ما النصيحة تجاه التهاون بالإسبال واللحية؟

السؤال:
إني أحبُّكم في الله، كثيرٌ من الناس يتهاونون في السنة: كحلق اللحية، وتطويل الثياب، نطلب التَّوجيه، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
أولًا: أحبَّك الله الذي أحببتنا له، والتَّحابُّ في الله من أفضل القربات، بل من الواجبات، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله: إمام عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا على ذلك، وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إني أخاف الله ومثله امرأةٌ دعاها ذو منصبٍ وجمالٍ فقالت: إني أخاف الله، والسادس: رجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شمالُه ما تُنْفِق يمينه، والسابع: رجلٌ ذكر الله خاليًا –يعني: ما عنده أحدٌ- ففاضت عيناه بكاءً من خشية الله عزَّ وجل.
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: يقول الله يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلي، والتَّحاب في الله يقتضي التَّعاون على البر والتقوى، ويقتضي التَّناصح والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، هكذا يكون المتحابُّون في الله.
أما ما يتعلق بإعفاء اللِّحى وإسبال الثياب: فهذه أمورٌ واجبة، ليست مجرد سنةٍ في اصطلاح مَن يرى أنَّ السنة يُثاب فاعلها ولا يُعاقَب تاركها، بل إعفاء اللحية من الواجبات، وأخذها من المحرَّمات، والإسبال من المحرمات، فلا يجوز للمؤمن حلق لحيته ولا قصّها، بل يجب إعفاؤها وإكرامها وتوفيرها، قال عليه الصلاة والسلام: قصُّوا الشَّوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين، وقال عليه الصلاة والسلام: قصُّوا الشوارب، ووفروا اللِّحى، خالفوا المشركين، وقال عليه الصلاة والسلام: جزُّوا الشَّوارب، وأرخوا اللِّحى، خالفوا المجوس، فالواجب إعفاؤها وإكرامها وإرخاؤها، وإن قصَّها الناسُ لا تكن مع الناس، كن مع الحقِّ، ولو كنتَ وحدك، لو كان أهلُ قريةٍ أو قبيلةٍ قد قصُّوا أو حلقوا لا تكن معهم، الزم الحقَّ ولو كنتَ وحدك.
وهكذا جرُّ الملابس، الملابس حدُّها الكعب للرجل، فما أسفل من الكعبين يجب تركه، ويحرم فعله، يقول عليه الصلاة والسلام: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري في "الصحيح"، ويقول ﷺ: إياك والإسبالَ، فإنه من المخيلة، ويقول عليه الصلاة والسلام: ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يُزكّيهم، ولهم عذابٌ أليم: المسبل إزاره، والمنَّان بما أعطى، والمُنَفِّق سلعتَه بالحلف الكاذب رواه مسلم، وما ذاك إلا لأنَّ الإسبال يُعطي دلالةً على التَّكبر والتَّعاظم، مع ما في ذلك من الإسراف وإفساد الثياب بالأوساخ والنَّجاسات.
ومَن زعم أنه يجوز إذا كان على غير تكبرٍ؛ فقد غلط، فالرسول نهى وعمَّم عليه الصلاة والسلام، وتوعَّد على ذلك، وجعل الإسبالَ من المخيلة، ثم القلوب لا يعلمها إلا الله، مَن أسبل فقد تظاهر بظاهر الكِبر؛ فوجب منعه والإنكار عليه.
وأما ما جاء في حديث ابن عمر: أنَّ الصديق لما سمع قوله ﷺ: مَن جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، قال: يا رسول الله، إنَّ إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له رسولُ الله ﷺ: لستَ ممن يفعله للكبر، فهذه شهادةٌ من النبي ﷺ للصديق أنه لا يفعله للكبر، وإنما قد يرتخي إزاره من غير قصدٍ منه، فيتعاهده، أما هؤلاء فيجرونها تعمُّدًا، ولا يتعاهدونها، ومَن يعلم قلوبهم إلا الله ؟ فظاهرهم الإسبال والخيلاء والتَّكبر، وإن زعموا خلاف ذلك.
ثم إنهم قد تظاهروا بمخالفة شرع الله، وبما نهى الله عنه، فوجب عليهم ترك ذلك، والإنكار عليهم، أما المرأةُ فلها إرخاء الثياب، يُشرع لها إرخاء الثياب؛ لأنها عورةٌ تستر أقدامها.
فتاوى ذات صلة