هل يؤخذ في زكاة الحلي بالأحوط أم الأيسر؟

السؤال:

السائلة أم عثمان من اليمن تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! إذا تعارضت أقوال الأئمة في مسألة ما، كاختلاف الأئمة مثلًا في زكاة الحلي، فالبعض يوجب زكاة الحلي مطلقًا، الملبوس والمكنوز والمستعمل وغير ذلك، والبعض يوجب زكاة الحلي المكنوز فقط دون المستعمل، فبأيهما نأخذ يا سماحة الشيخ، بالأحوط أم بالأيسر، أو يكون لنا الخيار؛ لأن البعض يقول: يجب أن نأخذ بالأحوط اتقاء الشبهة، والبعض من الناس يقول: نأخذ بالأيسر؛ لأن الله يريد بنا اليسر، ولا يريد منا العسر. وجهونا في ضوء هذا السؤال الذي اختلف على كثير من الناس سماحة الشيخ عبدالعزيز . 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. 

فهذه المسألة وأشباهها من مسائل الخلاف بين العلماء، الواجب عرضها على الكتاب والسنة، والحكم فيها بالدليل؛ لقول الله -جل وعلا-: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[الشورى:10] ولقوله : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].

فالواجب على أهل العلم أن يردوا مسائل النزاع إلى الأدلة الشرعية، وإذا كان المكلف قد خفي عليه الأمر، ولم تتضح له الأدلة؛ فإنه يأخذ بالأحوط، والأبعد عن الشبهة؛ لقوله ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .. من اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه.

العامي وهو من تشتبه عليه الأدلة يأخذ بالأحوط، وهو ترك المشتبه، والاستبراء لدينه؛ لهذين الحديثين: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والحديث الثاني: من اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه.

وهذه المسألة -مسألة الحلي- الصواب فيها: أن فيها الزكاة؛ لأنه جاء فيها نص يدل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة، سواء كانت تستعمل، أم لا تستعمل، الحكم واحد؛ لأنه ﷺ قال لامرأة عليها بعض الحلي: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله، فأخبر أنها إذا لم تزك؛ فهي معرضة للنار.

وقالت أم سلمة وعليها أوضاح من ذهب: يا رسول الله! أكنز هذا؟ قال ﷺ: ما أديت زكاته فليس بكنز فدل على أن الحلي كنز إذا لم تؤد زكاته، وهذا إشارة إلى قوله -جل وعلا-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34].

الحديث يدل على أنها كنز لا بد أن تؤدى زكاته، فالحلي التي تبلغ النصاب من الذهب والفضة إذا لم تؤد زكاته؛ فهو كنز، هذا هو الأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة أن الحلي من الذهب والفضة، سواء كان أسورة، أو كانت قلائد، أو غير ذلك إذا بلغ النصاب إحدى عشر جنيهًا، ونص من الذهب؛ هذا فيه الزكاة، وهو عشرون مثقالًا، أو من الفضة بلغ مائة وأربعين مثقالًا، ستة وخمسين ريالًا فضة، يعني: فضة غير العملة الورقية، إذا بلغ قيمة ستة وخمسين من الفضة، هذا نصاب من الفضة.

والحاصل: أنه إذا بلغ الذهب والفضة نصابًا؛ وجب فيه الزكاة وإن كان حليًا تلبس، هذا هو الأرجح من قولي العلماء. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ. 

فتاوى ذات صلة