حكم من أكره على ترك واجب أو فعل محرم

السؤال:

في عهد الخليفة المتوكل ألزم الإمام أحمد بن حنبل  بعدم الخروج من بيته حتى للصلاة مع الجماعة، فأطاع الخليفة، فكيف نوفق بين هذه الحادثة من هذا الإمام، وبين حديث: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ 

الجواب:

الإنسان فيما يتعلق بالطاعة على حالين:

حال يطيعه مختارًا: فإذا قال له: اشرب الخمر؛ شرب الخمر، وإذا قال: سب الدين؛ سب الدين، هذا لا عذر له باختياره.

والحال الثانية: يكون مكرهًا، يقال له: الزم بيتك، ولا تصل في المسجد، وإلا ضربناك، هذا مكره، معذور، أو قالوا له: قل محمد كاذب وإلا قتلناك، وهددوه، هذا مكره إذا تكلم بالكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، لا شيء عليه، يقول الله سبحانه: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل:106] لما قالوا لبلال وألزموه بالكفر، قال له النبي ﷺ: إن عادوا فعد، ولكن أبى بلال، فكان يقول: أحد أحد، لما أكرهه الكفار.

فالحاصل: أن الذي يؤمر من جهة ولاة الأمور بالمعصية له حالان: 

الحالة الأولى: يطيعهم ولا يبالي حبًا للدنيا، وإيثارًا لها، فهذا ليس بمعذور، إنما الطاعة بالمعروف، فإذا قال الأمير، أو قالت له زوجته، أو قال له أبوه، أو قال له شيخ قبيلته: اشرب الخمر معنا، وأطاعه، هذا ... المعاصي، أو قالوا له افعل الربا معنا، أو قالوا له مثلً:ا عق والديك، أو قالوا له: اقطع أرحامك، هذا يكون مطيعًا في المعصية.

الحال الثانية: أن يقول له ولي الأمير بشرطته، وبجنوده: الزم بيتك، فإن خرجت؛ ضربناك بالقوة؛ فله عذر أن يلزم بيته، تسقط عنه الجماعة، أو مثلًا: صبوا الخمر في فمه غصبًا، قهرًا عليه، وهددوه إن لم يشرب؛ ضربوه وعذبوه، وهم قادرون، ضربوه لإيقاع ذلك به؛ فهو معذور ..، أو قالوا له مثلًا: إن خرجت من هذا المحل، أو تركت هذا المحل؛ فعلنا بك، إن حججت، أو خرجت للحج، أو خرجت للجهاد؛ فعلنا بك، الزم بيتك، فهذا معذور إذا منعوه بالقوة وهو لا يستطيع دفع ذلك، هذا معذور من باب الإكراه. 

فتاوى ذات صلة