ما حكم استخدام العنف مع المتَّهمين بجرائم؟

السؤال:

السؤال يقول: ما وجهة نظر الشرع في استخدام الشدة مع المُجرمين والمتَّهمين، وخاصةً إذا كانت هناك أدلة قوية تُبرهن على ارتكاب المتهم جرمًا معينًا -ونخصّ بالذكر جرائم القتل والخطف وقطع الطريق والاغتصاب والسرقة؟

ثم ماذا لدى سماحتكم عن الحديث الذي رُوي عن الرسول ﷺ ما معناه: أنه جلد متَّهمًا بالسرقة حتى أرشد على المكان الذي يُخفي فيه المسروقات؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

يجب على الموظف في مُتابعة المجرمين أن يُنفذ الأوامر التي لديه، ويقف عندها، فإن كان قيل له: افعل كذا، وافعل كذا، ينفذ ما قيل له، وإلا فليرجع إلى مرجعه في كيفية العلاج، ولا يتصرف بهواه، لا، بل يتبع التعليمات التي لديه، وإن لم تكن لديه تعليمات فليحفظ المجرم في محل الحفظ المأمور به، والسجن المأمور به، حتى يُوجَّه من جهة مرجعه: ماذا يعمل من عقوبة؟

وأما أن يعمل بنفسه من دون مراجعة المسؤولين فلا، بل عليه أن ينفذ ما وجّه إليه، ولا يعمل عنفًا ولا غيره، ولا ضربًا ولا غيره، إلا بتوجيه من مرجعه، ولا يفتئت على مرجعه؛ لأنه قد يجتهد اجتهادًا يضرُّ ولا ينفع.

فالمجرم كما أنه محتاج إلى العقوبة محتاج إلى التوجيه أيضًا، فالمجرم يحتاج إلى عقوبة وإلى توجيه جميعًا، ويُقام عليه الحدّ الواجب والتَّعزير الواجب، مع التوجيه الواجب أيضًا والإرشاد والتعليم.

إلا إذا عاكس المجرم وأبى أن ينقاد، وأراد التَّفلت؛ فليعمل ما يستطيع من مسكه ولو بالضرب؛ حتى لا يتفلت، وحتى لا يهرب، أما ما دام أنه منقادٌ فليعمل ما أُمر به، وكما قيل: يرى الحاضرُ ما لا يرى الغائب، فإذا كان يُغالبه وليس عنده إلا أن يضربه أو يُقيده فليفعل ما يستطيع حتى يوصله إلى المحل الذي أُمر به: من سجنٍ أو غيره، وأما ما دام مُنقادًا فليعمل ما لديه من التَّعليمات، ولا يزد عليها.

وأما كونه يضرب أو يُهدد فهذا إلى المسؤول الذي أُمر بهذا الشيء، إذا كان متَّهمًا بالسرقات أو بغير ذلك فهذا إلى ولي الأمر، وإلى مَن أنابه ولي الأمر في التَّهديد أو الضَّرب حتى يقرّ.

والنبي ﷺ عاقب عمَّ حُيي بن أخطب لما جحد مالًا عنده وزعم أنه قد أفنته الحروبُ، فأمر بتعذيبه حتى يقرَّ بما لديه؛ لما كانت القرائن والدلائل تدل على كذبه.

فهذا شيءٌ إلى ولاة الأمور: إلى القضاء، وإلى ولاة الأمور، هم الذين يُحددون هذا الشيء، ويأمرون بما يلزم في هذا الشيء، وليس للجندي أو غير الجندي أن يعمل بشيءٍ لم يُوجَّه إليه ولم يُؤمر به، ولكن عليه أن ينفذ التعليمات التي لديه فقط، ولا يزد عليها إلا بتوجيهٍ من مرجعه؛ حتى لا يقع الغلط والخطأ.

فتاوى ذات صلة