الأعمال التي تنقض الشهادتين

وقول لا إله إلا الله، أو أشهد أن محمدًا رسول الله مع المخالفة للمعنى ومع ....... للمعنى لا يجدي شيئًا، فليس المقصود الألفاظ، المقصود المعاني، ليس المقصود الألفاظ، فقولك: لا إله إلا الله، وأنت تعبد غيره، تعبد القبور وتدعوها من دون الله، تعبد الأصنام وتدعوها من دون الله، تعبد الكواكب وتدعوها من دون الله، تعبد الملك أو النبي وتدعوه من دون الله، وتستغيث به، ما حققت قول لا إله إلا الله، قلتها باللسان ونقضتها بأفعالك.

 كذلك أشهد أن محمدًا رسول الله ما تنفع قائلها إذا كان لا يحكم الرسول ﷺ، ولا ينقاد لحكمه وشرعه، ولا يعظم أمره ونهيه، ما تنفعه هذه الشهادة، الشهادة إنما تنفع من عمل بها من صدق في قولها، ووحد الله جل وعلا، اتبع الشريعة وحكم الرسول ﷺ فيما يأتي ويذر، كما قال : فَلَا وَرَبِّكَ يحلف سبحانه وهو الصادق وإن لم يحلف جل وعلا فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، ويقول : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] ويقول في سورة المائدة: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]،  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47].

فالمعنى أنه لا بد من العمل، لو قال زيد أو عمرو أو الرئيس الفلاني: لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، ويجب الحكم بشريعة الله، ويجب ويجب ثم ينقض هذا ولا يفعل ذلك ما تجزئ هذه الشهادة، وكذلك الإنسان إذا قال: أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، ثم سب الله، ثم سب الرسول، ثم استهزأ بالدين، ثم استحل الزنا، ثم استحل الخمور، ثم دعا الأوثان والأصنام، ودعا القبور، واستغاث بها، ونذر لها، ولم يعبد الله وحده، بل عبد معه سواه، يأتي إلى القبر ويقول: يا سيدي فلان! اقض حاجتي، اشف مريضي، أنا في جوارك، أنا في حبسك، المدد المدد، يقولونه الآن في مصر والشام والعراق وغير ذلك، وعند قبر النبي ﷺ، عند قبر الرسول يقوله بعض الجهال أيام الحج، إذا جاؤوا، وعند قبر خديجة، وعند القبور الأخرى، يقوله بعض الجهال إن لم يتعاهدهم المسؤولون، ويمنعونهم من هذا الشيء، ويوجهوهم لأنهم عاشوا على هذا الشيء في بلادهم، عاشوا على الشرك، فيأتي إلى القبر ويقول: يا سيدي! يا رسول الله! أنا في جوارك، الغوث الغوث، المدد المدد، وينسى الله عز وجل، ويأتي إلى البدوي يقول: الغوث الغوث، المدد المدد يا سيدي البدوي، ويقول للحسين بن علي الذي قبره في مصر، وما عندهم الحسين بن علي، الحسين بن علي مقبور في العراق ما هو عندهم، يقولون: المدد المدد يا حسين! ويطوف في قبره كما يطاف في الكعبة، ويأتي القبور الأخرى في مصر وغيرها في الشام والعراق وغير ذلك، كالشيخ عبد القادر في العراق، وموسى الكاظم في العراق، وعلي في العراق، وغيرهم، يأتيهم الرافضة وغير الرافضة يسألونهم، يسألون المدد والغوث، وشفاء المرضى، والنصر على الأعداء، نسوا الله فنسيهم، نسوا الله فلم يسألوه، وسألوا هذه القبور الميتة، سألوا هذه القبور التي لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا، لو كان حيًا ما يملك هذا وهو حي، فكيف بعد الموت.

المقصود أن المسلم في نعمة عظمى، المسلم الموحد الصادق الذي قد وحد الله وعبده واتبع رسوله في نعمة عظمى، فأعظم نعمة أن تكون موحدًا لله عارفًا بدينه، ثابتًا عليه، تعبد ربك وتطيع رسولك محمدًا عليه الصلاة والسلام، هذه أعظم النعم، هذه أعظم الفوائد، فالواجب على من رزق هذا أن يحمد الله عليه، وأن يشكره على ذلك، وأن يسأله الثبات على هذه النعمة العظيمة، ومع ذلك يدعو غيره بالهداية، يدعو لمن ضل عن الهدى أن الله يهديه ويرده إلى الصواب، وأن الله يكثر أولئك دعاة الهدى، حتى يبصروه، وأن الله يهدي قادتهم حتى يمنعوه من الشرك.

نسأل الله أن يهدي قادة المسلمين في كل مكان حتى ينشروا الحق بين الناس، وحتى يعظموا أمر الله ونهيه، وحتى يقربوا العلماء الصادقين الطيبين، ويبعدوا علماء السوء، علماء الخرافة، علماء الشرك، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان؛ حتى يتفقهوا في دينهم، وحتى يسألوا أهل العلم الصادقين، وحتى ينتفعوا بالدعاة، وحتى يدعوا الشرك الذي ضرهم وضر بلادهم وجعلها ميدانًا للأعداء، وميدان كسب للأعداء، يأخذون خيرات بلادهم ويسومونهم سوء العذاب، ويتصرفون في خيرات بلادهم وثرواتها بسبب عجز أولئك الولاة، وتصرف أولئك الكفار في تلك الخيرات بأسباب كثيرة ووسائل متعددة.