كيف يكون الجمع بين طلب العلم والدعوة؟

السؤال:
يُلاحظ على كثيرٍ من الشباب الصالح أنَّ قسمًا منهم اتَّجه إلى طلب العلم وترك الدعوة إلى الله، مع القُدرة على ذلك، والقسم الآخر اتَّجه إلى الدعوة إلى الله وترك طلب العلم، فأيُّهما أفضل؟

الجواب:
لا هذا، ولا هذا، الواجب الجمع بينهما، وألا يزال طالبًا وداعيًا إلى الله ، فوقتٌ لهذا، ووقتٌ لهذا، والأمر ممكنٌ، فطالب العلم يعتني بطلب العلم ويتزود، والله قال لنبيه: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114]، وهو نبي الله عليه الصلاة والسلام، فلا يزال طالبُ العلم في طلب العلم، ولو كان في القمة لا بدّ أن يطلب العلم، ولا بدّ أن يجتهد في المُراجعة، وفي المُذاكرة -مذاكرة أهل العلم فيما أشكل عليه- حتى يزداد علمًا، فيجمع بين الأمرين: بين حلقات العلم، بين مطالعة الكتب، بين المُذاكرة مع زملائه وإخوانه، وبين الدَّعوة إلى الله في أهله وجيرانه وبلده وغيرها، فلا ينفرد للدعوة فقط، ولا ينفرد للتعلم فقط، ولكن يجمع بينهما.
ففي أول الطلب وقبل أن يصل إلى درجة أهل العلم الذين يستقلُّون بالبحث يكون همُّه الطلب، وتكون همَّته مصروفة إلى طلب العلم، ويكون وقته على هذا الشيء الذي يكون هو المُقدم، وهو طلب العلم، حتى يزداد علمًا، وحتى يتأهَّل للدعوة، ويتأهل للمُذاكرة ومُراجعة الكتب في أول الطريق، لا يتأهَّل لهذا الشيء، فلا بدّ أن يكون عنده علمٌ بالأصول: أصول الفقه، مصطلح الحديث، معرفة الأحكام الشرعية؛ حتى يتأهل لمُراجعة الأدلة، وترجيح الراجح من مسائل الخلاف، وتزييف الزائف، وحتى يتصدر للدَّعوة إلى الله، وحتى لا يقع في تحليل ما حرَّم الله، أو في تحريم ما أحلَّ الله؛ لقلة علمه.
فلا بدّ من العناية أولًا وقبل كل شيءٍ بطلب العلم والتَّفقه في الدين، ولا يمنعه هذا أن يدعو إلى الله على حسب علمه في محيطه وما حوله، ثم إذا بلغ مبلغ أهل العلم جدَّ في الدعوة إلى الله ، مع بقائه في طلب العلم، ومع بقائه في أسباب التَّحصيل والمُراجعة والمُذاكرة ومُطالعة الكتب، وتحقيق ما أشكل عليه من مسائل الخلاف، لكنه مشغولٌ بالدعوة أكثر؛ لتأهّله لهذا الشيء، ولكونه حصَّل من العلم ما يجعله أهلًا لأن يُعلِّم، ولأن يدعو إلى الله، ويُرشد الناس إلى الخير.
فتاوى ذات صلة