هل يجوز أن يتزوج بنية الطلاق؟

السؤال:

بعض المسلمين يُسافرون للدراسة وغيرها إلى الخارج، فهل يجوز أن يتزوج بنية الطلاق؟ وما الفرق بينه وبين زواج المُتعة؟ أرجو توضيح الأمر في هذا وفَّقكم الله.

الجواب:

السفر إلى الخارج فيه خطرٌ عظيمٌ، وفيه بلاءٌ كثيرٌ، فلا يجوز السفر إلى الخارج إلا بشروطٍ مهمةٍ؛ لأنَّ السفر إلى الخارج يُعرِّضه للكفر بالله، ويُعرضه للمعاصي: لشرب الخمور، لتعاطي الزنا، وغير هذا من الشُّرور، ولهذا نصَّ العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الكفار؛ عملًا بقول النبي ﷺ: أنا برئٌ من كل مسلمٍ يُقيم بين المشركين، فالإقامة بينهم خطيرةٌ جدًّا، لا للدراسة، ولا لغيرها.

فهؤلاء المسافرون من طلبة الثانوي أو المتوسط أو في العالي -الدراسة الجامعية- على خطرٍ عظيمٍ، والواجب على الدولة أن تُؤَمِّن لهم الدراسة في الداخل، وليس لها أن تسمح لهم بالسفر إلى الخارج؛ لما فيه من الخطر العظيم.

وقد نشأ عن هذا شرٌّ كثيرٌ: من الردة، والتساهل بالمعاصي، والزنا، والفواحش، وشرب الخمور، كما هو معلومٌ عند مَن سبر أحوالهم.

فالواجب منعهم من ذلك، وألا يُسافر إلا الرجال المعروفون بالدِّين والإيمان والعلم والفضل، إذا كان للدعوة إلى الله، أو للتَّخصص في أمورٍ تحتاجها الدولة الإسلامية، والمسافر معروفٌ بالعلم والفضل والإيمان والاستقامة، حتى يدعو إلى الله وينفع الناس هناك، ويتعلم ما تحتاجه منه الدولة، أما هؤلاء الشُّبان الذين يُسافرون فهذا غلطٌ عظيمٌ، ومنكرٌ عظيمٌ، وشرٌّ عظيمٌ، نسأل الله أن يُوفِّق الدولة لمنع ذلك والقضاء عليه.

أما الزواج بنية الطلاق: فهذا فيه خلافٌ بين العلماء: منهم مَن كره ذلك، كالأوزاعي رحمه الله وجماعة، وقالوا: إنه يُشبه المتعة، فليس له أن يتزوج بنية الطلاق.

وذهب الجمهور -وهم الأكثرون كما قال الموفق ابن قُدامة في "المغني"- إلى أنه يجوز إذا كان بينه وبين ربِّه سرًّا، ليس بشرطٍ، كأن يُسافر إلى بلدٍ للدراسة أو لأعمالٍ هناك، ويخشى على نفسه، فيتزوج وبنيته أنه إذا سافر -إذا رجع إلى بلاده- طلَّقها؛ فلا بأس بذلك إذا كان بينه وبين ربِّه، من دون مُشارطةٍ ولا علمٍ ولا اطِّلاعٍ من الولي ولا الزوجة ولا غير ذلك، بل بينه وبين الله، فجمهور أهل العلم يقولون: لا بأس بذلك، وليس من المتعة في شيءٍ؛ لأنه بينه وبين الله، ليس فيه مشارطةٌ.

أما المتعة: فهي التي تكون فيها المشارطة على شهرٍ أو شهرين، أو سنة أو سنتين، بينه وبين أهل الزوجة، أو بينه وبين الزوجة، هذه يُقال لها: المتعة، وهي محرَّمة بالإجماع، ولم يتساهل فيها إلا الرافضة، هي محرَّمة بالإجماع.

وكان ابن عباسٍ قد توقف فيها، ثم رجع، كان يقول: إنها مثل الميتة للضَّرورة، ولكنه رجع عن ذلك.

أما أن يتزوج في بلادٍ سافر إليها للدراسة، أو لكونه سفيرًا، أو لأسبابٍ أخرى، لمسوِّغ شرعيٍّ: سافر واحتاج إلى الزواج خوفًا على نفسه؛ فلا بأس أن يتزوج بنية الطلاق إذا أراد أن يرجع، وترك هذه النية أوْلى، فكونه يتزوج بنية الرغبة أو المصلحة أوْلى وأفضل؛ خروجًا من الخلاف، ولكن لو نواه فيما بينه وبين الله، وليس بشرطٍ بينه وبين أهل الزوجة، ولا بين الزوجة وبينه، فهذا ليس بمتعةٍ؛ لأنه نيَّة بينه وبين الله، والإنسان له أن يُطَلِّق متى شاء، ما هو ممنوع من الطلاق، ولو ما نوى.

فتاوى ذات صلة