حكم القول بأن الدنيا خلقت من أجل الرسول عليه الصلاة والسلام

السؤال: هذه الرسالة وردتنا من الجمهورية العراقية محافظة صلاح الدين، يقول مرسلها جواد عبد الله يقول: لقد أصبح من المتعارف عليه وشائعاًَ على ألسنة الناس - يمكن الناس في العراق- وكأنما هو شيئاً بديهياً: أن الدنيا بما فيها خلقت لأجل رسول الله صلوات الله تعالى وسلامه عليه، ولولاه لم تكن ولم تخلق و لم توجد؟ نرجو من فضيلة الشيخ المجيب على أسئلة المستمعين الإجابة على سؤالي مع الأدلة الشافية إن كان كما قيل وجزيتم خيراً.

الجواب: هذا من كلام بعض العامة الذين لا يعرفون ولا يفهمون، قول بعض الناس: إن الدنيا خلقت من أجل محمد، ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس. هذا باطل ولا أصل له بل هو كلام فاسد، والله خلق الدنيا ليعرف ويعلم سبحانه وتعالى وليعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليعرف بأسمائه وصفاته وقدرته وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد ولا من أجل نوح ولا موسى ولا عيسى ولا غيرهم من الأنبياء.
بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له، خلق الله الدنيا وسائر الخلق ليعبد ويعرف ويعظم ويعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه هو القادر على كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فبين أنه خلقهم ليعبدوه لا من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، ومحمد من جملتهم خلق ليعبد ربه وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] وقال في سورة الطلاق: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12] وقال سبحانه: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا [ص:27] فالله جل وعلا خلق الخلق ليعبد، خلقها للحق وبالحق ليعبد ويطاع ويعظم وليعلم أنه على كل شيء قدير وأنه بكل شيء عليم سبحانه وتعالى.
فأيها السائل! هذه الأشياء التي سمعتها باطلة لا أساس لها، لم يخلق الله الخلق لا الجن ولا الإنس ولا السماء ولا الأرض ولا غير ذلك لم يخلق ذلك من أجل محمد عليه والصلاة والسلام ولا من أجل غيره من الرسل، وإنما خلق الخلق وخلق الدنيا ليعبد وحده لا شريك له، ليعرف بأسمائه وصفاته، هذا هو الحق، وهذا الذي قضت عليه الأدلة وإن كان محمد عليه الصلاة والسلام هو أشرف الناس وهو أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم ، لكن الله خلقه ليعبد ربه، وخلق الناس ليعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، ما خلقهم من أجل محمد وإن كان أفضل الناس.
فافهم هذا، وبلغه غيرك أيها السائل؛ لأن هذه مسألة مهمة، وقد وقع فيها من ينسب إلى العلم من الجهلة ومن الغلاة الذين ليس عندهم من العلم الحقيقي نصيب أو هذه أشبه بالعامة الذين ليس عندهم علم، أما أهل العلم والبصائر فهم يعلمون أن هذا باطل، وأن الله سبحانه خلق الخلق ليعبد وحده لا شريك له وليعرف بأسمائه وصفاته وأنه الحكيم العليم وأنه السميع المجيب وأنه العليم القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى. نعم.
فتاوى ذات صلة