تفسير قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ﴾

السؤال:
من الآية رقم: 76 إلى الآية: 78 من سورة (التوبة)، إن أمكن تفسير مُركّز للآيات، وهل ينطبق ذلك على عبد قد عاهد الله على ترك معصية ما، وأغلظ في القول بأن يسخط الله ويغضب عليه إن هو عاد إليها؟

الجواب:
الآيات المشار إليها، وهي قوله تعالى في حق المنافقين: فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ۝ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ۝ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ۝  [التوبة:76-78]، هي دالة على أن من عاهد الله أن يفعل شيئًا ثم أخلف عهده، أنه بذلك قد تخلق بأخلاق المنافقين، وأنه على خطر عظيم من أن يعاقب بالنفاق في قلبه؛ جزاء له على إخلافه الوعد وكذبه.
وهو سبحانه بذلك يحذر عباده من أخلاق المنافقين، ويحثهم سبحانه على الصدق والوفاء بالعهود، ويوضح لهم سبحانه أنه يعلم سرهم ونجواهم، ولا يخفى عليه شيء من شئونهم.
وهذا لا يمنع التوبة؛ فمن تاب إلى الله سبحانه توبةً نصوحًا تاب الله عليه من جميع الذنوب -سواء كانت كفرًا أو نفاقًا أو دونهما- كما قال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، وقال : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين.
وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له[1]، وصح أيضًا عنه ﷺ أنه قال: الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها[2][3].
  1. أخرجه ابن ماجه برقم: 4240، كتاب (الزهد)، باب (ذكر التوبة). 
  2. أخرجه الإمام أحمد برقم: 17145، كتاب (مسند الشاميين)، بلفظ: "إن الإسلام يجبُّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجبُّ ما كان قبلها". 
  3. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (24/ 236).
فتاوى ذات صلة