هل يإثم من حفظ شيئا من القرآن ثم نسيه؟

س: الأخت م. م. ع. من صنعاء تقول في سؤالها: حفظت جزءا كاملا من القرآن الكريـم، ولعـدم وجـود من يسمـع لي باستمرار نسيته، فهـل علي ذنب؟ وهل أعيـد حفظه؟

ج: ليس عليك إثم إن شاء الله في ذلك؛ لقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115] وقول النبي ﷺ: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني ولأن النسيان يغلب على الإنسان ولا يستطيع السلامة منه.
أما ما ورد في ذلك من الوعيد عن النبي ﷺ فهو ضعيف. ويشرع لك أن تجتهدي في حفظ ما تيسر من كتاب الله، ولا سيما حزب المفصل، حتى تستطيعي بذلك القراءة في صلاتك بما تيسر منه بعد الفاتحة، أما الفاتحة فحفظها واجب لأنها ركن في الصلاة في كل ركعة؛ لقول النبي ﷺ: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب متفق على صحته. وبذلك يعلم أن قراءتها ركن في الصلاة في الفريضة والنافلة في حق الإمام والمنفرد.
أما المأموم فهي واجبة في حقه على الصحيح من أقوال العلماء، وتسقط في حقه بالنسيان والجهل وفيما إذا أدرك الإمام راكعًا أو عند الركوع ولم يتمكن من قراءتها؛ لقول النبي ﷺ: لعلكم تقرأون خلف إمامكم قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان بإسناد صحيح، عن عبادة ابن الصامت .
ولما ثبت في صحيح البخاري عن أبي بكرة أنه أتى إلى المسجد والنبي ﷺ راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، ثم دخل في الصف فلما سلم النبي ﷺ ذكر له ذلك، فقال له عليه الصلاة والسلام: زادك الله حرصًا ولا تعد ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على أن المأموم إذا لم يدرك القراءة مع الإمام لكونه أتى قرب الركوع فإن الركعة تجزئه، ومثل ذلك من نسيها أو جهلها من المأمومين كسائر الواجبات في الصلاة، والله ولي التوفيق[1].
  1. ضمن أسئلة المجلة العربية في 29 / 5 / 1417 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 9/309).
فتاوى ذات صلة