حكم قضاء المرأة صلاة ما فاتها جهلًا بأحكام الحيض

السؤال:

أخت لنا من الرياض بعثت برسالة تقول: ابنتكم: (م. م. ش) أختنا تقول: لي سؤال يتلخص في: أنني أريد قضاء بعض الصلوات التي فاتتني، وأريد أن أعرف كيفية الإعادة، حيث أني فيما مضى لا أستطيع تقدير وقت عادتي الشهرية، وتمر علي بعض الأيام، ولا أعرف الطهر منها، فتفوتني الصلاة، وكنت أقضيها، ولكن كيفية القضاء كانت خاطئة فيما علمت بعد ذلك. 

الرجاء من سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز أن يوضح لي وللأخوات المسلمات كيفية القضاء، وحبذا لو بعث برسالة خاصة إلى النساء في هذا الموضوع. 

جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الواجب على المرأة أن تعتني بحيضها وطهرها، فإذا مضت العادة التي تعرفها خمسًا أو ستًا، أو أكثر أو أقل، اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، حتى تجيء العادة، حتى تجيء الدورة، وإذا كانت الدورة تزيد وتنقص فلا بأس، عادة النساء قد تتغير، تزيد تنقص، قد تكون في بعض الشهور خمسة أيام، وفي بعض الشهور ستة أيام، سبعة أيام، فلا حرج، متى رأت الدم لا تصلي، ولا تصوم، ولا تحل لزوجها، ومتى رأت الطهارة -القصة البيضاء- أو تلطفت بقطن ونحوه، ورأته نظيفًا اغتسلت وصلت وصامت، والحمد لله.

أما إن استمر معها الدم هذه تكون مستحاضة إذا استمر معها الدم أكثر من خمسة عشر يومًا، استمر معها فإنها تكون مستحاضة تصلي وتصوم في كل وقت وتقف عن الصلاة في وقت العادة، فإذا جاءت الدورة وقفت لم تصل ولم تصم بعدد أيام الدورة خمسًا أو ستًا أو سبعًا، أو نحو ذلك.

فإذا ذهبت الدورة اغتسلت وصلت وصامت وصارت هذه الدماء التي معها تعتبر استحاضة دم فساد، تصلي معها وتصوم معها وتحل لزوجها؛ لأنها دماء غير مانعة من الصلاة، بل هي تسمى استحاضة، فهي تتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ بقطن أو غيره مما يخفف عنها الدم وتصلي كل وقت في وقته.

وإن جمعت بين وقتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا بأس، كما علم النبي ﷺ حمنة بنت جحش لما كثر عليها الدم، وإذا اغتسلت للظهر والعصر غسلًا واحدًا والمغرب والعشاء غسلًا واحدًا كان أفضل وللفجر غسلًا واحدًا كذلك مع الوضوء تتوضأ لكل صلاة، ولكن الغسل هو أفضل وليس بواجب في حال الاستحاضة -يعني: في الأيام التي بين الدورتين- والدم يمشي فيها، فهذه يقال لها: أيام استحاضة، فإن صلت فيها كل وقت في وقته فلا بأس الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، تتوضأ إذا دخل الوقت تستنجي وتتوضأ أو تستجمر بالمناديل، ونحوها، حتى تزيل الأذى من فرجها، ثم تتوضأ وضوء الصلاة وتصلي كل صلاة في وقتها فهذا جائز، وإن جمعت بين الصلاتين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فهذا أفضل، كما علم النبي ﷺ حمنة بنت جحش، وإذا اغتسلت مع ذلك فهو أفضل للظهر والعصر غسل، وللمغرب والعشاء غسل وللفجر غسل على سبيل الاستحباب، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

ترجو من سماحة الشيخ توجيهها في موضوع إعادة الصلاة أي القضاء؟

الشيخ: إذا كانت تعلم شيئًا تقضيه، أما إذا كانت لا تعلم فالوساوس ينبغي اطراحها، إذا كانت تعلم أنها قصرت في شيء من الصلوات التي وجبت عليها في حال الطهر، وأنها التبس عليها الأمر إن كانت تعلم شيئًا تقضيه، أما إن كانت لا تعلم شيئًا، وإنما هي وساوس وظنون فلا تلتفت إليها، وتتعوذ بالله من الشيطان، ولا تلتفت إليها.

أما الشيء الذي يترك عمدًا وتساهلًا وقلة مبالاة، فهذا ليس له دواء إلا التوبة، التوبة إلى الله والندم على ما فعلت، ويكفي هذا ولا قضاء في ذلك، فإن المسلم إذا ترك الصلاة عمدًا ليس لها كفارة إلا التوبة؛ لأن تركها كفر، نعوذ بالله من ذلك، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.

إذا تركها عمدًا عدوانًا متعمدًا ليس عن نسيان ولا عن جهل في بعض الأحكام، وإنما تعمد تركها، فهذا قد أتى كفرًا عظيمًا، نعوذ بالله، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يقضي شيئًا. 

أما الذي يترك ذلك لمرض أو اشتباه ثم انتبه وعرف أن الواجب عليه أن يصلي، ولم يتعمد تركها تساهلًا، ولكن بعض الناس قد يظن أنه إذا أخرها حتى يزول عنه المرض يكون أصلح، فهذا غلط منه يصلي على حسب حاله ولو أنه مريض، يصلي قاعدًا إن عجز عن القيام، يصلي على جنبه إن عجز عن القعود، يصلي مستلقيًا إن عجز عن الصلاة على الجنب، ولا يؤخرها، ولا يتركها، بل يجب أن يصليها في الوقت على أي حال كان قائمًا أو قاعدًا، أو على جنب أو مستلقيا حسب طاقته: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وهكذا أمر النبي ﷺ المريض، قال لـعمران بن حصين وهو مريض: صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيًا هكذا علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو الواجب على المرضى أينما كان، ولا يؤخرون الصلاة، ليس لأحد تأخيرها عن وقتها، بل إما أن يصليها في وقتها، وإما أن يجمعها مع قرينتها كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء لمرض أصابه، وعلة أصابته، وكالمستحاضة أيضًا، وكالمسافر، نعم.

المقدم: بارك الله فيكم، إذًا كيفية القضاء سماحة الشيخ؟

الشيخ: كيفية القضاء مثلما سمعت، عليها أن تقضي ما تركته نسيانًا، أو تركته لمرض تظن أن تأخيره أصلح، فعلمت أنها مخطئة في تأخيره تقضي، فتقضي كما يقضي الناسي، وكما يقضي من نام عنها، ونحو ذلك.

أما الذي تركها عمدًا تساهلاً منه قلة مبالاة فهذا ليس له إلا التوبة، ولا يلزمه القضاء على الصحيح من أقوال العلماء.

المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: ليس للقضاء وقت معين، ولا يلزم أن يقضى كل فرض مع مثيله؟

الشيخ: لا، القضاء يلزم في الحال إذا كان عن نوم أو نسيان يبادر به؛ لقول النبي ﷺ: من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك هذا المعذور، أما الذي تركها غير معذور عامدًا متساهلًا، فهذا عليه التوبة الصادقة، ولا قضاء عليه على الصحيح، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة