هل يجوز أن يصلي المسلم وهو لابس نعليه؟

السؤال:

له سؤال آخر يقول فيه: يقول الله تعالى مخاطبًا نبيه موسى : إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى[طه:12] هل الأمر بخلع النعلين هنا تعظيمًا لله، أم تعظيمًا للوادي المقدس؟ وإذا كان تعظيمًا لله فكيف يجوز أن يقف المسلم في الصلاة بين يدي ربه وهو لابس نعليه؟

الجواب:

هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه، ظاهره أن الوادي المقدس لا يطؤه بنعليه، فيحتمل أنها نعلان فيهما شيء من القذر، أو لأسباب أخرى، وقد أمر الله نبيه ﷺ أن يخلع نعليه في الصلاة -محمد- جاءه جبرائيل وقد صف في الصلاة وكبر، فأمره أن يخلع نعليه فخلعهما، فلما سلم قال للصحابة: إن جبرائيل أخبرني أن بهما قذرًا فخلعتهما، فإذا أتى الصلاة فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما قذرًا فليمسحه، ثم ليصلي فيهما وكان يصلي في نعليه -عليه الصلاة والسلام-.

فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا، قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا[المائدة:48] أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين، كما صلى فيهما النبي ﷺ بل ذلك سنة؛ لقوله ﷺ: خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم.

فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك، وأن نتبع محمدًا ﷺ في ذلك، فكان يصلي في نعليه، فلهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين، فعلى المؤمن عند إتيانه المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه، وينظفهما إن كان فيهما شيء حتى لا يدخل بهما، وبهما قذر، كما فعل النبي ﷺ حين أخبره جبرائيل خلعهما، وإذا كانا نظيفين ليس بهما شيء فلا حرج أن يصلى فيهما في المسجد إذا كان حصباء أو تراب، أما إذا كان بفرش فلا بأس، لكن إذا خلعهما احتياطًا خلع النعلين مثلًا احتياطًا؛ لئلا يكون فيهما تراب كثير يوسخ المسجد، أو يكدر المصلين، فهذا حسن، وليس بلازم. 

وأما الخفان فلا، إذا كان قد مسح عليهما لا يخلعهما يصلي فيهما؛ لأنهما إذا خلعهما بطل الوضوء، فإذا كان عليه خفان قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما، بل يصلي فيهما، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما، ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى حتى لا يدخل فيهما إلا وهما نظيفان.

أما النعل فأمرها أسهل في الإمكان خلعها؛ لأن النعل لا يمسح عليها، فإذا كان جاء على الطهارة، وعليه نعلان إن شاء خلعهما في المساجد المفروشة، وإن شاء تركهما، وإذا خلعهما من أجل مراعاة الناس؛ لئلا يستنكروا منه، أو لئلا يتكلموا عليه، أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش، فمن باب التحري للخير، ومن باب البعد عن التشويش فهذا حسن، وإلا فالأصل مع من قال بالصلاة فيهما، ولو كان المسجد مفروشًا إذا كانت نظيفة، إذا كانت النعلان نظيفتين فلا بأس بذلك؛ لفعل النبي ﷺ؛ ولقوله -عليه الصلاة والسلام-، ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة إذا راعى الناس وخلعهما خوف أن يكون هناك تراب أو أوساخ ما فطن لها، أو أن الناس يعني: يستنكرون منه ذلك، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلًا منهم، فاتقى القالة، وحسم المادة، وجعلهما في مكان آخر، فهذا لا بأس به -إن شاء الله-، مراعاة لأمور الناس اليوم، واتقاء لما قد يقع من بعضهم من الجهل، والكلام الذي لا يناسب، والله أعلم، نعم.

فتاوى ذات صلة