حكم صلاة المسبل إزاره

السؤال:

يسأل ويقول: ما حكم صلاة المسبل إزاره؟ مع الدليل؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

الإسبال محرم، لا يجوز الإسبال، وهو كون الملابس تنزل عن الكعب، سواء كان اللباس سراويل، أو إزارًا، أو قميصًا، أو بشتًا، وهو العباءة، أو غير ذلك، هذا في حق الرجل، لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار أخرجه البخاري في صحيحه، ولقول النبي ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب خرجه مسلم في الصحيح، وإذا كان مع الكبر؛ صار الإثم أكبر لقوله ﷺ: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

فمع الكبر يكون الإثم أكبر، ومن دون كبر، بل تساهل يكون آثمًا، ولا يجوز على الصحيح، ولكن لا يكون مثل من جره خيلاء، يكون إثمه أقل، والغالب أنه يجره خيلاء حتى ولو ما نوى الخيلاء، فالغالب أنه يجره لذلك، إذا تساهل به جره ذلك إلى التكبر والتعاظم، ثم هو أيضًا إسراف في الملابس، وتعريض لها للنجاسات، والأوساخ، كذلك لا يجوز مطلقًا.

أما المرأة فلا حرج أن ترخي ثوبها شبرًا، أو ذراعًا؛ لأنها بهذا تستر قدميها.

والصلاة صحيحة مع الإثم، هو آثم، لكن الصلاة صحيحة؛ لأن الرسول ﷺ ما أمر المسبل أن يعيد، بل الصلاة صحيحة، وهكذا كلما يتعلق بالمعاصي التي يفعلها الإنسان في ثوب، أو غيره، أن يكون هناك ثوبًا من حرام، أو مغصوبًا، أو فيه إسبال؛ فالصلاة صحيحة، لكن مع الإثم، أو الصلاة في أرض مغصوبة، هذا الصواب من أقوال العلماء، بعض أهل العلم يرى أن الصلاة غير صحيحة.

المقدم: في الأرض المغصوبة خاصة، أو في كل هذا؟

الشيخ: في الكل: الثوب المغصوب، والمسبل، ولكن الصواب أنه لا تعاد الصلاة، الصلاة صحيحة، الصواب أنها صحيحة؛ لأن هذا النهي ليس خاصًا بالصلاة، بل هو عام ليس له أن يسبل لا في الصلاة، ولا في خارجها، وليس له أن يغصب لا في الصلاة، ولا في غيرها، وليس له أن يدخل الأرض المغصوبة، ولا يصلي فيها، ولا يجلس فيها، فالنهي عام، ما هو بخاص بالصلاة، والصلاة تبطل بالشيء الذي يخصها، مثل الثوب النجس يبطل الصلاة؛ لأنه خاص بالصلاة، مثل كشف العورة، وما أشبه ذلك، الشيء الخاص بالصلاة يبطلها إذا كشف عورته تعمدًا، أو صلى في ثوب نجس؛ لأن هذا يخص الصلاة يبطلها، مثل تكلم فيها، مثل انحرف عن القبلة، وما أشبهه. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ، هذا الحديث الذي تفضلتم بذكره يتضمن ما يتضمن من الوعيد الشديد، وهذا الوعيد قد لا يذكر في معاصٍ أكبر مما ذكر هنا، ما هو توجيه سماحتكم للمستمعين الكرام تجاه هذا الوعيد الشديد في هذا الحديث، وما ماثله في الأحاديث، أو الآيات؟ جزاكم الله خيرًا.

الشيخ: لا شك أن هذا الوعيد يوجب النفرة من هذه المسائل، والحذر منها، ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم- أن الدوافع قوية، الدوافع للإسبال، والمن في العطية، والأيمان الكاذبة لأجل ... السلع، الدوافع قوية، فكان من حكمة الله أن جعل الوعيد الشديد حتى يردع عن هذه المعاصي، ويكون ذلك أقوى في الردع؛ لأن كثيرًا من الناس قد يحمله حب المال على الأيمان الكاذبة، وتنفيق السلعة بأيمان كاذبة، فمن رحمة الله أن جعل زجره الشديد عن ذلك؛ حتى لا يضر العالم بأيمانه الكاذبة.

وكذلك الإنسان قد يكون عنده تساهل في المن بالعطية، يعطي ويمن على الناس، وهذا من قلة المروءة، ومن صغار النفس، فمن رحمة الله أن جعل الوعيد؛ حتى يحذر المؤمن من هذا الخلق الذميم، وهو كونه يمنُّ على من أعطى: فعلت بك، وأعطيتك، وأحسنت إليك، يمنُّ عليه، وكذلك الدوافع للإسبال كثيرة: للتكبر، والتساهل، ولهذا جاء الوعيد الشديد للتحذير من هذا الخلق الذميم، وهو الإسبال. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا إذًا هذا الوعيد على ظاهره أو له وجهة أخرى؟

الشيخ: على ظاهره، لكن لا يلزم من ذلك الكفر، بل الوعيد، قد يعفو الله، ولا ينفذ الوعيد، نعم، مثلما توعد كثيرًا من العصاة: توعد القاتل بالنار، توعد الزاني، توعد السارق، ولكن قد يعفو سبحانه، نعم، وهذا ما لم يتب، ومن تاب تاب الله عليه.

المقدم: الحمد لله، جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة