حكم من جامع في نهار رمضان مرارًا ونسي عددها

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف (ب. ط. ت) أخونا له سؤالان:

السؤال الأول يقول: لقد تزوجت قبل سبعة أعوام، وفي أواخر شعبان، وقد جامعت زوجتي في بعض أيام رمضان لجهل مني في ذلك الوقت، ومن الشيطان لعنه الله، الصيام صعب علي لعدم معرفتي بعدد الأيام، وكذلك العتق، فهل يجوز أن أشتري أكياس رز وأعطيها لإحدى الجمعيات الخيرية كصدقة، كما قلت لا أعرف الأيام التي صار فيها الجماع، هل ما ذكرته لكم صحيح ويعد كفارة، أم أنكم توجهوني بتوجيه آخر؟

جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فلا ريب أن المؤمن يحرم عليه أن يجامع في رمضان في نهار رمضان، بل يجب عليه أن يمتنع من ذلك؛ لأن الجماع من المفطرات، كما أنه لا يأكل ولا يشرب فهكذا لا يجامع، فإذا وقع منه ذلك وجب عليه أمور ثلاثة:

أحدها: التوبة إلى الله ؛ لأن ذلك معصية، والتوبة واجبة من كل معصية.

الأمر الثاني: قضاء اليوم الذي وقع فيه الجماع.

الأمر الثالث: الكفارة، والكفارة مرتبة، أولها: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو رز أو غيرهما.

هذا هو الواجب على من جامع زوجته في نهار رمضان، والصيام عليه واجب، وعليها كذلك، أما لو جامعها في السفر، فهذا معروف المسافر له الإفطار بالجماع وغيره، لكن إذا جامعها وهما مقيمان يلزمهما الصيام، فإنه يلزمه هذه الأمور الثلاثة: التوبة، وقضاء اليوم، والكفارة، وهي مثله إذا كانت مطاوعة، أما إذا أكرهها بالقوة والشدة، ولم تستطع التخلص منه، بل أجبرها فلا شيء عليها، وإنما الكفارة عليه هو.

وإذا كان كل منهما يعجز عن العتق، وعن الصيام، فإنه يجزئه الإطعام لستين مسكينًا ثلاثين صاعًا كل صاع بين اثنين، من قوت البلد، من تمر أو بر أو أرز، ولا بد من توزيعه بين الستين، ولو أن الجمعية الخيرية التزمت بذلك وفرقته بين ستين مسكينًا فلا بأس إذا اطمئن إليها، ووثق من القائمين عليها، وأنهم يوزعون ما يعطيهم على ستين مسكينًا فلا بأس، إذا كان عجز عن العتق والصيام، والمرأة مثله كما تقدم.

وإذا كنت لا تضبط الأيام فعليك التحري، التحري والظن، فإذا ظننت أنها خمسة صمت خمسة، ظننت أنها ستة صمت ستة، وهكذا تعمل بالاحتياط والظن الغالب، ويكفي ذلكفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].

وإذا كان المجامع جاهلًا أو ناسيًا، فهذا محل نظر، أما الجهل فالذي ينبغي عدم اعتباره؛ لأن الأمر واضح بين المسلمين، وليس أمرًا خفيًا، يعرفه المسلمون أن الصائم لا يجامع أهله في رمضان، فينبغي عدم التعلق بالجهل، وعدم الاعتذار بالجهل، بل عليك أن تفعل ما ذكرنا.

أما النسيان فالصواب أنه معذور إذا نسي الإنسان؛ لأن النسيان ليس بالاختيار، بل أمر يقع على الإنسان ويغلب عليه وليس باختياره، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه متفق عليه، ورواه الحاكم وجماعة بلفظ: من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة فالناسي معذور على الصحيح إذا صدق في كونه ناسيًا؛ لأن النسيان ليس في اختيار الإنسان رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة