كيف يواجه المسلم غُربة الدين آخر الزمان؟

السؤال: 

لقد علمنا أهمية طلب العلم، فحرصنا على ذلك، غير أننا صُدمنا بالواقع؛ إذ تعجّ الحياة بالمُتناقضات، فما يُبنى في سنةٍ تهدمه الوسائلُ الأخرى في ليلةٍ، فتنشأ النَّاشئة في المُجتمعات الإسلامية نشأةً مُتناقضةً، يقرؤون آيةَ الحجاب في الصباح فيرون ما يُناقضها في المساء، فما الواجب تجاه ذلك؟

الجواب:

هذا هو الابتلاء والامتحان، ولا سيما في آخر الزمان، مثل زماننا هذا، نحن في آخر الزمان، وفي غُرْبَةٍ من الدين، فلا بدّ من الصبر، كما أخبر النبيُّ ﷺ: يأتي على الناس زمانٌ الصابر على دينه كالقابض على الجمر، ويقول ﷺ: بدأ الإسلامُ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطُوبى للغُرباء خرجه مسلمٌ في "الصحيح"، زاد غيره في لفظٍ: مَن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناسُ، وفي لفظٍ آخر: يُصلحون ما أفسد الناسُ من سنتي، وفي حديث أبي ثعلبة: للعامل منهم أجر خمسين، قيل: يا رسول الله، منا أو منهم؟ قال: بل منكم.
وأسباب ذلك قلَّة الأنصار والأعوان، وكثرة المهالك والشُّبَه، وكثرة طرق الضَّلالة والدُّعاة إليها، فلهذا الصابر في آخر الزمان على العلم والعمل له أجر خمسين من الصحابة، مثل أجر خمسين؛ لأنهم يجدون أعوانًا، وفي أول مجيء الإسلام، وفي نشاط الإسلام، ونشاط المسلمين، وقوة الإسلام، وقوة المسلمين، وكثرة الأعوان، واندحار الأعداء.
أما في آخر الزمان فالعكس؛ كثرة الأعداء، وكثرة دُعاة الضَّلالة، وقلَّة الأنصار، وقلة المعين على الحقِّ، مع كثرة الشُّبَه، فهذا صراعٌ بين الحقِّ والباطل في آخر الزمان شديد، فلا بد من صبرٍ على ما تعلمه، فإذا عرف مما تعلم الحقّ ثم رأى ما يُضاده؛ حمد الله على بصيرةٍ، وحمد الله أن جعله ممن عرف هذا الحقَّ، ثم يعمل بما يستطيع من إنكار المنكر، والدعوة إلى الخير، حتى يُحقق ما علم.
وهذا يشمل ما يتعلق بالعقائد، وما يتعلق بفروعه، وهذا مما يُسبب عظيم الأجور، وكثرة الحسنات، لمن صبر واحتسب، ويُبصره أيضًا بالعلم، يزيده علمًا، فإنَّ وجود المتناقضات مما يُعين على التوسع في العلم، والتَّبصر، ومعرفة الشُّبَه لإزالتها والقضاء عليها، ومعرفة السُّبل التي تُعين على الحقِّ وتهدي إليه، حتى ينشرها بين الناس، ويدعو إليها.
فتاوى ذات صلة