ما ضابط الهَجِر لأصحاب البدع والعصاة؟

السؤال: 

يقول السائل: سماحة الشيخ، لقد كثر هجرُ بعض المسلمين لإخوانهم بحجّة أنَّهم ...، ما هي حدود البدعة التي تُوجب الهجر؟ وهل كون الرجل استدلَّ بحديثٍ فيه خلافٌ.......، لكن قد قال به بعضُ السلف، من مُوجبات هجره؟

الجواب:

البدع هي ما أحدث على خلاف الشرع، يُقال لها: بدعة؛ لقوله ﷺ: مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ، مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ، إيَّاكم ومحدثات الأمور، فالبدع هي المحدثات في الدِّين، مثل: إحداث الاحتفال بالموالد، ومثل: الاحتفال بما يُسمونه ليلة الإسراء والمعراج في آخر رجب، ومثل: الاحتفال بشيءٍ آخر لم يشرعه الله جلَّ وعلا، يُجعل عبادةً وقُربةً، هذا يُسمَّى: بدعة، ومثل: البناء على القبور، تُسمَّى: بدعة، البناء عليها واتِّخاذها قبابًا ومساجد تُسمَّى: بدعة.
والواجب النَّصيحة لصاحب البدعة، يُنصح ويُوجَّه إلى الخير، ويُعلَّم، فإذا أصرَّ على البدعة استحقَّ أن يُهجر حتى يتوب، إلا إذا كان الهجر يزيده شرًّا، فإنك لا تهجره، بل تتصل به اتِّصال النَّاهي والآمر والناصح، لا اتِّصال المحب الودود الشَّفيق، لا، تتصل به اتصال الناصح والنَّاهي، والمنكر والمخوّف له من الله عز وجل، لعله ينتهي.
وإذا كان في البلد وليُّ أمرٍ رُفع الأمر إليه؛ حتى يُزيل البدعة، حتى يُزيلها بالقوة، ويمنع منها، إذا كان في بلادٍ إسلاميةٍ فيها مَن يأمر وينهى. 
والنبي ﷺ هجر قومًا لأنَّ الهجر ينفعهم، كما هجر كعب بن مالك وصاحبيه لما تخلَّفوا عن غزوة تبوك خمسين ليلةً، ولم يهجر عبدالله بن أُبي وجماعة المنافقين؛ لأنَّ هجرهم يضرُّ، فلم يهجرهم، بل تألَّفهم على الإسلام، ودعاهم إلى الإسلام ولم يهجرهم.
فعلى ولاة الأمور وعلى العلماء وطلبة العلم أن يتأسَّوا بالنبي ﷺ، فإذا كان الهجر ينفع العاصي والمبتدع هَجَره، وإذا كان لا ينفع، بل يزيده شرًّا؛ لم يهجره، بل لا يزال يتصل به ويدعوه إلى الله، ويجتهد في توجيهه إلى الخير، لعله يهتدي؛ حتى يسلم الناسُ من شرِّه.
فتاوى ذات صلة