لو قرأ كتابا ولم يفهم، هل تكون عبادة، أم ضياعًا للوقت؟

السؤال:

إذا أراد الإنسان أن يقرأ بعض الكتب، ويريد منها الفائدة، قد يقرأ هذا الكتاب حول شيء ثلاث ساعات، أو أكثر، وخلص، ولم يفهم مما قرأ شيئًا، هذه تكون عبادة، أم ضياع للوقت؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

على طالب العلم، وعلى طالب الحق أن يلتمس الحق من طرقه، فأعظم طريق، وأفضل طريق، وأكبر طريق، وأنفع طريق طريق من على كتاب الله القرآن، هذا أعظم شيء، كثير من الناس إذا قلت الكتاب والسنة ما عنده حماس، يدور شيئًا آخر، أعظم طريق، وأعظم سبيل، وأفضل طريق، وأنجح طريق كتاب الله العظيم، ثم سنة الرسول المصطفى -عليه الصلاة والسلام- هذه هي الطرق، هذان الطريقان.

فالمؤمن يقبل على القرآن، يكثر من تلاوته، يتدبر معانيه .. لماذا أنزل إلا لك؟ حتى تستفيد، ما أنزله الله للبهائم، ولا للجمادات، أنزله لك، للثقلين، للجن والإنس؛ ليتفقهوا، ويتعلموا يقول سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ [ص:29] يعني محمد ﷺ إليك يعني وإلى أمتك، أنزل إليه لينتفع به هو وأمته كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].

ويقول سبحانه: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [محمد:24] من هم؟ أنت، الجن والإنس هم الذين يتدبرون، ما هو البهائم أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، ويقول سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]. 

فعليك يا أخي أن تقبل على القرآن، وأن تكثر من تلاوته، وأن تدبر معانيه وتقف عند الآيات، يقول: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ما معنى يهدي للتي هي أقوم؟ يعني يدل على الناس على الطريقة التي هي أقوم يرشدهم، فالتمس من هذا الكتاب الهداية، وسل ربك أن يفقهك، وأن يعينك، ويمنح قلبك الفهم الصحيح، ما أنزل عبث قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44] كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]. 

فعليك بالتدبر، والتعقل، تقف عند الآيات، تستفيد منها، تعرف مراد الله منها، وإذا أشكل عليك عندك كتب التفسير؛ راجع كتب التفسير: ابن جرير، ابن كثير، البغوي، الشوكاني، القرطبي، غيرهم، تنظر ومن أنفعها وأحسنها: ابن جرير، وابن كثير، والبغوي، هذه الكتب ميسرة بحمد الله، موجودة، تراجع كلام أهل العلم عليها تستفيد.

كذلك أحاديث الرسول ﷺ تراجعها، تستفيد منها، عندك إن كنت طالب علم، عندك البخاري، عندك مسلم، عندك مختصرات: مثل المنتقى لابن تيمية، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، عمدة الحديث للحافظ عبدالغني، هذه مختصرات تفيدك تأملها، وانظر ما يتعلق بالصلاة في أبواب الصلاة، ما يتعلق بالزكاة في أبواب الزكاة، ما يتعلق بالتوحيد في أبواب التوحيد، إلى آخره، ثم تسأل أهل العلم.

أما الكتب المجهولة، كتب لا تدري عن حالها، تضيع فيها أوقاتك لا، لا تضيع أوقاتك في كتب ما تدري عنها، دع الأوقات تروح في كتب معلومة للفائدة، عليك بالكتب المعروفة التي فيها الفائدة والخير، أعظمها الكتاب العزيز القرآن، ثم كتب السنة البخاري ومسلم، المختصرات من ذلك: المنتقى، بلوغ المرام، عمدة الحديث، كتاب أبي داود، كتاب الترمذي، سنن النسائي، ابن ماجه، مسند أحمد، إذا كنت طالب علمن وإذا كنت عاميًّا فاسأل أهل العلم، أكثر من القرآن وتدبر القرآن لعلك تستفيد، واسأل أهل العلم عما أشكل عليك.

أما تطلب كتبًا جدت بين الناس، ما تدري ما حالها تضيع أوقاتك فيها لا، أما إذا كانت كتبًا طيبة أثنى عليها العلماء، وأرشدوك إليها؛ فلا بأس أن تجعل لها وقتًا، فتأخذ منها ما وافق الكتاب والسنة، وتحمد الله على ذلك، وما خالف الكتاب والسنة تدعه، فبعض الكتب تفيد، ترشد إلى الكتاب والسنة، تعين على فهم الكتاب والسنة، تعين على فهم الأحاديث الصحيحة والضعيفة، لا بأس.

لكن بعض الناس يضيع أوقاته في مجلات، في جرائد يومية، في كتب لا قيمة لها، حتى أهلها لا يعرفون بالفضل، ولا بالعلم، تذهب أوقاته ليلًا ونهارًا في مجلة من أولها إلى آخرها، في خرافات، وضلالات، أو أشياء لا قيمة لها، أو في كتاب مجهول، أو كتاب ضال مضل، أو في غير ذلك، وعنده كتاب الله فيه الهدى والنور، وعنده سنة الرسول فيها الهدى والنور، عنده كلام أهل العلم المعروفين بالهدى والعلم، يتركهما جانبًا، هذا من طرق الضلال، هذا من العمى فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].

السؤال:...؟

الجواب: يعني إذا كان طالب علم؛ يكفي، إذا كان ما هو طالب علم؛ لا يقرأ، لكن إذا كان طالب علم، ينتسب إلى العلم، يقرأ ويستفيد من قول النبي ﷺ ويستفيد من كلام الله -جل وعلا- وإذا أشكل عليه شيء؛ يطالع، ما معنى الآية في تفسير ابن كثير، في الجلالين، في البغوي، في ابن جرير، في الشوكاني، ويسأل إخوانه الزملاء الطيبين، يتذاكر معهم، لا يحقرهم، قد يكون زميل له أفضل من شيخ، قد يكون زميل جيد يتفاهم معك أكثر من شيخ، قد لا يعطيك إلا كلمة، أو كلمتين، تفاهم مع الزملاء الطيبين، ومع أستاذك الذي تدرس عليه الطيب، تخير من الأساتذة أطيبهم وأنفعهم وأغيرهم لله وأكثرهم علمًا؛ حتى تستفيد.

السؤال: يقول هل يؤجر حتى ولو ما استفاد منها إن قرأها؟

الجواب: يؤجر يؤجر، لكن ينبغي له أن يقرأ حسب الاستفادة، إذا أشكل عليه لا يقف عند الجهل، يراجع الكتاب، يراجع التفسير، يراجع زملاءه، يتعاونون، يراجع الأساتذة، لا يرضى بالجهالة التي لم يفهمها، أقول لا يرضى بهذا، يعني يستفيد إذا جهل شيئًا وهو يهمه، يراجع التفسير، يراجع أهل العلم..

فتاوى ذات صلة