الاتباع وترك الابتداع

فعلمنا بذلك أن الواجب على المسلمين في كل مكان وفي كل زمان أن يبحثوا، ويتفقهوا في دين الله، وأن ينظروا ما شرعه الله ورسوله، فيأخذوا به وما لم يشرع لا يبتدعونه، ولا يأتون به من عند أنفسهم، لا في رجب ولا في شعبان، ولا في غير ذلك، بل عليهم الاتباع مثل ما قال حذيفة أو غيره: "يا معشر القراء اتبعوا، ولا تبتدعوا فقد كفيتم"، قد كفينا بحمد الله، قد كفانا ما أنزل الله في كتابه، وما جاء به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام من الهدى والعلم والعبادة، والعلم يكفينا ذلك، فلا يجوز لأي إنسان ولو كان أعلم الناس لا يجوز له أن يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، ولا يسوغ له أن يشرع للناس ما لم يشرعه الله ورسوله، لا في رجب ولا في غيره، وبهذا يعلم إخواننا الحاضرون وغيرهم أن ما أحدثه الناس من صلاة الرغائب أو من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج أو الاحتفال بالموالد مولد النبي ﷺ أو غيره أو الاحتفال بليلة النصف من شعبان كل هذا لا أصل له، وهكذا ما يقوله الناس الآن، وابتدعوه الآن، من عيد الأم، أو عيد كذا، أو عيد كذا، كل هذا تشبه بالنصارى واليهود، ليس لنا أعياد إلا ما شرعه الله ورسوله، عيد الفطر وعيد الأضحى وأيام النحر، هذه أعيادنا يوم الجمعة، أما أن نأتي بأعياد للأم أو لفلان أو للولد، ولد فلان أو لأبي أو لجدي كل هذه بدع، وكل هذه تشبه بالنصارى لا أساس لذلك، ولا يجوز ابتداع ذلك، ولا يقوم الإنسان كل سنة يجمع الناس أقاربه على طعام يقول: هذا عيد ولدي، أو عيد أمي، أو عيد أختي، هذا تلقوه عن النصارى تشبهوا بالنصارى، وكذلك ليلة النصف من شعبان وهي آتية، بلغنا الله وإياكم شعبان ورمضان، بعض الناس يحتفل بها أيضًا، وهذا لا أصل له ورد في ليلة النصف من شعبان أخبار ضعيفة وموضوعة، لكن ليس في الاحتفال بها شيء، ولا أصل لذلك، بل هو من البدع المحدثة، اجتماع الناس في ليلة النصف من شعبان على صلاة أو طعام أو قراءة لا أصل له، بل هو من البدع.

أما صيام أيام البيض من كل شهر فسنة، أما تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء أو يوم النصف بصوم وحده هذا لا أصل له، بل هو من البدع، فينبغي أن يعلم للحاضرين وينبغي للحاضرين أن يبلغوا من وراءهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للناس، كان يقول ﷺ للناس إذا خطبهم يقول: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، وهذا واقع كثير من المبلغين يكونون أوعى للعلم وأفهم من بعض الحاضرين، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يقول للناس كما قال في خطبة حجة الوداع في عرفة وفي يوم النحر وفي غير ذلك: «فليبلغ الشاهد الغائب» ويقول: اللهم اشهد، اللهم اشهد ألا قد بلغت اللهم قد بلغت ثم يقول: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فينبغي لطالب العلم وللمسلم إذا سمع الفائدة علمًا قال الله وقال رسوله إذا سمع ذلك أن يعمل وأن يبلغ غيره من أهله وجيرانه ونحو ذلك، يبلغهم ما سمع من الفائدة، وإذا أشكل عليه شيء لا يكذب ولا يقدم على شيء ما فهمه، يسأل أهل العلم، يسأل صاحب المحاضرة، صاحب الندوة عما أشكل عليه، أو غيره من العلماء، ولا يحدث ولا ينقل إلا عن بصيرة، إلا شيئًا حفظه وضبطه عن العالم الفلاني أنه خطب قال: كذا وكذا، فينقل ما سمع من الفائدة، ولكن ليحذر غاية الحذر أن ينقل ما لا يحفظ أو يزيد وينقص لا، إما أن ينقل ما سمع حرفًا بحرف وإلا فليمسك حتى لا يكون يكذب على الناس، وحتى لا يبلغ ما لا أصل له، ولكن يجتهد حتى يحفظ العلم، وحتى ينقل ما حفظ نقلًا سليمًا محفوظًا، وإلا فليقف وليسأل وليتثبت من العالم ومن غير العالم الذي سمع حتى يعلم الحق بدليله، قال الله وقال رسوله، وحتى يكون على بصيرة حتى يبلغه على بصيرة.