3- من حديث (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)

991- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

992- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الثَّيِّبُ أَحَقُّ  بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي لَفْظٍ: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

993- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا.

رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

994- وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَاتَّفَقَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الشِّغَارِ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تدل على وجوب استئذان المرأة في النكاح، وأنه لا يجوز تزويجها بغير إذنها، سواء كانت بكرًا أو ثيبًا؛ لأنَّ من شرط النكاح الرضا، فلا بدّ أن يكون الزوجُ راضيًا، والمرأة راضية، ولهذا يقول ﷺ: لا تُنْكَح الأيِّمُ -وهي التي قد تزوَّجَتْ- حتى تُستأمر، ولا تُنْكَح البِكْرُ -وهي التي ما سبق لها زواجٌ- حتى تُستأذن، قال: والبكر يستأذنها أبوها، وفي اللفظ الآخر: والبكر إذنها السُّكوت، وفي اللَّفظ الآخر: اليتيمة تُستأمر، وإذنها السُّكوت، هذا يدل على أنَّ البكر سواء كان أبوها موجودًا أو يتيمةً فإذنها السكوت، يكفي؛ لأنها تستحي، قد لا تقول: ما يُخالف، فالسكوت كافٍ، وأما التي قد تزوجت فإنه لا بدّ من إذنها، تقول: نعم، أو: لا، لا بدّ من إذنٍ.

وفي روايةٍ لمسلم: والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها، وفي اللفظ الآخر: وإذنها صماتها، فليس للأب أن يُجبرها، فالتي بلغت تسعة عشر يستأذنها ولا يُجبرها.

الحديث الثاني: يقول النبيُّ ﷺ: لا تُزَوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا المرأةُ نفسَها، لا بدّ من وليٍّ كما تقدم: لا نكاحَ إلا بوليٍّ، وتقدم حديث عائشة: أيما امرأةٍ نكحت بغير إذن وليِّها فنكاحُها باطل، فلا بدّ أن يزوجها الوليُّ: أبوها، أو جدها، أو ابنها، أو ابن ابنها، أو أخوها الشقيق، أو أخوها لأبٍ، كالميراث الأقرب فالأقرب، يُقدَّم الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، وهكذا، كالميراث، ولا تُزَوِّج نفسَها.

وفي حديث ابن عمر الدلالة على أنه لا يجوز نكاح الشِّغار: كونه يُزَوِّج ابنتَه على أن يُزَوِّجه الآخرُ ابنته، أو يُزَوِّجه أخته على أن يُزَوِّجه أخته، هذا يُسمَّى: الشِّغار، لا يجوز؛ لأنه يُفضي إلى جور النِّساء، وظلم النساء، فلا يجوز شرط نكاح امرأة بنكاح امرأة، ولو سمَّى صداقًا.

أما قوله في الرواية: "وليس بينهما صداقٌ" فهذا من كلام نافع، من كلام الراوي التَّابعي، ولهذا في اللَّفظ الآخر من حديث أبي هريرة وغيره: أن الرسول ﷺ نهى أن يُزَوِّج الرجلُ ابنته على أن يُزَوِّج ابنته، أو يُزوجه أخته على أن يُزوجه أخته. رواه مسلم من حديث أبي هريرة، وجاء معناه من حديث جابرٍ.

فالمقصود أن نكاح الشغار هو أن يشترط عقد امرأةٍ بعقد امرأةٍ، سواء كانت أختًا أو بنتًا أو عمَّةً أو نحو ذلك، لا بدَّ أن يكون نكاحها مُستقِلًّا، ما في شرطٍ لنكاحٍ ثانٍ، وإلا يكون شغارًا لا يجوز، وهو باطل.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: ولو كان الطرفان مُوافقين؟

ج: بشرطٍ ما يصلح، قد تُوافق بالعصى، يجبرونها.

س: ولو سمّوا صداقًا؟

ج: ولو سمّوا صداقًا.

س: بالنسبة للصغيرة: لو أُجبرت على الزواج؟

ج: إذا كانت بكرًا لا تُجبر، أما الصَّغيرة التي دون التسع فمثلما تزوَّج النبيُّ ﷺ عائشة، زوَّجه إياها الصديقُ رضي الله عنه.

س: هل للشهود سماع إذن الزوجة البِكْر خشية المشاكل؟

ج: نعم، إذنها السكوت، إذا استأذنها أبوها فإذنها السكوت، ولو ما حصّل شهودًا، إذا استأذنها أبوها وسكتت يكفي، ما يحتاج شهودًا، هو مُصَدَّقٌ.

س: بالنسبة لنكاح الشِّغار هل يبطل؟

ج: باطل، يُفَرَّق بينهما، ويُجدد إذا كانت راضيةً.

س: الصغيرة إذا كبرت هل لها أن تمتنع عن الزوج؟

ج: لا، ما زُوِّجَتْ إلا بعد سكوتها، يكفي.

س: إذا لم تُسْتَأذن البكر هل يبطل زواجُها؟

ج: نعم، ما يصحّ الزواج إذا كانت بدون إذنها...

س: يُجدد أيضًا؟

ج: إذا كانت لها رغبة يُجدد.

س: هل للقاضي أن يفسخ النكاحَ في هذه الحالة؟

ج: نعم، إذا ثبت بغير إذنها فالنكاح فاسد، يُنْقَض، يُفَرَّق بينهما، إذا ارتفعت الدعوةُ للحاكم يُفَرِّق بينهما.

س: البلاد الذين يحكمون بالمذهب الحنفي؛ إذا زوَّجوا بغير وليٍّ، ثم جاءت المرأةُ واستفتت على مذهبٍ آخر، ماذا يكون؟

ج: هذا محل نظرٍ؛ قد يكون حكم لها حاكمٌ، فهو محل نظرٍ، والذي عليه جمهورُ أهل العلم أنه لا بدّ من وليٍّ، ومذهب الأحناف في هذا مذهبٌ ضعيفٌ لا يُعوَّل عليه.

س: تفسير الشِّغار هذا من قول نافعٍ أو قول مالك؟

ج: جاء من تفسير مالك، ومن تفسير نافع، مالك قلَّد نافعًا .....، والعمدة على تفسير النبي ﷺ.

س: ورد في حديثٍ صريحٍ؟

ج: أن يُزوِّج رجلٌ أخته، على أن يُزوِّجه أختَه أو بنتَه، من دون ذكر المهر ..... أبي هريرة، ومن حديث جابرٍ في الصحيح.

س: الأيِّم ما يُطلق على البِكر؟

ج: الأيم لا، على التي قد تزوَّجت.

س: يقول الله عزَّ وجل: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32]؟

ج: يعني: الأيامى التي ما تزوَّجت.

س: ما يدخل فيها ..؟

ج: الأيامى التي ما لها زوجٌ، الرجل الأيِّم: الذي ما له زوج، والمرأة التي ما لها زوجٌ ...

س: سواء مات عنها أو طُلقت تُسمَّى: أيمًا؟

ج: نعم، تُسمَّى: أيمًا.

س: اليتيمة لهم أن يُجبروها؟

ج: لا، يستأذنها أخوها أو عمُّها.

س: لا تُزَوِّج المرأةُ المرأةَ حديثٌ صحيحٌ؟

ج: نعم صحيح.

س: اشتراط العدالة في الولي؟

ج: هذا هو المشروع عند العلماء، لا بدّ من العدالة، والقول بأنه لا يُشترط قولٌ قويٌّ؛ لأنَّ الرسول ﷺ أطلق: لا نكاحَ إلا بوليٍّ، ولا يُعرف أنه استفصل، فإذا كان ما هو بكافرٍ فالأمر واسعٌ إن شاء الله، ولو كانت فيه بعض المعاصي.

س: على هذا لو كان اشتُرِطَ يُصبح الأولياء الفسقة تسقط ولايتهم، وينكحها القاضي والسلطان؟

ج: على كل حالٍ، الولي إذا كان مسلمًا إن شاء الله يكفي، عنده من الغيرة ما يكفي.

س: إذن ما تُشترط؟

ج: الأقرب عدم شرطها في الولي إذا كان مسلمًا.

س: الطفلة إذن ما يجوز تزويجها على هذا؟

ج: إذا هو يتسع يُزوِّجها وليُّها، يختار لها الأصلح ولا بأس، أبوها يعني خاصةً، مثلما زوَّج الصديقُ عائشة وهي صغيرة على النبي ﷺ.

س: ...........؟

ج: لا، تم النكاح.

س: الخال بحضرة وجود الأخ القاصر؟

ج: لا، الخال ما هو بوليٍّ، إذا كان ما في وليّ فالحاكم هو الولي –السلطان- والخال ما هو بوليٍّ.

س: الثيب لو سكتت؟

ج: لا، ما يصح، لا بد من نطق الثيب، لا بد أن تقول: نعم لا بأس.

س: شرط؟

ج: لا بد.

 

995- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا رسولُ الله ﷺ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.

996- وَعَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ، فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.

997- وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ أَوْ أَهْلِهِ، فَهُوَ عَاهِرٌ.

 رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ.

 

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة فيما يتعلق بالنكاح:

فالحديث الأول يدل على أنه لا بدّ من مُشاورة البنت كما تقدَّم: لا تُنْكَح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن، وفي هذا أنه جاء: زوَّجها أبوها وهي كارهة، فخيَّرها النبيُّ ﷺ؛ دلَّ على أنه لا بدّ من إذنها، وأنه إذا زوَّجها وهي كارهة ورضيت فإنَّ الزواج صحيح، وإن أبت فإنه يفسخ، فالخيار لها؛ وبذلك يُعرف أنَّ الواجب على أبيها وعلى غيره ألا يُزوِّجوها إلا بالإذن، الأيم تُستأذن، ولا بدّ من الصَّراحة، تقول: نعم، أو: لا، والبكر تستحي، فيكفي سكوتها، قيل: يا رسول الله، إنها تستحي؟ قال: إذنها سكوتها.

وهذا كله إذا كانت أهلًا لذلك: بنت التسع فأكثر، أما مَن دونها فلا يُزوِّجها إلا أبوها، وليس لأوليائها أن يُزوِّجوها حتى تُكمل التسع فأكثر، ويستأذنونها، أما الأب فله ولاية كبرى، كما زوَّج الصديقُ عائشة وهي صغيرة، فالأب له شأنٌ آخر في الصَّغيرة خاصةً.

والحديث الثاني يدل على أنه إذا زوَّج المرأةَ وليَّان فهي للأول منهما، إذا كان كلاهما أهلًا لذلك، مثل: أخوين شقيقين، أو أخوين لأب، أو ابنين لها، إذا زوَّجاها فالعمدة على الأول؛ لأنها إن زوَّجها الثاني فقد صارت زوجةً للأول، فلا يُعتبر تزويج الثاني، باطل، مثل: أخوان شقيقان، أو أخوان لأب، فزوَّجها أحدُهما وهي راضية، ثم زوَّجها الثاني وما درى عن تزويج أخيه، فالزواج الثاني باطل، وإذا كان يعلم فهو عاصٍ، وعليه التوبة إلى الله؛ لأنَّ المزوَّجة ما تُزَوَّج، لكن لو قُدِّر أنه زوَّج هذا وذا ما درى، فالعمدة على الزواج الأول؛ لأنها صارت زوجةً بالنكاح الأول، وكلٌّ منهما أهلٌ لذلك، وهي راضية، فصحَّ النكاحُ، وبطل الثاني.

والحديث الثالث: حديث المملوك، ليس له أن يتزوج إلا بإذن مواليه -يعني: سيده- يعني: مملوك، فليس له أن يتزوج إلا بإذن سيده، فإذا تزوَّج وهو لم يأذن له فهو عاهرٌ زانٍ، فلا يجوز النكاح إلا بإذن السيد، وعلى السيد أن يُزَوِّجه؛ لأنَّ العفَّة مطلوبة للجميع، والعبد يحتاج إليها، فعلى سيده أن يُزَوِّجه، وليس للعبد أن يتزوج بغير إذنه؛ لأنه وما ملك ملكٌ لسيده، هو وماله ملكٌ لسيده.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: لكن إذا كان لا يعلم تحريم العبد يدرأ عنه الحدّ؟

ج: نعم؛ شبهة.

س: ويُلحق النَّسب به؟

ج: نعم، ويُلحق به النسب، نعم .....، لكن مَن زوَّج بنته وهي كارهة يلحق به النسب، ولا يُؤدَّب؛ لأنها شبهة، بعض أهل العلم يرى أنه يُجبر الأب.

س: بعض الفقهاء يذكرون في آخر حديث سهل بن سعدٍ رضي الله عنه زيادةً على .....، وهي قوله: وليست لأحدٍ بعدك يعني: تزويجه بالقرآن، هل هذه الزيادة صحيحة؟

ج: لا، ما هي بصحيحة، لا، الزيادة ما هي بصحيحة.

س: البكر التي عقد عليها ولم يدخل بها يبقى عليها حكمُ البكر في الاستئذان؟

ج: ظاهر الحديث أنه يبقى؛ لأنه يقول: الثيب، والثيب هي التي وُطِئَتْ: تزوَّجَتْ ووُطِئَتْ، أما إذا ما وُطِئَتْ فهي ما زالت بكرًا، لكن مقتضى العلَّة أنه لا بدّ من نُطقها؛ لأنها زال عنها في الغالب الحياء بعدما تزوَّجَتْ، لكن مُقتضى التَّعبير بالبكر يقتضي أنه يكفي سكوتها.

س: ..............؟

ج: ..... ما دام ما وُطِئَتْ يبقى معها الحياء، قد يبقى الحياء معها، والعمدة على قول النبي: بكر، هذه بكر، ما زالت بكرًا.

س: البِكْر التي زالت بكارتها لأي سببٍ؟

ج: ما دام بغير وطءٍ ما له عبرة.

س: يبقى لها حكم البكر؟

ج: نعم، نعم.

س: امرأة تُوفي عنها زوجُها وهي في الرياض، ليس عندها أحدٌ، وأخوها مقيمٌ في مكة، فهل يجوز لها السفر إليه والعمرة مع مَحْرَمٍ لها؟

ج: إذا كان عليها خطرٌ، ما تستطيع البقاء، ما عندها مَن يُؤنسها، ولا تستطيع لها، فالظاهر .....، أما إن كان عندها مَن يُؤنسها، ما في خطر، عندها خادمة، عندها أخت لها، عندها أم الزوج، عندها مَن يُؤنسها ويُزيل وحشتها؛ فليس لها حتى تنتهي العدَّة، أما إذا كانت لا، مُضطرة؛ لا بأس.

س: هل تجوز لها العُمرة إذا راحت مكة؟

ج: لا، لا تروح عمرةً، ما يحتاج عمرة.

س: ما يجيئ أخوها يأخذها ..؟

ج: يجيئ وإلا محرم لها عندها في الرياض، إن كان محرم في الرياض، لا بد من محرم، سواء أخوها، وإلا المحارم الذين في الرياض، الذين عندها في محلِّها، لا تُسافر إلا بمَحْرَمٍ.

س: الوصي في النِّكاح هل يُقدَّم على الأقرب؟

ج: ..... الوصي يكون شخصًا يقوم مقامه، وصيه يقوم مقامه.

س: قوله ﷺ: أيما امرأةٍ زوَّجها وليَّان فهي للأول منهما هل يُستفاد من هذا الحديث أنَّ المرأة تُزَوَّج بدون علمها؟

ج: لا، قد تكون أذنت لهما جميعًا، لا بد من إذنٍ، قد تكون قالت لكلِّ واحدٍ منهما: الذي تشوفه .....، تزوَّجها هذا قبل هذا، والذي زوَّجها ...

س: هذا الحديث من طريق الحسن عن سمرة؟

ج: فيه خلافٌ؛ لكن الأصل السَّماع.

س: على الإطلاق سماع الحسن؟

ج: الأصل السماع إلا بدليلٍ يدل على التَّدليس؛ لأنه سمع منه حديثَ العقيقة وغيره.

س: حديث ابن عباسٍ أُعِلَّ بالإرسال هل هذه ..؟

ج: ولو، العلَّة ما تضرّ.

س: ورد موصولًا؟

ج: إذا وصله الثِّقة يكفي.

س: ورد موصولًا؟

ج: هذا ظاهره، ظاهر السياق أنه وصله، يعني ..... ما تضرّ إذا وصله الثقة.

 

998- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

999- وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَلَا يَخْطُبُ.

وَزَادَ ابْنُ حِبَّانَ: وَلَا يُخْطَبُ عَلَيْهِ.

1000- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا قَالَ: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1001- وَلِمُسْلِمٍ: عَنْ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ.

1002- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذا حديث أبي هريرة : يقول رسولُ الله ﷺ: لا يجمع الرجلُ بين المرأة وعمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها، فهذا مما يُستثنى من قوله جلَّ وعلا: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ في سورة النساء [24]، جاءت السنةُ في تحريم الجمع بين المرأة وعمَّتها، كالتَّحريم الجامع بين الأختين، نصَّت الآية: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23]، وزادت السنة في النَّهي عن الجمع بين المرأة وعمَّتها، وهذا مُستثنى من قوله: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ.

فليس للرجل أن يجمع بين المرأة وعمَّتها في النكاح، ولا بين المرأة وخالتها، لا تُنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصُّغرى على الكبرى، كلاهما.

وفي "صحيح البخاري" عن جابرٍ مثل حديث أبي هريرة في النَّهي عن الجمع بين المرأة وعمَّتها، وبين المرأة وخالتها.

والحديث الثاني حديث عثمان : لا يَنْكِح المحرم، ولا يُنْكِح، هذا يدل على أنَّ المحرم لا يُزَوِّج أحدًا، ولا يتزوج هو، لا يَنْكِح: لا يتزوج هو، ولا يُنْكِح: لا يُزوِّح مُوليته: كأخته أو بنته، ولا يخطب أيضًا؛ لأنَّ الخطبة وسيلةٌ للنكاح، ولا يُخطب عليه -كما في رواية ابن حبان- يعني: لا تُخطب بنته ولا أخته وهو مُحْرِم؛ لأنَّ هذه الخطبة قد تجرُّ إلى نكاحٍ، وهو محرم، فالمحرم يمتنع من التَّزوج والتزويج، فلا يُزَوِّج نفسه هو، ولا يُزَوِّج موليته حال إحرامه.

أما حديث ميمونة: أن النبي ﷺ تزوَّجها وهو محرم، كما قال ابنُ عباسٍ، فقد ذكر غيرُ واحدٍ أنه وهم ابنُ عباسٍ في هذا، كما قال سعيدُ بن المسيب وجماعة، وإنما الصواب أنه تزوَّجها وهو حلال، كما قالت أم المؤمنين ميمونة نفسها، الزوجة قالت: "تزوَّجني الرسولُ ﷺ وهو حلال"، هي أعلم بنفسها من ابن عباسٍ.

وهكذا ثبت عن السفير بينهما -وهو أبو رافع- أنَّ النبي ﷺ تزوَّجها وهو حلالٌ، فلا يكون بينهما تعارضٌ: بين حديث لا ينكح المحرم وبين زواجه من ميمونة؛ لأنَّ الثابت أنه تزوَّجها وهو حلالٌ عليه الصلاة والسلام.

أما لو ثبت أنه تزوَّجها وهو محرمٌ فيكون هذا قبل النَّهي، أو يكون خاصًّا به عليه الصلاة والسلام، لكن الثابت أنه تزوَّجها حال كونها حلالًا، كما رواه أبو رافعٍ، وروته أم المؤمنين ميمونة نفسها، وهي أعلم بالواقعة من ابن عباسٍ ومن غيره.

والحديث الرابع حديث عقبة بن عامر: قال رسول الله ﷺ: إنَّ أحقَّ الشروط أن يُوفَّى به ما استحللتُم به الفروج، يعني: الشروط التي في النكاح، أحقّ الشروط أن يُوفَّى بها؛ لأنها يترتب عليها استحلال الفرج، فإذا تزوَّجها مثلًا على أنها تبقى عند أبيها، أو عند أمِّها، أو أنها في بيتٍ مُستقلٍّ، ما يجعلها عند أهله، عليه أن يُوفِّي بشرطه، ليس له أن يظلمها، فإذا قال: "لك شرطُكِ" فتزوَّجت، فقالت: نعم أنا أوافق لكن بشرطٍ: أني ما أكون عند أهلك، بشرط أنك تُخليني عند أهلي، فهي على شرطها: المسلمون على شروطِهم، يقول الرسولُ ﷺ: إنَّ أحقَّ الشروط أن يُوفَّى به ما استحللتُم به الفروج، أو شرطت ألا يتزوج عليها، فلها شرطها: إما أن يُوفِّي به، وإلا يُفارقها –يُطلِّقها- إلا إذا سمحت بعد ذلك، فإذا سمحت فالحقُّ لها، إذا سمحت تبقى عند أهله، أو إذا سمحت أن يتزوَّج عليها، أو تنتقل في بيتٍ، إذا سمحت في مخالفة الشرط فالحقُّ لها، لا بأس، وإلا فالواجب أن ينفذ ما شرط لها.

أو شرط لها أن يُعطيها عشرة آلاف، أو عشرين ألفًا، ليس له أن ينقصَها مما شرط لها: المسلمون على شروطهم، وأصحّ منه: إنَّ أحقَّ الشروط أن يُوفَّى به ما استحللتُم به الفروج، ما استحلَّ الرجلُ فرجَها إلا بهذا الشرط.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: وجه شرطية شروط النكاح على غيرها من الشروط؟

ج: استحلال الفرج، ضد الزنا.

س: بعض الزوجات بعد الزواج مثلًا إذا علمت أنَّ زوجها سوف يتزوج عليها قالت: إما أن تُطلقني، وإلا لا تتزوج عليَّ؟

ج: ما لها حاجة، ما دام ما هو شرط ما لها حاجة، له كذلك غيرها، إذا كانت ما شرطت لا .....

س: لكن هل لها أن تشترط أن لا يتزوَّج عليها؟

ج: لها؛ لأنه حقٌّ لها.

س: هناك ما يُسمَّى: رضية، هل هي مشروعة هذه الرضية؟

ج: المراد به الصلح، هذا من باب الصلح، إذا أرضاها بفلوسٍ من باب الصلح: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] مثلما قال الله.

س: ما درجة حديث المؤمنون على شروطهم؟

ج: لا بأس به، قد علَّقه البخاريُّ جازمًا به، ورواه جماعةٌ متصلًا.

س: الحكمة من نهي المُحْرِم عن التزويج؟

ج: الله أعلم، أنه وسيلة للوطء، وهو مُحرَّمٌ عليه الوطء حتى يحلَّ.

س: تزويج غيره؟

ج: الله أعلم، يحتاج إلى تأمُّلٍ، الله أعلم.

س: حتى لو اشتغل بالدنيا في الحجِّ؟

ج: الله أعلم.

س: اليتيمة تستأذن، أو تستأمر؟

ج: كله واحد، المعنى واحد، سكوتها إذنها، إذا كانت ما بعد تزوجت تُستأمر وتُستأذن، المعنى واحد.

س: قوله ﷺ: أحق الشروط دليل ألا تكونوا تتساهلون بالشروط؟

ج: أي نعم، الشرط أنك تُسلم له كذا وكذا من الأجرة، الشرط أنك مثلًا تُعطيه كذا وكذا من المزرعة وغيرها من شروط النكاح، النكاح شرطه أخطر؛ لأنه إذا خالف الشروط وقع في الزنا، والزنا من أقبح السيئات، مقرون بالشرك وقتل النفس.

س: ما درجة حديث طُوبى لعبدٍ وجد في صحيفته: كثرة الاستغفار؟

ج: الله أعلم، لا أعرف هذا.

س: رجلٌ طلَّق زوجته، وهي تُرضع، ومكث بينهما بعد الفراق سنة كاملة، هل هذا الطلاق صحيح، أم ليس بصحيحٍ؟

ج: لا يجوز أن يُطلِّقها حتى يجتنبها، يُطلِّقها قبل أن يمسَّها، فإذا طلَّقها بعد أن مسَّها فهذا منكر لا يجوز، كما ذكر ابنُ عمر عن النبي ﷺ، قال: ثم ليُمسكها حتى تطهر، ثم يُطلِّق قبل أن يمسَّ.

س: في مثل هذه الحالة: مكث الآن عامًا كاملًا، هل هذا الطلاق وقع أم ما وقع؟

ج: الجمهور يقع عندهم، والأصح أنه لا يقع، إذا كانت ما هي بحاملٍ ولا آيسة.

س: في مثل هذه الحالة يُرجعها في نفس العصمة الأولى؟

ج: نعم، هي باقية على النكاح، والطلاق غير واقعٍ على الصحيح، أما الجمهور فيرون أنه يقع الطلاق، ولو بطهرٍ جامع فيه، ولو في الحيض والنفاس.

س: وإذا تزوجت قبل أن يُرجعها؟

ج: مضى الزواج.

س: فقط يُعيدها إلى بيته، لا مهر، ولا شيء؟

ج: إذا كانت في طهرٍ جامعها ..... عند بعض أهل العلم.

س: يلزم شهود، وإلا ترجع بدون شهودٍ؟

ج: إذا تراضوا بينهم فلا يحتاج شهودًا، ما يحتاج رجعةً؛ لأنَّ الطلاق ما وقع.

س: أب حجَّ، وخطب لابنه وهو غير محرمٍ؟

ج: الأقرب والله أعلم أنه لا بأس؛ لأنَّ الزواج لغيره، ما هو له.

س: ولا بأس أن يكون مأذونًا؟

ج: ولا بأس أن يكون مأذونًا، وأيش المانع؟ ممنوع من الخِطبة هو بنفسه لنفسه، وزواجه لنفسه.

س: يدخل في المُحْرِم: الحاج والمُعتمر؟

ج: نعم، الجميع، الحاج والمعتمر.