هل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة؟

السؤال:
نرجو من سماحتكم التفضل بتوضيح أنواع الشرك، وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة؟

الجواب:
الشرك نوعان: شرك أكبر وشرك أصغر، فالشرك الأكبر: صرف العبادة لغير الله أو بعضها، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم أو للجن أو للملائكة، هذا يقال له شرك أكبر، كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم، ومن ذلك جحد الإنسان أمرًا معلوما من الدين بالضرورة وجوبًا أو تحريمًا، فمن جحده كان كافرًا ومشركًا شركًا أكبر، كمن قال: الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين، أو قال: الزكاة لا تجب على من عنده مال، أو قال: صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف، أو أحل ما حرمه الله كما هو معلوم من الدين بالضرورة، كأن يقول: الزنا حلال، أو شرب المسكر حلال، أو عقوق الوالدين حلال، أو السحر حلال، أو ما أشبه ذلك، فهذا يكون كافرًا ومشركًا شركًا أكبر.
القاعدة أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أوثان أو أموات أو غيرهم من الغائبين فإنه مشرك شركًا أكبر، وكذلك الحكم فيمن جحد ما أوجب الله، أو ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون، فهذا يكون كافرًا ومشركًا شركًا أكبر. وكل من أتى ناقضًا من نواقض الإسلام يكون مشركًا شركًا أكبر كما قلنا.
أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضًا: مثل الحلف بغير الله، والحلف بالنبي ﷺ وبالأمانة، وبرأس فلان، وما أشبه ذلك، فهذا شرك أصغر؛ لقوله ﷺ: من حلف بشيء دون الله فقد أشرك[1] وهكذا الرياء، يقرأ للرياء أو يتصدق للرياء، فهذا شرك أصغر؛ لقوله ﷺ: أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر فسئل عنه فقال: الرياء[2]، وهكذا لو قال: ما شاء الله وشاء فلان -بالواو- أو: لولا الله وفلان، أو: هذا من الله وفلان؛ لقوله ﷺ: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله وحده ثم شاء فلان[3]، ولما قال رجل: يا رسول الله ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله ندًا؟ ما شاء الله وحده[4].
وقد يكون الشرك الأصغر شركًا أكبر إذا اعتقد صاحبه أن من حلف بغير الله أو قال: ما شاء الله وشاء فلان، فإن له التصرف في الكون، أو أن له إرادة تخرج عن إرادة الله وعن مشيئته سبحانه، أو أن له قدرة يضر وينفع من دون الله، أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله وأن يستغاث به، فإنه يكون بذلك مشركًا شركًا أكبر بهذا الاعتقاد.
أما إذا كان مجرد حلف بغير الله من دون اعتقاد آخر، لكن ينطق لسانه بالحلف بغير الله؛ تعظيمًا لهذا الشخص، يرى أنه نبي أو صالح، أو لأنه أبوه أو أمه وتعظيمها لذلك، أو ما أشبه ذلك، فإنه يكون من الشرك الأصغر وليس من الشرك الأكبر[5].
 
  1. أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 4886.
  2. أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باب حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 23119.
  3. أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب: لا يقال: خبثت نفسي، برقم 4980، وأحمد في باقي مسند المكثرين، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 22754.
  4. أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، إلا أنه قال ''عدلا'' بدل ''ندا'' برقم 1842.
  5. من برنامج (نور على الدرب) الشريط الأول. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 28/369).
فتاوى ذات صلة