المصائب والكوارث وأسبابها

السؤال:

يقول  كثير من الشاكين: بأن ما حدث في اليمن ليس إلا عارضًا طبيعيًا جاحدين بذلك حديث الرسول ﷺ؟

الجواب:

الزلازل التي وقعت -نسأل الله العافية من شرها- وقعت لإخواننا في اليمن، وهي مصيبة عظيمة، نسأل الله أن يجبر المصابين من المسلمين، وأن يتغمدهم برحمته، وأن يجعلهم شهداء، فإن ميت الهدم شهيد من المسلمين، فنسأل الله أن يكتب لهم الشهادة، وأن يصبرهم، ويمنح أقاربهم، وأهاليهم الصبر، والاحتساب، وأن يعلي لهم الأجور، ويحسن عزاءهم؛ فإنه -جل وعلا- على كل شيء قدير.

ولا شك أنها أمور خطيرة، وأن هذه الزلازل، والبلايا من الوباء العام، والرياح العواصف، والسيول الجارفة كلها من العقوبات العامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من هذه الأمور، ويجب على المسلمين أن ينتبهوا، وأن يستقيموا على أمر الله؛ ليدفع عنهم ما يضرهم؛ فإن الله -جل  وعلا- يقول: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. 

ولا شك أن الزلازل، والرياح العاصفة القاصفة التي تضر الناس، لا شك أنها من المصائب العظيمة، وهكذا السيول الجارفة التي تدمر المنازل، وتدمر الأشجار، وتهلك الحرث، والنسل، لا شك أنها من البلاوي، وهكذا الوباء العام من المصائب، ولا تقع هذه المصائب إلا بأسباب كسب الناس، فإن الله يقول سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. 

فالمصائب من كسبنا من المعاصي والمخالفات وعدم القيام بأمر الله وعدم التمسك بما شرع الله  وقد تكون العقوبات أكبر من هذا، قد يسلط الأعداء الكفرة على المسلمين بأسباب ذنوبهم، وأعمالهم، كما جرى يوم أحد لما غير الناس في عهد النبي ﷺ يوم أحد، ولما لم يستقم الرماة على محلهم، ولم يثبتوا في مقرهم الذي أوصاهم به النبي ﷺ لما أخلوا به، وغيروه؛ سلط عليهم الأعداء، وفيهم النبي ﷺ سلط الأعداء على المسلمين من أهل مكة، ودخلوا على المسلمين من خلفهم، ومن أيمانهم، وصارت الكارثة العظيمة، وقتل من قتل، وجرح من جرح من المسلمين، وصارت الهزيمة على المسلمين بأسباب عدم القيام بالواجب، وبسبب الإخلال بالموقف الذي أمر به النبي ﷺ للرماة أن يقفوه، وأن يلزموه، فلما أخلوا به، وتنازعوا، وفشلوا؛ صارت المصيبة على المسلمين.

فلا شك أن المصائب تأتي بأسباب أعمالنا، وكسبنا، وتقصيرنا في أمر الله  سواء كانت المصائب زلازلًا، أو سيولًا جارفة، أو رياحًا عاصفة، أو أمراضًا عامة، أو غير هذا من المصائب، أو جدب، وقحط عام، أو غير هذا، فكل ما يضر الناس من المصائب، والبلايا العامة، كلها من آثار ذنوبهم، وآثار اقترافهم ما حرم الله والمعاصي متى ظهرت؛ ضرت العامة. 

أما قول أنها عوارض طبيعية، هذه من أقوال الكفرة، والغافلين عن الله  يرون المنكرات، ويرون العقوبات، ويرون الشرور، ولا يتنبهون، ولا يتحركون، نسأل الله العافية.

ومثل ما قال عن بعضهم قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ [الأعراف : 95] إذا جاءت المصيبة قالوا: قد مس آباءنا، يعني هذا قد وقع فيمن قبلنا، وهو مستنكر، وهكذا نسأل الله العافية.

فتاوى ذات صلة