حكم الأخذ بأقوال الكهنة والمشعوذين

السؤال:
رسالة وصلت إلى البرنامج من صنعاء باعثها مستمع من هناك يقول: (ج.ع. ي) وزميل له هو (ن. د. ي. ط) يقولون في هذه الرسالة: إننا في زمن كثرت فيه الخرافات والشعوذة، وإن هناك رجلًا يدعي أنه يعلم المخفيات مثل السرقة وغير ذلك، والأمر أنه في حالة عجز المواطنين عن معرفة أي شيء حصل في البلاد فإن العمدة يرسل بعض الأشخاص إلى هذا الرجل ليعرفوا منه ما حدث، وقد يكذب أو يصدق ولكن المؤسف أنهم يحكمون على الناس بما قال هذا الدجال ولا يحق لأحد أن يتكلم أو يدافع عن نفسه بعد هذا، نرجو من سماحة الشيخ التوجيه؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
هذا غلط عظيم، لا يجوز الاعتماد على الكهنة والمشعوذين والعرافين، بل يجب أن يقضى عليهم، يجب على الدولة إذا كانت مسلمة تخاف الله يجب عليها أن تقضي عليهم وأن تلتمسهم وأن تؤدبهم وتعاقبهم حتى يتركوا هذا العمل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: أنه سئل عن الكهان؟ فقال: لا تأتوهم فقيل له: إنهم قد يصدقون في بعض الشيء؟ فقال: تلك الكلمة يسمعها الجني يسمعها من الملائكة عند استراقه السمع فيقرها في أذن وليه من الإنس، يعني يقرها في أذن الكاهن أو الساحر فيصدق أولئك الكهنة بتلك الكلمة التي سمعت من السماء في كذبهم الكثير، ويقولون: قد قال كذا وكذا وصدق، فيصدقونه بما يكذب فيه من مئات الكذبات التي لا أساس لها. 
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة كما في مسلم في الصحيح، ........ رحمه الله، وقال عليه الصلاة والسلام: ليس منا من سحر أو سحر له أو تكهن أو تكهن له أو تطير أو تطير له. 
فهؤلاء لا يصدقون ولا يعتمد عليهم، وإذا صمموا وأقروا بأنهم يعلمون الغيب أو يدعون علم الغيب صاروا كفارًا بذلك، فمن ادعى أنه يعلم المغيبات يكون كافرًا كما قال الله : قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[النمل:65]، فمن زعم أنه يعلم الغيب فهو مكذب لله ومشارك لله فيما اختص به ، وهذا كفر أكبر وضلال بعيد، علم الغيب لا يعلمه إلا الله، حتى الأنبياء لا يعلمونه، حتى محمد عليه الصلاة والسلام -وهو أفضل الخلق- لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله إياه، كما قال : قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[الأعراف:188]، وقال جل وعلا: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ[الأنعام:50] الآية.
فمن زعم أنه يعلم الغيب من الكهنة ونحوهم وهو كافر ضال ومن صدقه بذلك فهو مثله يكون كافرًا مثله، نسأل الله العافية.
المقصود أن هؤلاء المشعوذين من الكهنة يجب أن يحاربوا وأن يقضى عليهم من جهة الدولة وأن يؤدبوا ويعاقبوا حتى يتركوا هذا الأمر، فإن أصروا على هذا الباطل وجب قتلهم؛ لأنهم من المفسدين في الأرض. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، الواقع تكثر شكاية كثير من الناس من أمثال هؤلاء يا سماحة الشيخ، لعل لسماحتكم توجيه فيما يخص التعامل معهم ومقاطعتهم إذا لزم الأمر؟
الشيخ: نعم، مثلما تقدم يجب أن يقاطعوا ويجب على من عرفهم أن يعرف عنهم ولاة الأمور من الهيئة والمحكمة والإمارة ولاسيما في هذه المملكة التي هي بحمد الله تحكم بالشرع.
فالواجب على من عرف أحدًا من هؤلاء الكهنة والمنجمين والرمالين والمشعوذين أن يرفع أمره إلى الإمارة في بلده أو المحكمة أو الهيئة أو إلى الجميع حتى تبرأ ذمته وحتى يحصل التعاون، ولا يجوز التستر عليه ولا إخفاء أمره، بل يجب إعلان أمره وفضيحته حتى لا يضر الناس.
وهكذا في اليمن، في اليمن يجب على من عرف ذلك أن يرفعه إلى ولاة الأمر حتى يمنعوه من التعدي على الناس والكذب عليهم، بل يجب على ولاة الأمور في اليمن وفي غيرها أن يقضوا على هؤلاء المشعوذين والرمالين والكهنة وأن يمنعوهم من تعاطي هذه الأعمال القبيحة المنكرة التي فيها.. تضل الناس وخداعهم وأخذ أموالهم بالباطل والكذب عليهم.
المقصود: أن هذا واجب على المسلمين أن يتعاونوا فيه، في الدول الإسلامية وفي غير الدول الإسلامية مع المسلمين في الأقليات الإسلامية إذا وجد بينهم من يفعل هذا يتعاونون في نصيحته وفي بيان باطله حتى يرجع إلى الحق والصواب، أما في الدول الإسلامية فالواجب عليهم القضاء عليه، كما يجب على الدول الإسلامية القضاء على كل ما حرم الله من المنكرات الظاهرة وأعظمها الشرك بالله من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم كل ذلك يجب القضاء عليه؛ لأنه منكر عظيم وشرك وخيم، وهكذا إظهار البدع المنكرة المخالفة لشرع الله يجب القضاء عليها، وهكذا وجود الكهنة والمنجمين والمشعوذين يجب القضاء عليهم وإعلان أن الدولة ضدهم حتى يفضحهم الناس وحتى يرفعوا بأمرهم إلى ولاة الأمور للقضاء عليهم وحماية المجتمع الإسلامي من شرهم ومكائدهم. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم.
فتاوى ذات صلة