حكم تأجير قارئٍ يقرأ القرآن عن الأموات

السؤال:

يقول: يقوم بعض الناس في مناطقنا، وخاصةً في شهر رمضان المبارك بتأجير قارئٍ يقرأ القرآن عن الأموات، مقابل عشرة ريالات عمانية للختمة الواحدة، هل تجوز المتاجرة بكلام الله ؟ وهل هذا المبلغ حلال؟ وما نصيحتكم لمن يقومون بذلك إن كان هذا الأمر مخالفًا للدين الحنيف؟ نرجو توضيح ذلك، فنحن قد وقعنا في الشبهات؟ ثم هل ذلك ينفع الميت؟ حيث أن البعض يستند إلى الحادثة التي صادفها الرسول ﷺ عندما مر بقبرين وهما يعذبان.

ثالثًا: هل قراءة القرآن على الأموات من قبل ذويهم تنفعهم؟ حيث أن ذلك شائعٌ عندنا، خاصةً بعد ثلاثة أيامٍ من دفن الميت، إضافةً إلى ذبح الذبائح بعد موته، يتحول ذلك البيت إلى مناسبة عرس، تنعدم فيه الخشية، والعبرة، أنقذونا من البدع أثابكم الله، فإن مجتمعنا تنص عليه الآية: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23]؟

الجواب:

سبق الكلام في القراءة للميت، وأنه لا دليل على القراءة للأموات، وأما كونه يستأجر إنسان يتلو آيات، يستأجر حتى يتلو للميت، هذا لا أصل له، ولا يجوز، ولا تحل هذه الأجرة، قد حكى العلماء، حكى بعض أهل العلم الإجماع على تحريم ذلك، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذكر الإجماع على أنه لا تجوز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن، وأنه محرم بلا نزاع، كونه يقرأ ثمن، أو ثمنين، أو جزء، أو أكثر، أو أقل بمال، يقرأ للأموات، أو لأي سبب، لا يجوز هذا، وإنما تؤخذ الأجرة في التعليم، إن كان يعلم الأولاد، يعلم الناس، يعطى أجرة على التعليم، أما كونه يقرأ آيات، ويأخذ أجرة على هذه الآيات ليسمعها الناس منه، أو أنه يثوبها للميت، هذا لا أصل له، بل حكى مثلما تقدم شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع، وأنه لا نزاع في تحريم ذلك، أخذ الأجرة على مجرد التلاوة.

أما كونه المعلم يعطى حتى يعلم الأولاد، حتى يعلم الناس القرآن؛ لا بأس بهذا، لقوله ﷺ: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا؛ كتاب الله، يعني: التعليم، والتوجيه، تعليم القرآن للناس؛ لا بأس أن يؤخذ عليه أجرة.

أما كون أهل الميت يقيمون ذبائح، ولائم بعد الموت، يوم الموت، أو يوم ثالث، أو يوم عاشر، أو على رأس الشهر، أو رأس الأربعين، أو رأس السنة، هذا بدعة، لا يجوز هذا، ولكن يتصدقوا عن الميت، طعام يوزعوه على الفقراء، نيئًا أو مطبوخًا، يوزع على الفقراء لا بأس، أم كونهم يصنعون طعام للناس، من شان المأكل، من شان الميت، أو يدعون الناس إليه ليقيمون ولائم، هذا بدعة.

أما إذا أحبوا أن يتصدقوا بدراهم، أو بغيرها، في أي وقت، على الفقراء على الميت، هذا ينفع الميت، الصدقة تنفع الميت، هذا خيرٌ عظيم.

فرقٌ بين الصدقة على الفقراء، والمساكين، وفرقٌ بين إقامة المآتم، وجمع الناس يأكلون في بيت الميت، ويذبحون لهم الذبائح، هذا لا أصل له، والسنة أن يدفع لهم طعام -أهل الميت، جيرانهم.. أقاربهم، يصنعون لهم طعام، لما ثبت في الحديث أنه ﷺ لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب، يوم مؤتة، حين قتل هناك، لما جاء خبره إلى المدينة، أمر النبي ﷺ أهله أن يصنعوا طعامًا لأهل جعفر، وقال: إنه أتاهم ما يشغلهم فإذا صنع الجيران، أو الأقارب، طعامًا لأهل الميت؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، هذا مستحب.

أما كونه هم أهل الميت يصنعون للناس، يدعون الناس، هذا غير مشروع، وإذا جاءهم الطعام من جيرانهم، دعوا عليهم أن يأكلوا؛ لا بأس، جاءهم طعام كثير يزيد على حاجتهم، دعوا جيرانهم، دعوا من يأكل معهم؛ هذا لا بأس به. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة