عدالة الصحابة والكف عما شجر بينهم

ومن أهم أصول أهل السنة والجماعة محبة الصحابة ، والترضي عنهم، والكف عما شجر بينهم، فإن الرافضة يسبون الصحابة، يسبون أبا بكر وعمر، يسبون جمهور الصحابة، ويلعنونهم، وهذا من أعظم البلاء، والعياذ بالله، وهذا من جهلهم وضلالهم وانحرافهم عن الهدى، نسأل الله العافية، ويزعمون أنهم ظلموا عليًا، وأن الخلافة لعلي، وأن الصحابة ظلموه وتعدوا عليه، وأخذوا الخلافة منهم؛ فكفروهم بهذا، وفسقوا بعضهم بهذا، والرافضة ضالون مضلون، قد خالفوا الطريق، وخالفوا ما عليه أهل السنة والجماعة، وخالفوا النصوص.

والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كلهم عدول، ولم يتعدوا على علي، ولا على غيره، بل أقروا الحق في نصابه، وساروا على الطريق السوي الذي وجههم إليه نبيهم عليه الصلاة والسلام، وبايع المسلمون أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، هذه مراتبهم، هذه مراتب فضلهم وخلافتهم على هذا الترتيب، أولًا الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، في الفضل والخلافة، ثم بقية العشرة المشهود لهم بالجنة إلى آخرهم.

الحاصل أن أهل السنة والجماعة يقولون إن الصحابة رضي الله عنهم عدول، وهم خير هذه الأمة، وهم أفضلها بعد نبيها عليه الصلاة والسلام، ثم يليهم التابعون لهم بإحسان، قال النبي ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، فهم يخالفون ما عليه الرافضة وغير الرافضة من سوء الظن بالصحابة وسبهم والفرية عليهم وتكفير الكثير منهم إلى غير ذلك.

فأهل السنة والجماعة يترضون عن الصحابة، ويحبونهم جميعًا، ويعلمون أنهم خير القرون، وأنهم أهل عدالة، وأنهم حملة الإسلام، وحملة القرآن، وحملة الأحاديث، ويكفون عما شجر بينهم من القتال والفتن، ويقولون: إن هذه الفتنة التي جرت بينهم كل ذلك عن اجتهاد وعن طلب للحق، وهم في ذلك بين أجرين وأجر، المصيب له أجران منهم من غيرهم، والمجتهد الذي لم يصب له أجر واحد وخطأه مغفور، وهم مجتهدون قالوا بالحق، ووقع بينهم ما قد وقع عن اجتهاد وعن حسن قصد، فهم رضي الله عنهم وأرضاهم خير الأمة، وخير القرون، وإن جرى ما جرى، فيجب حمل ذلك على خير المحامل، وعلى أحسن المحامل، والترضي عنهم، ثم من الأعمال الصالحة والجهاد والخير الكثير والعلم والعمل فيكون سببًا  في تكفير سيئاته وحط خطاياهم.

ومن ذلك ما جرى بين علي ومعاوية من القتال بين أهل الشام وبين وأهل العراق، علي في العراق ومعاوية في الشام عن اجتهاد لأسباب مقتل عثمان دارت فتنة عن اجتهاد، فأهل السنة والجماعة يترضون عن الجميع عن معاوية ومن معه، وعن علي ومن معه، ويقولون: إن الواجب الكف عن مساويهم وعما جرى بينهم، والإيمان والاعتقاد بأنهم مجتهدون، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، الله يغفر للجميع ويرضى عن الجميع.