نصيحة لعموم المسلمين

السؤال:

المجتمع الإسلامي في كافة أقطار الإسلام يواجه حملة شرسة ومكثفة للإساءة للإسلام والمسلمين، وتشكيك أبنائه به، ويستخدم مواقع المسلمين الآن دليلًا لإقناع الشباب الطري، الذي ينخدع في مظاهر الأمور، وإن تجربتي الدراسية في أمريكا زادتني قناعة بهذه الحملة الحاقدة، وإننا أمة مستهدفة لإبعادها عن دينها من أجل أن تتحكم فيها أهواء الشيطان، وبالتالي اندثارها، إن مجتمعنا يعاني من أمراض خبيثة، صُدّرت إلينا مع خبراء الغرب الذين وفدوا إلينا تحت ستار التعاون الثنائي، إن الطفرة الاقتصادية التي مرت في دول جزيرة العرب جلبت معها مفاسد للأخلاق والذمم والعادات، إن مجتمعنا الإسلامي يعاني من أمراض مستعصية بحاجة إلى طبيب حاذق يكثف علاجها للقضاء عليها قبل أن تدمر هذا المجتمع المسلم، أرجو من سماحتكم إلقاء الضوء أو النصيحة لعامة المسلمين بهذا الشأن، وإذا ترون تخصيص إحدى الندوات عن هذا الموضوع -موضوع معالجة الأمراض- التي يعاني منها مجتمعنا الإسلامي. 

الجواب:

بارك الله فيك، هذا أمر معلوم يا أخي، وهذا في الحقيقة شيء يشهده كل من عرف العالم وأحوال العالم، وكل من سبر أحوال الناس اليوم في هذه البلاد وفي غيرها؛ فإنه يعلم أن أعداء الله قد جمعوا جهودهم، وقد عنوا عناية كبيرة بصد الناس عن دين الله، والتلبيس عليهم، وإلقاء الشبه عليهم في كل مكان، فهم لا يدخرون وسعًا في التضليل والدعوة إلى ما هم عليه من الباطل، وإلقاء الشبه على الناس، سواء كانوا نصارى، أو يهودًا أو شوعيين، أو غيرهم من أصناف الكفرة، ولكن هذا يوجب على أهل الإسلام مضاعفة الجهود ضد عدوهم ما داموا مستهدفين، ويعرفون هذا من عدوهم. 

فالواجب أن يكونوا ضد هذا العدون وأن يجمعوا جهودهم ويتعاونوا في نشر الحق، وكشف الشبه، ورد الباطل، ودعوة الناس إلى الخير بكل نشاط، وبكل قوة، والله جل وعلا يقول: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2] فالناس مفتنون مبتلون، ويقول -جل وعلا: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود:7]، وقال سبحانه: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الكهف:7]، قال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]

فهذا ابتلاء وامتحان، يبتلي الله الأخيار بالأشرار، ويبتلي الأشرار بعضهم ببعض، والأخيار بعضهم ببعض؛ حتى يتبين من هو الصادق في دعوته إلى الله، ومن هو الصابر على الدعوة إلى الله، من هو المستقيم والمستمر، من هو الضعيف الجاهل، من هو المتخلف، من هو المغلوب على أمره.

فالواجب على أهل العلم، وعلى الدول الإسلامية، وعلى كل من يستطيع بماله أو بعلمه أن يناصر الدعوة، وأن ينصر من دعا إليها، وأن يعينه على ذلك بالمال والتوجيه والإشارة والشفاعة وغير ذلك، لا شك أن هذا أمر عظيم، جدير بالعناية، والجهود مبذولة فيه بحمد الله. 

ونسأل الله أن ينفع بالأسباب، والدولة وفقها الله قائمة بشيء كبير من هذا، وعلى حسابها جم غفير من الدعاة في أرجاء المعمورة؛ في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا جم غفير، كلهم يدعون إلى الله، ونسأل الله أن يعينهم وأن يبارك في جهودهم، وأن يرزقهم المزيد من العلم النافع، وأن يمنحهم الصبر، وأن ييسر لهم الأعوان من كل مكان من إخوانهم،  نسأل الله أن يمنحهم الأعوان الطيبين الذين يدعون إلى الله على علم وعلى بصيرة وعن إخلاص لله ورغبة فيما عنده

فتاوى ذات صلة