بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟، قال: بكتاب الله تعالى، قال ﷺ: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله ﷺ، قال ﷺ: فإن لم تجد؟ قال : أجتهد رأيي، فضرب في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ﷺ لما يرضي رسول الله ﷺ. وقد رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه. فالغرض منه أنه أخر رأيه، ونظره، واجتهاده إلى ما بعد الكتاب، والسنة، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله، ورسوله.
الشيخ: وهذا هو الواجب، الواجب أن تكون الآراء بعد الكتاب، والسنة، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، فإذا وجد نصًا من القرآن حكم به، وإذا لم يجد نصًا في القرآن حكم بالسنة، وأفتى بها، فإن لم يجد اجتهد رأيه، ونظر في الأدلة حتى يطمئن إلى الحكم الشرعي.
س: بعضهم ضعف حديث معاذ متنا، وسندا؟
الشيخ: لا هذا صحيح، ابن القيم رحمه الله بسط الكلام فيه في الإعلام، وبين طرقه، وصحته.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لا تقولوا خلاف الكتاب، والسنة، وقال العوفي عنه: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه، وقال مجاهد: لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ بشيء حتى يقضي الله تعالى على لسانه. وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله، من شرائع دينكم. وقال سفيان الثوري: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بقول، ولا فعل. وقال الحسن البصري: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قال: لا تدعوا قبل الإمام. وقال قتادة: ذكر لنا أن ناسًا كانوا يقولون: لو أنزل في كذا، وكذا، لو صح كذا، فكره الله تعالى ذلك، وتقدم فيه.
الشيخ: والآية عامة، والواجب على الأمة اتباع الرسول، وأن لا تتقدم بين يديه، بل عليهم أن يلزموا الشرع، ويستقيموا عليه، هذا هو الواجب على الأمة، فالله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال:20]، فالواجب اتباع الرسول، والاستقامة على دينه، وعدم الافتيات، فإذا لم يوجد سنة ولا كتاب فهذا محل اجتهاد العلماء، محل الاجتهاد والنظر حتى توجد الأدلة.
س: أحسن الله إليكم قال ابن القيم عن هذا الحديث شهرته تغني عن سنده، فهل هذا الكلام يصح؟
الشيخ: لا ما يكفي، الشهرة ما تكفي.
س: ويقول عن حديث معاذ في إعلام الموقعين: شهرته تغني عن سنده؟
الشيخ: لا لا، ما يكفي الشهرة، لكنه مع جمع طرقه يشد بعضها بعضًا.
وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: فيما أمركم به، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ أي: لأقوالكم، عَلِيمٌ بنياتكم.
وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ هذا أدب ثان أدب الله تعالى به المؤمنين، أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي ﷺ فوق صوته، وقد روي أنها نزلت في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وقال البخاري: حدثنا يسرة بن صفوان اللخمي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: كاد الخيران أن يهلكا، أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ الآية، قال ابن الزبير رضي الله عنهما فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر . انفرد به دون مسلم.
ثم قال البخاري: حدثنا حسن بن محمد، حدثنا حجاج عن ابن جريج، حدثني ابن أبي ملكية، أن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على النبي ﷺ، فقال أبو بكر : أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي، فقال عمر : ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزلت في ذلك: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حتى انقضت الآية.
س: هل يدخل في ذلك –سلمك الله يا شيخ- من تكلم عند قراءة حديث النبي ﷺ؟
الشيخ: نعم نعم ينبغي تعظيم السنة عند سماع الأحاديث أن تخفض الأصوات، هذا من تعظيم السنة.
س: ولكن يدخل في ذلك إذا اتهم؟
الشيخ: لا ينبغي رفع الأصوات بالكلام عند السنة بل ينبغي الاستماع، والإنصات.
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ الآية. وهكذا رواه هاهنا منفردًا به أيضًا.
وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا حصين بن عمر، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، عن أبي بكر الصديق قال: لما نزلت هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ قلت: يا رسول الله، والله لا أكلمك إلا كأخي السرار.
حصين بن عمر هذا، وإن كان ضعيفًا لكن قد رويناه من حديث عبدالرحمن بن عوف، وأبي هريرة رضي الله عنهما بنحو ذلك، والله أعلم.
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا أزهر بن سعد، أخبرنا ابن عون، أنبأني موسى بن أنس، عن أنس بن مالك ، أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس ، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده في بيته منكسًا رأسه فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ فحبط عمله فهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي ﷺ فأخبره أنه قال كذا، وكذا، قال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال: اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة تفرد به البخاري من هذا الوجه.
الشيخ: وكان يخطب بين يدي النبي ﷺ، وينافح، ويرد على من تكلم بما لا يناسب من الشعراء، وغيرهم، فخاف، وكان خطيب النبي ﷺ، فبين له النبي ﷺ أنه لا يدخل في هذا، وأنه من أهل الجنة، وهذا ممن شهد له الرسول بالجنة .
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، إلى قوله: وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ، أنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في أهله حزينا، ففقده رسول الله ﷺ، فانطلق بعض القوم إليه، فقالوا له: تفقدك رسول الله ﷺ ما لك؟
قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي ﷺ، وأجهر له بالقول، حبط عملي، أنا من أهل النار، فأتوا النبي ﷺ فأخبروه بما قال، فقال النبي ﷺ: لا، بل هو من أهل الجنة، قال أنس : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة.
الشيخ: وكان خطيب النبي ﷺ ينافح عنه، ويرد عنه.
فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف فجاء ثابت بن قيس بن شماس، وقد تحنط، ولبس كفنه فقال: بئسما تعودون أقرانكم، فقاتلهم حتى قتل .
وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: لما نزلت هذه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إلى آخر الآية، جلس ثابت في بيته قال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ لسعد بن معاذ: يا أبا عمرو ما شأن ثابت أشتكى؟ فقال سعد : إنه لجاري، وما علمت له بشكوى. قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله ﷺ فقال ثابت : أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله ﷺ فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي ﷺ فقال رسول الله ﷺ: بل هو من أهل الجنة، ثم رواه مسلم عن أحمد بن سعيد الدرامي عن حبان بن هلال عن سليمان بن المغيرة به قال، ولم يذكر سعد بن معاذ ، وعن قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بنحوه، وقال ليس فيه ذكر سعد بن معاذ .
حدثنا هريم.
الشيخ كذا عندكم هدبة؟
الطالب: عندنا هريم بن عبدالأعلى.
الشيخ: لهذا في مشكلة يراجع، حط عليه إشارة، حط عليه هدبة في نسخة، وفي نسخة هريم يراجع مسلم.
الطالب: أحسن الله إليك الذي قبل هذا قطن بن نسير، أم قطن بن بشير؟
الشيخ: قطن بن نسير –بالنون، والسين- ماذا عندكم؟
الطالب: قطن بشير.
طالب آخر: في طبعة الشعب نسير.
الشيخ: نعم ابن نسير، هو المعروف -بالنون، والسين-.
بن عبدالأعلى الأسدي، حدثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي يذكر عن ثابت، عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية فاقتص الحديث، ولم يذكر سعد بن معاذ ، وزاد: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة.
فهذه الطرق الثلاث معللة لرواية حماد بن سلمة فيما تفرد به من ذكر سعد بن معاذ ، والصحيح أن حال نزول هذه الآية لم يكن سعد بن معاذ موجودًا؛ لأنه كان قد مات بعد بني قريظة بأيام قلائل.
الشيخ: يوم الأحزاب، نعم.
سنة خمس، وهذه الآية نزلت في وفد بني تميم، والوفود إنما تواتروا في سنة تسع من الهجرة، والله أعلم.
س: اتهام الناس في فعله ؟
الشيخ: نعم؟
الطالب: فعله وقد امتد اتهام النفس، واحتقارها جراء ذلك؟
الشيخ: ينبغي للمؤمن أن يتهم نفسه، ويحتقرها حتى يشمر عن ساعد الجد حتى يعمل، لا يرفع نفسه ويزكيها، بل ينبغي له أن يحتقرها حتى يشمر، حتى يجتهد في الخير.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس، حدثني عمي إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قال: قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، قال: فمر به عاصم بن عدي من بني العجلان فقال: ما يبكيك يا ثابت؟ قال: هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في، وأنا صيت رفيع الصوت. قال: فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله ﷺ، قال: وغلبه البكاء، فأتى امرأته جميلة ابنة عبدالله بن أبي ابن سلول، فقال لها: إذا دخلت بيت فرشي فشدي علي الضبة بمسمار، فضربته بمسمار حتى إذا خرج عطفه، وقال: لا أخرج حتى يتوفاني الله تعالى، أو يرضى عني رسول الله ﷺ.
قال: وأتى عاصم رسول الله ﷺ فأخبره خبره، فقال: اذهب فادعه لي فجاء عاصم إلى المكان فلم يجده، فجاء إلى أهله، فوجده في بيت الفرش فقال له: إن رسول الله ﷺ يدعوك، فقال: اكسر الضبة، قال: فخرجا فأتيا النبي ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ: ما يبكيك يا ثابت؟، فقال : أنا صيت، وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت في لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ فقال النبي ﷺ: أما ترضى أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟ فقال: رضيت ببشرى الله تعالى، ورسوله ﷺ، ولا أرفع صوتي أبدًا على صوت رسول الله ﷺ.
الشيخ: ، قُتل شهيدًا يوم اليمامة .
قال: وأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى الآية.
وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين كذلك، فقد نهى الله عن رفع الأصوات بحضرة رسول الله ﷺ. وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي ﷺ قد ارتفعت أصواتهما، فجاء فقال: أتدريان أين أنتما؟ ثم قال: من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، فقال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربا.
وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره ﷺ كما كان يكره في حياته عليه الصلاة والسلام، لأنه محترم حيًا، وفي قبره ﷺ دائمًا، ثم نهى عن الجهر له بالقول كما يجهر الرجل لمخاطبة ممن عداه، بل يخاطب بسكينة، ووقار، وتعظيم، ولهذا قال تبارك وتعالى: وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ كما قال تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا [النور:63].
وقوله : أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أي: إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده، خشية أن يغضب من ذلك فيغضب الله تعالى لغضبه، فيحبط عمل من أغضبه وهو لا يدري كما جاء في الصحيح: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقي لها بالا يكتب له بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض، ثم ندب الله تعالى إلى خفض الصوت عنده، وحث على ذلك، وأرشد إليه، ورغب فيه، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى أي: أخلصها لها، وجعلها أهلًا، ومحلًا، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [المائدة:3].
وقد قال الإمام أحمد في كتاب الزهد: حدثنا عبدالرحمن، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، رجل لا يشتهي المعصية، ولا يعمل بها، أفضل، أم رجل يشتهي المعصية، ولا يعمل بها؟ فكتب عمر : إن الذين يشتهون المعصية، ولا يعملون بها أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [الحجرات:3].
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ۝ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[الحجرات:4، 5].
ثم إنه تبارك وتعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات، وهي بيوت نسائه، كما يصنع أجلاف الأعراب، فقال: أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، ثم أرشد تعالى إلى الأدب في ذلك، فقال : وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ أي: لكان لهم في ذلك الخيرة، والمصلحة في الدنيا والآخرة. ثم قال جل ثناؤه داعيا لهم إلى التوبة، والإنابة، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي فيما أورده غير واحد.
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن الأقرع بن حابس ، أنه نادى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد يا محمد، وفي رواية: يا رسول الله، فلم يجبه، فقال: يا رسول الله، إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين، فقال: ذاك الله .
وقال ابن جرير: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إن حمدي زين، وذمي شين، فقال ﷺ: ذاك الله ، وهكذا ذكره الحسن البصري، وقتادة مرسلًا.
وقال سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة، قال: كان بشر بن غالب، ولبيد بن عطارد، أو بشر بن عطارد، ولبيد بن غالب، وهما عند الحجاج جالسان، فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه، يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قالوا: أسلمنا، ولم يقاتلك بنو أسد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي الباهلي، حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود الطائي يحدث عن أبي مسلم البجلي ،عن زيد بن أرقم قال: اجتمع أناس من العرب فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يك نبيًا فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكًا نعش بجناحه. قال: فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته بما قالوا، فجاؤوا إلى حجرة النبي ﷺ فجعلوا ينادونه، وهو في حجرته: يا محمد يا محمد، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، قال: فأخذ رسول الله ﷺ بأذني، فمدها، فجعل يقول: لقد صدق الله تعالى قولك يا زيد، لقد صدق الله قولك يا زيد، ورواه ابن جرير عن الحسن بن عرفة، عن المعتمر بن سليمان به.
الشيخ: وهذا من طبع الأعراب، من طبع الأعراب، ومن صفاتهم الجهر، وسوء الأدب، إلا من تعلم، وتبصر، ولهذا بين الله جل وعلا بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [العنكبوت:63] لقلة العلم، والبصيرة.
س: قول عمر -بارك الله فيكم-: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربا؟
الشيخ: اجتهادًا منه ؛ لأن أهل المدينة قد تعلموا، وتبصروا، أما هؤلاء جهال جاؤوا من الطائف جهال، وهكذا عند السنة عند سماع الأحاديث ينبغي أن ينخفض الصوت، والاستماع، والإنصات.
س: رواية الإمام أحمد عن عمر في تفسير قوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى صحيحة هذه الرواية؟
الشيخ: لا، منقطع؛ لأن مجاهد ما أدرك عمر، لكن المعنى صحيح، الذي يشتهيها، ويجاهد نفسه، ويستقيم، هذا هو الممتحن، أما الذي ما يشتهيها ما له شهوة، وإلا مجبوب، أمره سهل، لكن الذي يشتهيها، وعنده قوة، ويريدها، ولكن يمنعه خوف الله، ومراقبة الله هذا هو الذي امتحنه الله، وله الأجر العظيم.
س: بعض صفات الله جل وعلا التي لم ترد، ولكنها حق مثل الرفيق، أو ما شابه ذلك فهل يقال بها؟
الشيخ: الرفيق، ورد إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله جاء الحديث الصحيح في ذلك.
س: لكن غيرها؟
الشيخ: لا يسمى إلا بما سمى به نفسه، لكن باب الخبر أوسع من التسمية، الخبر بأنه سبحانه عظيم، وجليل، باب الخبر أوسع.
س: حديث: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم.
الشيخ: ضعيف، الصواب أنه ضعيف.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ۝ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ۝ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:6-8].
يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له لئلا يحكم بقوله، فيكون في نفس الأمر كاذبًا، أو مخطئًا، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه، وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال؛ لاحتمال فسقه في نفس الأمر، وقبلها آخرون؛ لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق، وهذا ليس بمحقق الفسق؛ لأنه مجهول الحال، وقد قررنا هذه المسألة في كتاب العلم من شرح البخاري، ولله تعالى الحمد والمنة.
الشيخ: والصواب أنه لا يقبل المجهول؛ لأنه قد يكون فاسقًا، مجهول الحال قد يكون فاسقًا، فلا نعمل بروايته، فلا يجوز قبول إلا الثقات، ولهذا قال جل وعلا: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2]، أمر بإشهاد أصحاب العدالة، وقال هنا: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، فالمجهول كذلك قد يكون فاسقًا.
وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، حين بعثه رسول الله ﷺ على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق، وهو الحارث بن أبي ضرار، والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق، حدثنا عيسى بن دينار، حدثني أبي، أنه سمع الحارث بن أبي ضرار الخزاعي يقول: قدمت على رسول الله فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه، وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله رسولًا إبان كذا، وكذا، ليأتيك بما جمعت من الزكاة.
فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له، وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه احتبس عليه الرسول، ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى، ورسوله، فدعا بسروات قومه، فقال لهم إن رسول الله ﷺ كان وقت لي وقتًا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله ﷺ الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة، فانطلقوا بنا نأتي رسول الله ﷺ، وبعث رسول الله ﷺ الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق -أي خاف-، فرجع حتى آتي رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن الحارث قد منعني الزكاة، وأراد قتلي، فغضب رسول الله ﷺ، وبعث البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث، وفصل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك. قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله ﷺ بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة، وأردت قتله. قال : لا ، والذي بعث محمدًا ﷺ بالحق ما رأيته بتة، ولا أتاني.
فلما دخل الحارث على رسول الله قال: منعت الزكاة، وأردت قتل رسولي؟ قال: لا، والذي بعثك بالحق ما رأيته، ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله ﷺ، خشيت أن يكون كانت سخطة من الله تعالى، ورسوله. قال: فنزلت الحجرات يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ إلى قوله: حَكِيمٌ.
ورواه ابن أبي حاتم، عن المنذر بن شاذان التمار، عن محمد بن سابق به. ورواه الطبراني من حديث محمد بن سابق به، غير أنه سماه الحارث بن سرار، والصواب أنه الحارث بن ضرار كما تقدم.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا جعفر بن عون، عن موسى بن عبيدة، عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بعث رسول الله ﷺ رجلًا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة، فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله، قالت: فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله ﷺ فقال: إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم. فغضب رسول الله ﷺ، والمسلمون، قالت: فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول الله ﷺ فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله، وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلًا مصدقًا فسررنا بذلك، وقرت به أعيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبًا من الله تعالى، ومن رسوله ﷺ، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال ، فأذن بصلاة العصر قال: ونزلت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ.
وروى ابن جرير أيضًا من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: كان رسول الله ﷺ بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وأنهم لما أتاهم الخبر فرحوا، وخرجوا يتلقون رسول رسول الله ﷺ، وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع الوليد إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب رسول الله ﷺ من ذلك غضبًا شديدًا، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول الله، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه، وغضب رسوله، وإن النبي ﷺ استغشهم، وهم بهم، فأنزل الله تبارك وتعالى عذرهم في الكتاب فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، إلى آخر الآية.
وقال مجاهد، وقتادة: أرسل رسول الله ﷺ الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقهم، فتلقوه بالصدقة، فرجع فقال: إن بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك، زاد قتادة: وإنهم قد ارتدوا عن الإسلام. فبعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد إليهم، وأمره أن يتثبت، ولا يعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلًا، فبعث عيونه، فلما جاءوا أخبروا خالدًا أنهم مستمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم، وصلاتهم، فلما أصبحوا أتاهم خالد ، فرأى الذي يعجبه، فرجع إلى رسول الله ﷺ فأخبره الخبر، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال قتادة: فكان رسول الله ﷺ يقول: التثبت من الله، والعجلة من الشيطان وكذا ذكر غير واحد من السلف منهم: ابن أبي ليلى، ويزيد بن رومان، والضحاك، ومقاتل بن حيان، وغيرهم في هذه الآية أنها أنزلت في الوليد بن عقبة، والله أعلم.
س: هل يجب التثبت في الأخبار كلها؟
الشيخ: نعم، يجب التثبت حتى لا يؤخذ أحد إلا بحق، في الروايات، والشهادات، وسائر الأخبار التي لها أهمية، أما التي ما لها أهمية تترك.
س: مجمل هذه الأخبار يدل على أنها نزلت في الوليد؟
الشيخ: كلها فيها ضعف، محل نظر.
س: بالنسبة لقول العلماء إطلاق القول بأن الصحابة كلهم عدول، وفسوق الوليد بن عقبة، كيف يمكن الجمع بينهما؟
الشيخ: الأصل أنه عدل، إلا أن تثبت الرواية، لو صحت قد يكون تاب منها، ولكن في صحتها نظر.