حكم الزكاة مع وجود الدين

السؤال:

وفقكم الله، قلتم: إن الذي عليه دين مثلاً 500 ريال وعنده 500 في ملكه؛ فإنه يزكي الذي عنده، وقضاء الدين على الله، فما هو الدليل، مع العلم أن بعض العلماء يقول بخلاف ذلك؟

الجواب:

نعم، إذا كان على الإنسان دين، وعنده أموال زكاة؛ فإنه يزكي ما عنده، والدين لا يمنع الزكاة، هذه مسألة خلاف بين العلماء أيضًا، من أهل العلم من قال: إن الدين يمنع الزكاة مطلقًا، ومنهم من قال: يمنعه في الباطنة، لا في الأموال الظاهرة، ومنهم من قال: لا يمنعه مطلقًا، فالأقوال ثلاثة: أنه يمنع الزكاة مطلقًا بمقداره، أو لا يمنعها مطلقًا، أو يمنعها، يمنع الزكاة في الديون الباطنة من النقود، وأشباهه، لا في الأموال الظاهرة، كالثمار، والإبل، والبقر، والغنم.

والأرجح من الأقوال الثلاثة: أنه لا يمنعها مطلقًا، لا يمنع الزكاة مطلقًا، والدليل أن النبي ﷺ لم يقل لعماله: إذا أتيتم الناس، وعندهم أموال زكوية، اسألوهم هل عليهم ديون؟! فإذا كان عليهم ديون؛ فاطرحوا عليهم .. ما سألهم، ما قال لهم، ولو كان هذا حقًا، ولو كان هذا لازمًا لبينه النبي ﷺ فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه الله مبلغًا للأمة، ومعلمًا لها دينها، ما في نبي آخر يعلمنا، هو خاتم النبيين، عليه الصلاة والسلام. 

فلو كان الدين يمنع الزكاة؛ لقال لعماله الذين يذهبون ليأخذون أموال الزكاة من الإبل، أو من الغنم، أو من الأخرى، لقال لهم: أيها العمال! إذا أتيتم لأخذ زكاة؛ فاذكروا لهم، هل عليهم ديون، فإذا كان عليهم ديون، فأسقطوا مقابلها من الزكاة، لو كان هذا قاله؛ لانتهى الناس إليه، ولما سكت، ولم يقل ذلك؛ علم أن الدين لا يمنع الزكاة، فإذا كان عند إنسان مليون ريال في دكانه، أو في بيته، أو صندوقه، وعنده لبعض الناس خمسمائة ألف ريال، نصف مليون في حاجات اشتراها، وصارت دينًا عليه في عمارة بيت، أو لكذا، أو لكذا، فمقتضى أن الدين (لا) يمنع الزكاة أنه لا يزكي إلا النصف مليون التي عنده؛ لأن هذا النصف الثاني يقابله الدين؛ فلا يزكي إلا النصف الثاني. 

وعلى القول الصحيح: أن الدين لا يمنع الزكاة، عليه، عليه أن يزكي من المال كله الذي عنده، وأما الدين الذي عليه، فالله يقضي عنه إذا كان صادقًا بالوفاء؛ فليبادر بالوفاء قبل أن يتم الحول، فإذا أوفى ما عليه قبل تمام الحول، ما بقي عليه عنده إلا نصف مليون؛ فيزكي نصف مليون، أما يقول: لا الدين يبقى، ولا أزكي الموجود من أجل الدين لا، الصواب: أنه يزكي الموجود، وعليه .. في أداء الدين الذي عليه، وليتق الله في ذلك، ولا يماطل الناس، ولا يضرهم، ولا يشق عليهم في ديونهم. 

فتاوى ذات صلة