حكم الوصية، وهل تجوز للوارث؟

السؤال:

على بركة الله، نبدأ هذا اللقاء بسؤال لأحد الإخوة، لم يذكر الاسم في هذه الرسالة، ويسأل سماحة الشيخ عن حكم الوصية هل هي واجبة؟ بمعنى: أي أنه لا بد لكل إنسان أن يوصي، حتى ولو كان لم يكن يملك شيئًا من المال؟ وهل يجوز للإنسان أن يوصي بالثلث لابنه الأكبر؟

جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فالوصية سنة إذا كان له شيء يوصي فيه بالثلث فأقل، إذا كان عنده مال فلا بأس أن يوصي بالثلث فأقل، أما إذا كان ماله قليل، فالأحسن عدم الوصية يتركه للورثة، أما إذا كان ماله فيه خير، وفيه بركة، فلا مانع أن يوصي بالثلث، يستحب أن يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس في وجوه الخير، كأن يقول في الصدقة على الفقراء، في تعمير المساجد، في صلة الرحم، في ضحية لي ولأهل بيتي، أو لي ولوالدي، أو ما أشبه ذلك من وجوه البر، أو في سبيل الله، يعني: في الجهاد في سبيل الله، لكن إذا عين الجهة تكون أحسن للفقراء والمساكين، كتعمير المساجد حتى يكون الوكيل على بينة، ويكون له وكيل، يجعل هذه الوصية لها وكيل من أقاربه من أولاده من غيرهم.

وهكذا لو كان عليه دين ما عليه بينات يجب أن يوصي به، إن لفلان كذا، ولفلان كذا، حتى لا تضيع حقوق الناس، أما إن كان عندهم وثائق، فالحمد لله، لكن إذا أوصى به احتياطًا خشية أن تضيع وثائقهم، أو نحو ذلك، إذا أوصى به احتياطًا لفلان عندي كذا، ولفلان عندي كذا احتياطًا، فهذا طيب، وهذا حسن.

كذلك إذا أحب أن يخص أحدًا بعطية من غير الورثة، كأن يقول: لخالتي كذا، ولفلانة كذا، أو فلان كذا، الثلث فأقل يعطيهم فلا بأس، أما الورثة لا يوصي لهم بشيء، لا أبنائه ولا غيرهم، ليس للورثة وصية، النبي ﷺ يقول: لا وصية لوارث أما غير الورثة فلا بأس، كأن يوصي لعمته لخالته لشخص آخر لا يرث من أقاربه بالثلث بدراهم معينة أقل من الثلث ببيت بأقل من الثلث، بسيارة أقل من الثلث، وما أشبه ذلك لا بأس؛ لقوله ﷺ: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده هكذا رواه ابن عمر عن النبي ﷺ، متفق على صحته.

فقول الرسول ﷺ: ما حق امرئ له شيء يريد أن يوصي فيه يدل على أن الوصية لمن له شيء يريد أن يوصي فيه، أما إنسان ما عنده شيء ما تشغله الوصية، أو عنده شيء لكن ما يريد أن يوصي، ما تلزمه الوصية، ولكن إذا أراد أن يوصي يوصي، يشهد على الوصية، ويكتب كتابة موثوقة حتى تعتمد، سواء الوصية بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل في وجوه البر في حج في عمرة في ضحية، أو وصية لإنسان يعطيه من أقاربه غير الورثة كأقارب من غير وارث خال، عم، أخ ما يرث لا بأس. 

أما الوارث لا يوصى له؛ لأن الرسول يقول ﷺ: لا وصية لوارث يكفي حقه الذي قسم الله له، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.

فتاوى ذات صلة