الإخلاص لله لب دعوة الرسل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الكلمة المباركة التي ألقاها الأخ الكريم العلامة الدكتور صالح الفوزان في موضوع ندوة هذه الليلة النصح والإخلاص، وقد وفى المقام حقه، وبين لنا جميعًا ما ينبغي اعتماده في هذا الأمر الذي هو من أهم الأمور، فجزاه الله خيرًا وضاعف مثوبته، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا، وجعلنا جميعًا من الهداة المهتدين، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.

لا ريب أن الأمر كما قال فضيلته فإن النصح والإخلاص في الحقيقة أهم الأمور، فإن الله خلق الخلق ليعبدوه ولا عبادة إلا بإخلاص ونصح، فإن الشرك يبطل الأعمال، والغش يفسدها والخيانة، والله يقول جل وعلا: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، سمعتم ما تلا  عليكم من الآيات في هذا المقام فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14] في آيات كثيرات، فلا عبادة ولا دين ولا إسلام ولا إيمان إلا بالإخلاص لله، والإخلاص لله أن تقصد بأعمالك وجه لا سوى ذلك، بل تعبده وحده وتخصه بالعبادة بدعائك وخوفك ورجائك وصلاتك وصومك وذبحك ونذرك وغير ذلك، وهذا هو معنى التوحيد، التوحيد أن توحد ربك، يعني: تخصه بالعبادة وتفرده بالعبادة، هذا هو التوحيد، تخصه سبحانه بالعبادة وإفراده بها هذا هو العبادة، وهذا هو الإخلاص، سمي إخلاصًا لكونك جعلته لله محضًا ليس فيه شائبة كما سمعت، وهذا هو الذي بعث الله به الرسل جميعًا، فإنهم بعثوا عليهم الصلاة والسلام لإبلاغ الناس أن الله جل وعلا خلقهم ليعبدوه وحده، وأمرهم بذلك، وأنه لا يجوز لهم أبدًا أن يشركوا مع الله غيره في أي عبادة، بل يجب عليهم أن يخصوه بها، وأن يخلصوها له أينما كانوا.