1- من حديث (يا معشر الشباب! من استطاعَ منكم الباءة فليتزوج..)

كِتَابُ النِّكَاحِ

974- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

975- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَكِنِّي أَنَا أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

976– وَعَنْهُ  قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنا بِالْبَاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

977- وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ.

978- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مَعَ بَقِيَّةِ السَّبْعَةِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالنكاح، والنكاح: عقد الزوجية الصحيح، يُقال له: نكاح، وقد شرع الله النِّكاح، وجعله من أسباب عفَّة الفروج، وكثرة الأمة، فالنكاح فيه مصالح: عفَّة فرج الرجل، عفَّة المرأة، وكثرة الأمة بسبب النَّسل، قال الله جلَّ وعلا: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32].

فالمؤمن مشروعٌ له أن يتزوج، والمؤمنة كذلك، وعلى الجميع الحرص على أسباب العفَّة والسلامة؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعودٍ: يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء، وهذا يشمل الرجال والنساء، على الجميع الزواج إن استطاع، فالرجل يتزوج، والمرأة تتزوج، ولا ترد الكُفْءَ، ولهذا في اللفظ الآخر: إذا خطب إليكم مَن ترضون دينَه وخُلقَه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، فترك النكاح من أسباب الفساد وفشو الفواحش، وأما الزواج فهو من أسباب العفَّة، ومن أسباب غضِّ البصر، ومن أسباب كثرة الأمة.

فالواجب على مَن استطاع أن يُبادر بالزواج، وألا يتخلَّف عن ذلك بأعذارٍ واهيةٍ، تارةً يقول: حتى أُكمل الدراسة، وتارةً يقول: حتى أشتري مسكنًا، وتارةً يقول: كذا، هذا ما ينبغي له هذا، ما دام عنده شهوة النكاح فالواجب البدار؛ لقوله ﷺ: يا معشر الشباب، هذا عام للقُرَّاء في الكليات وغيرهم: مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوج، والأمر أصله للوجوب، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء، الصوم من أسباب العفَّة؛ لأنه يُضعف قوة النكاح والشهوة، ويُسبب غضّ البصر، فهو من أسباب السلامة.

ويقول ﷺ لما دخل بعضُ الناس وسأل بعضَ أزواجه عن أعماله في السرِّ، فقالوا: أين نحن من رسول الله ﷺ؟! لما أخبرهم أزواجُ النبي أنه ﷺ يصوم ويُفطر ولا ينقطع، فقالوا: أين نحن من رسول الله ﷺ، وقد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟! فقال بعضُهم: أما أنا فأُصلِّي ولا أنام، وقال بعضُهم: أما أنا فأصوم ولا أُفطر، وقال بعضُهم: أما أنا فلا أتزوَّج النساء، وقال بعضُهم: أما أنا فلا آكل اللحم، فلما بلغ النبيَّ ﷺ خطب الناس، لما بلغه هذا الكلامُ خطب الناسَ عليه الصلاة والسلام -والمصنف اختصر هذا الحديث فذكر آخره فقط- فقال: لكني أُصلي وأنام، وأصوم وأُفطر، وأتزوج النِّساء، فمَن رغب عن سنتي فليس مني، يرد على هؤلاء، يعني: لستُم بأحرص مني على الخير، ولم يترك ذلك .....، مثلما قال في الرواية الأخرى: أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، وفي اللفظ الآخر: وأعلمكم بمَن أتَّقي، ما ترك هذه لأنه يتساهل، لأنه نبي، لا، تركه للتَّوسعة على الأمة وبيان المشروع، وأن المشروع له عدم التَّكلف، وعدم الحرج: أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، هكذا يقول ﷺ: ولكني أُصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمَن رغب عن سنتي فليس مني.

وكان يأمر بالباءة، وينهى عن التَّبتل، يعني: يأمر الصحابة بالباءة كما قال أنسٌ، الباءة: هي التَّزوج، يعني: قضاء الوطر، وينهى عن التبتل، يعني: الانقطاع عن الزواج، كان ينهى عنه نهيًا شديدًا؛ لأنه يترتب عليه شرٌّ، التبتل وعدم التَّزوج يترتب عليه شرٌّ: نقص الأمة، ووقوع الفواحش، فالواجب الحذر من هذا الشيء الذي قد يعتقده بعضُ العباد أو بعض الجهلة، فالواجب المسارعة للزواج وقضاء الوطر، كما أباح الله لك، وتكثير الأمة بما يسَّر الله لك من النَّسل.

ولهذا يقول ﷺ: تُنْكَح المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدِّين تربت يداك، ويقول: تزوَّجوا الودودَ الولودَ، فإني مُكاثِرٌ بكم الأنبياء يوم القيامة، هكذا يُعلِّمهم؛ ينهاهم عن التَّبتل، ويأمرهم بالباءة: بالزواج، ويقول: تزوَّجوا الولودَ الودود، الولود: التي تلد، يعني: عُرفت من جماعةٍ يلدن، أو قد تزوَّجَتْ وولدت، المتحببة، الزوجة الطيبة العشرة، فإني مُكاثرٌ بكم الأمم، وفي لفظٍ: الأنبياء يوم القيامة.

فهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يسعى في تكثير الأمة، وتكثير العبيد لله، والتزوج بالمرأة والمرأتين والثلاث والأربع حسب تيسير الله له، واختيار الزوجات الطيبات، والحرص على الودود الولود التي من جماعةٍ يلدن، واختيار ذات الدين، فالمرأة تُنْكَح لأربعٍ: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، بعض الناس يبحث عن المال، وبعض الناس يبحث عن الجمال، وبعض الناس يبحث عن الحسب، ما يهمه إلا هذه الأمور، والأخيار يلتمسون الدِّين: فاظفر بذات الدين، وإذا تيسَّر مع الدِّين جمالٌ وحسبٌ لا بأس، لكن لا يكون هو المقصود، يكون الأهم هو صلاحها في دِينها وعفَّتها، فإذا تيسر معها أنها ذات حسبٍ، ذات جمالٍ، ذات مالٍ فهذا خيرٌ إلى خيرٍ، لكن لا يكون الهدفُ الرغبة في المال، أو في الحسب، أو في الجمال، لا، يكون أهم المطلوب صلاحها في دينها؛ لأنها تُريحُكَ بعفَّتها، وغضِّ بصرها، وحجابها، وقيامها بحقِّك على الوجه الأكمل؛ لأنَّ الدِّين يأمرها بذلك، بخلاف التي نكحتها للحسب؛ فقد يُطغيها حسبُها، أو لجمالها؛ قد يُطغيها جمالها، أو لمالها؛ قد يُطغيها مالها، قد يضرُّك، أما إذا كان لدينها فهذا هو الغبطة، وهذا هو أحسن الأسباب وأطيبها.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: الحكمة لمَن كان في الجامعة ومعه زوجة واحدة، ويريد التزوج بالأخرى، سواء كانت بكرًا أو ثيبًا، هل ترى له أن يتزوج أم يصبر؟

ج: السنة الزواج، إذا تيسر له الزواج يتزوج، إذا تيسر له الزواج وعنده قُدرة يتزوج، الله يقول: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]، إذا كانت عنده قُدرة، ويعلم أنه إن شاء الله يستطيع القيام عليهنَّ، أما إذا كان يخاف فواحدة: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً.

س: تكون في المال فقط: القُدرة؟

ج: في المال وغير المال، في المال والقسم.

س: بعضهم ..... واستئجار البيوت، وقد يعني تبعثر الأسرةُ بسبب ..؟

ج: لا، لا يعمل إلا إذا كان يستطيع، إذا كان يستطيع بدون مشقَّةٍ، وإلا فيلزم الواحدة والحمد لله.

س: ..............؟

ج: ..... أو أجور تأتيه -معاش يأتيه- فلا بأس.

س: الواحدة أم الأربع الأصل؟

ج: الأصل أربع: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً.

س: الزواج بنية الطلاق؟

ج: الأولى تركه؛ لأنَّ هذا شيء بينه وبين ربِّه .. الجمهور يرون أنه صحيحٌ، لكن الأوزاعي وجماعة يرون أنه لا يجوز بنية الطلاق، لكن أكثر العلماء يقولون: لا حرج، لكن الأولى ترك هذه النية.

س: قوله "زواج أم الولد" على أنها تمرّ عليه يومًا من الأيام، لها مالها، ولها بيتها، وكل شيء مستقلّ، ولكن تمرّ عليها يومًا من الأيام؟

ج: هذا بحثٌ يتعلَّق بالمسيار ..

س: قوله: تربت يداك؟

ج: كلمة تقولها العربُ، وما هي بمقصودة، مثل: ثكلتكَ أُمُّكَ يا معاذ، يرجع الإسلام إلى غير قصد الدّعاء.

س: قرأتُ مقالةً للإمام أحمد بن حنبل، يقول: "مَن دعاك إلى غير التَّزوج فقد دعاك إلى غير الإسلام"؟

ج: يعني: دعاك إلى غير أحكام الإسلام؛ لأنَّ حكم الإسلام التَّزوج.

س: يقول: ما حكم زواج المسيار؟

ج: يأتي إن شاء الله؛ لأنه موضوعٌ خطيرٌ يحتاج إلى عنايةٍ.

س: هناك شابٌّ ابتُلِيَ بذنبٍ، وقد عاهد الله ألا يعود له، ولكنه لم يقدر على ذلك، فماذا عليه يا فضيلة الشيخ؟

ج: لا ييأس، عليه التوبة، عليه البدار بالتوبة، ولو عاد، يعني: كلما عاد يُبادر بالتوبة، ولا ييأس، وعليه أن يصدق الله، ويسأل ربَّه العفو والإعانة ويبشر بالخير، وإذا تاب توبةً صادقةً محا الله عنه ما مضى، وإذا عاد أُخِذَ بالثاني أو بالثالث، وهكذا، إلا أن يتوب، الله يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53]، يعني: للتائبين، فهذه الآية في التائبين عند أهل العلم جميعًا.

س: هل الساعات التي لونها أصفر يُشبه الذَّهب يجوز لبسها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

ج: إن كانت ذهبًا ما يجوز إلا للنِّساء خاصةً.

س: لونها؟

ج: اللون ما يُخالف، إلا إذا كان ذهبًا.

س: مطلية بماء الذَّهب؟

ج: للنساء.

س: الرجال ما يلبسونها؟

ج: لا، للنساء.

س: الودود؟

ج: المتحببة لزوجها، طيبة الأخلاق.

س: قوله عليه الصلاة والسلام: مَن رغب عن سنتي فليس مني هل يدل على أنه كبيرة؟

ج: هذا من باب الوعيد والتَّحذير، ما هو معناه: أنه كافرٌ، يعني: إنه قد ترك السنة.

س: والتَّبتل مُحرَّمٌ؟

ج: لا ما يجوز.

س: ترك المرأة الزواج للدراسة، والرجل مع القُدرة، هل يأثم بذلك؟

ج: ما ينبغي، لا، إذا كانت له شهوة الواجب البدار.

س: يأثم يا شيخ؟

ج: الصواب أنه يأثم، وبعض أهل العلم يُقيده: إذا كان يخشى الزنا، إذا كان يخشى يأثم، وإن كان ما يخشى ما يأثم، ولكن ظاهر السنة الوجوب، فليتزوج.

س: الزواج واجبٌ؟

ج: مع الشَّهوة والقُدرة واجبٌ.

س: بعض التَّربويين يقترحون ألا يتزوج الإنسانُ إلا بعد سن النُّضوج: 21 أو 25سنة، فما رأيكم؟

ج: هم مُشَرِّعون أو عبيد؟

س: ماذا؟

ج: هم عبيد وإلا مُشَرِّعون؟

س: عبيد.

ج: والعبد يعمل بشرع الله أو يعمل برأيه؟

س: يعمل بشرع الله.

ج: أجل، فقط، هم وغيرهم -حتى الملوك- عليهم أن يلتزموا شرع الله، وليس لهم أن يُشَرِّعوا لأنفسهم.