ما حكم الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام؟

السؤال: 

هناك أناسٌ يقومون باحتفالات بمولد النبي ﷺ، فهل يجوز ذلك؟

الجواب:

الاحتفال بالموالد من البدع، سواء كان مولد النبي ﷺ، أو مولد علي، أو الحسين، أو الحسن، أو فاطمة، أو غيرهم، لا يجوز الاحتفال بالموالد؛ لأن الرسول ﷺ ما فعلها ﷺ، لا في حياته، ولا فعلها أصحابه، ولم يأمر بذلك عليه الصلاة والسلام، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، لو كان شيئًا طيبًا لفعله ﷺ، وأرشد أصحابه إلى ذلك وفعلوه في حياته أو بعد وفاته، وما فعله الصحابةُ مع الصديق، ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي، ولا مع غيرهم، ولا في القرون المفضلة: الأول والثاني والثالث، إنما حدث في الرابع بواسطة الفاطميين الشيعة، ثم وقع من بعض الملوك بعد ذلك، ثم انتشر في الناس، واقتدى بعضُهم ببعضٍ، وهو بدعة.
والنعمة العظيمة ما هي بالمولد، النعمة العظيمة بالمبعث، حين بعثه الله نبيًّا ورسولًا، حتى نفع الله به العباد والبلاد، أما المولد فهو أول البشارة، أول الخير، لكن النعمة العظمى بعثته ﷺ في رمضان، وإنزال القرآن عليه، حتى هدى الله به مَن هدى، وصار نبيًّا رسولًا.
لكن لا بأس أن يُدرس المولد، وحياة النبي ﷺ، ومغازيه، يُدرس في المدارس، في المساجد، من دون أن يكون احتفال في يومٍ معلومٍ من السنة، يُدرس مثلما تُدرس أحكام الصلاة، وأحكام الغزوات، وأحكام الهجرة، في المدارس، وفي المعاهد، وفي الجامعات، وفي حلقات العلم في المساجد، كل هذا طيِّبٌ، لكن أن يتَّخذ يومًا مولدًا، ما وُضع إلا لاحتفالٍ خاصٍّ؛ فهذا منكر.
وقد نصَّ على ذلك أهلُ العلم، وبسط ذلك الإمامُ الشاطبي في كتابه "الاعتصام"، وكذلك أبو العباس ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"، وغيرهم من أهل العلم.
والذين تساهلوا في ذلك من العلماء ليس عندهم بصيرةٌ في هذا الشيء، وغلب عليهم التَّقليد لغيرهم، فلا يجوز هذا، ولا ينبغي، وليس لهم حُجَّة في قوله ﷺ لما سألوه عن يوم الاثنين قال: ذاك يومٌ وُلدتُ فيه، وأُنزل عليَّ فيه، وقال في الخميس والاثنين: إنهما يومان تُرفع فيهما الأعمال إلى الله، وتُعرض فيهما الأعمال على الله، فأُحبّ أن يُعرض عملي وأنا صائم، ولم يقل: احتفلوا به.
إنما شُرع لنا صيامه، لا بأس أن تصوموا الاثنين، يوم فاضل، يوم وُلد فيه النبيُّ ﷺ، وأُنزل عليه الوحي فيه، وتُعرض فيه الأعمال على الله، لا، هذا طيب، لكن مَن قال لك: تحتفل به، تحط فيه اجتماع ووليمة، وأكل وشرب وقصائد؟! مَن قال هذا؟! إنما قال النبيُّ ﷺ فيه صيام يوم الاثنين، فصم جزاك الله خيرًا، صم يوم الاثنين لعللٍ ثلاثٍ: لأنه يوم وُلد فيه، ولأنه أُنزل عليه فيه، ولأنه يوم تُعرض فيه الأعمال على الله جلَّ وعلا، كيوم الخميس.
أما قوله جلَّ وعلا: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إبراهيم:5] كما يستدل بعضُهم بهذا: التَّذكير بأيام الله ما هو باتِّخاذ البدع، التذكير بأيامه بالنَّصائح، والتذكير بما جرى على نوحٍ وقومه، وما جرى على هود، وما جرى على ثمود، وما جرى على غيرهم، وما جرى على فرعون وإغراقه، وما جرى على غيرهم، تُذكِّر بأيام الله؛ تُحذِّر من عقوبات الله، في المسجد، في خطبة الجمعة، في الدروس، في أيام أخرى؛ لا بأس، مجتمعين في قهوةٍ، على عشاء، تُذكِّرهم، في العرس، تُذكِّرهم.
فتاوى ذات صلة