حكم التأخر عن الزواج وتسويفه

السؤال:
نصح الرسولُ الكريم ﷺ الشبابَ بالزواج، ولكن نلاحظ أنَّ الكثيرين من الفتيات يرفضن الزواج المُبكر بحججٍ واهيةٍ، فما توجيه سماحتكم في هذا الشأن؟ وما حكم الامتناع؟

الجواب:
ننصح الجميع من الذكور والإناث، الشباب والفتيات بالمبادرة إلى الزواج وترك التَّعللات التي لا وجهَ لها: لا بالدراسة، ولا بالوظيفة، ولا بغير ذلك، ننصح الجميع أن يُبادروا بالزواج، وأن يُخفِّفوا في المهور، وأن يدَعوا التَّكلفات في الولائم؛ حتى يتيسر الزواج، فمن العقبات: المبالغة في المهور، ومن العقبات: المبالغة في الولائم، ومن العقبات: زعمها أنها تريد التأخر حتى تنتهي من الدراسة.
وهكذا الشباب: يقول: أنا أصبر حتى أنتهي من الجامعة، ثم إذا انتهى من الجامعة قال: أتوظف، ثم سوف أسعى في إيجاد فِلَّة أو إيجاد شقة، وهكذا تروح الأيام والليالي في التَّعللات، كل هذا لا ينبغي، ولا يجوز مع القدرة.
يقول النبيُّ ﷺ: يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء، وهذا أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب.
وقال الله سبحانه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، الأيامى: الذين ما عندهم أزواج من الرجال والنساء.
فالزواج واجبٌ، ولا يجوز التأخير لمجرد التَّعللات بأنه يريد أن يشتري فِلَّةً، أو يعمر فِلَّةً، أو حتى يُنهي الدراسة، أو حتى تُنهي الدراسة هي، إذا كان قادرًا على الزواج فليُبادر، وعلى الفتاة أن تُوافق، وعلى أهلها أن يُوافقوا، ولا يجوز لهم التَّأخر مع القدرة على إنجاز الزواج؛ حرصًا على عفَّة الفروج، وغضِّ الأبصار، فإن الخطر عظيم، والزمان زمان مُخيفٌ، والفساد كبيرٌ، والاختلاط كثيرٌ، والشر متنوعٌ.
فلا ينبغي للمؤمن أن يتساهل في هذا الأمر، بل ينبغي له أن يحرص على حفظ دينه، وحفظ سمعته، وحفظ جوارحه، وغضّ بصره، وإحصان فرجه بالزواج، ولا يقول بزواج واحدةٍ، حتى ولو باثنتين، ولو بثلاثٍ، ولو بأربعٍ، ولو ما رضيت بعض النساء عليه أن يتزوج، ويحرص على عفَّة فرجه، فإذا ما كفته واحدةٌ يأخذ ثنتين، وإذا ما كفته الثنتان يأخذ ثلاثًا، وإذا ما كفته الثلاث يأخذ أربعًا.
ولا ينبغي لها أن تأبى ذلك، ولا ينبغي لها أن تزعل من ذلك، ولا ينبغي لها أن تغترَّ بما قد يُذاع في بعض الإذاعات، أو بعض التلفاز، أو بعض الصحف: من إنكار التَّعدد، كل هذا باطلٌ، كله مخالفٌ لشريعة الله، والله أمر بالتَّعدد وأباحه وقال: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]، ربع زوجٍ خيرٌ من العدم، نصف زوجٍ خيرٌ من العدم، ثلث زوجٍ خيرٌ من العدم، خيرٌ من أن تبقى وحيدةً.
فالواجب خوف الله، ومراقبة الله، والتَّحمل، والتَّصبر، وعدم التَّساهل في هذه الأمور، يجب البدار بالزواج، ويجب الحرص على العفَّة، وإذا اكتفى بواحدةٍ ورأى أنها تكفي فلا بأس، وإذا كانت عنده قوةٌ في حاجة النِّساء، ولا تعفّه الواحدة، وربما أفضى به هذا إلى الزنا؛ فليُبادر إلى الثانية والثالثة، لعلها تعفّه، والمرأة الواحدة يعتريها ما يعتري النساء من الحيض والنفاس والأمراض، فإذا كانت عنده ثانية استمتع بها وأعفته، وإذا كانت عنده ثالثة كذلك، والواجب عليها أن تعترف بهذا، وأن تُقرَّ بهذا، وأن تعذره في هذا الأمر إذا عدل فيها، واتَّقى الله فيها، وأدَّى حقَّها، والواجب عليه العدل وتقوى الله في ذلك.
المقصود من هذا كله الحثُّ على الزواج، والحرص على الزواج، وعدم التَّعلل، لا من الفتاة، ولا من الشباب، الواجب التَّسهيل في المهور والولائم، وعدم التَّكلف، وعدم التَّعلل بالتأخير إلى بعد الدراسة، أو إلى بعد كذا، أو كذا، لا، الإنسان من حين يبلغ الحُلُم فهو في حاجةٍ إلى الزواج، في حاجةٍ إلى عفَّة فرجه، إلى غضِّ بصره، إلى البُعد عن أسباب الفساد.
الله يهدي الجميع، نسأل الله أن يهدي الجميع.
فتاوى ذات صلة